أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حنان علي - سلطة المؤلف في النقد الأدب الحديث















المزيد.....


سلطة المؤلف في النقد الأدب الحديث


حنان علي

الحوار المتمدن-العدد: 4177 - 2013 / 8 / 7 - 01:06
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



المؤلف :
اي عمل فني يبتكره الإنسان من وَحْي تفكيره أو خياله كالمؤلف الادبي أوالمؤلف الموسيقي«1».
تعتبر عتبة المؤلف من أهم ملحقات النص الموازي وعتباته . فالمؤلف هو منتج النص ومبدعه و مالكه الحقيقي .ومن ثم فهو يشكل مرآة لنصه من عدة نواح : النفسية ,الاجتماعية , التأريخية شعوريا ولا شعوريا .فالمؤلف يملك المقدرة على نقل افكاره في اشكال وطرق متنوعه وعليه فانه الخاصيه اللغويه يمكن ان تثيرانفعالات متعددة ومتميزة تبعا للسياق الذي ترد فيه الانفعال يمكن إن يثيره بوسائل أسلوبية متعددة , وهكذا يكون لتركيب الاسلوب وما ينتج عنه من أثر انفعالي مطابقا لخاصية لدوال والمدلولات في الدراسات اللغوية .لكننا نعود ونرى أن المؤلف يستخدم اللغة السائدة في مجتمعه , لكي يوصل فكريه أو شعوره الى الاخرين مضطر لان يستخدم هذه العملة التي يتعامل بها الناس ,فكيف يتسنى لنا القول بأن لغة المؤلف لغة شخصية صرف وهو في الحقيقة يستخدم لغة الاخرين , وبدليل اننا لا نجد مؤلف القرن العشرين يستخدم لغة القرون الوسطى«2» .
أما لغة المؤلف من حيث كونها لغة شخصية , فهذا لاشك فيه , بدليل أننا نجد لكل مؤلف اسلوبه الخاص الذي يميزه عن غيره من المؤلفين . وبهذا يتمثل اسلوب المؤلفين بجانبين : الشخصي و اللاشخصي , ونكاد نتفق مع الرأي القائل أن النص وسيطا لغويا يقوم بنقل فكر المؤلف الى قارئه هذا من الاجانب اللغوي بعتباره لغة بكاملها ,أما الجانب النفسي فهو الفكر الذاتي لمبدعه أو مؤلفه , وتقوم بين الجانبين علاقة جدلية وطبيعة العلاقة بين المبدع والنص اللغوي تتمثل في أن اللغة تحدد يعني هذا أن للمؤلف قيمة اكبر من نتاجه , وأن النصوص تبقى ناقصة أو معلقة مالم تنسب الى مؤلف ما , فلا يُصار الى الاهتمام بها إلا بعد أن تنسب اي تحظى بأبوة احدهم . إنها كالابن الضال أو الابناء المجهولين النسب الذين يتعرضون الى الاحتقار و الاقصاء في ثقافه تعلي من قيمة الانتساب البيولوجي (العضوي) أوشرف الأرومة, وهذا مايفسر مثلا تهميش ليالي شهرزاد وإقصاءها عن دائرة الاهتمام,لانها من هذا المنظاربلا مؤلف مجهولة النسب , فضلا عن اسباب اخرى بالتاكيد ادَََت الى ضآلة العناية الدراسية بها قديماً «3».
وللمؤلف أهمية كبرى في الثقافات القديمة العربية و الغربية منها على السواء فقد ركزالنظر النقدي منذ عهد الاغريق على المؤلف و المبدع وعلى الإبداع(النص) دون أن يولي اهتماما حقيقيا لدور المتلقي في فهم النص وتلقي رسالة المبدع ,على الرغم من اهتمام النقد اليوناني بوظيفة الإبداع ,وأثرها في القارئ أو المتلقي من خلال نظرية المحاكاة عند أفلاطون وأرسطو وأثرهما من الناحية
الخلقيه في التهذيب أوالتعليم أو التطهير. بيد أن الاهتمام لم يتعد ذلك إلى مشاركه القارئ في قراءة
النص أو شرحه أو تفسيره«4».
