أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الناصر لعماري - لماذا لا أؤمن بالله













المزيد.....

لماذا لا أؤمن بالله


الناصر لعماري

الحوار المتمدن-العدد: 4150 - 2013 / 7 / 11 - 20:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أستطيع أن أقول وبكل صراحة، أني غير مستعد للموت من أجل أفكاري. فالأفكار وحتى المعتقدات من الممكن أن تتغير، فقط عندما تتوفر الظروف الملائمة لذلك. أنا الآن أرفض الإيمان بالله. لا يمكنني أن أعتقد في وجوده. ولكن هذا لا يعني أني أؤمن بعدم وجوده، فعدم الإيمان بوجود شيء لا يعني بالضرورة الإيمان بعدم وجوده. يعني باختصار لا يوجد سبب مقنع واحد يجعلني أؤمن بوجود الله. هذا الاعتقاد يسبب الكثير من المشاكل لصاحبه حتى وان كان يعيش في أمريكا وليس في الشرق الأوسط حيث يكون الاختلاف عيبًا، فما بالك بالكفر بالله.

يظن الكثيرين أن الملحدين أو اللادينين لديهم منظومة عقائدية أو تفسير مقنع للوجود. على العكس -ولا ينبغي لي هنا أن أعمم أحكامي الشخصية على بقية الملحدين أو اللادينيين- فأنا لا أهتم مطلقًا بإيجاد تفسيرًا لوجودنا على هذا الكوكب، وجل ما اهتم به هو حياتنا الحالية وما يحدث بعد الموت فلا شأن لي به. كل ما يزعجني هو كل هذه السنوات التي ضيعتها من عمري مؤمنًا بأفكار تافهة وأساطير لا تصلح لأن تكون حواديت ما قبل النوم. وعلى جانب ذلك أحسست ببعض الإحباط عندما خرجت من “حظيرة الإيمان” (لا حظ التسمية) إلى حرية التفكير. لأنه وبصراحة فإن الأديان تعد المؤمنين بها بالخلود. والخلود فكرة جهنمية لا أعرف كيف انطلت على متبعي الأديان أنفسهم مع أن هناك من الأساطير والقصص العديدة التي يأتي فيها الشيطان إلى أحد البشر ويعده بالخلود الأبدي في سبيل أن يتخلى عن روحه. فيتخلى المؤمن هنا لسدنة الأديان عن حياته كلها في سبيل حياة أخرى بعد الفناء.

لا اعتقد اني مؤمن بالفطرة. حتى في أشد حالات التدين التي مررت بها، قد خالطني الشك بطريقة أو بأخرى. دائمًا ما كنت أبحث عن تفسيرات لهذا القصص الدينية وهذا الشكل الدرامي المحكم للأحداث. كما وأن القصص السردية الدينية تأتي على شكل عجائبي خرافي لا يمت للواقع بأية صلة. فترى الملائكة لديها اجنحة عظيمة تسد ما بين المغرب والمشرق. والأجنحة لزوم الطيران وإلا فكيف “ستنزل” من السماء إلى الأرض ثم تعود مرة أخرى؟ وهذا ما بين الحصان والدابة وله جناحان هو الآخر ولابد وأن يركبه النبي لكي يصعد عند الله في سدرة المنتهى وعند عرشه الذي هو على الماء ويحمله ثمانية من الملائكة الشداد العظام، وفي الطريق تحدث له أشياء تعجز أن تقرأها في ألف ليلة وليلة. فقط حاول أن ترسم هذه الصورة في ذهنك وستجد صورة أقرب إلى لعبة الفيديو age of mythology.
وهذا ما وصلت إليه في آخر المطاف. أنه إذا أمعنا النظر في كل هذه الأديان لوجدنا ذلك الإله الجبار القادر على كل شيء والعالم بكل شيء يلعب بنا كما يلعب الطفل الصغير لعبة على البلاي ستيشن. وجدتها فكرة ممتازة أن أحاول أن اتقمص دور هذا الإله محاولاً فهم نفسيته وكيف يفكر. وجدت أن الإله كان الله في عونه. فهو يعلم كل شيء، فلا يوجد غموض، وهو قادر على كل شيء، فلا وجود للفشل في حياته. كما أن تحت يديه خزائن الأرض، وهو بذلك ليس بمحتاج، ولديه من الملائكة من يطيعونه بدون التفكير في أوامرهن فلا يوجد له ند أو متحد لإرادته. حتى وإن كان البشر يعصون أوامره فإنه قد علم بذلك مسبقًا ولا يمكن للبشر أن يعصونه إلا إذا أذن لهم هو بذلك، وبذلك يسير الكون كله بمشيئته. حاولت تخيل نفسي مكانه فأصاباني الملل والاحباط. ثم تنبهت إلى ان ما من مخرج من حالة الملل والاحباط هذه إلا أن أبدأ في ارسال الرسل إلى بني البشر الذين لم يتنبهوا بسبب غفلتهم لوجودي، واعد المؤمنين بي بالجنة وأبعث الكافرين بي إلى النار الأبدية عقابًا لهم على كفرهم وليذيقوا بعضًا من عذاب الملل الإلهي اللانهائي هو الآخر. إذن كان لا بد لهذا الإله القدير العليم البصير والوحيد والذي ليس له زوجة ولا أطفال كما قال هو عن نفسه، كان لا بد له من ملهاة تسليه وتملأ عليه وقت فراغه، فخلقنا نحن البشر حتى يتسلى بمعاناتنا على هذا الكوكب الحجري.

