أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء الدين الخطيب - الدولة العلوية المزعومة، حقيقة أم خيال؟















المزيد.....

الدولة العلوية المزعومة، حقيقة أم خيال؟


علاء الدين الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 4112 - 2013 / 6 / 3 - 13:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يتوقف الإعلام العربي والغربي عن الترويج لفكرة أن حل النظام السوري الأخير هو الانسحاب للمنطقة الساحلية وإنشاء الدولة العلوية كحصن أخير يحميه مع الطائفة العلوية. هذه الفكرة أيضا نالت حظها من الدعم الغير مباشر من قبل النظام السوري وإعلامه وإعلام حلفائه. دعم النظام كان من خلال استدعاء التوصيف الطائفي للثورة السورية من أول يوم للحراك السلمي من خلال عمله على الأرض حين تقصد وضمن خطة مدروسة تسريب الفيديوهات التي ترسخ مقولة "العلوية يقتلون في سورية" بالإضافة لحرب الشائعات التي تتقنها المخابرات السورية. فكرة الدولة العلوية وما يستتبعها كما هو مفترض دولة سنية ودرزية وكردية على مساحة سورية تستند أساسا للتوصيف الطائفي الغالب الآن على الإعلام سواء المدعي صداقة السوريين أو إعلام النظام السوري وحلفائه، وطبعا كلا الإعلاميين يسوق الفكرة موحيا أنه ضدها ويستهجنها أخلاقيا ووطنيا وحتى إسلاميا.
لندع الآن نقاش التوصيف والتفسير الطائفي لما يجري في سورية جانبا الآن ونحاول الإجابة على السؤال المطروح: "هل الدولة العلوية هي خيار حقيقي قائم وممكن؟". الإجابة على هذا السؤال تستدعي بالضرورة البعد عن المواقف العاطفية أو المتأثرة بالإعلام، لنناقشها وفق الحقائق الموضوعية المحيطة بسورية داخليا وخارجيا.
أولا من الناحية الشعبية السورية، يمكننا الجزم أن حتى المقتنعين باحتمالية هذه الفكرة يوردونها كدليل لإدانة الطرف الآخر. فالمعارض للنظام وضمن هجومه على النظام يدلل على أحقية موقفه أن النظام طائفي ويريد دولة علوية، والمؤيد للنظام أيضا ضمن هجومه على الثورة يدلل على أحقية موقفه أن ما يسمى ثورة إنما هو حرب طائفية غايتها تقسيم سورية. فكلا الطرفين يرفضان الفكرة من الناحية الأخلاقية والوطنية مهما اختلفت معاييرهما. والأهم من الناحية الشعبية أن الشعب السوري شديد التعصب لوحدة الأرض السورية والشعب السوري، فالأقلية السورية هي التي ترى أن سورية بحدودها الحالية هي الحلم، القومي السوري يريد سورية الطبيعية كلها، والقومي العربي يريد الأمة العربية بكاملها، والإسلامي السوري يريد الأمة الإسلامية بكاملها. أي أن سورية بحدودها الحالية هي الحد الأدنى للحلم السوري. كما أن التمييز الطائفي ومهما تقوَّل حوله السوري فهو ضمن سياق "العيب الأخلاقي والحرام الوطني". هذا الوعي العميق لوحدة سورية كان واضحا في الحراك الثوري الصافي سوريا في السنة الأولى من الثورة قبل أن يفرض الإعلام الصورة الاصطناعية للثورة السورية.
ثانيا، حول موقف النظام السوري من الفكرة. مبدئيا فإن أي حاكم وخاصة الديكتاتوري يسعى لتوسيع رقعة سيطرته وليس لتقزيمها وهذا ينطبق على النظام السوري أيضا. البعض يقول أنه هذا هو حله الأخير أمام ضربات الثورة السورية لسلطته! بالواقع لو راجعنا تاريخ علاقة النظام السوري منذ 1970 إلى الآن لوجدنا أن علاقاته مع الطوائف كطوائف في سورية كانت أكثر استقرارا مع السنة والمسيحية والدروز والاسماعيلية منها مع الطائفة العلوية. فحتى إبان محاولة الانقلاب المسلح التي قامت به الطليعة المقاتلة للاخوان المسلمين لم يتجيّش السنة مع تلك المحاولة لأسباب كثيرة وإن تعاطفوا معها بعدما شهدوا الرد القاسي للنظام عليها. بينما نجد أن أكبر خطر قارب أن يزحزح حافظ الأسد من قصره كان من قبل أخيه رفعت، وأن نسبة العلوية في سجونه السياسية تفوق نسبتهم السكانية بالضعف مثلما تفوق نسبتهم في الجيش نسبتهم السكانية، ولا ننسى أن كلمة "شبيحة" هي اختراع علوية الساحل السوري بالتسعينات للإشارة لمافيات القتل والنهب المنظم التي مارستها عائلة الأسد هناك. المخزون التاريخي للعلاقة المتأزمة للنظام مع الطائفة العلوية تؤكد أن أغبى حل هو الركون للاحتماء بالطائفة في منطقة محصورة على الساحل السوري، لأنه عندها سيكون تحت الخطر المباشر من تفجر الرفض العلوي للنظام ضمن تكثفهم المفترض حوله وليس كما هي الحال الآن متفرقون على رقعة جغرافية كبيرة ومخنلطين بالطوائف الأخرى.
ثالثا، حول الموقف الدولي والصراع المتوحش حول وفوق سورية. وهو العامل الأهم حاليا والمتحكم بشكل سورية حتى الآن مع هشاشة أداء المعارضة السورية وتفرق حراكها الثوري داخل وخارج سورية. الحقيقة الأولى تاريخيا أن الحراك الجيوسياسي للعالم محكوم بالصراع الأزلي على القوة والمال أي المصالح وليس محكوما بالقوميات أو الأديان بعمقه. والحقيقة الثانية أن نتائج أي صراع يصوغها المنتصر في هذا الصراع. فلو عدنا مئة سنة للوراء وقرأنا تغيير الحدود السياسية بين الدول عبر العالم لوجدنا أنها دائما نتيجة مقايضات المنتصرين حسب قوة كل طرف، فمن ينظر للتقسيم السياسي لأوروبة قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها يصاب بالذهول كيف تحركت الحدود بين دولها متجاوزة كل التصنيفات الوطنية أو حتى اللغوية، فالنمسا تراجعت من دولة كبرى لدولة صغيرة. وألمانية انقسمت مدة أربعة عقود، بل حتى أن جنوب بولندا الحالية كان ألمانيا قبل الحرب. وكذلك يوغسلافيا وتشيكوسلافكيا ورومانيا وطبعا الاتحاد السوفيتي نفسه. ولو انتقلنا للقارة الآسيوية لواجهنا ألف سؤال حول الهند والباكستان وبنغلاديش إذا أردنا الاستسلام للتفسير الديني في تحريك الحدود السياسية.
