أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عارف جابو - مسودة دستور غربي كردستان.. مشروع مثير للجدل والتساؤل.. قراءة حقوقية















المزيد.....

مسودة دستور غربي كردستان.. مشروع مثير للجدل والتساؤل.. قراءة حقوقية


عارف جابو

الحوار المتمدن-العدد: 4164 - 2013 / 7 / 25 - 17:02
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


أصدر "مجلس شعب غربي كردستان" مسودة دستور أطلق عليه اسم "العقد الاجتماعي في غربي كردستان" والذي أثار جدلاً واسعاً بين الأوساط السياسية الكردية والعربية في المعارضة السورية. وفيما يلي سأحاول بدوري المساهمة في النقاش من خلال قراءة تركز على المضمون وما جاء في بعض المواد التي أثارت التساؤل لدي أكثر من غيرها.

اتسمت الكثير من الردود والنقاشات حول مسودة دستور غربي كردستان بالعصبية ورفض المشروع وفكرته من الأساس، وخاصة بين أوساط المعارضة العربية التي رأت فيه تقسيماً لسوريا وبمثابة إعلان للدولة الكردية، رغم ما جاء في المادة الثالثة من المشروع بأن "سورية دولة مستقلة ذات سيادة تامة عاصمتها دمشق ونظامها ديمقراطي برلماني تعددي اتحادي، وغربي كردستان (مناطق الإدارة الذاتية) جزء لا يتجزأ من سوريا جغرافيا وإداريا" وتنص المادة الخامسة على اعتبار العربية لغة رسمية إلى جانب الكردية في مناطق "الإدارة الذاتية". من هنا يمكن القول أن أصحاب هذه الرؤية ابتعدوا عن الموضوعية واتخذوا موقفهم بناء على مواقف سياسية مسبقة من أصحاب المشروع ومن الكرد وقضيتهم في سوريا عموماً.
أما المنتقدون الكرد، فإن الكثيرين منهم رفضوا المشروع وفكرته كلياً وهناك حتى من استهزأ به ونظر إليه باستخفاف، وليس من المستبعد أن يكون بعض هؤلاء لم يقرأ المشروع ولم يطلع على ما جاء فيه، وكون رأيه بناء على رأي الآخرين دون تفكير وتحميص. لكن مقابل ذلك كان هناك من اطلع على المشروع وقرأه بتأن وحاول أن يكون موضوعياً ومنصفاً في موقفه وتفييمه للمشروع سلباً أو ايجاباً.
وأنا بدوري وبعد اطلاعي على المشروع وقراءته، سأحاول أن أتناول بعض ما جاء فيه، بشكل متسلسل حسبما ورد في مواده.

