أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد ناجي - لقاء مع الفنان طالب غالي















المزيد.....

لقاء مع الفنان طالب غالي


محمد ناجي
(Muhammed Naji)


الحوار المتمدن-العدد: 1188 - 2005 / 5 / 5 - 12:56
المحور: الادب والفن
    


للفنان طالب غالي تجربة ابداع فني تستحق أكثر من وقفة . وهي جديرة بالتقدير والتقييم والدراسة ، منذ بدأت في ستينيات القرن الماضي على ضفاف شط العرب ، ونضجت بعد أن امتدت ، في زمن مضى ، بالطول والعرض فوق تضاريس المنفى والألم العراقي . وفي الزمن الجديد ، في رحلتنا نحو الفرح ، أخذت ترتدي حلة من التألق وتعود ، كما بدأت ، لتتطهر بماء الفراتين ، وتواصل العطاء ...

** المسيرة طويلة ، كيف بدأت ؟
- بدأت من تراكم مفردات الحياة ، من كلمة رقيقة ، من هدهدة تنويمة حنونة ، من تغريدة عصفور ، من نقرة خفيفة على أبواب الطفولة ، من سماع أغنية أم تهمس باذن وليدها بشجن جميل ، من صرخة ألم تمر مثل خطفة جناح ، من تقاطع الالوان واشتباك الضياء بالظلام ، من سؤال يثير دهشة طفل ، من قراءات أمي ( الملّة ) ، التي قرأت لي ، مرة ، بعض ابيات من قصيدة للشاعر عنترة العبسي ، فتركت في نفسي أثرا بيّناً ، بعد أن تغلغلت موسيقاه في جوانحي ، وما زلت أتذكر ذلك البيت :
سكتّ وغرّ أعدائي السكوتُ وظنوني لأهلي قد نسيتُ
وهكذا ابتدأ الشغف يتصاعد بي لقراءة الشعر والقصص ، ومع القراءة ، انبثقت موهبة الشعر ، فكان لي الأليف الجميل ، حتى تمكنت من طبع ديواني الأول ( حكاية طائر النورس ) عام 1974 ، ولديّ الآن مجموعة قصائد لم تنشر بعد . أما الموسيقى فهي التوأم الطبيعي للشعر ، تتعانق وتتمازج معه وتتصاعد مكونة لوحة ، وعالما جديدا . وهكذا أنا ، تشدني الموسيقى تارة فأدنو منها لتحضنني ، ويأخذني الشعر تارة أخرى لأحلق في سماواته . وفي الموسيقى ابتدأت بتلحين وغناء بعض الاغاني العاطفية وقدمتها على مسارح البصرة . وكانت لي مشاركة في اوبريت (بيادر خير) ، لكن أهم الأعمال التي قدمتها كانت اوبريت ( المطرقة ) وهوعمل موسيقي بارز ومهم قدمته الفرقة البصرية على قاعة الخلد عام 1970 ولاقى حينها نجاحا ملحوظا . كما قدمت مسرحيات غنائية كثيرة أهمها ( العروسة بهية ) .
وبعد هجمة النظام البائد على القوى الوطنية والديمقراطية ومحاربة الافكار والتطلعات التي لا تتفق وتوجهات السلطة ، غادرت البصرة الى الكويت . وهناك كانت سنوات العطاء الفني المتميز ، فالتقيت بالفنان فؤاد سالم الذي رافقني في مسيرتي الفنية ، وكان الصوت الحقيقي والمعبر بابداع واحساس جميل عن كل الحاني . وقدمنا معا أغان عاطفية ووطنية ، أهمها روائع السياب ( غريب على الخليج ) و ( أنشودة المطر ) و ( دجلة الخير ) للجواهري . كما قدمت ثلاث مسرحيات غنائية للأطفال منها مسرحية ( سندس ) التي فازت بالمرتبة الاولى في الاخراج والتلحين والنص . ولكن النظام البائد لاحقنا حتى في الكويت فاضطررنا للرحيل الى الاردن ، وبعدها الى موسكو ومنها الى الدانمارك ، التي أقيم فيها منذ عام 1992 ، وأستمر في التواصل مع الوطن في همومه وجراحاته وتطلعاته من خلال اغنيات تحمل في ثناياها الحنين وحب الوطن والدعوة لإعادة بنائه بالتسامح والوحدة الوطنية ، وقدمت أغنيات سالم المرزوق للشاعر سعدي يوسف ، وقصائد للصكار ، وكريم كاصد ، وعدنان الصائغ ، وآخرون ..
وبعد سقوط نظام الطغيان أنجزت العديد من الاغاني ، وقدمت احداها من على شاشة قناة الفيحاء وهي أول أغنية تبشر بالفرح قدمت في العهد الجديد وهي من كلمات الشاعر خلدون جاويد :
قلبي عراق أحلى فجر والورد من ألواني
والشمس عدنا منوّرة وفستانها رُمّاني
والبصرة من شوقي نبع والهوى كردستاني
ولديّ أغاني عاطفية جميلة كتبها الشاعر خلدون جاويد تنتظر دورها كي تلتقي بكل العشاق والحالمين بغد أفضل يتمكن فيه الانسان من التحليق في سماوات صافية اليفة خالية من سحب القهر السوداء ... وهكذا فالمسيرة مستمرة .
** البصرة ! مدينة إبداع على مر تأريخها . ما سِرّها ؟
- لكل مدينة أسرارها وسفرها الخاص ، لكن البصرة تتميز عن غيرها من المدن موقعا وتأريخا وعطاء ، فحملت أسماء عديدة منها ( بصرياثا ) وهو اسم آرامي و( بالميرا ) أي مدينة النخيل وهو الاسم التي الذي اطلقه عليها الاسكندر المقدوني ، واكتسب اهلها الوداعة والطيبة من عطاء نخلها ومياه انهارها فأتصفوا بالكرم والمرح .
