أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سعيد قاضي - خيوط الصراع في سوريا!















المزيد.....

خيوط الصراع في سوريا!


أحمد سعيد قاضي

الحوار المتمدن-العدد: 4125 - 2013 / 6 / 16 - 10:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دخلت سوريا العام الثالث للصراع قبل ثلاثة أشهر بالضبط وما يزال القتل، والتدمير، والتعذيب، والمذابح مستمرة بدون رادعٍ. فبحسب إحصائيات الأمم المتحدة عدد القتلى في سوريا حتى شهر نيسان/ابريل الماضي تجاوز 93 ألف شخص من كلا الطرفين المتصارعين في سوريا. وهناك إحصائيات غير معتمدة تدعي أن عدد القتلى تجاوز 200 ألف شخص. وليس لحم البشر في سوريا هو الضحية الوحيدة في هذه الحرب الطاحنة بل الاقتصاد السوري أيضاً، حيث تقول احدث الإحصائيات بأن الاقتصاد السوري خسر منذ بدء الحرب أكثر من 85 مليار دولار. ليس هذا فقط بل تدمير جزء كبير من المدن والبلدات السورية وتهجير وتشريد الملايين داخل سوريا وخارجها. وبالتالي يعيش السوريون سواء في سوريا أو خارجها في مخيمات اللجوء أسوأ الظروف. من هنا فان كل الخسائر البشرية، أو الاقتصادية، أو في البنية التحتية، أو تفتيت النسيج الاجتماعي، أو تقويض أسس الدولة السورية ومؤسسة الجيش ما هي إلا خسارة للشعب السوري ككل بعيداً عن المتصارعين، فلا منتصر في هذه الدوامة الدموية المستمرة.
لا أحد في سوريا بريء فالكل قتلة! تداخلت السياسة مع المصالح الدولية لترسم لوحة سوريا الحزينة المطلية باللون الأحمر وبالتالي لا إنسانية في تحديد الولاء أو المعارضة لأيٍ من الأطراف فالمصالح هي من تحدد. روسيا، إيران، وحزب الله يقفون موقفاً داعماً للنظام السوري والرئيس بشار الأسد، وكذلك الأمر بالنسبة للولايات المتحدة، والدول الأوروبية تحديداً فرنسا وبريطانيا، وحلفائهم الإقليميين كقطر، والسعودية، و تركيا أردوغان يدعمون المعارضة السورية بالعتاد، والسلاح، والأموال، وتوفير "الجهاديين" للقتال معهم ضد النظام السوري. بالتالي تبلورت مؤخراً صورة واضحة لحلفين رئيسيين في العالم يتصارعان على جغرافية الدولة السورية بأيدٍ سورية أو أيدٍ عربية وإسلامية، وبالتالي فالدولة السورية بالأساس، والعرب والمسلمين هم الخاسرون وهذا هو المطلوب في الدوائر الغربية. وعليه فإن الثورة السورية انتهت في مهدها منذ فترة طويلة وما يحدث ما هو إلا حرب بالوكالة والدولة السورية هي رقعة الشطرنج.
فالبيدق الأول هو المعارضة التي تدعوا الغرب بشكل دائمٍ بلا كلل ولا ملل للتدخل في سوريا ضد الدولة السورية، وهذه دعوة رسمية للاستعمار الغربي للسيطرة على مقدرات الدولة السورية وسياستها الداخلية والخارجية والتحكم بكل تفاصيل الدولة السورية بما يخدم مصالحها. فماذا إذا انتصرت هذه المعارضة المصطنعة؟! بكل تأكيد سيصل إلى حكم الدولة السورية أحد المعارضين "الأشاوس" الذين وبخهم السفير الفرنسي في تركيا ايريك شوفالييه على مرأى ومسمع كل العالم ولم يجرؤ أحدٌ منهم على الرد عليه أو مجرد رفع أعينهم في وجهه، ليس هذا فحسب بل إن جون ماكين السيناتور الأمريكي الأكثر تطرفاً في دعم الكيان الصهيوني يزور المناطق "المحررة" شمال سوريا ويلتقي بقيادة أركان الجيش الحر الذي يشكل الإخوان المسلمون معظم مقاتليه. ولا يخفى على أحد دعوات جون ماكين لدعم المعارضة المسلحة ضد النظام السوري ومعارضته لموقف إدارة اوباما من الأحداث في سوريا مطالباً بالتدخل العسكري