سلطة الأمر الواقع
بداية لابد من القول، إن المشروع من حيث المبدأ ايجابي وضروري. لأن المناطق الكردية خرجت عن سيطرة النظام الذي انسحب منها قبل عام. ما خلف فراغاً في السلطة كان لابد من ملئه، وهو ما قام به حزب الاتحاد الديمقراطي، بغض النظر عن الأسباب والخلفيات والطريقة التي تم فيها الانسحاب و"الاستلام والتسليم" كما يطلق البعض على العملية، فهي ليست موضوع بحثنا هنا. مع مرور الوقت تحولت هذه السلطة إلى حكومة أو سلطة أمر الواقع في المناطق الكردية. وهذه السلطة لابد من تنظيمها وتقننيها وتحديد صلاحياتها وواجباتها، ويتم ذلك من خلال القانون، الذي يعد الدستور أساساً له. وإلا تكون تلك السلطة بمثابة عصابة مطلقة الصلاحية تدير الأمور بطريقة أمراء الحرب أو المافيا التي تسيطر على منطقة وتتحكم بها وبحياة سكانها. من هنا يجب وضع دستور وقوانين، حسب الحاجة، لإدارة تلك المناطق (غربي كردستان) وشؤون السكان ورعاية مصالحهم بشكل قانوني يتناسب مع أسلوب الحياة العصرية.
الملفت في المشروع أنه، وعلى خلاف الكثير من دساتير المنطقة وحتى إقليم كردستان العراق، لم ينص على أن الدين أو الشريعة الاسلامية مصدر للتشريع في مناطق "الإدارة الذاتية" كما أنه لم يتطرق إلى ذكر دين رئيس الحكومة أو البرلمان أو كبار المسؤولين. وهو أمر ايجابي يصب في اتجاه تحقيق المساواة بين الأديان وإبعاد الدين عن السياسة، وجاء في مادته السادسة أنه يحترم الأديان ويضمن حرية ممارستها. والمادة السادسة تنص على إلغاء عقوبة الإعدام، وهو أمر ايجابي ومتطور بالنسبة للمنطقة التي تنص قوانين دولها، باستثناء تركيا، على حكم الإعدام. في حين نصت المادة الخامسة والثلاثون على ضمان حصانة النائب البرلماني وعدم جواز ملاحقته بسبب آرائه ومواقفه خلال عضويته، إنه أمر جيد، وضروري أن يشعر البرلماني بالأمان وأنه محصن ضد الملاحقة القضائية بسبب آرائه ومواقفه. هذا من حيث المبدأ.
أما من حيث ما جاء في المشروع وما نص عليه، فإن هناك ملاحظات يمكن إبداؤها، سواء من حيث الصياغة القانونية واللغوية أو مضمون المواد ونصوصها.

مقدمة تلتهم جزءً كبيراً من مشروع لا يجوز تعديله
لنبدأ من المقدمة التي تبدأ بعبارة: نحن شعب غربي كردستان، والتي تعني سكان غربي كردستان أي المقبمين في المناطق الكردية بمختلف بمكوناتهم الدينية والإثنينة من كرد وغيرهم. لكن المقدمة تتحدث عن الكرد فقط ولا تتطرق إلى ذكر غيرهم، وهو ما يوحي أو ما يمكن تفسيره على أنه استبعاد للمكونات الأخرى من الشعب أو اعتبارهم كرداً، وهو ما لا يتوافق مع مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان الأساسية، بل حتى ما نص عليه "العقد الاجتماعي" بحد ذاته. لذا كان يجب ذكر غير الكرد أيضا في المقدمة أو استبدال شعب غربي كردستان، بعبارة الكرد أو الشعب الكردي في غربي كردستان. نبقى مع المقدمة التي جاءت طويلة جداً (أكثر من 600 كلمة بما يساوي ثلث حجم الدستور تقريباً) تتضمن سرداً للتاريخ الكردي من وجهة نظر معينة، وهو ما لا يستقيم مع مقدمة الدساتير. فقد اطلعت على العديد من دساتير الولايات والأقاليم ضمن الدول الاتحادية من بينها دستور إقليم كردستان العراق وبعض الولايات الأمريكية والألمانية وغيرها، لم أجد أياً منها ينص على سرد تاريخي طويل هكذا، يستهلك جزءً كبيراً من الدستور!!. أما تسمية الدستور وكما جاء في مادته الأولى "بالعقد الاجتماعي"، فإنها تذكرنا وتعيدنا إلى مرحلة ما قبل الأنظمة الديمقراطية والدساتير الحديثة، فنظرية العقد الاجتماعي، وهي قديمة من أبرز فلاسفتها توماس هوبز وجون لوك وجان جاك روسو، جاءت في مرحلة سابقة لتقييد السلطات المطلقة التي كان يمتكلها الحكام، وعلى أساس هذه النظرية وضعت الدساتير الحديثة لتقنيين صلاحيات وواجبات السلطة وتنظيم أمور الدولة. فلا أدري لماذا أطلق على هذا المشروع اسم العقد الاجتماعي وليس الدستور كما هو متعارف عليه ومستقر قانونياً وسياسياً؛ فهل هو فقط للتميز الشكلي وإثارة الجدل! أم هناك أسباب أخرى؟
تنص المادة الثانية على أنه "يسري مفعول هذا العقد في مناطق غربي كردستان ولا يجوز تعديله في المرحلة الانتقالية" أي أنه ثابت لا يمكن تغييره. وهو ما يتناقض مع ما يشاع من قبل أصحابه على أنه مجرد مشروع للنقاش، ما يعني أنه قابل للتعديل والتغيير على ضوء المناقشات والاقتراحات (خاصة من قبل رجال القانون) وتغير الظروف، قبل طرحه للاستفتاء الشعبي وإقراره.
أما المادة العاشرة فجاء فيها أن "لمناطق الادارة الذاتية وحدات للحماية الذاتية تسمى وحدات حماية الشعب، تحدد مهمتها في حماية الحدود الدولية لسوريا ومحاربة الإرهاب ضمن مناطقها.." ماذا يعني "محاربة الإرهاب ضمن مناطقها"؟ أي إرهاب الداخلي أم الخارجي، أم إرهاب المنظمات التي تمارس الإرهاب على المواطنين؟ وما هي وظيفة الشرطة التي لم يأت "العقد الاجتماعي على ذكرها أبداً لا من قريب ولا من بعيد، هل ستحل "وحدات الحماية الشعبية"، التي هي بمثابة الجيش محل الشرطة أيضاً؟ إن عبارة "محاربة الإرهاب" مطاطة وخطيرة جداً يمكن إساءة استعمالها من قبل السلطة بكل سهولة لمحاربة معارضيها وقمعهم، وهي تهديد للديمقراطية وممارسة الحريات التي يكفلها القانون وهذا العقد نفسه.