البصرة مدينة وادعة تفتح ابوابها للوافدين وتمنح حبها بتلقائية ويسر ، ولا تجعلهم يتعبون من الدوران حول اسرارها حائرين مترددين . البصرة مدينة حالمة تستقبل صباحاتها الشمس والندى وهي العناق والملتقى السرمدي لنهري دجلة والفرات ، فتشرب من ماءهما العذب وتغسل قدميها بماء البحر ، وعبره انفتحت على حكايات البلدان البعيدة التي حملتها اليها سفن السندباد من أساطير وفلسفات بلدان أخرى ، فاستقبلت حضارات وثقافات واقوام مختلفة عبر العصور ، وتفاعلت معها لتنشأ على ارضها حركة المعتزلة التي كان على رأسها حسن البصري وحركة اخوان الصفا ، وتشكلت فيها مدارس للنحو واللغة وعلى رأسها الفراهيدي ومدارس للأدب والفلسفة وبرز فيها الجاحظ والأصمعي وبشار بن برد... وغيرهم ، كما كان سوق المربد القديم منتدى شعري يلتقي فيه الشعراء لقراءة قصائدهم ويطرحون فيه آرائهم وحواراتهم في القضايا الاجتماعية والسياسية . وظلت البصرة مسرحا لكل التفاعلات الفكرية والادبية وأرضا خصبة تنبت الابداع في مجال الحكمة والزهد والفلسفة . ومدينة هذا نبضها وتراثها وتاريخها وابداعاتها يشفع لها ان تتقدم المدن والحواضر الاخرى ، فهي تزهو بمبدعيها من ادباء ومفكرين وفنانين فهي مدينة السياب ، وسعدي يوسف والصكار وكريم كاصد ومحمد خضير وياسين النصير وفيصل وعفيفة لعيبي وقاسم حول ومحمود عبد الوهاب ومصطفى عبد الله ومهدي عيسى الصكر وكاظم الحجاج وحميد البصري وفؤاد سالم وآخرون ، وتتوالى أجيال جديدة تحمل رايات الابداع في مختلف الميادين ، لتظل البصرة مدينة عطاء وتجدد .
** هل عدت والتقيت بها ؟ وكيف وجدتها ؟
- نعم ، زرتها قبل سنة . كان استقبال الأهل والأصدقاء لنا بالدموع والهلاهل والعناق قد حال دون احتضاني لها أولا ، وتعرفها عليّ ، وبعد ان اتجه الموكب بنا الى داخل البصرة كنت انظر من خلال غلالة شفيفة من الدموع الى سماءها وربوعها وشوارعها . شعرت بها هي الاخرى تغص بالدموع وكأنها قصيدة شعر حزينة ماتت الضحكة على شفتيها . الارض كالحة ووجوه الناس يلفها الوجوم وفي العيون يرقد أسى وحزن عميق . والانهار تلك التي كانت تجري زلالا وتنساب بين بساتين النخيل مطمئنة رقراقة رأيتها وقد غطت شواطئها النفايات واطارات السيارات ويغطيها وقود المحركات . شارع الكورنيش شارع العشاق الذي يعانق شط العرب ويطل عليه بحميمية والفة اضحى لوحة بائسة وقد تراكمت على ارصفته الاوساخ والفضلات وغطت وجهه المشرق الجميل ، ألا يدمي القلب مثل هذا المنظر؟ لم تكن هي تلك البصرة الحالمة التي تبتسم بخفر عذري ، البصرة العذبة الجميلة ، مدينة الأفياء والظلال . لكنها تبقى مدينتي الحبيبة وستنفض عنها ركام الزمن والمحن والأنواء وتخرج مثل حمامة بيضاء تحلق في الأفق وتعود تستقبل ضيوفها ومحبيها بالورد والآس والرطب البرحي وبالابتسامة البصرية الحلوة .
** الملاحظ ضعف إن لم يكن غياب النشاط الفني الموسيقي في العراق ، ألا تؤمن بضرورة تفاعل الفنان مع الاحداث ؟
- بلا تفاعل لا يمكن ان تنتج مادة جديدة لحدث وواقع جديد . فكما تلاحظ ان هذا الوجود بكل تنوع مكوناته تشكل من تفاعلات وانصهارات وتراكمات متعددة لولاها لما اعطى شكلا ومواد جديدة . ولذا لو اسقطنا هذا التفاعل على الفنان ، بمعنى ان يعيش الحدث ويتشربه ، لرأينا ان عطاءه سيكون جديدا ورائعا ويجسد الحدث بصورة مبدعة رائعة . وانه بهذا يوثق الحدث ويؤرشفه تحركا وتأثيرا وتحولا ، فبدون التفاعل سيأتي العمل مسطحا خاليا من كل مذاق وبدون لون . وهنا أود ان اشير الى حركة النشاط الموسيقي في العراق حين زرته قبل عام ، فلم التق بأي نشاط فني موسيقي يعكس واقعا حيويا متحركا سريع التغير . في البصرة المدينة الزاخرة بالألوان الموسيقية والغنائية لا يوجد فيها ولا فرقة موسيقية ولا أي نشاط فني ! كنت أود ان أقيم حفلة غنائية لأقدم ماعندي من نتاج موسيقي غنائي للجمهور ، لم استطع ان افعل ذلك ، ابلغوني ان هناك من يترصد الفرق الموسيقية الغنائية ويعترضها ليحطم آلاتها ويهين أعضائها . هل تصدق ان البصرة ليس فيها ولا حتى اغنية تصدح بالفرح ورقصة تعبر عن البهجة ؟!
هناك حصار قاتل على الفن والفنانين في البصرة ، وليس هناك جهة تستطيع ان تفك هذا الحصار وتقف بوجه المد الظلامي والتخلف الاعمى . ربما في بغداد هناك بعض الفرق الخاصة التي تمارس هواياتها ، فبغداد أكبر من تهيمن عليها قوى الظلام . ولكن أين مؤسسات الدولة ؟ اين اذاعاتها ؟ اين مهرجان الاغنية والموسيقى ؟ أين مهرجانات الفرق الشعبية بألوانها الغنائية ؟ نحن نتأمل ان يتغير الوضع وتعود الدولة لممارسة دورها في تشجيع المواهب الادبية والفنية وتكرم الرواد منهم في مختلف النشاطات وخاصة الذين حرموا من تقديم نتاجاتهم لوطنهم وشعبهم ، نتيجة لملاحقتهم من قبل النظام السابق . وان تفتح ابواب المؤسسات الثقافية امام كل مبدع وتدعم كل القابليات وتؤسس مجددا لكل نشاط ابداعي .

