أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - جريمة الختان 136: الحق في سلامة الجسد والحياة















المزيد.....

جريمة الختان 136: الحق في سلامة الجسد والحياة


سامي الذيب
(Sami Aldeeb)


الحوار المتمدن-العدد: 4083 - 2013 / 5 / 5 - 11:48
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


ختان الذكور والإناث هو تعدّ على سلامة الجسد ينتقص من وظائفه الطبيعيّة ويؤدّي إلى مضاعفات صحّية وفي بعض الأحيان إلى الموت، وله مضار نفسيّة وجنسيّة. وبهذا يكون مخالفاً للحق في سلامة الجسد والحياة.

الحق في سلامة الجسد والحياة هما من أهم حقوق الإنسان. وقوانين كل دول العالم، المتقدّمة والمتخلّفة منها، تعاقب التعدّي على هذين الحقين. وكان من البديهي أن يعترف المشرّع الدولي بهما. إلاّ أن الحق في سلامة الجسد لم يُذكر إلاّ في نصّين دوليين، هما المعاهدة الأمريكيّة لحقوق الإنسان، والعهد الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب. فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهدان الدوليان لحقوق الإنسان، ومعاهدة حقوق الطفل، والمعاهدة الأوروبيّة لحقوق الإنسان خالية من هذا الحق. والغريب في الأمر أن هذا النقص الخطير يجهله حتّى أساتذة القانون ولا يعرفون له تفسيراً.

وتبيّن الأعمال التحضيريّة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأنه تم إقتراح نص يتضمّن هذا الحق، ولكنّه أستبعد بحجّة أنه يدخل ضمن المادّة الثالثة التي تقول: «لكل فرد حق في الحياة وفي الأمان الشخصي». ويشار هنا إلى أن أهم شخصيّة لعبت دوراً في تحرير هذا الإعلان هو الأستاذ اليهودي «ريني كاسان»، ممثّل فرنسا. ونحن لا نستبعد أن يكون سبب السكوت الإعلان (والوثائق الأخرى) عن هذا الحق هو عدم الرغبة في المس بمعتقدات اليهود، خاصّة وأن هذا الإعلان قد جاء كرد فعل على الجرائم التي اقتُرفت في الحرب العالميّة الثانية ضدّهم. وقد رأينا أن سكوت المشرّع الدولي والمنظّمات غير الحكوميّة عن ختان الذكور تحكمه إعتبارات سياسيّة أهمّها الخوف من الإتّهام بمعاداة الساميّة.

ولم يكتفي المشرّع الدولي بالسكوت عن ختان الذكور، بل أيضاً حاول المباعدة بينه وبين ختان الإناث، بتغيير إسم هذا الأخير الذي أصبح «بتر الأعضاء الجنسيّة للإناث». ومؤيّدو ختان الذكور يرفضون إستعمال مثل هذا اللفظ للتعبير عن ختان الذكور. فهو في نظرهم ليس عمليّة «بتر». ممّا يعني أن ختان الذكور ليس تعدّي على سلامة الجسد. ومنهم من يشبّهه بقص الشعر والأظافر. وقد وصل الأمر إلى ترك الهيئات الطبّية، مثل الأكاديميّة الأمريكيّة لطب الأطفال، الخيار للأهل في إجراء هذه العمليّة أو عدمها، معتبرة هذه العمليّة «عمليّة إختياريّة». والذين يدينون ختان الذكور يحتجّون على إخراجه من مفهوم «البتر». فيلجأون للقواميس اللغويّة والطبّية لتعريف كلمة «بتر»، كما رأينا في الجزء الطبّي. ونشير هنا إلى أن مؤيّدي ختان الإناث يرفضون أيضاً إطلاق تعبير «بتر الأعضاء الجنسيّة» عليه رغم تمادي المشرّع الدولي في إستعماله.