في سوريا. وما إلى ذلك من تصريحات لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي الذي هدد بعدم ذهاب المعارضة إلى مؤتمر جنيف 2 إذا لم يتم دعم الجيش الحر وفرض التوازن بين الطرفين وكأنه المتحدث باسم "الثوار"، وهذا إن دلّ فإنه يدل على أن المعارضة السورية هي مجرد أداة في يد الدول الغربية لتحقيق مصالحها في سوريا والضغط على الأسد للقبول بالمخططات الغربية. وفي الطرف المقابل قيادات المعارضة والجيش الحر وحلفائهم من دول الخليج ومشايخها يدعون ويطبلون يومياً للتدخل ضد النظام. فالتحالف بين المعارضة السورية والغرب هو تحالف معلن وليس خفي.
وبالتالي أريد أن أطرح التساؤلات التالية آملاً في الحصول على إجابةٍ لها: هل الولايات المتحدة التي أطاحت في الرئيس اربنز المنتخب ديموقراطياً في نيكاراغوا تريد الديموقراطية لسوريا؟ هل الولايات المتحدة التي تدخلت وحاولت بقوة الإطاحة بالحكم الديموقراطي للرئيس هوغو تشافيز في فنزويلا تريد الديموقراطية لسوريا؟ هل الولايات المتحدة التي حاولت اغتيال فيدال كاسترو المدعوم بأغلبية شعبية بعد الثورة الكوبية تريد الديموقراطية لسوريا؟ هل الولايات المتحدة وبريطانيا اللتان دمرتا العراق للسيطرة على ثرواتها المعدنية ونفطها تريدان الديموقراطية والحرية للشعب السوري؟ هل بريطانيا وفرنسا اللتان قسّمتا العالم العربي تريدان لسوريا الحرية والديموقراطية؟ هل بريطانيا التي سلبت الفلسطينيين أرضهم وسلّمتها للصهاينة تريد الديموقراطية والحرية لسوريا؟ الغرب لا يعرف ديموقراطية في الشرق إلا حماية الكيان الصهيوني والنفط العربي، هذا هو الهدف الأول والأخير للغرب. وهل سيقوم النظام السعودي(أحد الداعمين الرئيسيين للمعارضة السورية) الذي يعدم يومياً العشرات باسم الدين بتوفير الحرية لسوريا؟ وكذلك الأمر بالنسبة لمملكة قطر. هل مصر مرسي التي قاطعت العلاقات الدبلوماسية مع سوريا وما زالت تحافظ على العلاقات مع الكيان الصهيوني أكثر وطنية من النظام السوري؟ هل الدول الخليجية الداعمة للمشاريع الصهيونية التقسيمية في الوطن العربي أكثر وطنية من النظام السوري؟ فكيف لإنسان عاقل يستطيع تصديق الدول التي تملك سفارات صهيونية في دولها تريد الخير للدولة السورية؟ وأريد أن أتساءل أكثر...لماذا عند الحرب على غزة توسط مرسي واردوغان ودول الخليج بين الكيان الصهيوني وقوى المقاومة ولكن عند النزاع في سوريا يقطعون علاقاتهم بأحد الأطراف ويدعمون طرف على حساب آخر؟ ألم يطمن القرضاوي الكيان الصهيوني بأن "الثوار" "المجاهدين" لن يعتدوا على الكيان؟ وحشرت هنا القضية الفلسطينية لأن القضية الفلسطينية هي قضية العرب والمسلمين وبوصلتهم، فالكيان الصهيوني هو أساساً موجود لضرب الأمة العربية والإسلامية كاملةً وبالتالي من يتوافق مع هذا الكيان والغرب فهو متآمر ضد المصالح العربية.
وثمة جانبٌ آخر لا يقل أهمية عن سيطرة الغرب على سوريا في حال سيطرة المعارضة على الحكم وهو أن الثورة تقوم على نظامٍ مجرم ودكتاتور لتقيم دولة ديموقراطية حرة يتمتع الكل فيها بالمساواة والعدل فكيف سوف يحكم هؤلاء المعارضون الذين يعدمون الأطفال، ويأكلون قلوب البشر بعد الموت، ويقومون بشي رؤوس القتلى بعد قطعها الخ من التصرفات الإجرامية التي دائماً يحاول البعض تبريرها بأنها أعمال فردية لا علاقة لها بالثورة مع أنها أضحت أعمالاً روتينية تتكرر يومياً على يد الجيش الحر وجبهة النصرة. إذا كان النظام مجرماً فالمعارضة كذلك وبالتالي فالنظام الذي سيأتي كبديلٍ لنظام الأسد لن يكون أقل إجراماً ولكن هذه المرة دكتاتورية تحت السيطرة الغربية مصاحبةً لفتنةٍ طائفية.
