أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرح البقاعي - الاجتهاديون.. وسلطتهم














المزيد.....

الاجتهاديون.. وسلطتهم


مرح البقاعي

الحوار المتمدن-العدد: 4168 - 2013 / 7 / 29 - 11:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ماهو المراد بمصطلح الإسلام المعاصر؟ وهل هو تصنيف نقيض للإسلام السلفي أم هو وجه فقهي آخر ذو دلالة حداثوية؟ وهل هناك تبويبان أكاديميان للدين: الأول معاصر ينتمي لشرط الزمان المعاش والآخر ماضوي يوغل في التاريخ والأصولية؟ الجواب مبدئياً يأتي بالنفي: لا، لايوجد إسلامان، هو إسلام واحد وقرآن واحد؛ لكن هناك زمنان، لا بل أزمنة ممتدة في التاريخ الإسلامي قديمه وحديثه. وهذا يعني أننا سنكون بصدد القراءة الزمنية والمكانية للنص محكومة بالتغيّرات التي تطرأ على تأويلاته عبر العصور، ووفق اتساع رقعة انتشار الإسلام في العالم؛ أعني قراءة النص الديني (الإسلامي) في ظل شرطيّ الجغرافيا والعصر في آن.

فمن القراءة الفقهية للنص الديني اشتُقّت الأحكام الشرعية من القرآن والسنة. وكانت مهمة الاشتقاق هذه واقعة على عاتق علماء الاجتهاد قبل أن يتوقف العمل الاجتهادي في النص الإسلامي في القرن الرابع الهجري، وإثر رحيل الأئمة الأربعة . كما كان هناك التفسير/ التأويل للقرآن وللحديث النبوي، وهذا التفسير كان منه ما يقرأ باطن النص وماورائياته بواسطة العلماء الذين أسّسوا لحركة دينية في الإسلام هي وحدها القابضة على البعد الروحي اللا أرضي في اتصال الإنسان بخالقه، أقصد جماعة المتصوّفة. وليس خطاب رابعة العدوية " أن نحب من أحبنا أولاً وهو الله" إلا قمة التصوّف والتوحّد في العشق الإلهي الخالص.

كلا النهجان، التأويلي والاجتهادي، يعتمدان على المعرفة والتجديد في قراءة النص الديني. فالاجتهاد يعتمد على المعارف الفقهية والشرعية في استنباط الأحكام والأصول الدينية، أما التأويل فيعتمد على الكشف المعرفي الذي عادة ما يرتبط بالإبداع الحسّي الفردي في تقصي الحقائق الدينية/ الإلهية مما هو دنيوي بشري ومحسوس. ورغم أن التأويل ظهر مبكرا في الإسلام الأول بين الجماعات الإسلامية بعد وفاة النبي محمد، وكانت أولى إشاراته موقف الخليفة الأول أبي بكر الصديق من مانعي الزكاة فرأى بعضهم عدم محاربتهم، وكان على رأسهم الخليفة الثاني عمر بن الخطاب والخليفة الرابع علي بن أبي طالب، بينما تفرّد الخليفة الأول برأيه إذ رأى أن حربهم هي في مقام "التأويل" السليم. ورغم أن القرآن حض على التأويل في قول الله تعالى في سورة يوسف (الآية 101) "ربي قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث"، إلا أن المتصوفة قد تعرّضوا لحرب تصفية عمياء من رجال الدين المسخّرين لدى السلطة وأرباب البلاط، بل وصل الأمر بهم إلى التآمر مع الخلفاء لتصفية المتصوفة ، كما فعلوا بالسهروردي إذ دفعوا الناصر صلاح الدين الأيوبي إلى قتله، وكما تآمروا على محي الدين بن عربي في مصر وحاولوا قتله لولا أن ساعده الشيخ البجائي على الهرب، ولا ننسى مصير الحلاج المشهور، وعبد الحق بن سبعين حين دسوا له السم بتحريض من الملك المظفر. والتاريخ مليء بمحاربة المتصوّفة القدماء والمحدثين.