هذا الوجود الوضوعي هو الذي يجعل عملية الفهم ممكنه , ولكن المبدع ـ من جانب آخرـ يعدل من بعض معطيات اللغة التعبيرية ,و يحتفظ ببعضها الأخر, وهكذا مايجعل عملية الفهم ممكنه للقارئ
المطلع على النص«5». وتعد عتبة المؤلف من الوحدات الدالة المشكلة لتداولية الخطاب, ومن اهم الخطاطات التقبلية التي تحاور افق انتضار القارئ فتشده وتجذبه الى استكناه واستطلاع مضمون النص وتذوق بناه الجمالية و الذرائعية «6». ويذهب رولان بارت الى أن المؤلف شخصية حديثة النشأة وهي من دون شك وليدة المجتمع الغربي . فقد تنبه عند نهاية القرون الوسطى , ومع ظهور النزعة التجريبية الأنجليزية , العلانية الفرنسية و الايمان الفردي الذي واكب حركة الإصلاح الديني الى قيمة الفرد أو الشخص البشري . كما يفضل أن يقال : من المنطقي إذا أن تكون النزعة
الوضعية في ميدان الأدب , تلك النزعة التي كانت خلاصة الايديولوجية والرأسمالية ونهايتها ,وهي التي أولت اهمية قصوى لشخصية المؤلف.
وهكذا اولت النزعة الإنسية الأوربية المؤلف منذ عصر النهضة اهتماما كبيرا. يعزى ذلك الى عدة عوامل ذاتية وموضوعية ، تتمثل في ظهور الكلاسيكية التي تمجد الإنسان المتخلف , والرومانسية التي تجعل من الفرد محورا لها , بالاضافة الى ظهور البرجوازية الفردية واللاتوجيهية في مجال التربية ومبادئ حقوق الإنسان التي عبرت عنها الثورة الفرنسية «7» .
كما ان الاتجاه الرومانسي اعطى للمؤلف أهميته تفوق الواقع ذاته ,فالعمل الابداعي يعبر عن العالم الداخلي للفنان. وفهمننا لنص الادبي يعتمدـ قبل كل شئ ـ على فهم المبدع اولا. وذلك يتم بتجميع كل
ما يمكن الحصول عليه حياة هذا المبدع وسيرته الخاصه, وبهذا يتاكد تميز كل اسلوب عن اسلوب آخر, وتفرده بخصائص لاتوجد في سواه من خلال ارتباطه بهذا التكوين الخاص لمبدعه . ويرتبط
الادب عند الرومانسيين بالذات وأن يمثل مع التجربه جدارا متمسكا يكاد يكون فيه الاسلوب بصمه
لصاحبه حتى انه يتعذر علينا الفصل بينهما , بل أن اسلوب المؤلف قد يكتسب قوته من طبيعة شخصية«8» . " وكم من العبارات كان لها اثرها في النفوس لم تكن لتحدث هذا الأثر لو لم تصدر عن شخصية بذاتها،ان المؤلف ذا الشخصية القوية الؤثرة يخلق للكلمة ـ باستخدامه اياهاـ مجالا واسعا , ولا يلبث الكثيرون ان يجدوا انفسهم واقعين في اسارها , فمن حيويه الشخصية وقوتها تستمد الكلمه , وهي بهذه الحيوية والقوه تؤثر في الاخرين وتفرض نفسها عليهم "«9». ولقد رفضت الخطابات الادبية والعلمية في اوربا الاستغناء عن المؤلف نظراً للدور الهام الذي يقوم به في عملية اثبات الانتماء , وتأكيد الهوية واضفاء الانتساب الحقيقي للإبداع في العمل المنشور . فهذا ميشيل فوكو ذا يقول "مبدأ المؤلف يحد من عشوائيه الخطاب بفعل هويه اتخذت شكل الفرديه والأنا" ومن ثم صار الأنا مبدا يجمع الخطاب ووحده معانيه واصلها . أي إن قيمة المؤلف (بكسر اللام) أعلى من قيمة المؤلف (بفتح اللام)«10».
