أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - حول اختطاف المطرانين وبدايات التَّخريف البشري















المزيد.....

حول اختطاف المطرانين وبدايات التَّخريف البشري


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4082 - 2013 / 5 / 4 - 18:57
المحور: الادب والفن
    


لُحى تجزُّ الرُّؤوس وأخرى تسامحُ حتّى النّخاع

قرأتُ عشرات عشرات، بل مئات مئات الأخبار المتعلِّقة بالمطرانَين المخطوفَين من قبل جهات إرهابيّة، قطّاع طرق، معارضة سوريّة، .... ، الطَّريف بالأمر أنَّ ردود أعلى الهيئات الدِّينيّة في العالم، ابتداءاً من قداسة بابا الفاتيكان، ومروراً بكلِّ الهيئات الدِّينيّة المسيحيّة في العالم وإنتهاءاً بقداسة بطريرك السِّريان الأرثوذوكس الجالس محتاراً ومحيِّراً، لم يكُنْ أكثر من شجب واستنكار لما قام به هؤلاء الإرهابيين، ولكن الأروع من كلِّ هذا هو أنّهم وضعوا كلّ ثقلهم لأن يلغوا مراسيم الفرح والمعايدة في عيد الفصح، تضامناً مع المطرانَين، واكتفوا برفع الصلوات والقداديس كي يعودا سالمَين! حلول جبّارة!!! جبّارة جدَّاً، يا لطيف! هزّوا الكون بهذا الموقف الجّبار!!! لقد هَزُلَتْ فعلاً!!!
كلّ هذا الَّذي شاهدته، وسمعته وقرأته فعلاً يبعث السخرية إلى حدِّ لايطاق! وهو ردٌّ ضعيف وسخيف لا يرقى إلى المستوى الذي تتبوَّأه الكنيسة البابوية والأرثوذوكسية وبقيّة كنائس العالم، وهذا يؤكّد لي ولغيري، أنَّ الحلول الكنسيّة وموقع ووزن الكنيسة على مستوى العالم لا يرقى إلا إلى مستوى الشَّجب والاستنكار، وهذا الموقف المهزوز، لا يختلف عن موقف الدُّول العربيّة أيام زمان والآن عندما تشجب وتستنكر موقفاً ما لا يعجبها، وغالباً هي أي الدُّول العربيّة تقوم وقامت مراراً بمواقف سخيفة عديدة، وتشجبه بقيّة الدُّول الأخرى، وهكذا نكون أمام مواقف كوميديّة طريفة، أعلى سقف لهذه المواقف هو الشّجب والاستنكار!