وإن كان المشرّع الدولي قد سكت عن الحق في سلامة الجسد، باستثناء المعاهدة الأمريكيّة لحقوق الإنسان، والعهد الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، فإن هذا المشرّع قد أدان مباشرة ختان الإناث، دون التكلّم عن الحق في سلامة الجسد. وهناك دول تبنّت قوانين تدين هذا الختان بصورة صريحة. والدول التي لم تسن مثل هذه القوانين، تعتمد على القواعد العامّة المتعلّقة بالتعدّي على سلامة الجسد والحياة لإدانة ختان الإناث. إلاّ أن معارضي ختان الذكور يرون أن كلاًّ من ختان الذكور والإناث ينتهك عدداً من المواثيق الدوليّة وقواعد الأخلاق الطبّية التي، وإن لا تتكلّم عن الحق في سلامة الجسد بصورة مباشرة، فإنها تحمي الفرد من التعدّي على جسده. كما إنهم يطالبون تطبيق القواعد العامّة في قانون العقوبات المتعلّقة بالتعدّي على سلامة الجسد والحياة. وقد إعتبر بعض معارضي ختان الذكور أن هذه العمليّة في حقيقتها سرقة عضو من جسم الإنسان يدخل ضمن ملكه. وهذا مخالف لتحريم السرقة الذي نصت عليه التوراة (الخروج 13:20) والقوانين الوضعيّة في جميع دول العالم.

ونذكر هنا بين النصوص الدوليّة التي ينتهكها ختان الذكور والإناث:

الوثيقة العالميّة لحقوق الإنسان
المادّة 3: لكل فرد حق في الحياة والحرّية وفي الأمان على شخصه.

إتّفاقيّة الأمم المتّحدة لحقوق الطفل
المادّة 24: 1- تعترف الأطراف بحق الطفل في التمتّع بأعلى مستوى صحّي يمكن بلوغه [...]
3- تتّخذ الدول الأطراف جميع التدابير الفعّالة والملائمة بغية إلغاء الممارسات التقليديّة التي تضر بصحّة الأطفال.
المادّة 36: تحمي الدول الأطراف الطفل من سائر أشكال الإستغلال الضارّة بأي جانب من جوانب رفاه الطفل.

القانون الدولي للأخلاق الطبّية الذي تبنّته الرابطة الطبّية العالميّة:
- على الطبيب في كل تصرّفاته الطبّية أن يهتم في تقديم خدمة صحّية بكل إستقلاليّة فنّية وأخلاقيّة، برحمة واحترام للكرامة الإنسانيّة.
- على الطبيب أن يتصرّف فقط آخذاً بالإعتبار مصلحة المريض عندما يقوم بتقديم رعاية صحّية قد يكون من آثارها إضعاف الحالة الصحّية أو العقليّة للمريض.

وتقول الفقرة الخامسة من «الميثاق من أجل الأطفال في المستشفى»: «يجب حماية كل طفل من علاج أو كشف طبّي غير ضروري».

وإن كان من الواضح أنه لا يحق التعدّي على سلامة جسد الغير إلاّ ضمن شروط الإباحة، كما سنرى لاحقاً، يبقى السؤال عمّا إذا كان يحق للفرد التعدّي على سلامة جسده بذاته ببتر أحد أعضائه.

ترفض القواعد الدينيّة مثل هذا التعدّي. فالتوراة تمنع الوشم وتخديش أو تجريح الشخص جسده (تثنية 1:14). وتمنع التعاليم الدينيّة اليهوديّة والمسيحيّة الخصي من الوصول إلى الدرجات الكهنوتية. وتمنع التعاليم الدينيّة الإسلاميّة الوشم وبتر الإنسان عضو سليم من جسمه لأنه لا يملك حق التصرّف فيه. ويستنتج هذا المنع من عدّة آيات قرآنيّة نذكر منها «قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله» (الأنعام 12:6)؛ «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة» (البقرة 195:2). وقد أوجب القرآن القصاص لحفظ الأعضاء (أنظر البقرة 178:2). ولا يجوز إتلاف النفس المعصومة إلاّ بالحق: «ولا تقتلوا أنفسكم» (النساء 25:4) «ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلاّ بالحق» (الإسراء 33:17). ولكنّنا رأينا أن هذه التعاليم الدينيّة تبيح الختان، لا بل تفرضه على أتباعها، حسب رأي الأكثريّة. ممّا يعتبر تناقضاً في مبادئها. وقد حاول معارضو الختان إستغلال هذا التناقض لقضيتهم.