خلط بين الحق والحرية
في الباب الثالث: الحقوق والحريات، هناك ارتباك والتباس في الصياغة وخلط بين الحق والحرية. مثلا، المادة السابعة عشرة تنص على "ضمان حق التنقل والانتقال داخليا وخارجيا لكل مواطن" الضمان يعني الكفالة، الدولة لا تتكفل بممارسة المواطن لحق التنقل، وإنما تكفل له حريته في التنقل داخل وخارج البلاد، فلا تحرمه من جواز سفره ولا تمنعه من السفر خارج البلاد مثلاً، كما تضمن له حرية التنقل وتغيير مكان إقامته حيثما شاء.
أما المادة الثامنة عشرة فتنص على أن"للجميع حرية الحق بالأمن والتعليم والعناية والضمان الصحي والضمان الاجتماعي ...". هذه الجملة مرتبكة ومغلوطة. فالمعروف أن للمواطن الحق في أن تضمن السلطة أمنه وأن تؤمن له التأهيل والتعليم والرعاية الصحية والاجتماعية، ليس هناك شيء في القانون واللغة القانونية اسمه حرية الحق. وتتابع المادة: "ويضمن العقد توفير الرفاه وفرص العمل وترعى الأمومة والطفولة"، كيف يمكن لدستور أن يوفر فرص العمل والرفاه للمواطنين...؟!! السلطة هي التي عليها أن تقوم بذلك من خلال المشاريع الاقتصادية وجذب الاستثمارات وإقامة المشاريع التنموية و... وليس الدستور، الذي ينص على حق المواطن في التعليم والعمل وغيره من الحقوق الأساسية، ويلزم السلطة بتمكينه من ممارستها.
نبقى مع الحريات والواجبات، لنرى شيئاً عجيباً وغريباً، لم أطلع على ما يشبهه في دساتير أخرى. إذ أن المادة التاسعة عشرة تنص على أن "للجميع حرية الحياة بهوية الولادة أو الهوية التي اكتسبها طوعا فيما بعد (الاثنية – الجنسوية – المذهبية – الدينية – الثقافية – اللغوية)" هل هناك أحد يستطيع اختيار هويته الاثنية، ألا يكتسبها المرء من الولادة، فهل هناك من اختار أن يكون كردياً أو عربياً أو أشورياً أو غير ذلك بإرادته أم أنه يولد هكذا كما والداه؟! ثم هل هناك أحد يختار جنسه، هل هناك من اختار أن يولد ذكراً أم أنثى؟ فالجنسوية تدل على النوع أي الـ Gender بالانكليزية. أعتقد أن هذا الارتباك والخطأ والخلط جاء نتيجة ضعف لغوي واستخدام عشوائي للمصطلح. المادة التالية ايضاً كذلك، إذ جاء فيها: "للجميع حرية الحياة والحماية الشخصية والتي تتناسب مع التوازن الإيكولوجي ضمن مجتمع بيئي". نعرف أن للمواطن الحق في الحياة والحماية الشخصية، لكن ماذا يعني أن تتناسب هذه "الحرية" مع التوازن الايكولوجي في مجتمع بيئي؟! بحثت في الأمر بعض الشيء لم أجد معنى ولا مثيل له حتى لدى بعض المنظمات المدافعة عن البيئة أو حزب الخضر. إن نص المادتين التاسعة عشرة والعشرين، يبدو وكأنه مترجم من لغة أخرى بشكل ركيك بمساعدة موقع محرك البحث غوغل. أيضاً المادة السابعة والعشرون غامضة وغير مفهومة بنصها على "حرية الهوية القومية"، فهل لأحد أن يختار هويته القومية؟! المرء يمكن أن يختار جنسية أخرى أو لغة أخرى يستخدمها بدل لغته الأم وليس قومية أخرى.