ثم افترضت جدلاً ان هذا هو الواقع الأليم وهذا قدرنا الذي أوقعنا في هذه الورطة مع هذا الإله السيكوباتي، وأنه لا مفر من الإيمان به وبخزعبلاته أملاً في النجاة ودخول الجنة مع الأبرار والقديسين والأنبياء وممارسة الجنس لمدة أربع وعشرين ساعة مع قبيلة صغيرة من العذارى والمخنثين. غير ان طلباتنا ستكون مجابة بمجرد أن تطرف أعيننا. وسنملأ بطوننا خمرًا وحليبًا وعسلاً وفاكهة، نتلقى كل هذا ونحن مستلقين على أرائكنا بدون نصب أو تعب. لا مجال في الجنة للقلق أو الخوف أو التساؤل أو حتى التفكير لأن ساعتها ستكون قد انكشفت كل الحقائق فلن نكون في حاجة غلى التفكير في الجنة. وإن كانت كل طلباتك مجابة بمجرد أن تخطر على بالك فلا مجال حتى للأمل. سوف تختفي الكثير من المفردات اللغوية في الجنة لأنه لن يصبح لنا حاجة بها. ستختفي كل الكلمات السلبية وتصبح كل مفرداتنا إيجابية.

افقت وفكرت قليلاً وقلت في نفسي ان هذه الحالة أشبه -بل هي مطابقة- بحالة النشوة بعد سيجارة حشيش أو شمة هيرويين أو حقنة من الماكستون فورت. انها حالة غياب عن الوعي. سوف تنهار مشاعرنا الانسانية -كما عرفناها- في هذه الجنة. ان ما اعرفه عن كوني انسان يتحدد بمعاناتي. ان ما اعانيه هو ما يشعرني يوجودي. أنا لا أريد هذه الجنة الأبدية من تبلد المشاعر والاحاسيس. هذه الجنة سوف تكون مملوءة بما يشبه الروبوتات أو من ذهبت عقولهم. لن يكون هناك بشر، فقط مسوخ على هيئة البشر. وهنا أدركت انه إذا كان هناك بالفعل هذا الكائن الخرافي الذي سيحكم على كل الكافرين به بالعذاب الأبدي، فهذا بالضبط ما اريده. أريد أن أشعر بوجودي. كما أن وجودي هو عذابي الأبديـ وإن كنت سأعذب إلى الأبد فسأكون موجودًا إلى الأبد.



#الناصر_لعماري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل كان صلعم زاهدا حقا ?
- محمد ليس عربياً!
- سلامات سبينوزا العرب -العفيف الأخضر-
- كيفية تأليف المذهب وإختلاق الفروقات
- التراث الاسلامي
- الديانه المزدكية
- في نشأة الجدل العربي حول العلمانية
- اصل الصليب
- تحريف التنبؤات من أجل يسوع
- الإعتقادات الذكورية عن المرأة
- المثلية الجنسية في العالم العربي
- الانظمة أم الإسلاميين ؟ الصلاعمة و السياسة
- محمد والصعاليك
- الكون حسب التصور الإسلامي
- قصة مضحكة مخرجة عن الإسلام
- الأميش .. طائفة توقف عندها الزمن منذ ثلاثة قرون
- مسرحية محمد
- دموية الاسلام .. الرده نموذجا
- اقوال حول الاله والدين
- مفهوم المؤسّسة الزوجية بالنص القرآني


المزيد.....




- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الناصر لعماري - لماذا لا أؤمن بالله