اهتمة عده مناهج نقدية بالمؤلف كالمنهج النفسي والمنهج التأريخي الاجتماعي ، وثم التركيز على حياة المبدع وطفولته وكهولته ووسطه الاجتماعي وثقافته وعلاقاته وامراضه وعقده واسراره .... وهكذا اصبح ينظر الى المؤلف على انه ما يسمح بتفسير وجود أحداث معينة في نتاج ما, وما
يفسر تحولاتها وانحرافاتها وتغيراتها المختلفة وذلك عبر سيرة حياته , ورصد وجهة نظره الفردية وتحليل انتمائه الاجتماعي وموقفه الطبقي و استخراج مشروعه الاساسي «11» وهو اسلوبهِ وفهم الاسلوب وربطه بمبدعه يعلله فهمنا للعنصر اللفظي الذي يتكون من الكلمات والجمل والعبارات , وهذه الصورة اللفظية لايمكن أن تحيا مستقلة وانما يرجع الفضل في نظامها اللغوي الى نظام معنوي آخر انتظم وتألف في نفس الكاتب او المتكلم . فالاسلوب يمثل طريقة الاداء او طريقة التعبير التي يسلكها الاديب لتصوير ما نفسه ونقله الى سواه «12» . فالمؤلف مالك الاثر الادبي والعمل الفني وعلى عالم الادب أن يتعلم احترام المخطوط ويراعي نوايا المؤلف , كما أن المجتمع يسن قوانين تضبط العلاقة بين المؤلف واعماله من خلال قانون ( حقوق المؤلف) وهي قوانين حديثة العهد , حيث انه لم تتخذ شكلها القانوني إلامع الثورة الفرنسية . هذا ولقد استند النقد الاوربي الكلاسيكي لمدة طويلة على مرآة المؤلف في تأويل النصوص وتوثيقها اعتمادا على منظور الوسط ومقترب الشعور واللاشعور لذا فصورة الادب التي يمكن ان نلقيها في الثقافة المتداولة تتمركز اساسا حول المؤلف وشخصيته وتأريخه واذوقه واهوائه , ومازال النقد يردد في معظم الاحوال ـ يقول رولان بارت ـ بأن اعمال بولير وليدة فشل الإنسان بولير , وأن اعمال فان كوخ وليدة جنونه كثيرونأن وراء ما يرمز إليه الوهم بشفافية متفاوتة , صوت شخص وحيد بعينه هو المؤلف الذي يبوح باسراره «13»
والاهتمام بالمؤلف هو الذي جعل الكثيرون يقومون بتكثيف عملية التطابق بين النص ومولفه ،فلم يقتصرعلى مجرد جعل الاسلوب صورة لصاحبة بل جعله هو نفسه شخصية صاحبه فاالانسان عندما يقرألكاتب ذي أسلوب لايترد لحظة في ادراك هذة الحقيقة فيه،وصاحب الاسلوب هو صورته مرسومة في أحرف وكلمات .ويمكننا أن تقول ماشئنا عن العوامل الاجتماعية التي تميل بالأفراد نحو التشابه ،ماداموا أفراد في جماعة واحدة ،الا أن الانسان الفرد مدفوع بالفطرة الى ان يلتمس لنفسه فرديةخاصة لاتشاركه فيها فرد آخر وقد يستطيع الانسان أن يميز نفسه ويثبت فرديته في طعامه وثيابه وأثاث بيته ،ولكنه قد يعجز عن ذلك أحيانا فلا يحد سبيلا لتحقيق هذا التفرد الا من خلال استعمال الكلمات كلاما اذاتكلم أوكتابة اذا كتب .