والمشرّع الدولي لم يتعرّض لبتر الشخص نفسه، وليس كل الدول تعاقب عليه. ولم نجد أي ذكر صريح في هذه القوانين فيما يخص ممارسة الشخص، ذكراً كان أو أنثى، الختان على نفسه إلاّ في القانون السوداني الصادر في فبراير 1946 إذ تقول الفقرة الثانية من المادّة (284 أ) من قانون العقوبات
كل من يقترف ختاناً غير قانوني يعاقب بالسجن لمدّة قد تصل إلى خمس سنوات وبالغرامة أو بكليهما.
توضيح: المرأة التي تجري هذه العمليّة على نفسها تعتبر مقترفة لهذا الجرم.

وبطبيعة الحال، يبقى الوازع الإجتماعي الذي قد يقر بمثل هذه التصرّفات أو يدينها بحسب الخلفيّات الثقافيّة والدينيّة للمجتمع. ففي الهند مثلاً هناك من يقوم بجب مذاكيره تعبّداً ولممارسة الشذوذ الجنسي في المعابد. والطبيب والفيلسوف الرازي أدان مثل هذه التصرّفات التي يقوم فيها الفرد بتأليم نفسه.

--------------------------------------
كتبي: http://www.sami-aldeeb.com/sections/view.php?id=14
كتابي عن الختان http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131
طبعتي العربية للقرآن بالتسلسل التاريخي http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315
موقعي http://www.sami-aldeeb.com
مدونتي http://www.blog.sami-aldeeb.com
عنواني [email protected]



#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جريمة الختان 135: أولوية الحقوق الفردية على الحقوق الجماعية
- جريمة الختان 134: عقدة أُوديب... وعقدة سامي الذيب
- جريمة الختان 133: الختان والحقوق الدينيّة والثقافيّة الجماعي ...
- احمر يا بطيخ: خرافات الدين
- الله يعلن استقالته
- الإسلام لا وجود له، هناك الف اسلام واسلام
- هل سامي يتطاول على الله ويسب ابراهيم؟
- جريمة الختان 132: عدم وجود سبب للتمييز بين ختان الذكور والإن ...
- جماعة الإخوان الحمير
- لا تزعجونا بصلاتكم وصيامكم
- جريمة الختان 131: التمييز بين ختان الذكور وختان الإناث جريمة
- جريمة الختان 130: سكوت المشرّع عن ختان الذكور
- جريمة الختان 129: منع المشرع الدولي ختان الإناث
- علماء دين مغاربة اغبياء يرأسهم ملك المغرب
- جريمة الختان 128: منع ختان الذكور في العصور الحديثة
- جريمة الختان 127: منع ختان الذكور في العصور القديمة
- هل نمنع الكتب المقدسة؟
- جريمة الختان 126: علاج الآثار النفسيّة للختان
- دين تحت التجربة وبالمزاد العلني
- جريمة الختان 125: الأساليب الأخرى في توصيل المعلومات


المزيد.....




- نتنياهو يأذن لمديري الموساد والشاباك بالعودة إلى مفاوضات الد ...
- رئيس وزراء بولندا يكشف عن -جدال مثير- أشعله نظيره الإسباني ف ...
- دراسة رسمية تكشف أهم المجالات التي ينتشر فيها الفساد بالمغرب ...
- تشابي ألونسو يستعد لإعلان قرار حاسم بشأن مستقبله مع نادي ليف ...
- الجيش الروسي يكشف تفاصيل دقيقة عن ضربات قوية وجهها للقوات ال ...
- مصر.. إعادة افتتاح أشهر وأقدم مساجد البلاد بعد شهرين من إغلا ...
- قائد القوات الأوكرانية: تحولنا إلى وضع الدفاع وهدفنا وقف خسا ...
- مقتل شخص وإصابة اثنين إثر سقوط مسيّرة أوكرانية على مبنى سكني ...
- استطلاع يظهر تحولا ملحوظا في الرأي العام الأمريكي بحرب غزة
- معتمر -عملاق- في الحرم المكي يثير تفاعلا كبيرا على السوشيال ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - جريمة الختان 136: الحق في سلامة الجسد والحياة