تصويت سري وصوت الرئيس مرجح
أما بشأن التمثيل في البرلمان، فتنص المادة الحادية والثلاثون على أن نسبة "التمثيل 40% للجنسين ووفقا لقانون الانتخاب" أي أن 40 % من أعضاء البرلمان من الإناث و 40 % من الذكور والمجموع 80 %، ماذا بالنسبة لـ 20% الباقية؟ هل ستكون من جنس ثالث!!
يبدو أن مجلس غربي كردستان الذي طرح المشروع، يريد أن يسقط تجربة "حزب الاتحاد الديمقراطي" الحزبية على الدستور والبرلمان مستقبلاً، ففي المادة الثانية والثلاثين جاء أنه "لا يحق للرئاسة المشتركة للمجلس أن يرأس المجلس أكثر من دورتين متتاليتين..." من المعروف أن للبرلمان رئيس ونائب أو أكثر، أم أن تكون رئاسة مشتركة فهذا ما لم يرد في دستور من قبل حسب معلوماتي. ماذا يعني ذلك، هل سيشترك حزبان أو كتلتان برلمانيتان في الرئاسة؟ أظن أن هذه الفقرة مستوحاة من تجربة الحزب حيث هناك رئيسان، رجل وامرأة. إذا كان الأمر كذلك، فإنه مؤشر خطير، يدل على أن المجلس يريد أن يفرض نموذجاً حزبياً على السلطة ومؤسساتها الدستورية. ما يمكن أن يؤدي إلى اختصار السلطة في الحزب ثم في هيئة حزبية حتى يصل إلى القائد والتماهي بينه وبين السلطة، وأن يخُتصر الوطن في الحاكم، كما يحصل في الأنظمة الديكتاتورية. أرجو ألا يكون الأمر كذلك ويراجع واضعو "العقد الاجتماعي" أنفسم ويأخذوا مثل هذه الأمور والمخاوف بعين الاعتبار. فالنظام السياسي والوطن أسمى من الأحزاب والقادة مهما علا شأنهم، فلولا الوطن والمواطن لما أصبحوا قادة وذوو شأن.