سؤالي إلى متى سيبقى الكرسي البابوي وكراسي عديدة أخرى، وأديان سماوية وأرضية لا تحصى، ودول وسياسات وهيئات دوليّة ومنظَّمات حقوق الإنسان، مجرَّد أسماء كبيرة على قُرى خرابة؟!
نعم، مجرّد أسماء كبيرة على قُرى خرابة، لا تَعْدُوا مواقفها أن تكون مواقف كراكوزيّة في غاية الطّرافة والنّكتة السَّمجة، لأنَّ الشَّجب والاستنكار في مثلِ هذه الحالات هو دليل ضعف ما بعده ضعف، ويذكِّرنا كما قلنا بمواقف الدُّول العربيّة العتيدة في الشَّجب والاستنكار منذ قرون وستبقى مواقفها ربّما إلى قرون أخرى من دون أي وزن دولي لهذا الشَّجب والاستنكار.
بدأتُ رويداً رويداً أفقد ثقتي بكلِّ الَّذين يقودون الأديان، وبكل الَّذين يقودون السياسات على وجه الدُّنيا، إذ تبدو لي نتائج الَّذين يقودون الأديان والسِّياسات مجرّد مصالح سخيفة، غالباً ما تصبُّ في غير صالح الإنسان كإنسان وبغير صالح المجتمع البشري ولا تصبُّ في أهداف الأديان الكبرى، بل هي لصالح فئة معينّة من الفئات الَّتي تقود الأديان والسِّياسات على حساب السَّواد الأعظم من بقيّة الفئات، وهم أي الَّذين يقودون الأديان والسّياسات مجموعة عصابات، أو بتعبير أدق لا يختلف أغلبهم عن العصابات، إذ يبدو لي واضحاً كيف يعبِّر هؤلاء عن مواقفهم بحسب مصالحهم العصاباتيّة، وأرى من الضّروري أن يقف مفكِّرون عالميون، متخصِّصون بالأديان والعلوم السياسيّة والفلسفيّة والعلوم بكل تفرُّعاتها وتخصُّصاتها ومن كافّة الأطراف المتعلّقة بالأديان والسّياسات وقيادة الأوطان ويسقطوا كلّ الَّذين يقودون الأديان والبلدان بشكلٍ سقيم وعقيم، لأنّ أغلبهم قادونا إلى الجَّحيم والهلاك الذَّميم. وأن يسنّ المفكّرون والعلمانيون ورجالات الدِّين الجدد قوانين دينية جديدة ودساتير دولية وعالمية ومحلّية جديدة، تفيد المجتمع الإنساني ككل، وليس لفائدة فئة على حساب فئات أخرى، بحيث أن تكون القوانين والشرائع والدساتير المسنونة الجديدة أرقى بكثير من الدساتير التي نراها اليوم، والتي أودَت المجتمع البشري إلى أعماق الجّحيم ولا يحرّك المجتمع البشري بكلِّ هيئاته الدِّينية والسِّياسية ومنظّمات الحقوق الإنسانيّة سوى الشجب والاستنكار؟!
وإلى أين قادتنا مواقف الشَّجب والاستنكار؟
قادتنا بحسب ما نرى إلى مواقف أشبه ما تكون بتجارة جحا، أو الضّحك على اللُّحى! وكلّ اللُّعبة لا تعدو فعلاً عن ضحْكٍ على اللُّحى! لُحى مَنْ؟ لُحى المجتمع البشري برمّته!
الموضوع الَّذي نحن بصدده هو بسيط جدَّاً، ويتم حلّه بدقيقة واحدة، ولا يحتاج إلى أيّة صلوات ولا إلى إلغاء مراسيم الأعياد ولا إلى كلّ هذا الحزن الكوني الكبير! الحزن وارد من منظوري بسبب ضحالة الموقف الكوني على كلِّ الجّبهات، وليس من منظور الاختطاف كحالة لأنَّ حلّها بسيط وكما قلت ممكن أن يتمَّ بدقيقة واحدة وذلك من خلال اتصال هاتفي من البيت الأبيض (أو الأصفر!) لأنّني أراه أصفراً فاقعاً وعقيماً! ولو لم يكُنْ فاقعاً وعقيماً لما رأينا ما رأيناه وما نراه. مع هذا بإمكان هذا البيت أن يطرح نفسه فعلاً أبيضاً وصافياً ونقيَّاً ولو لمرّة واحدة! ويتّصل مع أردوغان وبقيّة العصابة المتفشّية في مفاتيح الشّرق، ويقول لهم، صحيح نحن دعمناكم وندعمكم ولكن ليس إلى درجة اختطاف مطارين وقتل رجالات دين في مساجدهم، لقد تجاوزتم الحدود ووضعتم رأسنا في التُّراب.
سيردُّ أردوغان قائلاً، بماذا تأمرنا يا سيّد البيت الأبيض؟
سيقول له سيّد البيت "الأبيظ"!، عيب، أعيدوا المطرانَين إلى كنائسهما لقد شحّرتم وجهي!
سيردُّ أردوغان بكلِّ طاعة، تكرم عينك.
أعتقد أن هذه المكالمة لا تستغرق أكثر من دقيقة! وأعتقد جازماً أن هكذا مكالمة تحلُّ المشكلة من جذورها!
سيتصل أردوغان مع أصحاب اللّحى الَّذين اختطفوا أصحاب لُحى، ولكن شتّان ما بين لحية ولحية! لحية تجزّ الرُّؤوس على الإسم، ولحية تسامح حتّى النِّخاع، ولا أظنُّ أنَّ أيَّة لحية من هذه اللُّحى تصلح لقيادة الأديان والأوطان في هذا الزَّمان!
وهكذا سيخرج المطارنان معزّزين مكرّمين من قبضة الخاطفين عبر طريقة سلسة ورومانسيّة وكأنَّ اللُّعبة كلّها مجرّد تمثيل فيلم سينمائي من إخراج خيال هندي بارع في ستوديوهات هوليود!
هذه كانت وجهة نظر، أشبه ما تكون وجهة نظر كوميديّة في بعض تفرُّعاتها!
ولِمَ لا تكون وجهة نظرنا كوميدية، الكون برمّته يرزح تحت كوميديا ساخرة وسافرة ومريرة، وكوميديا لا تخطر على بال الجَّن!
أليس من العار ونحن في القرن الحادي والعشرين أن نرى البشر يقتلون بعضهم بعضاً وكأنّهم وحوش ضارية؟! إني أرى الوحوش الضَّارية غير ضارية وغير مفترسة مثل الكثير من بشر هذا الزَّمان! بشر آخر زمن!
وصلت تفاهة المجتمع البشري إلى حدِّ لا يطاق ولهذا أرفع شعار: أنا أطالب بإسقاط المجتمع الدَّولي وسياسات الكون برمَّتها، وقياديي رجالات الدِّين في الكون عن بكرة أبيهم، لأنَّ الجميع فشلوا في قيادة البشر، والجَّميع بنسبة ما مجموعة عصابات يتسلَّون في دماء البشر لمصلحة سياسات سخيفة وكراسي تافهة أقل ما يمكن أن أقول عنها بعيدة كلّ البعد عن أخلاق البشر الأقحاح وليس البشر المطعّمين بالسُّموم، والمفخّخين بأنياب أشرس الضَّواري، والكثير منهم لا يحلُّ ولا يربط، فما فائدتهم إذاً!