ولأن النص لا يعيش إلا في ظل التأويل، فقد ظهرت في العصر الحديث حركات إسلامية فردية عديدة تبنت مفهوما جديدا للنص القرآني، كما ظهر مفكرون أصحاب وجهات نظر مغايرة للمتعارف عليه في التراث الإسلامي. ولعل تاريخ هذه الحركة الفكرية الجديدة قد استهله الإمام محمد عبده الذي قاد هجمة شرسة على مؤسسة الدين الرسمية في (الأزهر) . وترجع هذه القطيعة الفقهية بين شيخ أزهري والأزهر إلى تأويلاته الحداثوية التي لاقت اعتراضا شرسا من أصحاب العمامات. يقاسم الشيخ محمد عبده ريادته الدكتور طه حسين الذي أحدث ثورة في عالم الفكر الديني ومن أشهر مظاهر ثورته كتابه (في الشعر الجاهلي) الذي رفض فيه ما نحل للشعراء الجاهليين من أشعار على أيدي المفسرين وكتّاب السيرة. وهناك أيضا محمد عمارة الذي تأثر بأفكار المعتزلة وحقق لهم الكثير من الكتب المهمة ومن أهم كتبه (التراث في ضوء العقل). وهناك المفكر (علي حرب) الذي تناول أزمة الحداثة والفكر الإسلامي، وهناك أيضا الكاتبة فاطمة المرنيسي ذات المبضع الإصلاحي الذي لا يلين. ولن نغفل مصير محمود محمد طه وتأتي أهمية فكر طه كونه الوحيد من كل دعاة التجديد والتنوير الذي أصبغ على أفكاره صفة التنظيمية فانشأ جماعة الإخوان الجمهوريين التي انتشرت في السودان منذ منتصف القرن الماضي، التنظيم الذي أودى بحياته حين تم إعدامه في عهد الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري في 18 يناير 1985 .

هكذا، ومع غلق باب الاجتهاد الفقهي، وملاحقة أصحاب التأويل والتفسير، توقفت القراءات التي تجاري العصر، وأصبحت الساحة خالية للسلطات السياسية لتتحالف مع أصوات راديكالية وسلفية من أجل إحكام القبضة على السلطة من خلال استحداث جناح سلفي غيبوي من رجال الدين وأصحاب الفتاوى الجاهزة التي تحيك الفتاوى والأحكام بمقاس مصالح السلطة الحليفة. وهكذا تقزّم الاجتهاد الذي شيّده العلماء، واستحال إلى دكاكين للإفتاء تبث الفرقة والجهل، وتثير الضغائن والصغائر، وتحضّ على العنف والتعنيف، وتكرّس التبعية لأصحاب العمائم مهما تضاءل شأنهم العلمي والفقهي.
سقط الاجتهاد اليوم ـ أسَفاً ـ في أيدي "قناّصة" الفرص التعبوية في الخطاب ، وصار هؤلاء القناصة نجوم فضائيات. فهم أصحاب السلطة العليا في تحديد ذهنية الشارع العربي الإسلامي، ورسم بياناتها! وأمست تلك "الفتاوى الفضائية" تخط مسارات عقول بل ومستقبل الشباب العربي. وأسرد هنا على سبيل المثال لا الحصر فتوى إرضاع الكبير الشهيرة، وفتوى قتل "ميكي ماوس"، وفتوى نكاح الجهاد التي انتشرت مرافقة للعمليات القتالية في سوريا.

فما هي المؤهلات التي يجب أن يتمتّع بها من يتبوأ سدّة الاجتهاد؟ وهل المجتهدون هم حكماً من رجال الدين؟ أم هم من أهل الفكر الديني؟ أم هم أصحاب العلم؟ وما هو الهدف من الاجتهاد، وما هي مادته؟ وما هي حدود الاجتهاد، ومن يسنّ ضوابطها؟!

هي أسئلة نطلقها برسم الاجتهاد أيضاً.. و"اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُر"ِ.



#مرح_البقاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعيداً من أم الدنيا!ّ
- حروب العرب وسلام الكرد
- جنيف2: مشروع جون كيري الأخير ما قبل الجلجلة!
- القوّة الناعمة.. والولاية
- يوم أغمضت عين الديمقراطية في واشنطن
- المملكة السوريّة !
- أصبح عندي الآن مسدّس!
- وردة الدم
- -الفيل يا ملك الزمان-
- المحافظة 35
- الأسديّة بلا أسد
- الصمت الأبيض
- زوكربيرغ @ تونس
- الرصاصة السياسية !
- أطوار بهجت والملك
- كلينتون تشنّ السلام على الصين
- باتْ مانْ مسِْلماً
- أنا الموت.. إنّي مدمِّر العالم
- الطريق إلى القدس يمرّ عبر بغداد-
- حزب الشاي


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرح البقاعي - الاجتهاديون.. وسلطتهم