أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هادي ناصر سعيد الباقر - قصة نهاية حكم العرب بالاندلس .. (( ما اشبه اليوم بالبارحه ))














المزيد.....

قصة نهاية حكم العرب بالاندلس .. (( ما اشبه اليوم بالبارحه ))


هادي ناصر سعيد الباقر

الحوار المتمدن-العدد: 4088 - 2013 / 5 / 10 - 01:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وقف ابو عبد الله آخر ملوك غرناطة بعد انكساره امام جيوش الملك فرديناند والملكة ايزابيلا على شاطئ الخليج الرومي تحت ذيل جبل طارق قبل نزوله الى السفينة المعدة لحمله الى افريقيا وقد وقف حوله نساؤه واولاده وعظماء قومه من بني الاحمر فالقى على ملكه الذاهب نظرة طويلة لم يسترجعها الا مبللة بالدمع، ثم ادنى رداءه من وجهه وانشأ يبكي بكاء مراً وينشج نشيجا محزنا حتى بكى من حوله لبكائه، واصبح شاطئ البحر كانه مناحة قائمة تتردد فيها الزفرات، ويستبق العبرات، فانه لواقف موقفه هذا وقد ذهل عن نفسه وموقفه اذ احس هاتفا يهتف باسمه بصوت كانما ينحدر اليه من علياء السماء فرفع رأسه فاذا شيخ ناسك متكئ على عصاه واقف على باب مغارة من مغارات الجبل المشرف عليه ينظر اليه ويقول:
نعم.. لك ان تبكي ايها الملك الساقط على ملكك بكاء النساء فانك لم تحتفظ به احتفاظ الرجال.
انك ضحكت بالامس كثيرا، فابك اليوم بمقدار ما ضحكت بالامس فالسرور نهار الحياة والحزن ليلها، ولا يلبث النهار الساطع ان يعقبه الليل القاتم.
لو ان ما ذهب من يدك من ملكك ذهب بصدمة من صدمات القدر، او نازلة من نوازل القضاء، من حيث لا حول لك في ذلك ولا حيلة، لهان امره عليك، اما وقد اضعته بيدك، واسلمته الى عدوك باختيارك، فابك عليه بكاء النادم المتفجع الذي لا يجد له عن مصابه عزاء ولا سلوى.
لا يظلم الله عبدا من عباده، ولا يريد باحد من الناس في شأن من الشؤون شرا ولا ضيرا، ولكن الناس يأبون الا ان يقفوا على حافة الهوة الضعيفة فتـزل بهم اقدامهم، ويمشوا تحت الصخرة البارزة المشرفة فتسقط على رؤوسهم.
لم تقنع بما قسم الله لك من الرزق فأبيت الا الملك والسلطان فنازعت عمك الامر واستعنت عليه بعدوك وعدوه فتناول راسيكما معا وما زال يضرب احدهما الاخر حتى سال تحت قدميكما قليب من الدم فغرقتما فيه معا.
لي فوق هذه الصخرة يا بني الاحمر سبعة اعوام انتظر فيها هذا المصير الذي صرتم اليه واترقب الساعة التي ارى فيها اخر ملك ملكا يرحل عن هذه الديار رحلة لا رجعة من بعدها، لاني اعلم ان الملك الذي يتولى امره الجاهلون الاغبياء لا دوام له ولا بقاء.
اتخذ بعضكم بعضا عدوا، واصبح كل واحد منكم حربا على صاحبه فسقتم المسلمين الى ميادين القتال يضرب بعضهم وجوه بعض، والعدو رابض من ورائكم يتربص بكم الدوائر ويرى ان كلا منكم قائد من قواده ينبعث بين يديه لقتال اعدائه، والمناضلة على ملكه، حتى رآكم تتهافتون على انفسكم ضعفا ووهنا فاقتحمتكم فما هي الا جولة او جولتان حتى ظفر بكم معا.
ستقفون إذا بين يدي الله يا ملوك الاسلام، وسيسألكم عن الاسلام الذي اضعتموه وهبطتم به من علياء مجده حتى الصقتم انفه بالرغام. وعن المسلمين الذين اسلمتموهم بايديكم الى اعدائهم ليعيشوا بينهم عيش البائسين المستضعفين، عن مدن الاسلام وامصاره التي اشتراها اباؤكم بدمائهم وارواحهم ثم تركوها في ايديكم لتذودوا عنها، وتحموا ذمارها، فلم تحركوا في شأنها ساكنا حتى غلبكم اعداؤكم عليها، فاصبحتم تعيشون فيها عيش الاذلاء وتطردون منها كما يطرد الغرباء، فماذا يكون جوابكم ان سئلتم عن هذا كله غدا؟
ها هي النواقيس ترن في شرفات المآذن بدل الاذان، وها هي المساجد تطأ نعال الصليبيين في تربتها مواقع جباه المسلمين، وها هو المسلم يفر بدينه من مكان الى مكان، ويلوذ باكناف الهضاب والشعاب، لا يستطيع ان يؤدي شعيرة من شعائر دينه الا في غار كهذا الغار الذي اعيش فيه!…
ليت المسلمين عاشوا دهرهم فوضى لا نظام لهم ولا ملك ولا سلطان، كما يعيش المشردون في افاق البلاد، فقد كان ذلك خيرا لهم من ان يتولى امرهم رجال مثلكم طامعون مستبدون يلفون على اعناقهم جميعا غلا واحدا يسوقونهم به الى موارد التلف والهلاك من حيث لا يستطيعون ذودا عن انفسهم. وما تفعل الفوضى وبامة ما يفعل بها الاستبداد.
يسألكم الله يا بني الاحمر عني وعن اولادي الذين انتزعتموهم من يدي انتزاعا احوج ما كنت اليهم، وسقتوهم الى ميادين القتال ليقاتلوا اخوانهم المسلمين العرب قتالا لا شرف فيه ولا فخار حتى ماتوا جميعا موت الاذلاء الادنياء فلا انتم تركتموهم بجانبي انس بهم في وحشتي والجا الى معونتهم في شيخوختي، ولا انتم ذهبتم بهم الى ميدان قتال شريف فاتعزى عنهم من بعدهم بانهم ماتوا فداء عن دينهم ووطنهم.
فها انذا عائش من بعدهم وحدي في هذا الغار الموحش فوق هذه الصخرة المنقطعة ابكي عليهم، واسال الله ان يلحقني بهم فمتى يستجيب الله دعائي.
ثم اختنق صوته بالبكاء، فادار وجهه ومشى بقدم مطمئنة يتوكأ على عصاه حتى دخل مغارته وغاب عن العيون، فنالت كلماته من نفس الامير ما لم ينل منها ضياع ملكه وسقوط عرشه، فصاح: ما هذا بشرا انما هو صوت العدل الالهي ينذرني بشقاء المستقبل فوق شقاء الماضي، فليصنع الله بي ما يشاء فعدل منه كل ما صنع.
ثم انحدر الى سفينته وانحدر اهله وراءه فسارت السفينة بهم تشق عباب الماء شقا فسجل التاريخ في تلك الساعة: ان قد تم جلاء العرب عن الاندلس بعد ما عمروها ثمانمائة عام.