وكلما ازداء المؤلف سؤاء كان شاعراًام كاتبا يسمو في فنه الادبي ،ازداء أسلوبه دلالة على ذات نفسه ،فمن اسلوبه تسطيع أن تعرف اي ،أسلوب الكاتب هو الكاتب نفسه فكرا وخلقا وشخصية وجوهرا وكيانا «14» والواضح أن الاسلوب بهذا أصبح يمثل لوحة اسقاط باعتباره الوسيلة الاساسية لفهم الدوافع الكامنة في اعماق الشخصية المؤلف فهو لا يستمد لذته من التعبير عن عواطفه وحدها بل يظاف الى ذلك استلاؤه على مقاليد لغته وسيطرته على ابنيتها في تشكيل الجمل والعبارات ان هذا المفهوم الذي يطابق بين الاسلوب ومنشئه المؤلف كانت ذات تأثير بالغ في مجال الفكر والتحليل ،كما كانت ذات تأثير واضح في مجال الدارسة الأسلوبية بعد أن غزت النقد بيتاراته المختلفة ،ولعل هذا يكون مفسرا لذلك الاتجاه الذي طابق بين الأسلوب وعبقرية الكاتب ان التطابق بين الاسلوب والعبقرية أدى الى و صفة بأنه شرارة نوعية لاينفد اليها الغامض الابطريق الحدس بحيث يكون للاسلوب وجودا مستقلا وحياة مستقلة عن عبقرية منشئه ويتحول دور المبدع اوالمؤلف في العمل الفني الابداعي كدور لاعب الشطرنج ،فهو الذي يبدا بمحاولة تشكيل تجربته قي شكل صياغة لغوية ولكنها تستقل في هذا التشكل ـ عن ذاتيتة لتتحول الى مجرد وسيط له قوانيته الداخلية وتاتي مهمة المؤلف في تفضيل بعض طاقات اللغة وامكاناتها على بعضها الآخر من خلال هذا التشكيل «15» ان المؤلف لايزال في تواريخ الادب وسير حياة الكتاب والمقابلات والمجلات مثلما يتوق الادباء في اعماقهم الى الرابط بين شخوصهم واعماقهم بالمذكرات واليوميات ،فصورة الأدب التي يمكن العثور عليها في الثقافة الاعتيادية تتمحور كمحورا طاغيا على المؤلف ،شخصية ،حياته،ذوقه،عواطفه ويجري دوما البحث عن تفسير العمل في الرجل اوالمراة التي انتجته كأنه يمثل في النهاية ـومن خلال ترميز الراوية الاكثر والاقل وضوحا صوت الشخص المفرد ،المؤلف الذي يحسن الظن بنا . وعلى الرغم من أن نفوذ المؤلف لايزال قويا«16» واذاانتقلنا الى الثقافة العربية الكلاسكية سنجد أنها تمجد الفرد وتحترم الملكية ، وتحارب كل مظاهر النحل والانتحال والسرقه والادعاء و الغاره ولو كان ذلك تناصا . وإذا فالثقافه العربيه الكلاسيكيه ترفض أي غياب للمؤلف, فلابد من هويته الحضورية. ولكي يعتبر النص نصاً ينبغي أن يصدر عنه , أو يرتقي به الى قائل يقع الاجماع على أنه حجة . حينذا يكون النص كلاماً مشروعاً ينطوي على سلطة , وقولاً مشدوداً الى مؤلف حجة . ويظل الخطاب مجال اهتزاز مقلق واستعداد احتمالي متوحش . ولن ينوقف هذا التساؤل المحير ويحدد دلالة الخطاب العائمة إلا الانتسساب الى اسم بعينه : فكأن الخطاب إن لم يحمل اسم مؤلفه يكون مصدر خطورة ويصير أرضاً غريبة تحار فيها الاقدام وتختلط الاتجاهات لغياب نقطة مرجعية مضمونة وهكذا يدرك الخطاب انطلاقاً يختلف مفعولها بحسب نسبتها الى ماجن او رجل متزمت «17» ." ومع ذلك إستمر بعض النقاد العرب بكتابة النقد الذي يغيب النص واستمر المؤلف اساس العملية النقدية , لان مراجعة آلية اشتغال النقد في طرح الدكتور الطاهر ستقضي الى الخطاطة الاتية :
مؤلف (الشاعر ) ←-;- الناقد ←-;- المؤلف (الشاعر ) .
في هذه الخطاطة قد يكون الناقد هو القارئ الوحيد لنص , وهذا الاتجاه النقدي غيب النص بالكامل وابرز المؤلف بوصفه عنصر وحيداً " «18» .
