أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء الدين الخطيب - بشار الأسد: خطف أهداف الثورة السورية















المزيد.....

بشار الأسد: خطف أهداف الثورة السورية


علاء الدين الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 4181 - 2013 / 8 / 11 - 17:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقد فرّطت قيادات المعارضة السورية المسيطرة على المشهد الإعلامي والسياسي بأهم أسلحة ومرتكزات القوة في الثورة السورية بقرار مما يُسمى "أصدقاء" سورية وسلمتها بكل مراهقية سياسية للنظام السوري (وحدة الشعب السوري، سورية حرة ديمقراطية موحدة ومستقلة، دولة القانون والعدل المدني الإنساني). في آخر خطاب لبشار الأسد بمناسبة ليلة القدر في الرابع من هذا الشهر بدا الرجل من حيث الشكل ككل مرة يتكلم فيها للعموم هادئا متماسكا واثقا، وهذه طبعا من احترافيات رئاسة البلاد بكل مكان. الأهم في خطابه أنه خطف سلاح الثورة ضده بمساعدة واعية أو غير واعية من المعارضة التي احتكرت تمثيل ومخاطبة الثورة، وبدأ يسدده هو للثورة ولصدور من آمن بالثورة.
بتجاوز أسلوب المنطق الصوري الذي يهوى بشار الأسد اتباعه في خطاباته، والغير صالح علميا لمناقشة السياسة والدول، نجد أنه أرسل عدة رسائل وقدم رؤية واضحة لوجهة نظره. يمكن تلخيص أهم ما قدمه الخطاب بالنقاط التالية:
1- التمسك بمرتكز الفكر المتعصب والذي هو أساس الحكم الديكتاتوري "الوطنية أبيض أو أسود" وبالتالي أنت "مع الوطن أو ضده". وهنا لم يقدم شرحا للوطنية والوطن لكن البديهي من حكم 40 سنة لسورية أن الوطنية عنده هي الولاء للحكم وللقائد لأنه يمثل مصلحة الوطن. انطلاقا من هذه المنهجية شنّ بشار الأسد هجوما على من أيد الثورة ببدايتها وأغرق الآن في نقدها وفق تفسيره هو، ولربما نخمن أن المقصود بذلك أصحاب التيار الديمقراطي بالمعارضة السورية. وانطلاقا من هذه المنهجية المتهاوية منطقيا أعاد ما سموه حوارا للخانة صفر "إما معي أو ضدي".
2- ظهر تفاؤل واضح في رؤيته للموقف الغربي والدولي حول سورية والعربي باستثناء ما سماهم دول الحكم "الوهابي والإخواني" ويقصد هنا بالتحديد السعودية وقطر بالإضافة لتركيا. فكرر على أسماع الناس ما يكرره قادات المعارضة السورية من تفسير سطحي للموقف السياسي الغربي "الغرب بدأ يفهم ويدرك خطأه ويعود لما شرحناه لهم".
3- أعلن بشار الأسد أنه مازال كممثل للنظام مستعد لتقبل "التائبين" حتى ممن حملوا السلاح، لأن الشعب السوري (وحسب رأيه هذا الشعب بغالبيته مؤيد له) أدرك بعد سنتين ونصف أن التسامح ضروري وأن تجاوز الجروح ضرورة، بعد أن كان يرفض ذلك بالبداية. ومن الطرافة والذكاء أن نجد ديكتاتورا يربط موقفه الاستراتيجي بتقلبات رأي الشارع. وقد وضح الرجل أنه الآن بات أكثر حرية وأريحية بالكلام عن المؤامرة التي لم يصدقها الناس أيام بدأ الأحداث واتهموه وقتها أنه يكرر مبالغات غير صحيحة.
4- للمرة الثالثة يكرر بشار الأسد أن الحاضنة الشعبية للثورة السورية أو ما يسميها التمرد ضد الدولة في تراجع مستمر و"عودة حميدة" لخندقه. وتغيرات هذه الحاضنة حسب تفسيره لتقلبات الإنجازات العسكرية هي من أهم أسباب هذه التقلبات، لكنه الآن أكثر ثقة أنه استعاد الحاضنة الشعبية وانتقل بذلك لما سماه "الحرب الشعبية" التي تتفوق عسكريا على "حرب العصابات" التي يواجهها الجيش النظامي. لقد أعلنها حربا مستمرة بكل الوسائل وقد قالها بكل وضوح وكررها "دفاعا عن الوطنية كل الوسائل على الإطلاق متاحة مباحة".
5- أرسل رسالة شكلية لكن مهمة أثبتت له تفوقا أخلاقيا شكليا أمام غير المعانين بشدة مما يحصل بسورية "أنا رئيس دولة ولا أهاجم أشخاصا بالأسماء".
6- تنوع الرموز الدينية على طاولة بشار الأسد ليس مجرد "ديكور" تقليدي متبع. بل هو رسالة صادمة تقابل ما أصاب رسالة الثورة الأصلية من تشويه. أرادها صورة مناقضة لبعض قيادات المعارضة وإعلامهم: "على طاولتي تجتمع طوائف سورية وليس على منصاتكم الإعلامية".
7- أخيرا، هو ذاهب لجنيف لأنه مستعد لاتباع كل الوسائل كما قال "لحماية" سورية. لكن ذهابه لن يكون لمحاورة أو مفاوضة المعارضة السورية التي يصفها بالعمالة بل ليثبت أنه منفتح لكل الحلول.
