أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد سعيد قاضي - خطوة أولى على مسار النهضة العربية الإسلامية!














المزيد.....

خطوة أولى على مسار النهضة العربية الإسلامية!


أحمد سعيد قاضي

الحوار المتمدن-العدد: 4176 - 2013 / 8 / 6 - 03:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الشك المنهجي(الذي يهدف للبناء، ويستخدم كأداة للحصول على المعرفة اليقينية، وعند الانتهاء من مهمته يتم الاستغناء عنه)-وليس الشك المذهبي( الشك الذي هو شك لذاته، وهدفه النهائي هو الشك، وتوجهه الإسقاط والهدم فقط)- كما يتلو علينا التاريخ، ويرشدنا العقل، وترينا التجربة هو أحد أهم أسس الحضارة، والانتقال من العصور الظلامية المتوحشة إلى العصور المتنورة المتحررة من الأفكار البالية الرثة، والأفكار التي عفا عنها الزمان، والخزعبلات المغروسة والموطدة في عقول البشر.
الشك واليقين، شغلت مهمة البحث عن اليقين الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت في محاولة للصول إلى أرض صلبة من اليقين وبالتالي الانطلاق منها في بناء صرح معرفي يقيني. وكانت أوروبا وقتها قد وقعت في مستنقع الشكوك بكل ما هو موجود من معرفة بسبب عدة أسباب والتي من بينها، سقوط بيزنطا وفشلها في الدفاع عن الأوروبيين مما أدى إلى شك الأوروبيين بالدين وقدرة الرب على حمايتهم. علاوة على ذلك، بداية الاكتشافات الجغرافية والترحال الذي أدى بالأوروبيين إلى الاحتكاك بالحضارات الشرقية مثل الحضارة الصينية، والإسلامية، وما وجدوه من فلسفة كونفوشيوس في الصين، والفلسفة الإسلامية في بلاد المسلمين، والتي كان يعيش أصحاب على أساسها شعوب بأكملها، وهذا بدوره أدى بهم إلى الشك بكل المعارف والفلسفة الأرسطوطاليسية المتبعة عندهم، لأنهم وجدوا حضارات قديمة تعيش على فلسفات ومعارف غير التي يقوم على أساسها الأوروبيون وبالتالي أدركوا أن هنالك مساحة لأن تكون هذه الفلسفات والثقافات أفضل مما عندهم. وساهم ظهور الحركة الإنسية ودعوتها لمركزية الإنسان ومناداتها بالواقعية بدلاً من أحلام "الجنة" وما بعد الموت والميتافيزيقا والمثالية، في تكثيف الشكوك حول المعتقدات القديمة.
المستخلص هو أن الثقافة الأوروبية والعقل(رغم وجود سلبيات، إلا أنها، أي الحضارة الأوروبية بشكل عام متفوقة إلى درجة كبيرة عن باقي الحضارات) الأوروبي لم ينموا ويرتفعا عن غيرهما من الأمم إلا بعد الشك في كل ما يملكان من محتوى، ومن ثم النقد العلمي لهذا اللب، والخطوة الأخيرة هي إقامة أسس علمية متينة وقواعد صلبة لاستخراج المعرفة بحيث لا تدع مجالاً للأوهام والخرافات المدمرة، والأوهام الطوباوية.
ولنعد للفيلسوف ديكارت، وطرح أنثولته "سلة التفاح" التي هي أساس ما أريد إيصاله، فقد شبه رينيه ديكارت العقل بسلة التفاح التي تحوي تفاحاً فاسداً ملوثاً، غير صالح للأكل، وهناك تفاحاً صالحاً للاستعمال والأكل، ولكما تقدم الزمن وبقي الاختلاط بين التفاح الفاسد والصالح، سوف ينتقل المرض، والعدوى من التفاح الفاسد إلى التفاح الصالح وبالتالي تلوث كل التفاح. لذلك يطرح ديكارت الحل الأنجع لبناء سد منيع أمام انتقال مرض التلوث من التفاح الفاسد غلى التفاح الصالح للاستعمال، وثانياً، للحفاظ على التفاح الصالح للاستعمال فقط وهو الجزء الذي يحمل الإفادة.