فمن المعروف أن العلماء العرب وأدباءها القدماء كانوا لايتعاملون إلا مع نصوص مؤلف وربما توغلنا بأطناب في علاقة المؤلف , بذاتيته الحقيقية والنصية , بالنوع فلنعد ادراجنا قليلا الى الجاحظ , فثمة ما يمكنه ان يعنيننا في تفهم المناخ الثقافي لعصره فيهما يفص اشكالية التألف فيه , و الظاهرة التي لمسناها في نسبة النصوص الى المؤلفين أموات كانوا أعلام زمانهم , هو أن فكرة التأليف لم تتكون كما فهمها الأدباء القدامى الإ بعد أن استقرت سنة تسيطر الكتب "في نهاية القرن الثاني للهجرة , أي في النشاط المكثف لما سمي بعصر التدوين ,في حين أنه قبل هذا العصر يمكن القول أنه لم تعلق أهمية لفكرة أنتساب التأليف لمؤلف معين كما يؤكد المستشرق ھ .أ. جب 1965 ,موضحاً أن مفهوم المؤلف كان عبارة عن الاديب الذي ينظم مادة الكتاب أو ينظم محتوياتها ,وهذه المواد كانت تتداولها تلامذة المؤلف شفوياً ولا تدون في صورة مقرر كامل إلا بعد وفاته بعدة سنوات«19 » . فأنه يمتلك نفوذ اكبيراً لأنه يصبح أحد الأعمدة التي ترتكز عليها الثقافة , يعني أنه يفوه بنصوص تضاف الى الأخرى المكونة للثقافة .والتحول الذي يحدث لقائل عندما يصبح مؤلفا حجة يظهر في اسمه الذي ينسى ويبدل باسم آخر ..... فكأن المؤلف عندما يصبح حجة ، يولد من جديد ويطلق عليه اسم جديد ولقد استمر الاهتمام بالمؤلف بصفته ذاتا عليا في الابداع والانتاج وتوثيق النصوص حتى ظهرت اللسانيات و البنيوية المتغلقه لتعلن موت المؤلف «20» . وقد تنبه الناقد الفرنسي مالارميه ولاول مرة على مدى واسع بضرورية التعويض عن اللغة نفسها بالشخص الذي كان حتى ذلك الوقت يفرض فيه ان يكون هو مالكها ،فهو يظن ان اللغة هي التي تتحدث وليس المؤلف ، والكتابة تعني الوصول الى ذلك الهدف حيث اللغة وحدها . تتأ لف شعرية مالارميه اساسا من قمع المؤلف لصالح الكتابة أي إستعاوة مكانة القارئ ، اما فاليري فقد اراد التخفيف من حدة نظرية مالارميه بعد ان إستحوذعليه علم النفس الأنا إلا أنه لم يتوقف ابدا عن إثارة الشكوك حول المؤلف وا لسخرية منه «21» . وتبرز لغة الكتابة في محاولات تفسير الأثرالعميق الذي يتركه في المتلقي ومن ثم احساسه بأنه في مرتبه ادنى من مرتبه المبدع لقدرتها على الاتيان بما لا يقدر عليه هو أو غيره , حتى عدت ى العالم الملهم للفنان بل امتدت الى الابداع , المتحقق نفسه من حيث رفع الحجب عن العلل الفاعلة في استجابه المتلقي , فلما كان الشاعر يبدع تحت أثر سحريه مبثوثه في لغتنا وهكذا دلالة مبكره على عجز الناقد انذاك عن معرفه سر استجابتة للشعر إذ لم يفسر الاتفسيرات ماورائية (غيبية) «22» . من هنا يمكن صياغه مفهوم سلطة النص وهو:وجود معنى مثالي واحد تؤول اليه جميع القراءات يعتقد البعض ,انه هو نفس معنى المؤلف ذلك لان الذين يدافعون عن سلطة المعنى ادبي يمكن تحديده موضوعا يساهمون في الفعل الفريد للقصد الادبي للقطب الاخر ـالمؤلف ـ«23».