** أعلنت وزارة الثقافة عن مسابقة لصياغة نشيد وطني جديد ، هل يمكن لهذا النشيد أن يكتبه أو يلحنه ، كما النشيد السابق ، غير أبناء الوطن ؟
- كيف يمكن لفنان أو شاعر أن يبدع عملا فنيا حقيقيا دون ان تكون هناك نوابض في الاعماق تحمل بعضا من أوليات العمل واحساسا عن تحركه صعودا وامتزاجا بالحالة أو الموضوع المراد ابداعه ؟ وان عملا كهذا يفترض ان يكون شاملا من حيث البناء الشعري والنغم الموسيقي ، لاسيما وانه سيكون نشيدا وطنيا لشعب له مكوناته واطيافه المتعددة وثقافاته المتباينة وله سيكولوجيته المتميزة والوانه الغنائية المتنوعة . ألا ترى معي بأن الذي تشرب دمه بشمس العراق ورائحة ترابه وتوضأ بأمطاره وتحمل معه آلامه ومعاناته واحتضن جراحاته وسافر معه في الحلم والمناجاة هو الأقدر على تجسيد عمل يحتوي كل هذا النبض الحقيقي ليأتي معبرا عن كل الارتعاشات الحقيقية وخفق الوجدان ؟ وهناك مثل يقول : الحمل الثقيل لا يقوم به الا أهله . وانا اقول ان عمل مثل النشيد الوطني هو عمل كبير لا يجيد كتابته وتلحينه غير ابنائه الذين تملحوا بترابه وحملوه بأحداقهم ونبض قلوبهم .