النتيجة أن احتمالية التقسيم في سورية واردة ولكن فقط إذا انتصر الصراع الدولي فوق سورية على ثورة الشعب السوري وهذا التقسيم سيتبع بالتالي مصالح الدول المنتصرة وليس أحلام أو كوابيس الناس العاديين. فالسؤال هنا ما هي مصالح الدول المتحكمة بالصراع على سورية؟
من الواضح أن سورية الآن بين معسكرين قويين وشرسين، الأول هو حلفاء النظام ومقاد من قبل روسيا والصين ويضم إيران والعراق، والثاني هو ما يسمي نفسه أصدقاء سورية ومقاد من قبل الولايات المتحدة الامريكية ويضم السعودية وقطر وتركيا بالإضافة لأوروبا الغربية. كلا المعسكرين يدافع أو يهاجم سعيا لتحقيق مصالحه ضمن الصراع الأضخم عالميا للسيطرة على السوق بعد الأزمة المالية 2009. فكلاهما يريد ضمان أن سورية المستقبل لن تكون مع الآخر ضده. بما أن الوضع السوري المعقد ووجود إسرائيل ذات الأولية الاستراتيجية عند كلا المعسكرين منع حصول أي حسم عسكري في سورية ومنع انتصار أي طرف بشكل نهائي، وبما أن المعارضة السورية مشلولة بنيويا لاسباب متعددة مما يمنع الشعب أو الثورة السورية من قول كلمتها فإن التسوية النهائية ستمر عبر غرف المقايضات والتفاوض بين هذه الدول والتي قد تؤدي غالبا لتقاسم "الكعكة السورية" فيما بينهم على حسب قوة كل طرف. وللأسف فالطرفان أقوياء بما يكفي لتصعيب شروط المقايضة لأن من يدفع الثمن الغالي هو الشعب السوري الذي يقع في آخر اهتمامات كلا المعسكرين.
المفتاح الأهم عند لجوء طاولة المقايضات الدولية للتقسيم هو مصلحة إيران وتركيا بحكم قربهما الجغرافي وبالتالي دعم روسيا والولايات المتحدة لحليفيهما. فالسؤال الأول، ما هي مصلحة تركيا في دولة علوية وسنية بسورية؟ بالواقع بالنسبة لتركيا فإن أولويتها منذ نصف قرن هي القضية الكردية المتداخلة مع سورية وإيران والعراق، وثاني أولوياتها هي علاقاتها الإقتصادية. فلا ننسى أن روسيا هي أكبر شريك تجاري لتركيا خلال السنوات الماضية وإيران هي سادس أكبر شريك تجاري لتركيا عدا عن أن العراق بالسنة الماضية 2012 كان أكبر مستورد من تركيا. ضمن هذه المعايير فالمصالح التركية حساسة ضد أي دولة كردية وبنفس الوقت لن تسمح باهتزاز شراكتها التجارية مع روسيا وإيران.
نصل للعامل الأهم، ما هي مصلحة إيران إذا في دولة علوية؟ من السذاجة تصديق التفسير القائل أن إيران تتحرك سياسيا في أخطر وأهم بقعة بالعالم وفق نظرة دينية طائفية ضيقة وهي من أكبر دول المنطقة حجما سكانيا وإقتصاديا وتقنيا. الحاكم الذي يغلب المعايير الدينية أو الأخلاقية في سياساته وفق الواقع التاريخي والموضوعي على معايير المصلحة المادية هو حاكم فاشل بالضرورة، وليس حاكم إيران فاشلا بعد ثلاثة عقود من حكم هذا البلد الضخم نسبيا. تأتي قوة إيران ليس فقط من غناها المادي أو حجمها بل أيضا من تحالفاتها الإقليمية والدولية، ومصلحتها مع سورية أساسا هي بسبب الجغرافيا وموقع سورية، وخروج سورية من هذا الحلف وخصوصا إذا انتقلت للمعسكر الغربي الخليجي هو أكبر هزيمة للنظام الإيراني الذي سيفقد بالتالي كل أياديه في المنطقة ويصبح محاصرا جغرافيا بين بيئات عدوانية ضده. بناء على ذلك فأن دولة علوية مخنوقة على ساحل البحر الأبيض المتوسط من ريف اللاذقية وجبالها إلى حدود حمص لا يشكل أي أهمية جيوسياسية لإيران ولا يقدم أي منفعة استراتيجية، بالواقع سيكون مجرد عبء مادي بدون أي مردود. المصلحة الإيرانية الواضحة هي في الحفاظ على "طريق سيارة" من إيران للعراق لسورية للبنان لفلسطين وللبحر المتوسط والأردن، هذا الامتداد الجغرافي هو المتنفس الأساسي للنظام الإيراني ضمن الصراع المحتدم على الشرق الأوسط ووسط آسيا. وهما يمكننا الجزم أن إيران لا يمكن أن تتقبل وبالتالي روسيا والصين قيام دولة علوية محصورة بين الجبل والبحر.
السؤال، هل يعني ذلك أن التسوية مستحيلة بين هذه الدول إذا استمرت الحال كما هي في تشتت العمل الثوري نتيجة صراعات المعارضة السورية؟ بالواقع أن خيار التقسيم مطروح بقوة ولكن وفق مصالح الدول الفاعلة في سورية، وحسبما هو ظاهر على الأرض من توزع عسكري واهتمامات استراتيجية لإيران وتركيا فإن التقسيم يسير نحو سيناريو فصل حلب وإدلب مع بعض الشمال عن سورية وإبقاء الباقي مع النظام السوري، وبهذا تتحقق مصلحة إيران التي ذكرناها سابقا ومصلحة تركيا بالسيطرة على الحراك الكردي، وبالتالي مصالح المعسكرين الشرقي والغربي. طبعا تبقى مصلحة إسرائيل مصانة ضمن هدوء جبهة الجولان مدة 40 سنة وضمان أن سورية لم تتحول لدولة ديمقراطية مدنية وبالتالي قوية وخطيرة على مصالحها.



