أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - فتوى قتل المرتد عنوان الردة الفكرية والثقافية .














المزيد.....

فتوى قتل المرتد عنوان الردة الفكرية والثقافية .


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 4086 - 2013 / 5 / 8 - 14:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


صدور فتوى المجلس العلمي الأعلى بقتل "من تخلى عن دينه" أحدث صدمة أو رجة على الأقل في ضمائر ونفوس شريحة واسعة من المواطنين المتتبعين للحركية المجتمعية في أبعادها الثقافية والسياسية والحقوقية والإعلامية . وأمر طبيعي أن يشعر المرء بالصدمة ، خصوصا وأن الفتوى صدرت عن هيئة الإفتاء الرسمية للمغرب التي يترأسها الملك . ومبعث الصدمة سببان رئيسيان :
أولهما : أن المغرب انخرط رسميا وشعبيا في مسلسل الإصلاحات السياسية والدستورية ضمن إستراتيجية إقامة مجتمع حداثي ديمقراطي يتبنى قيم وثقافة حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها كونيا . ويقتضي هذا الخيار الإستراتيجي تأهيل كل المؤسسات الدستورية لتعمل في تناغم مع الإرادة السياسية التي ما يفتأ رئيس الدولة يعبر عن عزمه على ترجتمها إلى ممارسة وقوانين وتشريعات تصون هذا الخيار الإستراتيجي وتكرسه واقعا معيشا . وفي هذا الإطار جاءت سياسة هيكلة الحقل الديني وإعادة تشكيل مؤسساته بما يعضد الخيار الديمقراطي حتى لا يبقى هذا الحقل نشازا تنفذ منه ثقافة الغلو وتستغله الاتجاهات المتطرفة لمحاربة إستراتيجية التحديث والدمقرطة . وقد جاءت الرسالة الملكية للمجالس العلمية في أبريل 2009 حاسمة في الأمر ( فإننا ما زلنا نؤكد على ضرورة إدماج الخطاب الديني، في صلب المشروع المجتمعي الذي نعمل جادين على إنجازه، لتحقيق التنمية البشرية المنشودة، ورفع تحدياتها واستشراف المستقبل، في ثقة وعزم واطمئنان. وهذا ما يتطلب جعل الخطاب الديني الذي توجهونه، توعية وإرشادا، قائما على الاجتهاد المقاصدي المبني على جلب المصالح، ودرء المفاسد، ومراعاة متغيرات الواقع، في التزام بأصول الدين الإسلامي الحنيف، ووسطيته وسماحته واعتداله). وقد ساد الاعتقاد أن الهيكلة الجديدة للحقل الديني ستجعل العلماء حماة المشروع الديمقراطي ومجددين للخطاب الديني بما يراعي "متغيرات الواقع" . إلا أن الفتوى إياها أثبتت فشل السياسة الدينية التي ركزت على هيكلة الجانب الإداري وأغفلت الجوانب الفكرية والعقدية والنفسية للمنتسبين لهذا الحقل . بل إن فتوى "قتل المرتد" الصادرة عن المجلس العلمي الأعلى برهنت بالملموس على أن الجماعات الإسلامية التي كانت تنعت "بالمتشددة" باتت أكثر اعتدالا وبذلا للجهد الفكري من أجل تجاوز حالة التنافر بين حرية الاعتقاد التي تنص عليها المواثيق الدولية ، وبين متن الحديث المعتمد مرجعا وحيدا لتشريع قتل المرتد . والمواقف التي عبر عنها بعض فقهاء حركة التوحيد والإصلاح تندرج ضمن الجهد الفكري لنفي الصدام بين الدين الإسلامي وبين العهود الدولية لحقوق الإنسان (رأي الريسوني) . بينما المؤسسة الدينية الرسمية للمملكة التي خضعت للهيكلة بهدف "تأهيلها" ، غدت أكثر تشددا وغلوا أرجعت البلاد إلى سابق عهدها مع سياسة تكفير معارضي النظام إبان ما بات يعرف "بسنوات الرصاص" .
أما السبب الثاني للصدمة فيرجع أساسا إلى حالة الاطمئنان التي سكنت النفوس والضمائر بكون المغرب قطع مع ثقافة الاستبداد وغدت ضمائر المواطنين مقتنعة بقيم وثقافة حقوق الإنسان ، كثقافة إنسانية مشتركة تجعل المغاربة مقتنعين بالانتماء إلى الحضارة الإنسانية وليسوا غرباء عنها ؛ أي أنهم يعيشون حاضرهم ويتطلعون إلى المستقبل دون الحنين إلى استرجاع الماضي والانغلاق داخله . وجاءت هذه الفتوى لتعلن فشل الدولة والمجتمع في تأهيل الإنسان المغربي ليعيش حاضره بذهنية معاصرة ومنفتحة على قيم العصر كما هي منفتحة على تطبيقاته التقنية . حالة الفشل هذه ترجمتها المؤسسة الدينية الرسمية في مجتمع ينادي أفراده بالديمقراطية وقيم حقوق الإنسان بينما علماؤه يريدونها دولة دينية ونظاما ثيوقراطيا يرفض الاختلاف ويناهض حرية الاعتقاد . وقد أحسن شوقي جلال تشخيص أسباب فشل المجتمعات العربية في تجديد الثقافة وتغيير الذهنية ، ضمن تقديمه للترجمة العربية لكتاب "الثقافات وقيم القيم" لصمويل هنتكتون ولورانس هاريزون ، حيث حصرها في سببين رئيسيين كالتالي (أن المجتمع عاطل من المعرفة الكاملة والصحيحة نسبيا ومرحليا لتوجيه مسارات حركته وطاقاته وأنشطته الاجتماعية بصورة فعالة في الاتجاه الصحيح ، أي للتكيف مع حضارة العصر بهدف البقاء والعطاء والامتداد والمنافسة . ومن أسباب الفشل أيضا أن يكون المجتمع عاطلا من ثقافة ترسخ قيم التغيير والتحدي الفعّال ). إن هذا الفشل لن يدفع الأفراد ثمنه ، بل المجتمع برمته الذي لن يزيده تراكم الفشل وتعمقه إلا تشددا وانكفاء نحو كهف الماضي "التليد" الذي يجد فيه عزاءه وسكينته . إزاء هذه الوضعية الشاذة ، غدا الحسم ضروريا ومستعجلا بين خيار الانكفاء والاندحار الحضاري ، وبين خيار الانفتاح والتنافس الفعال مع بقية شعوب الأرض في رسم معالم مستقبل البشرية . أما حالة الفصام النفسي والفكري والقيمي التي تنخر المجتمع المغربي بكل فئاته ، فلن تنتج إلا ذهنيات مشوهة ونفوسا متعطشة إلى سفك الدماء ونشر الخراب. فالديمقراطية ليست آليات ونصوصا قانونية ودولة لها دستور ، بل هي قبل كل شيء ثقافة تحدد آليات اشتغال ذهنية الشعب بما يجعلها تستوعب قيم الديمقراطية وتستبطن مبادئها وتتمثل مكاسبها .