**علمنا انك ساهمت في مسابقة النشيد الوطني الجديد ، بكلمات ، كيف تصف العمل الذي قدمته كنشيد وطني عراقي ؟
- بداية انه ليس عملا مجردا انه مسؤولية خطرة واقتحام ومغامرة وانا ارتضيتها . والكلمات لا تكفي هنا للتحدث عنه ، فهو اضطرام واحتدام وتداخل عواطف ومناجاة وتاريخ وحضارة وطن وبطولات شعب واستلهام صور مشرقة واستشراف مستقبل . فكيف اصف لك كل هذا التداخل والانفعال والامتزاج الروحي بكلمات ؟ دعني أشرح لك البداية ومارافقها من حماس ولقاءات بيني والشاعر خلدون جاويد الذي أبدع كلمات النشيد . كان على الشاعر ان يكتب نصا شعريا يشتمل على ذكر حضارة العراق وعن القوميات المتعايشة على ارضه وان يؤكد على الوحدة الوطنية ووحدة تراب الوطن ويدعو الشعب لبناء عراقي جديد موحد من خلال العمل والتعاون والمحبة . وعلى الموسيقي الملحن ان يمنح هذا النص لحنا جميلا لا يتعدى زمنه الدقيقتين والنصف . بعد مخاض وتفاعل ابدع الشاعر خلدون في كتابة النص وباشرت بصياغة لحن يتلائم معه آخذا بالاعتبار المقام الموسيقي والايقاع المرافق له . لقد جذبني الشكل الكلاسيكي ووقعت في شباكه وانا مقتنع به ، وبعد ان انتهيت منه دمعت عيناي فرحا وتطلعا . وكان علي ان ارسل النشيد مسجلا على قرص مدمج خلال شهر . اتصلت بالفنان الموسيقي بيشرو الذي قام بتوزيع وكتابة النشيد وتسجيل موسيقاه عن طريق الكومبيوتر ، لأن تسجيله بواسطة فرقة موسيقية يكلف مبلغا لا استطيع تحمله ، وبحثنا عن ستوديو لتسجيل النشيد بأصوات المنشدين بعد ما تدربت المجموعة المتكونة من عائلتي أم لنا وسنا ومرفأ والاصدقاء باسم الانصار وماجد عبود ، وتم التسجيل وبدا لنا رائعا وانتابتنا فرحة عظيمة لانجازنا مساهمة ومشاركة جميلة لعيون الوطن . وارسلنا النسخة الى بغداد عن طريق الانترنت ونحن بانتظار ماتقرره اللجنة المختصة .

