أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صبري يوسف - الحوار الخلاق يقودنا إلى واقعٍ خلاق! حول الأزمة السُّورية وواقع الشّرق المرير!















المزيد.....



الحوار الخلاق يقودنا إلى واقعٍ خلاق! حول الأزمة السُّورية وواقع الشّرق المرير!


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4057 - 2013 / 4 / 9 - 03:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وجهات نظر صبري يوسف حول حل الأزمة السورية المستفحلة

عندما ندرس ونحلِّلُ الأزمة السورية والواقع العربي الشرقي الحالي، علينا أن نعود إلى واقع العالم العربي والشرقي قبل حلول ما يسمى بالرَّبيع العربي بسنواتٍ أو عقودٍ من الزَّمان، لأنَّني لا أعتبر أصلاً ما حصل في الشَّرق ربيعاً عربياً، بقدر ما أراه زمهريراً قارساً بإمتياز!

إنَّ الواقع العربي من المحيط إلى الخليج، واقعٌ مرير، يحتاج إلى معالجاتٍ فكرية سياسية اقتصادية اجتماعية ونفسيّة وحياتية، ولكي نعالج هكذا عالم مهلهل، علينا أن نضع أيدينا على الجِّراح المستفحلة في هذا العالم، كي نجد أنجع العلاجات له في قضايا التغيير والتطوير، فالواقع العربي وما يحيط به، مغلَّف بجملة من التَّشابكات والأخطاء الجَّسيمة والممارسات العقيمة التي لا تمتُّ بصلة إلى الرُّؤية الحضاريّة والتنويريّة والتَّقدميّة والدِّيمقراطيّة، ولا تمتُّ بصلة إلى النُّهوض الفكري والاقتصادي والسِّياسي والاجتماعي، ولا تبدو الحكومات أو الأنظمة في العالم العربي أنّها بصدد بناء مؤسَّسات ودول على أسس حضاريّة وديمقراطيّة راسخة، كما هو الأمر عند الكثير من الدول الديمقراطية المتقدِّمة في العالم، بل غالباً ما تسير من سيءٍ إلى أسوأ، وكل هذا بسبب غياب الرُّؤية الفكرية الخلاقة، وطغيان الأفكار المتصارعة الَّتي أدَّت وتؤدِّي إلى حروب مميتة، أودَت البلاد والعباد إلى أعماق الجَّحيم!

يحتار المرء في كيفية إيجاد الخيوط التي تقودنا إلى العبور في أعماق هذا الموضوع، والذي بكل تأكيد يحتاج إلى فريق كبير من البحاثة والمفكِّرين والمختصّين بكلِّ أنواع تخصُّصات بناء الدولة الحديثة بكل تفرُّعاتها، لمعالجة هذه التشابكات المستفحلة والصراعات المعقَّدة والهدَّامة، ولهذا لا يمكن معالجة ما حصل الآن من خلال جرّات قلم ولا من خلال مبادرات من هنا أو هناك، فكل المبادرات التي طرحت نفسها لمعالجة الأزمة السُّوريّة، كانت مبادرات فاشلة، لأنّها مبادرات مبرمجة ومستهدفة من جهة على حساب جهة أخرى، ومبادرات قائمة على رؤى أحاديّة الجَّانب، وغير مستندة على أسس موضوعية ومنطقية وعمليّة لحلِّ الأزمة السورية وما يجاورها وما يرافقها من أزمات، لأنّها ناجمة غالباً عن جملة من المصالح الغربيّة، ومتعلِّقاتها من المصالح في الشَّرق العربي المرير، هذا الشَّرق الَّذي يسترخي على آبار النَّفط، الذي يطلقون عليه الذهب الأسود، بينما أنا أرى نتائج وخيمة لهذا الذَّهب على المنطقة وكأنّه سمّ أسود، فنادراً ما نرى مواطناً في هذا الشَّرق السَّقيم، ينام مرتاح البال، وغالباً ما نراه جاحظ العينين، ينام قلقاً وكأنّه على كفِّ عفريت، خاصَّة في الدُّول المتعلِّقة بهذه الأزمات والصِّراعات المجنونة، ولا يدري كيف تظهر له هذه العفاريت ولا يعرف كيف ممكن معالجة قضية تفريخ العفاريت والحروب والأزمات، وهذه العفاريت ما كانت لتوجد إلا لأنَّ الواقع العربي واقع هشّ ومريض وعقيم وغير حضاري في الكثير من توجُّهاته السّياسيّة والفكريّة والإيديولوجيّة والإقتصاديّة والاستنهاضية سواء من جهة الأنظمة أو من جهة المعارضات.