حكومة أكبر من حكومات الدول العظمى
بالنسبة للحكومة وتشكيلها تنص المادة التاسعة والثلاثون على أنها تتكون من رئيس و21 وزيراً مع تحديد أسماء الوزارات. بالتمعن في هذا الرقم يتبارد سؤال إلى الذهن فيما إذا كان الاقليم فعلاً بحاجة إلى هذا العدد من الوزراء، الذين حتما سيكون لهم نواب ويتبع كل منهم جهاز إداري بيروقراطي كبير. هذا ناهيك عن أنه يفتح الباب أمام المحاصصة وإرضاء البعض، خاصة من الحلفاء، ببعض الحقائب. والجدير بالذكر أن عدد وزراء الحكومة الألمانية 10 وزراء ومستشار يرأسها، وفي اليابان ينص دستورها على أن عدد الوزراء يجب ألا يتجاوز الـ 14 وزيراً، وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية لديها 14 وزيراً فقط، فهل "مناطق الإدارة الذاتية" بحاجة لعدد من الوزراء يفوق عدد وزراء الدول العظمى؟!
وفيما يتعلق برئيس الحكومة تنص المادة الأربعون على أنه ينتخب من البرلمان بالانتخاب السري والمباشر، وفي حال تساوي أصوات مرشحين أو أكثر يعاد الاقتراع أيضاً سرياً، لكن في هذه المرة يعتبر صوت رئيس البرلمان مرجحاً، والسؤال مادام الاقتراع سرياً ومباشراً كيف سيُعرف صوت الرئيس ولصالح من صوت؟ أم أنه يصوت بشكل علني استثناءً، مخالفاً بذلك الأعضاء الآخرين والدستور؟.
بعد السلطة التشريعية (البرلمان) والتنفيذية (الحكومة)، تنص مسودة "العقد الاجتماعي" على تشكيل وصلاحيات السلطة القضائية. التي تتألف وكما جاء في المادة الثامنة والأربعين، من: "1- ديوان العدالة العليا،2- محاكم الشعب الأستئنافية .3- محاكم الشعب درجة أولى، 4- النيابة العامة، 5- المحاكم العسكرية".
تسمية المحاكم هكذا، أي إلحاق كلمة الشعب بها تذكر بالمحاكم الثورية والشعبية التي تشكلها الأنظمة الثورية الديكتاتورية. والتي كانت أداة القمع "الشرعية" للشعب وللمعارضة، وباسمها ارتكبت أفظع الجرائم في التاريخ. هذه التسمية والإكثار من ترديد كلمة الشعب والسلطة الشعبية والمجالس الشعبية ومرادفاتها، تعيد إلى الأذهان الكتاب الأخضر وصاحبه الديكتاتور الراحل معمر القذافي. طبعاً هذا الكلام لا يعني أبداً تشبيه السلطة المستقبلية لمناطق الإدارة الذاتية والقائمين عليها ومن يحضّرون لها، بنظام "الجماهيرية العظمى" أو ديكتاتورها القذافي. ولكنها تثير المخاوف والقلق بشأن المستقبل، الذي يجب أن يبنى على أسس ديمقراطية مدنية حضارية، ومحاولة سد الثغرات التي يمكن أن يتسلل منها متعطشو السلطة الذين يمكن أن يسيئوا استخدامها واستغلالها لممارسة الاستبداد.
كذلك المحاكم العسكرية، ما الحاجة إليها، وهي تعتبر استثنائية، مادام هناك القضاء العادي والقضاة المأهلون الذين يستطيعون الفصل في القضايا العسكرية والمدنية على السواء؟ فمعروف أنه حيثما تكون هناك محاكم عسكرية، هناك قمع واستبداد ويتم توسيع صلاحياتها لتشمل المدنيين وخاصة من المعارضة السياسية. لذا من المستحسن عدم تاسيس محاكم عسكرية والاكتفاء بالقضاء العادي المدني.