قد يبدو من القراءة المتسرعة للخطاب أنه متماسك منطقيا بل ومتسامح وأخلاقي. وهذا ما ركز عليه الإعلام الموالي للنظام، بينما اكتفى الإعلام المعارض بموشحات التنديد والسخرية المكررة. لكن فشل هذا الخطاب والقراءة للوضع السوري هو جملة قالها بشار نفسه وتجاوزها بسرعة "لا يمكن لأي دولة عظمى أن تهزم دولة صغيرة متماسكة شعبيا وسلطويا". والمشكلة هنا أيضا ما هي "الهزيمة" وما هي "الوطنية التي تحدد الهزيمة والنصر"؟ في هذا السؤال يبدو أن الرجل مثل طاقمه البعثي القيادي بعد 1967 حين اعتبر أن بقاء الحكم البعثي لسورية هو انتصار أهم من خسارة الجولان. فإذا كان استشهاد ما لا يقل عن 100 ألف سوري وإصابة أضعافهم وتهجير الملايين ليس هزيمة للوطن فما هي الهزيمة؟ هل هي بقاء بشار الأسد وصحبه في السلطة سيعوض هذا الثمن؟ هل بقاؤه على سنة أبيه سيضمن عودة الجولان بعد 46 سنة؟ هل بقاؤه على سنة أبيه سيضمن تلاحم الشعب السوري فقط لأن أمهات سورية عجزت عن ولادة من يماثله خلال 4 عقود؟
لقد أجاب الرجل على هذا السؤال بنفسه، وكما يبدو أيضا سقط سهوا منه. فخلال استدراكاته الصورية قال إن "التكفيري، والمرتزق، واللص" هم نتاج المجتمع السوري وخطيته، حاول أن "يرقّعها" فقال أن المجتمع هو الناس والسلطة وبالتالي هو لا يتنصل من المسؤولية. لكن سياق كلامه يقول -وهنا ظهر المرتكز الفكري للديكتاتور بوضوح- أن المسؤولية هي مسؤولية الناس والشارع الذي لم يرقى "لهموم" السلطة فوجد الخارج ما يستخدمه في مؤامرته لتهديم سورية بنظامها "الممانع". فإذا قبلنا تقديرات النظام السوري عن أن هؤلاء المنفلتين من السياق الوطني يعدون بمئات الآلاف (إن كان قد قتل منهم 50 ألفا حسبما يزعم فهم بمئات الآلاف) ومن بين جناحيّ 23 مليون سوري فهذا يعني أن المجتمع معطوب لدرجة كبيرة حسب تقييمات بشار الأسد، وبنفس الوقت وحسب تعريفه للوطنية المتمثلة في نهجه وشخصه فإن هذا المجتمع بحاجة للقيادة القسرية ليصل للحالة "الصحية" حسب رأي رئيس النظام السوري، وهذا ما لم يحققه خلال 43 سنة. بل إذا قبلنا بمنطق النظام السوري في قرائته لأحداث الثمانينات والتي جذبت شريحة من الشعب السوري لا تقارب حتى واحد بالمئة من الشريحة التي جذبتها الآن الثورة السورية، فهذا يعني أن حالة المجتمع في تراجع كبير ليتضاعف عدد من سماهم "متمردين وارهابيين" خلال 3 عقود بأكثر من مائة مرة. أو أن الهجمة الشريرة الدولية على سورية أكبر الآن وبالتالي فإن واحدا من إثنين كان يكذب على الشعب السوري، حافظ أوبشار الأسد لو قارنا خطابات الاثنين عن المؤامرات الكونية على سورية.
هذا الخطاب لا يقدم بجوهره أي بارقة أمل بحل قريب للمعاناة السورية، بل يبعدها كثيرا. وأقول -بمرارة في القلب- أنه قدم إشارات بدء انتصارات ما للنظام قدمتها بعض قيادات المعارضة السورية وخاصة المجلس والائتلاف الوطني وكل حكومات الدول التي سمّت نفسها أصدقاء الشعب السوري وهم للعداوة أقرب. خطاب بجوهره يستهتر بالشعب السوري الذي يحمله مسؤولية ما جرى بسورية لأنه ولّد حسب تقييمات النظام هذه الجموع من "الارهابيين" واستقبل كل هؤلاء "الغرباء". هذا وللأسف خطاب يلاقي رواجا بين النخبة المجتمعية لحد معين، ممن دفعتها كثرة معلوماتها لمستوى التعالي على الناس، ولم تتبنى منهجية الثقافة -وهي الأهم من المعلومات- والتي تعتمد أساسا على احترام الأصل المجتمعي لها وبالتالي التموضع الصحيح بين الناس لتصبح ثقافتها ذات قيمة وفائدة تاريخية.



#علاء_الدين_الخطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المؤامرة الكونية على سورية، هل هي حقيقة؟
- مآسي المصريين، ببلايين الدولارات أم بملائكة وبشياطين
- من سورية لمصر، حبل الوريد
- الجزيرة وشرف المهنة، -لا تقربوا الصلاة-
- الإخوان والبعثيون والوطني، أشقاء الوهم
- لماذا سقط الأخوان سريعا؟
- هل سورية بلد اصطناعي؟
- -أصدقاء سورية- بعض سلاح دون غذاء ودواء
- الطائفية بسورية والتفسيرات المعلبة المُستَسهَلة
- ثورة إيران القادمة تنتظر السوريين
- جنيف2 -حفلة سمر من أجل تدمير سورية-
- عندما يتكلم نصر الله والأسد، ويرد القرضاوي
- الدولة العلوية المزعومة، حقيقة أم خيال؟
- الثورة السورية والمصالح الدولية -4- الموقف العربي
- الثورة السورية والمصالح الدولية -1- إيران
- الثورة السورية والمصالح الدولية -2- تركيا، روسيا والصين
- الثورة السورية والمصالح الدولية -1- الغرب وإسرائيل


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء الدين الخطيب - بشار الأسد: خطف أهداف الثورة السورية