أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عثمان أيت مهدي - أسلمة السينما والمسرح بين الحقيقة والخيال














المزيد.....

أسلمة السينما والمسرح بين الحقيقة والخيال


عثمان أيت مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 4099 - 2013 / 5 / 21 - 02:38
المحور: الادب والفن
    


قد يكون هذا العنوان مستفزا للبعض ومثبطا للعزائم، وعاديا للبعض الآخر بل وداعيا للاستغراب والتعجب. أتذكر سنوات الثمانينات والتسعينات مع نجاح الثورة الإيرانية على حكم الشاه، واستقواء الحركات الإسلامية على السلطة في بعض البلاد العربية لا سيما في الجزائر، باحتلالها الساحات العمومية والجامعات والثانويات وغيرها من مؤسسات الدولة، كانت الكتب الإسلامية تأتينا في معظمها من مصر وسوريا والسعودية، باختصار من الدول المشرق العربي، هذه الكتب تحمل عناوين ما أنزل الله بها من سلطان على شاكلة: علم النفس الإسلامي، علم الاجتماع الإسلامي، الاقتصاد الإسلامي... وقبلها تسميات لدول مسلمة على أنها إسلامية، نحو: جمهورية إيران الإسلامية، جمهورية موريطانيا الإسلامية.. وأضفنا لها نحن في الجزائر عناوين أكثر غرابة وتعجبا على نحو: النقابة الإسلامية، البلديات الإسلامية، الشرطة الإسلامية، الجيش الإسلامي.. وها هي السينما يصلها الزحف المصطلحاتي لتتحول رغم أنفها إلى السينما الإسلامية والمسرح إلى المسرح الإسلامي...
ليت هذا العالم كله يكون إسلاميا، لكن، ليت تفيد التمني الذي لا يتحقق. الإسلام دين سماوي لا يختلف فيه إثنان، والقرآن كتاب سماوي، والرسول الأعظم خاتم الأنبياء والرسل، وهذا كذلك لا ينكره إلا جاحد، تبقى المسألة التي أرّقت المفكرين والعلماء وشغلت بال الباحثين والسياسيين والجمهور بصفة عامة، هي: هل الإسلام تشريع سماوي منزل من السماء، قابل للتطبيق على جميع مناحي الحياة بعلومها وسياساتها.. أم أنّ الإسلام دين يحوي عقائد أخرجت الإنسان من عبادة الأوثان إلى عبادة الله الواحد الأحد، هذه العقائدة مدعمة ببعض العبادات التي تحث على مكارم الأخلاق والسلوك القويم؟
لا أحد يدّعي أنّ الإسلام دين جاهز لتطبيقه على جميع العلوم والفنون والثقافات، على الحكومات والشعوب بتعقيداتها، إذا لم يكن ذلك ممكنا فلأن الإسلام اهتم بالأهم وترك المهم والذي يليه للبشر يجتهدون ويبحثون. الأهم في الإسلام هو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصوم والحج لمن استطاع إليه سبيلا، وأمرنا بالأخلاق الكريمة. هذا الأهمّ هو أشبه بأعمدة صرح جميل عملت فيه يد الإنسان وأبدعت. هو أشبه بالنهر العظيم الذي يلتوي بين الجبال والسفوح والسهول ليصل إلى البحر، والماء المتجدد فيه هي أفكار الإنسان، هي علوم الإنسان، هي سنيما الإنسان، هي مسرح الإنسان...
ذكر بعض النقاد العرب أنّ المسلمين أعرضوا عن المسرح كفن أدبي في العصر العباسي لما نشطت حركة الترجمة من اليونانية والرومانية إلى اللغة العربية، بالرغم من إطلاعهم عليه، وأرجع ذلك النقاد إلى أنّ المسرح آنذاك كان وثنيا تغلب عليه الآلهة التي تصارع الإنسان وتغضب عليه بل وتحسده أحيانا فتنتقم منه. وكان بإمكانهم أن يزيلوا عنه رجس الوثنية ثمّ يستغلونه كوسيلة أدبية وفنية من أجل توعية الناس وتثقيفهم. لكن في العصر الحديث تفطن المسلمون لأهمية المسرح والسينما في تنمية المجتمع وتطويره، ولا أخال هذا الوعي الكبير الذي يتميز به الأوروبيون والأمريكيون يعود في أساسه إلى دور السينما والمسرح اللذين حوّلا الكثير من إبداعات الأدباء والأحداث الواقعية وإنتاج المؤرخين إلى أفلام سينمائية، ومسرحيات خالدة.
نحن في حاجة إلى سينما متطورة ومسرح كبير، لا ندّعي في الوقت الراهن أننا سنضارع السينما الأمريكية أو الهندية، والمسرح الروسي، ولكن يجب الإسراع في إطلاق الحريات للأدباء من أجل الإبداع، هذا الإبداع هو الذي ينشئ لنا رجل الغد الذي يتحلى بالوعي السياسي والمستوى الأخلاقي الجميل والرصيد العلمي المقبول.
مشكلتنا نحن العرب في هذا العصر ليس في أسلمة العلوم والفنون بل في مزيد من الحريات، الحريات السياسية والاجتماعية وكثير من الوعي ليتعايش أفراد المجتمع الواحد. قد نختلف في الأفكار والرؤى: هو يريد فيلما عن عليّ بن أبي طالب وأنا أريد فيلما عن معاوية بن أبي سفيان، هو يريد فيلما عن أبي العتاهية وأنا أريد فيلما عن أبي نواس، هو يريد مسرحية عن أهل الكهف وأنا أريدها عن أوديب.. وفي الأخير الثقافة هي التي تنتعش وتكبر، الأفكار هي التي تنفجر وتتطور، الخيال هو الذي يتوسع وينتشر، الحياة هي التي تتقدم وتسير إلى الأمام.
أمّا إذا بقينا على هذه الفكرة الخيالية، أسلمة الفنون والعلوم، فلن نتتطور أبدا وسنبقى هكذا، مثلنا كمثل شعوب المغرب العربي التي بقيت لقرون وهي تتعرب وما زالت إلى يومنا هذا لم تتعرب، ومن يطلع على مناهجنا التربوية يجد شعراءنا وأدباءنا ومفكرينا من المشرق العربي وبقينا إلى يومنا هذا لا نملك متنبيا ولا جاحظا ولا شافعيا ولا هارونا ولا مأمونا، تاريخنا فارغ وماضينا عدم.



#عثمان_أيت_مهدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحلام اليقظة بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة
- البطالة أو فشل الأنظمة العربية
- بين جريدة -الخبر- ومجلة -المربي-
- ماذا يريد العرب.. وبماذا يحلمون؟
- الجماعات المتأسلمة هي وليدة السياسة وعلماء البلاط
- هل يسمح للأستاذ حمل العصا داخل القسم؟
- أنا معجب بهذه المنطقة حتى النخاع
- عن المرأة في ظل الدولة المستبدة والإسلام السياسي..
- ما أسعدك يابنيّ لأنك ولدت في بلاد الصقيع!
- أتغيير للبدلة أم تغيير للإنسان؟
- عن التشاؤم والعبثية من جديد


المزيد.....




- -عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط
- الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر ...
- بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا ...
- قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
- رابط شغال ومباشر.. الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- خبر صحفي: كريم عبدالله يقدم كتابه النقدي الجديد -أصوات القلب ...
- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عثمان أيت مهدي - أسلمة السينما والمسرح بين الحقيقة والخيال