وقد يرد معنى المؤلف في كثير من القراءات , ولكن لا يمكن القطع به فالمؤلف غائب عن النص واذا بحثا عن قصد علينا ان نتحرك ضمن النص نفسه لاغيره, فالمعنى كامن فيه لا في وعي مؤلفه الغائب الذي لايبقى له من الحضورإلا النص وحده , الذي يدافع عن معنى المؤلف . ويتم عن بحثه عن معنى مثالي يمكن اعتباره معنى المؤلف مادام هو خالق النص ويصطلح عليه بالنوع الجوهري للنص , والذي يعني به تقريبا المصطلحات العامة واساليب الرؤية التي تحكمت بالمؤلف عند الكتابة " وأن المؤلف يضمن النص بمعنى امثل مما تقدمه الفراءات النقدية باعتباره المبدع , فافضل قراءة هي مقصود المؤلف . وتأتي القراءات ـ في تصويره لنعبر عن كونها تضمنا لهذا المعنى لا المعنى نفسه , فهي جزء من معنى المؤلف لا كله , فتكون علاقة المعنى بضمنه .....
علاقه متبادلة بين الطرفين ,بحيث يمكن اعادة توليد الكل من الاجزاء .....وسمة المعنى الكامل انه يحتفظ بتكامله وكلية حتى أن لم ينطق بجميع تضمناته , وعباره اخرى فأن المعنى الكامل ليس مجرد مجموعة من الاجزاء بل ايضاً مبدا لتوليد الاجزاء"«24» .
أن النصوص التي تعكس بوضوح معنى المؤلف أو مثالية تستمد سلطتها من كونها تضع الناقد أسيراً لمعنى واحد محدد, فلا تسمح له بان يحيد عنها بحثا عن معنى آخر , بل تفرض عليه قيودها في فهم النص قيود تضطره الى التسليم بمعنى مثالي واحد ,بينما النصوص التي تحتمل اكثر من معنى تسمتد سلطتها من عدم السيطرة على معانيها ,فتحرك القدرات النقدية وتشغلها .
هذا واعلنت البنيوية والسيميوطيقا موت المؤلف والمرجع ,وغيرتهما بالنص أوالعلامات اللغوية والبصرية. فإذا كانت البنيوية تقوم على التفكيك والتركيب وتركيز على النص في اغلاقه النسقي فإن السيميوطيقا باعتبارها علما للعلامات السمعية والايقونية لاتبالي بالمؤلف ولابما بقوله النص والاتجاه نفسه تسير فيه دراسات الشكلانيين الروس التي تروم استكناه ثوابت النص وبناه العميقة في علاقتها بمظاهرها السطحية«25».
إن اعطاء نص من النصوص مؤلفا ما يعني فرض قيد على ذلك تزويده بمدلول نهائي, وغلق الكتابه ومثل هذا التصوير يلائم تماما النقد الذي يعين لنفسه مهمه اكتشاف المؤلف (او المجتمع ,التأريخ ,النفس ,الحريه) من وراء العمل ,وعندما يتم العثور على المؤلف ,يتم تفسير النص ـ نص بحققه الناقد .

الهوامش :

1ـ معجم المصطات الادبي , مجدي وهبه , مطبعة مكتبة لبنان , بيروت , سنة الطبع 1974, ص82 .
2ـ البلاغة والاسلوبيه , محمد عبد المطلب , مطبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب , سنه الطبع 1984, ص157,158,159 .
3ـ المصدر السابق , ص 109,159 .
4ـ مقال , مفهوم المؤلف في الثقافه الكلاسيكية , عبد الستار جبر , ص 1 .
5ـ مقال , هل عتبة المؤلف ضرورية لمقارية النصوص الادبية , د.جميل حمداوي , ص 1 .
6ـ المصدر السابق , ص 1 .
7 ـ المناحي الجديدة للفكر الفلسفي المعاصر , د. سالم يفوت , مطبعة دار الطليعة , بيروت ,لبنان , الطبعة الاولى 1991 , ص 64 .
8ـ البلاعة والاسلوبية , د. محمد عبد المطلب , ص 161 .
