|
البحث عن الغائب الحاضر-12- رواية
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4102 - 2013 / 5 / 24 - 18:40
المحور:
الادب والفن
البحث عن الغائب الحاضر -12-رواية ************************* رن هاتفه المحمول ، تفحص شاشته ، وجد اسم رئيسه ،فتح الخط: -نعم سيدي ، خير ان شاء الله ؟ - يجب أن تلتحق بالعمل في اقرب وقت . صوت الرئيس كان جافا وحادا . كاد يبصق عليه لولا أن خوفه من أمانة ميكروفون الهاتف في نقل صوت البصق ردعه لكان فعل . -ولكن ما زال هناك يومان على رخصتي سيدي !!!! بصوت قاطع وحاسم رد عليه الرئيس : -لاتجادلني ،قلت لك عليك أن تلتحق الليلة بمقر عملك .هناك مهمة لايستطيع غيرك انجازها . -حاضر سأكون معكم خلال ست ساعات . أقفل الرئيس الهاتف ودخل احمد في غيمة الشكوك والهواجس والمخاوف ، " ربما كان الأمر يتعلق بلقائي مع مصطفى الصحفي . هل يمكن أن يكون مصطفى مخبرا ؟ . كيف غاب عني الأمر ؟ . كل الصحفيين مخبرون هنا وجواسيس ، ولا يتحركون الا بأوامر رجال المراقبة عن قرب ، حتى تلك المواضيع التي تحمل في مضمونها جرعة زائدة من الجرأة ، تكون مدروسة ولها أهداف محددة بدقة . فقد اشتغلت أنا ايضا على مثل تلك التقارير والأخبار " . كان يُحدث نفسه وهو يطل من شرفة منزله . " لكنني لست غبيا الى هذه الدرجة كي يخفي علي مصطفى سلوك العملاء ، فهم يعلمون أني كالمغناطيس اذا اقترب مني مسمار ما او أداة حديدية صغيرة الا واجتذبتهما " كان يحاول أن يواسي نفسه . بين السلب والايجاب يتموقع الانسان أحيانا ، في نفس الزمن وفي نفس المكان ، فتبقى النتيجة مرهونة بقوة التجاذبات . لكي تحدث بعض التوازن في شخصيتك لا بد وأن تعي كل قفزات النفس والذهن . أحمد يدرك أن كل شيئ ممكن ، ويعلم انهم يقدرونه في العمل ويعرفون قدراته ومستوى ذكائه العالي ، لكن " عقدة الخوف من تفوق الاخر " و" الاقرار بهذا التفوق " ،تجعلهم يوارون اعترافهم ويخبئون تقديرهم . أحمد يعي ذلك ، ويعي أيضا أنه وحيد داخل غابة من المصالح العائلية والقبلية وسط الجسد الاستخباري المغربي ، لايمكن أن يخترقها وهو القادم من حومة الشوك بطنجة ، من عائلة لا ذكر لها الا في دفاتر الأحوال المدنية ، ولا امتداد لها الا ذلك الامتداد العنقودي الضعيف . خمسة عشر سنة أمضاها معهم ، قام خلالها بمهام فظيعة ومشينة ، كثير منها لم يكن مقتنع بها ، وحل لهم مشاكل عديدة ، كان يفسر ويحلل ويستشرف ويعطي الحلول لقضايا كانت لاتعرف الا تأبيد صاحبها في السجون أو فبركة قتله بعيدا عن الشبهات السياسية ، أو فبركة القضايا الجنائية بحيث يسقط هرم في طور البناء ككتلة من الرمل اليابس . ما زال يتذكر قضية ما كانوا يطلقون عليه في خليتهم ب"المجذوب " ، والذي كان يسمى " خليل الراوي " . خليل هذا كان شعلة من النشاط ، قارئ نهم للأفكار اليسارية ، لكنه كان يتميز بقراءاته المستقلة ، يتساءل عن يسار غرامشي وألتوسير وهوركهايمر وفوكو ، ويطرح أسئلته الذاتية لماذا استوعب هؤلاء الفكر اليساري انطلاقا من سياقات مجتمعهم ولم يستوردوا بضاعة ماركس ولينين ولوكسامبورغ كما يفعل العرب ؟ والمغاربة على الخصوص ؟ . كان يطرح اسئلته على رفاقه ، فلا يجد الا أجوبة جافة ويابسة ، لا أحد يجرؤ على اعادة قراءة الفكر اليساري في وجهه الانساني والكوني . كلهم مطمئنون الى قداسة ماركس وقدسية كتبه وأفكاره . خافت المخابرات من جنينية تفكيره وأسئلته ، تداول عتاة القائمين على ملفه طرق اسكاته . تعددت الاقتراحات ، وكنت واحدا من اثنين اقترحا استدراجه لوظيفة مغرية في سلك الدولة ،لكن المقررين في مثل هذه القضايا صمموا على تصفيته . وفعلا كان خبر وجوده ميتا في شقته المكتراة خبرا عاديا ، لم يسأل أهله عن اسباب موته ولم يطالبوا بتشريح جثته ، فقد وجدوه ممددا فوق فراشه وكأن الموت فاجأه أثناء نومه . قليل من رفاقه من ظن أن الموت كان بفعل فاعل ، لكنهم جميعا التزموا الصمت ....
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تذكرة السيرك
-
ليس دفاعا عن العلمانية
-
عاشق الفوضى
-
عرق الريح.......
-
الخوف من انبعاث الحضارة العربية ثانية
-
البحث عن الحاضر الغائب -11- رواية
-
ابتسمي
-
هاري كريشنا
-
المغرب وعلامات استفهام كبرى وعديدة
-
البحث عن الغائب الحاضر -10-رواية
-
سليل النار
-
رعشات تائه
-
البحث عن الغائب الحاضر -9-رواية
-
السلطة الرابعة ...السلطة الأولى -1-
-
التفكير بالدين والتفكير في الدين
-
روسيا تنتصر
-
البحث عن الغائب الحاضر -8- رواية
-
أنت الصباح
-
فنجان قهوة مر
-
فلسفة حق تقرير المصير-1-
المزيد.....
-
أحدث المسلسلات والأفلام على المنصات الإلكترونية في العيد
-
السعودية: الوصول لـ20 مليون مستفيد ومستمع لترجمة خطبة عيد ال
...
-
ولاد رزق 3 وقاضية أفشة يتصدر إرادات شباك التذاكر وعصابة الما
...
-
-معطف الريح لم يعمل-!.. إعلام عبري يقدم رواية جديدة عن مقتل
...
-
طرد مشاركين من ملتقى تجاري في أوديسا بعد أن طالبوا المحاضر ب
...
-
المخرجة والكاتبة دوروثي مريم كيلو تروي رحلة بحثها عن جذورها
...
-
أولاد رزق 3 وعصابة الماكس.. شوف أقوى أفلام عيد الأضحى 2024 خ
...
-
الرِحلَةُ الأخيرَة - الشاعر محسن مراد الحسناوي
-
كتب الشاعر العراق الكبير - محسن مراد : الرِحلَةُ الأخيرَة
-
6 أفلام ممتعة لمشاهدة عائلية فى عيد الأضحى
المزيد.....
-
الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد
...
/ الويزة جبابلية
-
تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً
/ عبدالستار عبد ثابت البيضاني
-
الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم
...
/ محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
-
سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان
/ ريتا عودة
-
أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة
/ ريتا عودة
-
صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس
...
/ شاهر أحمد نصر
-
حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا
/ السيد حافظ
-
غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا
...
/ مروة محمد أبواليزيد
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
المزيد.....
|