انّي أنظر نظرة شفقة إلى واقع حال الأنظمة والمعارضات معاً، لما يكنّون في بواطنهم من عناد كبير، فيما يتعلَّق في حلِّ أبسط الأمور وأعقد الأمور، لأنَّ القضية السورية، والأزمة السورية مثلاً، هي أزمة مفتعلة ومتضخِّمة بصيغتها الصراعية العنفية التصفوية الإقصائيّة، لأنه لا يجوز بأيِّ شكلٍ من الأشكال أن تصل الخلافات ما بين النظام والمعارضات إلى هذه الدرجة من العنف والاقتتال والبطش وفتح جبهات هذه الحروب المريرة والمدمِّرة لكلِّ الأطراف، وهي أزمة مفبركة ومقولبة ومخطَّط لها من قبل الكثير من أجندات المنطقة وأجندات الغرب والشرق، لدمار البنية التحتية والفوقية ودمار الشرق برمّته، لتصفية حسابات غربية وشرقية في الكثير من منعرجاتها، لأنَّ سلسلة ما يسمى بالربيع العربي هي عبارة عن سلسلة متعاقبة من الدّمارات، وسلسلة مفتوحة من المشاكل الَّتي لا حلّ لها إلا بعد عقودٍ من الزّمان إذا سارت في هذا السِّياق من العناد والتوجُّه الطّائفي والمذهبي والديني والقومي والإقصائي، لأنَّ توجّهات بناء الدَّولة الَّتي يتم تأسيسها عبر ما يسمى بالرَّبيع العربي، ليست لها أية علاقة بتوجّهات الذين رفعوا شعار الحرّية والكرامة والديمقراطية والرأي والرأي الآخر، وأنا من جهتي أؤيّد رأي الشباب والشابات الذين خرجوا إلى ساحات التحرير وإلى كل ساحات العالم العربي بقصد تحقيق الكرامة والعدالة والحرّية والديمقراطية وبناء الدولة الحديثة على أسس التغيير والتنوير والتطوير والتحرير، ولكن التحرير مِن مَن ولمَن!!!