#علاء_الدين_الخطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة السورية والمصالح الدولية -4- الموقف العربي
- الثورة السورية والمصالح الدولية -1- إيران
- الثورة السورية والمصالح الدولية -2- تركيا، روسيا والصين
- الثورة السورية والمصالح الدولية -1- الغرب وإسرائيل


المزيد.....




- -نيويورك تايمز-: عائلات العسكريين الأوكرانيين القتلى تفشل من ...
- مدفيديف يتحدث عن العلاقات بين روسيا ولاوس
- وسائل إعلام: بولندا تفتح قضية تجسس ضد القاضي شميدت الهارب إل ...
- البرلماني الجزائري كمال بن خلوف: بوتين أعاد لروسيا هيبتها ال ...
- مصر تحذر من -تصعيد خطير- إثر استمرار سيطرة إسرائيل على معبر ...
- النازحون بالقضارف السودانية.. لا غذاء ولا دواء والمساعدات قل ...
- الأسد وانتخابات -البعث-.. -رسائل للعرب-
- الشرطة تفكك مخيم اعتصام موالٍ للفلسطينيين بجامعة جورج واشنطن ...
- بيان إماراتي بعد سيطرة القوات الإسرائيلية على معبر رفح
- -طلائع التحرير- المجهولة تتبنى قتل إسرائيلي في مصر.. ومصادر ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء الدين الخطيب - الدولة العلوية المزعومة، حقيقة أم خيال؟