يبدو لي أن الكثير من البشر يحتاجون إلى إعادة صياغتهم كبشر، لأنّهم دخلوا في مرحلة ما بعد افتراس أشرّ حيوان!
عشنا وشفنا حضارة القرن الحادي والعشرين، حضارة مشنفرة بالتّرهات والعذاب والآهات!!!
خطف، ودمار وخراب، وقتل وعذاب، وألم مفتوح على جبهة الرُّوح، وكل واحد يطرح نفسه عبقري عصره وإذ به من أسقط السَّاقطين!!!

هل خطف مطران هو رجولة أو سياسة أو حضارة أو عدالة أو تطوُّر أم غباء سياسي وديني بإمتياز؟!
هل قتل رجل دين كبير في جامع هو سياسة أو معارضة أو عدالة أو تغيير أو تطوير أو حرِّية رأي؟!
الكارثة الكبرى أنَّ كلّ هؤلاء الَّذين يعتقدون انّهم يفهمون لا يفهمون شيئاً لا في السياسة ولا في الأديان ولا في أبسط أبجديات الأخلاق، فإلى متى سيبقى المجتمع البشري يعاني من انتهاكات هؤلاء المجانين؟!
أقول مجانين والمجانين منهم براء، لأنَّ المجانين على الأقل هم مرضى ومجانين ولكن هؤلاء ليسوا على الأساس مرضى ولكنّهم يتصرّفون بحماقة وصفاقة أكثر من مرضى ومجانين هذا العالم!

صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حالة انبهار
- الحوار الخلاق يقودنا إلى واقعٍ خلاق! حول الأزمة السُّورية وو ...
- لغةٍ شعريَّة كثيفة، جانحة نحوَ حداثة أصيلة، عميقة، لها فرادت ...
- على خدِّيكِ أنقشُ مهمازَ بوحِ القصيدة
- رسالة محبة وفرح وسلام عبر خمسين لوحة تشكيلية في ستوكهولم
- إصدار مجلّة أدبيّة فكريّة عالميّة بعنوان: السَّلام
- ثلاثون مقطع شعري 1 30
- الفنّانة التَّشكيليّة العراقيّة هناء الخطيب تجسّد تجربةً إبد ...
- إصدار ديوان رحلة في بهاء المروج للشاعر صبري يوسف في ستوكهولم
- إصدار ديوان: فيروز صديقة براري الرُّوح للشاعر صبري يوسف في س ...
- إصدار ديوان بخور الأساطير القديمة للشاعر صبري يوسف في ستوكهو ...
- ديوان جديد للشاعر صبري يوسف بعنوان: حالة عشق مسربلة بالإنتعا ...
- السيِّد رئيس الولايات المتَّحدة الأميريكية باراك أوباما
- إصدار الجِّزء الخامس من أنشودة الحياة للشَّاعر صبري يوسف
- لمحة موجزة عن إصدارات صبري يوسف العشرين
- الفنّان حنّا الحائك سيمفونيّة لونيّة من بوحِ السَّنابل
- إصدار 20 كتاب في الشّعر والقصّ والسَّرد والحوار والنقد للأدي ...
- إصدار ديوان جديد للأب يوسف سعيد بعنوان أسلحة خاصّة بمتاريس ا ...
- كتاب جاهز للإصدار، بعنوان شهادات لأدباء وشعراء ونقّاد في أدب ...
- إصدار جديد لصبري يوسف بعنوان مقالات أدبيّة سياسيَّة اجتماعيّ ...


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - حول اختطاف المطرانين وبدايات التَّخريف البشري