أخيراً وليس آخراً، هناك انقسامات حادة داخل المعارضة السورية حتى أن كل محاولات الدول الغربية والدول العربية الراعية للمعارضة السورية توحيد صفوف المعارضة باءت بالفشل، فهناك المتطرفون مثل جبهة النصرة، وهناك المعتدلون مثل الجيش الحر، والخلافات تطال معارضة الخارج مع معارضة الداخل، والتشكيلات العسكرية مع التشكيلات السياسية، بل هناك خلافات بين تشكيلات القاعدة أيضاً. ليس هذا فقط بل إن الطائفية تعمّقت في المجتمع السوري وبالتالي فإن سقوط النظام يعني الفوضى ومزيداً من المذابح، والقتل والتدمير بين مختلف التشكيلات العسكرية أو بين الطوائف السورية المختلفة على غرار ما حدث في حرب لبنان الأهلية وما ينتج عن ذلك من تدخل غربي وخارجي أكثر وأكثر في شؤون سوريا على حساب المادة البشرية فيها ودماء أهلها.
لكن في الطرف المقابل، انتصار الدولة على السورية على المرتزقة يؤدي أولاً إلى كف يد الدول الغربية والخليجية الطائفية عن التدخل في الدولة السورية، واجتثاث جذور وجودها على الأرض السورية وهذه من أهم الخطوات. وبالتالي سيصبح الحوار والإصلاح داخلي سوري-سوري بعيداً عن المتربصين في سوريا وبدون تدخلاتهم، وبذلك تعود القضية السورية للحل السوري الوطني وعن طريق الأيدي الوطنية السورية. ثانياً، في حال انتصار الدولة السورية سيتم إعادة ترتيب أحرف المجتمع السوري ليعود بنيان مرصوص عربياً لا طائفيةً فيه كما كان سابقاً. ثالثاً، حماية الدولة السورية والشعب السوري من حرب طائفية طاحنة سوف تأكل الأخضر واليابس. رابعاً، حماية المنطقة العربية من التقسيم، وأقول هنا المنطقة العربية وليس فقط سوريا لأن سوريا لها تداخلات طائفية مع دول الجور كالعراق ولبنان اللتان سوف تتأثران كثيراً بما يحدث وسوف يكون مصيرهما كمصير سوريا. خامساً، الحفاظ على الدولة الوحيدة الداعمة للمقاومة في لبنان وفلسطين وأي طرف يقف بوجه الغرب والكيان الصهيوني. سادساً، قطع الطريق على الدول الغربية وبعض الدول العربية من السيطرة على الدولة السورية.
قبل النهاية أود أن أنحت بعض الملاحظات، الأولى: حتى لو بقيت الثورة مستمرة والقمع استمر لا يحق لأي دولة التدخل في سوريا لأن قرار الدول العربية بأيدي الدول الغربية وبالتالي لن يكون القرار مستقل بل سيصب في مصلحة الدول الغربية. علاوة على ذلك بقاء دكتاتور عربي أفضل بألف مرة من مجيء مستوطن غربي. بالإضافة إلى ذلك، من يقطع العلاقات الدبلوماسية مع الدولة السورية ويبقي على سفارة الكيان الإسرائيلي الذي ارتكب أبشع المجازر هو مجرد عميل غربي لن يخدم سوريا. ووأيضاً من يطبل ويزمر "للجهاد" في سوريا ضد المسلمين وهو يسكن بجانب القواعد الأمريكية، أو وهو يرى مجازر الكيان الإسرائيلي بدون دعوات مماثلة للجهاد ضد الصهاينة فهو أيضاً ذو قرار غير مستقل ومرتبط في الدوائر الغربية. وأخيراً، من يطالبون بالتدخل الخارجي ويسعون لتدمير سوريا هم نفسهم الذين دعموا القوات الأمريكية في غزوها للعراق وتدميرها! وهنا أريد أن أقتبس من الشاعر عدنان زيدان "فَتحتُ حُدودكم وأجواءكم وأرضيكم للإمبريالية الأمريكية لتدمير العراقِِ أيّها السَفلةْ، ثمّ تَباكيتمْ: إنّها الطائفيّة !!
والآنَ تَتكالبونَ على الشامِ باسمِ الجهادِ والحريّة ؟"