سقوط مادة من المشروع
كانت هذه قراءة لبعض مواد "مسودة العقد الاجتماعي (الدستور) في غربي كردستان التي أعدت من قبل "مجلس شعب غربي كردستان" من حيث المضمون وما جاء فيها. أما من حيث الشكل والصياغة كان هناك ارتباك وركاكة واضحة في العديد من المواد، سواء من حيث الأخطاء اللغوية النحوية والإملائية أو الصياغات والمصطلحات القانونية والدستورية المتعارف عليها بين رجال القانون وفقهائه. ويكفي أن نقرأ على سبيل المثال المواد: 18 و19 و20 لنتبين الضعف والركاكة في اللغة والصياغة. ويبدو أن أصحاب المشروع كانوا على عجلة من أمرهم فلم يراجعوا ما كتبوه، إذ سقطت المادة الثالثة والثلاثون من المشروع، فانتقلوا من الثانية والثلاثين إلى الرابعة والثلاثين مباشرة، وقد راجعت أكثر من نسخة منشورة في أكثر من مواقع الكتروني، ظناً مني أنه خطأ من الموقع، لكن تبين أن هذه المادة غير موجودة فعلاً!! أظن أنها سقطت سهواً، وهذا أيضاً يدل على عدم الدقة والتمعن والتفكير والمراجعة.

إن نشر وتعميم مثل هذه المسودة المليئة بالأخطاء والثغرات القانونية واللغوية، يعطي انطباعاً سيئاً جداً يوحي بأن من كتبوها ليسوا حقوقيين ولا علاقة ولا خبرة لهم في مجال القانون الدستوري ولم يطلعوا على تجارب ودساتير أخرى.
لابد من طرح مشروع دستور آخر يكتبه رجال قانون ذوو خبرة من المحامين والقضاة والباحثين، وهناك الكثيرون منهم بين الحقوقيين الكرد. كما لا بد من الاستعانة بخبراء في مجال القانون الدستوري وحقوق الانسان بالإضافة إلى لغويين يتقنون صياغة النصوص القانونية. كما ومن الضروري التوافق بين مختلف الفعاليات السياسية والاجتماعية والمدنية في المنطقة التي سيطبق فيها هذا الدستور (غربي كردستان) على المبادئ العامة والأساسية للدستور، ومن ثم تشكيل لجنة لصياغته وكتابته.
نأمل أن يسحب مجلس شعب غربي كردستان مشروعه وعدم عرضه للتصديق من قبل الهيئة الكردية العليا ولا للاستفتاء الشعبي ولا إقراره.

________________________
عارف جابو: مسؤول العلاقات العامة وعضو اللجنة القانونية في المركز الكردي للدراسات والاستشارات القانونية - ياسا



#عارف_جابو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واشنطن تدعم طروحات المجلس الوطني الكردي بشأن الأزمة السورية ...
- الاستبداد بين ياسمين تونس وغضب مصر
- المرسوم رقم 49 ومعاناة الكرد الاقتصادية في سوريا أمام المنتد ...
- حق تقرير المصير حلم كردي
- السياسة تغلب العدالة... ماذا بعد حظر حزب المجتمع المدني
- المنتدى الدولي للأمم المتحدة حول الأقليات والقضية الكردية في ...
- الانتخابات التركية: هل ستخرج البلاد من أزمتها؟
- هل ستنجح استراتيجية بوش الجديدة في العراق؟
- الامنستي لديها خبراء يدققون في كل صغيرة وكبيرة قبل نشرها # ح ...
- جمهورية مهاباد ضحية النفط والمصالح الدولية
- القانون الدولي و موقف الدول المجاورة من الفيدرالية العراقية
- أسير حرب أم مجرم حرب؟ اشكالية محاكمة صدام حسين
- حوار مع السيد محي الدين شيخ آلي سكرتير حزب الوحــدة الديمقرا ...


المزيد.....




- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...
- الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي بشبهة -رشوة-
- قناة -12-: الجنائية ما كانت لتصدر أوامر اعتقال ضد مسؤولين إس ...
- الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية بمستشفيا ...
- مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: أعداد الشهداء بين الأبرياء ...
- لازاريني: 160 من مقار الأونروا في غزة دمرت بشكل كامل
- السفارة الروسية لدى واشنطن: تقرير واشنطن حول حقوق الإنسان مح ...
- غرق وفقدان العشرات من المهاجرين قبالة سواحل تونس وجيبوتي


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عارف جابو - مسودة دستور غربي كردستان.. مشروع مثير للجدل والتساؤل.. قراءة حقوقية