فقال ديكارت بأنه يجب علينا في هذه الحالة طرح ما في سلة التفاح بالكامل، وإفراغ محتوياتها، ومن ثم حمل كل تفاحة على حدة، وفحصها وتمحيصها بشكل دقيق للتأكد من خلوها من الإصابة، وبعد إذا ما تم التأكد من خلوها من الأمراض، تتم إعادتها إلى السلة، وأما إذا ثبت إصابتها يجب عدم إعادتها إلى السلة، وعلى هذا الحال يتم إعادة التفاح الصالح للهضم والخالي من أي علة، والتخلص من التفاح المصاب المضر.
وهكذا هي الأفكار والعقل؛ فالعقل بوصفه أداة إنتاج وحمل الثقافة والفكر، وليس بوصفه الفكر نفسه، هو الخازن والحافظ للأيديولوجيا أو الفكر، أي هو سلة التفاح، والفكر نفسه هو التفاح والذي بدوره، ينقسم إلى قسمين: أولاً، الأفكار الغير ملوثه أي اليقينية، وهي التفاح الصالح للاستعمال، والتي يمكن بناء صرح علمي وثقافي، وحضارة إنسانية على أسسها. وهذه الأفكار اليقينية، والتي بحكم تراكم التاريخ والتراث المعرفي، داخلها وتمازج معها الكثير من الأفكار الوهمية والخيالية السلبية والغير واقعية، وهي التفاح الملوث الواجب التخلص منه لكي لا تعدي ما تبقى من أفكار صالحة للاستهلاك، ولكي نلقي بها جانباً لأن دورها لن يكون إلا هداماً، غير بناءٍ في الحضارة المعاصر.
وعلى هذا الأساس العقلي المتين، في حال إتباعه، يستطيع العرب التخلص من جملة من العادات والتقاليد السلبية السالبة لما يملكه من بقايا الحضارة، وتخلصه من سلطة العواطف والمشاعر التي سلبت العقل قدرته وعمله. فالحضارة العربية الإسلامية اليوم تحتضر، تلتق آخر أنفاسها، وكلما غرقت قدماها في مقبرة الحضارات، صرخت مستنجدة بالأفكار المتصلبة، المدفونة أصلاً تحت هذه المقبرة، بالأفكار التي هي بثقلها وحملها الزائد بكل سلبياته سبب هذا الغرق في طوفان التخلف وما تبعه من غرق وهبوط تحت الأرض، لكن هيهات أن تتعلم!
إذا أراد العرب والمسلمون النهوض واللحاق بركب الحضارة، يجب عليهم أولاً، وقبل كل شيء، رفع القداسة عن كل الأفكار، ووضع كل ما هو دوجما، في ثقافتهم العربية والإسلامية، على نصل الشك المنهجي الذي بدوره يحدد ما يجب أن يبقى من الأفكار، وما يجب أن يرمى ويحرق من الأفكار البالية.
فإذا وصل العرب والمسلمون إلى هذه الخطوة المتقدمة عملياً، ونظرياً، خاصة في الفكر الإسلامي المتمسك بالنقل، لا بالعقل، فيكونون قد فتحوا أبواباً عظيمة تصب عليهم من نهر الحضارة، ويكونون قد انفتحوا على العالم المعاصر مع الحفاظ على الجوهر.
وهذا ما يقوله القرآن الكريم، في أكبر دليل على دعوة الله تعالى لاستخدام العقل والتمحيص والفحص: " وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [النحل : 44]".
" أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ [الروم : 8]".



#أحمد_سعيد_قاضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دمشق
- المسلمون يشوهون الإسلام ويتهمون الغرب!!
- أسباب غياب الوعي الطبقي في الأراضي الفلسطينية
- أزمة مصر..عقبة من عقبات المسار الثوري
- في الماركسية-تحليل بنية النظام الرأسمالي 1
- الحواجز الإسرائيلية...خيط خفي في تحطيم الشعب الفلسطيني
- جوهر كتاب الدولة والثورة
- حقيقة الصراع في العالم العربي
- الطائفية
- خيوط الصراع في سوريا!
- الشهيد عرفات جرادات...و ماذا بعد؟!
- التعصب الفئوي و الحزبي في فلسطين..مأساة تتعمق


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد سعيد قاضي - خطوة أولى على مسار النهضة العربية الإسلامية!