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طالبان بين ظهراني علمائنا فلا تبحثوا عنها هناك .
- سعيد الكحل - باحث في قضايا الإرهاب والإسلام السياسي- في حوار ...
- الإسلاميون مفترون.
- أين المغرب من روح خطاب تاسع مارس ؟
- سقطت الأنظمة فسقطت الأقنعة .
- الذكرى الثانية لحركة 20 فبراير : نجاح أم إخفاق ؟
- الزحف الأصولي وخطر تكميم الأفواه .
- شاكر بلعيد يفدي تونس بروحه.
- المغرب ومالي
- معركة عزل الأئمة وضرورة مساندة وزير الأوقاف.
- برلمانيون بدون ضمير أخلاقي ولا حس وطني أو إنساني.
- مواطنو الدرجة الممتازة
- شكرا لشجاعة الشيخ الفيزازي الابن .
- أزهار الربيع التونسي تصبح أحجارا.
- مرسي المصري ولشكر الاتحادي وجهان لعملية النسف الممنهج .
- 2 الدكتور أحمد الريسوني من الدعوة إلى الفتنة .
- ألا في الفتنة سقطوا !!
- افتراء وزيرة في موضوع المحْرم.
- يوم صار قياس التدين لدى المواطنين مهمة وزارية !!
- وفاء لروح الفقيد السي أحمد الهاشمي .


المزيد.....




- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها
- يهود أفريقيا وإعادة تشكيل المواقف نحو إسرائيل


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - فتوى قتل المرتد عنوان الردة الفكرية والثقافية .