في الختام، الإصلاح في سوريا مطلوب كما هو مطلوب في كل الدول العربية لبناء دولة ديموقراطية مدنية تتسع لكل أبناء الوطن وتوفر كل احتياجاتهم وأهمها الحرية، والكرامة. لكن تحقيق الإصلاحات المطلوبة لا يأتي من الخارج بل من داخل الدولة السورية وبحوارٍ وطنيٍ شاملٍ لكل أطياف المعارضة والموالاة. وعلى هذا الأساس يجب القضاء على المرتزقة المتواجدون في سوريا بدايةً وما يتبعهم من أذناب للدول الغربية ومن ثم البدء بعملية إصلاحية من الداخل بعيداً عن الأيادي الغربية الملوثة بدماء كثير من البشر. فمصلحة العرب كشعوب عربية وليس أنظمة (لأن معظم الأنظمة العربية تقع في المحور الغربي المعادي للنظام السوري) انتصار النظام السوري على المرتزقة والمتعاونين مع الغرب.



#أحمد_سعيد_قاضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشهيد عرفات جرادات...و ماذا بعد؟!
- التعصب الفئوي و الحزبي في فلسطين..مأساة تتعمق


المزيد.....




- جريمة غامضة والشرطة تبحث عن الجناة.. العثور على سيارة محترقة ...
- صواريخ إيران تتحدى.. قوة جيش إسرائيل تهتز
- الدنمارك تعلن إغلاق سفارتها في العراق
- وكالة الطاقة الذرية تعرب عن قلقها من احتمال استهداف إسرائيل ...
- معلومات سرية وحساسة.. مواقع إسرائيلية رسمية تتعرض للقرصنة
- الفيضانات في تنزانيا تخلف 58 قتيلا وسط تحذيرات من استمرار هط ...
- بطائرة مسيرة.. الجيش الإسرائيلي يزعم اغتيال قيادي في حزب ال ...
- هجمات جديدة متبادلة بين إسرائيل وحزب الله ومقتل قيادي في الح ...
- مؤتمر باريس .. بصيص أمل في دوامة الأزمة السودانية؟
- إعلام: السعودية والإمارات رفضتا فتح مجالهما الجوي للطيران ال ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سعيد قاضي - خيوط الصراع في سوريا!