** لماذا إخترت كلمات الشاعر خلدون جاويد دون غيرها ؟
- كما ذكرت لك ، هناك لقاء متواصل بيننا وحوارات حول مختلف الاحداث والنشاطات الفنية والادبية وما يستجد على الساحة العراقية والعالم ، وما تفرزه الاحداث السياسية في وطننا الحبيب . ونحن كمجموعة نلتقي ونتحاور ونستمع الى احدث نتاج شعري وموسيقي ونتبادل وجهات النظر النقدية . ضمن هذا المدار نلتقي الشاعر خلدون جاويد والمخرج المسرحي حيدر ابو حيدر والمخرج السينمائي محمد توفيق والشاعر ضياء جمال الدين وغيرنا من عشاق الادب والفن ، وجرى الحديث عن المساهمة في كتابة نص شعري للنشيد الوطني ، وبما ان الشاعر خلدون جاويد من الشعراء المبدعين وله نتاج شعري غزير متمثلا بدواوين اشعاره العديدة والرائعة وله مكانته وتجربته الناضجة في الشعر والادب ومسيرته الطويلة وحضوره المتميز والفاعل . وبما ان لقاء الشاعر والملحن وتواصلهما معا ومناقشة النص يمكنهما من التوصل الى شكل ابداعي جميل كان من الطبيعي ان يكون هو الذي يكتب النص الشعري ولا حاجة للبحث عن شعر لغيره . وقد جاء النص جميلا متضمنا كل الابعاد التي تضمنتها شروط المسابقة والنص الجميل يمنح لحنا جميلا .
** سنوات الغربة ، هل لها أثر في أعمالك ، ومنها النشيد ؟
- من ذا الذي يستطيع ان ينفي أثر الغربة عليه سواء أكان هذا الانسان فنانا أو أديبا أو موسيقيا أو مفكرا او اي انسان آخر ؟ لكن أثر الغربة يتجسد في العمل الابداعي بصورة أوضح كالاعمال الادبية والاشكال الفنية وتواتر ونبض الانغام الموسيقية وخاصة في الاغاني . فالفنان الموسيقي والملحن يختار نصوصا ومواضيع تتلائم مع اختلاجات دواخله ومعاناته وتطلعاته كي يتمكن من التعبير عنها بصدق وابداع . لذا ليس غريبا ان اغلب النصوص التي اخترتها للتلحين ، تقع في دائرة الحنين للوطن والحلم باتجاه ان تنجلي عن سماءه الغيوم السوداء ويعود وطنا آمنا لأبنائه ، يعم ربوعه السلام والطمأنينة ، فتأتي الالحان محملة بالشجن وتعكس حنينا وفيضا روحيا وتساؤلا مجروحا ، ومخاطبة وجدانية لعيون الوطن ، وحيرة بين الانتظار وموعد اللقاء . للغربة فعلها المؤثر فأرض ليست ارضك لن تتعرف على ملامحك وسماء غير سمائك لن تتشرب صوتك ، لكن لها تأثيرا آخر تستطيع ان تعدّه ايجابيا ، وهو اطلاع الفنان على فنون وآداب البلد الذي يقيم فيه ، فيكتسب بعدا معرفيا وثقافيا يوسع من مدار تجربته ويعمقها ويغنيها . فأطلاع الفنان العراقي سيتأثر ايجابيا بأطلاعه ومعايشته لثقافة انسانية ابداعية جديدة يمكن لها ان تنعكس على اعماله القادمة .
** علمنا بأنك كتبت كلمات نشيد وقدمته للفنان حميد البصري لتلحينه ! ألا ترى في الامر مفارقة ؟
- لا ارى في الامر اية مفارقة ! فأنا اكتب الشعر واعايشه واتفاعل مع النغم واعشقه وهما يسكنان معا في اعماقي ، وبيني وبين الفنان حميد البصري علاقة تعاون وتواصل فني في مجال الاغنية وقد كتبت له نصوصا لأغان كثيرة واوبريتا شعريا وهو جاهز الآن للتقديم . وحين طلب مني كتابة نص شعري للنشيد الوطني كان ذلك امرا طبيعيا جدا واتفقنا على صياغته حسب ماورد في كتاب وزارة الثقافة . وبعد ان اكملت النص وارسلته للفنان حميد البصري ، ابدى بعض الملاحظات حوله فجرى الأخذ بها وتوصلنا أخيرا الى النص النهائي .