#هادي_ناصر_سعيد_الباقر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بحث للمؤتمر التأسيسي الى (( رابطة العطاء والبناء لمنظمات الم ...
- من اسباب الحر ب الحاجه والطمع
- حقوق انسان القطيع وحقوق الانسان العراقي
- (( الطابع الانساني للتخطيط الحضري)).. أ.د. حيدركمونه - جامعة ...
- الى من احبها حبي (( لنيسان ))
- رسالة الى رئيس بعثة الصليب الاحمر في بغداد ..في العهد السابق
- جمال ناصر الكر بولي / رئس كتلة (( الحل السياسيه ))
- يريدون تخفيف الفقر لا استئصاله
- بدعة (( تكييف )) .. منظمات المجتمع المدني غير الحكومية
- الوصايا العشرة للتقدم
- لا رفقا بالقوارير اللواتي اصبحن سكاكين بيد الاجنبي والكلب ...
- الارهاب العشائري ...........ودولة القانون
- الديمقراطية والحكم البوليسي والمنظمات غير الحكومية
- البنى التحتية ---- وقطار بغداد المعلق ---- وغرق بغداد
- طلب التعويض من شعب الولايات المتحدة الا مر يكيه ... عن جر يم ...
- المطر فضح اكاذيب المتحاصصين .... والحب اداة حوار القلوب .. ف ...
- سليني ان انظم لك عقدا- من نجوم السماء فافعل
- فوق السبعين .. تعتريني قشعريرة الحبيب
- اذا بلغ الفطام لنا صبي + تخر له الجبابرة ساجدينا (( بمناس ...
- دعينا حبيبتي .. كيف يكو ن الحب .. ليتعلموا كيف يحبون الشعب


المزيد.....




- الضربات الأمريكية على إيران تثير مخاوف في دول الخليج من الان ...
- الولايات المتحدة غيّرت مسار المواجهة - كيف سترد إيران؟
- خاص يورونيوز: إسرائيل ترفض تقرير الاتحاد الأوروبي حول غزة وت ...
- خبير إسرائيلي: تل أبيب لا تريد التصعيد والكرة في الملعب الإي ...
- هل فشلت -أم القنابل- في تدمير -درة تاج- برنامج إيران النووي؟ ...
- أحداث تاريخية هزت العالم بالأسبوع الرابع من يونيو
- الرأسمالية نظام -غير ديمقراطي- يستنزف جنوب العالم ليرفّه عن ...
- هل يطلب المرشد الإيراني وقف إطلاق النار مع إسرائيل؟
- كيف نُفذت الضربة الأميركية على إيران؟ وما الأسلحة المستخدمة؟ ...
- كيف يرد الحوثيون بعد هجمات واشنطن على إيران؟


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هادي ناصر سعيد الباقر - قصة نهاية حكم العرب بالاندلس .. (( ما اشبه اليوم بالبارحه ))