9ـ الادب وفنونه , عزالدين اسماعيل , دار الفكر العربي , الطبعه السابعه , سنه الطبع 1955, ص 33.
10ـ مقال , هل عتبة المؤلف ضرورية لمقارية النصوص , ص5 .
11ـ المصدر السابق , ص5 .
12ـ البلاغة و الاسلوبية ,ص 163 , 162 .
13ـ اتجاهات في النقد الادبي الحديث , مجموعة من النقاد , ترجمة د. محمد درويش , دار المأون للترجمة والنشر ,سنة الطبع 2009 , ص 387 .
14ـ البلاغة والاسلوبية , ص 162.
15ـ المصدر السابق , ص 164 .
16ـ اتجاهات في النقد الادبي الحديث , ص387 .
17ـ المقال , هل عتبة المؤلف ضرورية لمقارية النصوص الادبية , ص7 .
18- المؤلف والنص والقارئ في النقد الحديث للشعر العربي بين 1975 و2000 , عبد القادر جبار طه محمد , باشراف أ . د . فليح كريم الركابي , 2010 , ص 46 (اطروحة دكتوره ) .
19ـ مقال , مفهوم المؤلف في الثقافة الكلاسيكية , ص3 .
20ـ سلطة النص الشعري في المنظور النقدي والادبي حتى نهاية القرن الخامس الهجري ,انعام فائق محي , باشراف أ.د.ماهر مهدي هلال ,1997,ص69,68.
21ـ اتجاهات في النقد الادبي الحديث , ص387,388.
22- سلطة النص الشعري في المنظور النقدي والادبي حتى نهاية القرن الخامس الهجري ,انعام فائق محي ,ص68 .
23ـ المصدر السابق ,ص121.
24ـ المصدر السابق ,ص123.
25ـ مقال , هل عتبة المؤلف ضرورية لمقاربة النصوص الادبي ,ص9.

المصادر:

1ـ اتجاهات في النقد الادبي الحديث ، مجموعة من النقاد , ترجمة د.محمد درويش ,مطبعة دار المأمون للترجمة والنشر ـ سنة الطبع 2009.
2ـ الادب وفنونه ,عز الدين اسماعيل ,مطبعة دار الفكر العربي ,الطبعة السابعة ,سنة الطبع 1955.
3ـ البلاغة والاسلوبية ,محمد عبد المطلب ,مطبعة الهيئة المصرية العامه للكتاب ,سنة الطبع 1984.
3ـ سلطة النص الشعري في المنظور النقدي والادبي حتى نهاية القرن الخامس الهجري , انعام فائق محي , بأشراف أ.د.ماهر معدي هلال ,1997(اطروحة دكتورة).
4ـ. المؤلف والنص والقارئ في النقد الحديث للشعر العربي بين 1975 و2000 , عبد القادر جبار طه محمد , باشراف أ. د. فليح كريم الركابي , 2010 ,( اطروحة دكتوره) .
5ـ. المناحي الجديدة للفكر الفلسفي المعاصر , د . سالم يفوت , مطبعة دار الطليعة , بيروت , لبنان , الطبعة الاولى , سنة الطبع 1991 .
6- مجلة نزوى ـ تصدر عن مؤسسة عمان للصحافة والنشر والاعلان , مقال , مفهوم المؤلف في الثقافة الكلاسيكية , لعبد الستار جبر, ص1 .
7- معجم مجدي وهبه ,مطبعة مكتبة لبنان ,بيروت ,سنة الطبع 1974.مصطلحات الادبي , ص82 .
8- مقال , هل عتبة المؤلف ضرورية لمقاربة النصوص الادبية , د. جميل حمداوي , على موقع http://www. Google. Com.



















































#حنان_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بغداد في عيدها الألفي
- حلم
- اللغة إذا ما تحولت عثرنا على لغة أخرى
- نحن وواقعنا
- بلا عنوان
- الدراسات الأكاديمية
- الى امهات العالم اكتب


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حنان علي - سلطة المؤلف في النقد الأدب الحديث