** من هو سالم المرزوق ؟
- ضمن الحالة التي عشناها سنين طويلة في احضان الغربة ونحن نحلم بالعودة للوطن ولقاء الاهل ، صرنا نحلم باتجاهات عديدة ونحاول ان ننفذ من خلالها الى ربوع الوطن حتى ولو في الحلم . وعند قراءتي لديوان الشاعر سعدي يوسف ، محاولا الالتقاء بنص شعري يتلائم والحالة تلك كي يأخذني للوطن ، يحملني على بيت شعر أوجناح قصيدة . فكان نص ( سالم المرزوق ) ، وهو الاكثر تلبية لجموح حنيني وتطلعي ، لقد حرك بي لواعج شتى ، فتعاملت معه بمودة وشجن واخترت له المقامات التي تتناسب والصورة الشعرية . سالم المرزوق هو النوخذة الذي يقود السفينة ويعرف مسالك البحر وحالات جزره ومده وانوائه . سالم المرزوق الانسان الطيب الذي يتحسس آلام الناس ومعاناتهم ويأتمنه الناس على اسرارهم والذي بامكانه ان يؤمن العودة للذي غادر وطنه قسرا . فهو الشخصية الشعبية الكريمة الوفية الطيبة ذات المروءة والنخوة والشهامة ، وما احوجنا اليوم اليه .
**ماذا تفعل الآن ؟
- أقرأ وأكتب ، اسمع موسيقى ، التقي بالاصدقاء ، اتابع احداث العراق بشكل متواصل . اتشظى احيانا أحلم اترقب خبرا جميلا انشط الذاكرة احيانا كي استعيد اياما كانت رائعة واصدقاء كانوا رائعين وديارا اعشقها . وكثيرا ما الوذ بعودي كلما اجتاحني حنين وشوق لعيون الوطن . مازلت ابحث وابحث عن نص شعري جميل اقوم بتلحينه . ما زلت انتظر الصباح الذي يضمني بعطر ازهاره وقطرات الندى في وطني الحبيب .... وما زلت أحلم .



#محمد_ناجي (هاشتاغ)       Muhammed_Naji#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل هذا زمن الصمت ؟
- احمد مختار يعزف في الجزائر
- مجرد سؤال
- لقاء مع الفنان فلاح صبار عن النشيد الوطني الجديد
- المواطن هو الحل
- المصالحة مع عروس الثورات !
- لا تضيعو هذه الفرصة !
- مقابلة مع الباحث القانوني محمد عنوز
- واخيراً ... للعدالة كلمة ! - لقاء مع القاضي العراقي السابق ز ...
- هايد بارك ...
- مجلس الحكم في بحر العواصف
- احفاد حسنة ملص ... مرة اخرى
- لقاء مع الباحث القانوني محمد عنوز
- من فضلكم... لحظة !
- تمنيات مواطن في آخر زمن المنفى
- من فضلكم... لحظة !
- تظاهرة لا للحرب لا للدكتاتورية


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد ناجي - لقاء مع الفنان طالب غالي