فهل تحقّقَ التحرير كما كان ينوي شباب وشابات التحرير؟ الجواب لا، وللأسف الشديد بعد أن حقَّق هؤلاء ما لا يمكن تحقيقه من قبل الذين يمسكون بزمام الأمور الآن، على سبيل المثال مصر، فإن نسبة كبيرة من توجّهات الدولة التي جاءت على أساس الثورة والربيع العربي، لم نجد توجّهات شباب وشابات الثورة تُترجم على أرض الواقع، لما كانوا يطالبون به في ساحة التحرير، بالعكس تماماً نجد الآن صراعاً مميتاً ضد توجّهات الدولة التي جاءت على أكتاف شبان وشابات طرحوا أبسط أبجديات الديمقراطية والحرية والكرامة وبناء الدولة الحديثة، لهذا أقول أنَّ الثورة، أو التغيير والتحديث والتنوير، في أية دولة على وجه الدنيا، لابدَّ أن تتم بموجب فكر خلاق تنويري وتطويري وتحديثي، وهذا الفكر التنويري والتطويري والتقدمي والديمقراطي هو بذور الثورة التي ينطلق منها دعاة الثورة والتحرير، وبما أنَّ الأفكار التي كان يطرحها هؤلاء الشبان هي مجرّد أفكار وطموحات غير مثبتة ضمن برنامج سياسي وفكري وإيديولوجي، وغير ناجمة عن توجهات فكرية لقائد ثورة، فلا أرى على الساحة فكراً ثورياً تطويرياً تغييراً نحو الأفضل، قامت بموجبه الثورة، لهذا نرى أن الآخر أو مَن يأتي ويستلم زمام الأمور لا يولي أي اهتمام لتوجُّهات الثوَّار ومن قام بالثورة، وهم أي الثوار كانوا بمثابة مطيَّة أو حطب لاشعال واشتعال الثورة، للذين وصلوا إلى سدَّة الحكم، ويخطأ مَن يظن أن التغيير في مثل هكذا أحوال يأخذ وقتاً وما شابه ذلك، يخطأ تماماً، لأنَّ بناء الثورة في السياق الذي نتحدّث عنه، قائم على مصادفات غير مدروسة وغير محمودة عقباها، لأن الذي استلم ويستلم زمام الأمور في مثل هذه الحالات من الطفرات الثورية، لا يهتم بما كان يحمله الثوار في صدورهم من آمال وتطلُّعات، لهذا على مَن يستلم زمام الأمور أن يلتقي مع الثوَّار ويصيغ برنامجاً سياسياً ودستوراً يلبِّي توجُّهات الثوَّار وإلا لو خالف توجُّهات الثوَّار، فلا أراه يختلف عن النظام البائت أو الفائت، وهو أكثر تخلُّفاً وتحجُّراً من سابقه، وأطالب الثوَّار بالثورة ضدّه، لأنه قطف ثمار أتعابهم ودمهم وركلهم جانباً، لأنه لا يتعلَّم الدروس ممن كانوا قبله، ولم يستفِدْ من أخطاء الذين كانوا قبله فيطرح نفسه عبقري عصره ويبقى ضدّ من صنعوا الثورة، لهذا أرى أن ما حصل ليس له علاقة بالثورة بالمعنى العريض للكلمة، هذا على الأقل في مصر وبقية الدول أيضاً، وأنا أؤمن بطاقات وتطلُّعات وآمال من صنعوا الثورة، ولكني بالمحصلة لا أقتنع بنتائج الثورة لأنها لم تحقِّق الطموح الذي حمله الثوار فوق أجنحتهم! وهكذا نعود في سياق هذه المعادلات المخرومة إلى مربع الصفر أو ما دون الصفر من حيث الطموحات الهادفة لتحقيق الدولة العلمانيّة الحديثة، المستندة على أسس الديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة لجميع أفراد المجتمع!

أين هي نتائج الثورة، هل حقَّقت الثورة الديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة بين المواطنين، هل تمَّ سن دستور يحقِّق طموحات وآمال المواطنين الثوار ومَن يؤمن بآمال الثوار؟ الجواب لا، لم يتحقَّق سوى المزيد من العنف والعنف المضاد، سوى المزيد من الصراع والدمار والخراب، لهذا من خلال مشاهدتي لنتائج "الربيع العربي والثورة العربية"، أطرح رؤية ثالثة أو رابعة أو عاشرة أو ألف رؤية ورؤية، لأن المواقف إزاء القضايا والأزمات التي نحن بصددها لا يمكن إدراجها في خانة مع أو ضد، لأنَّ ما بين رؤية مع أو ضد ممكن ادراج وصياغة وبناء آلاف الأفكار التي تقودنا إلى حلول سليمة وصحّية أكثر من رؤى الأنظمة والمعارضة معاً. لهذا السَّبب أجدُ نفسي بعد دراسة مستفيضة لهذا الدَّمار الذي أراه، أحمل رؤى بعيدة عن توجّهات وآراء الكثير من دائرة الأنظمة والمعارضات معاً، لأنّني لست أصلاً ضمن تنظيم سياسي معيَّن، ولا مع هذا الفصيل ضدَّ ذاك، أنا كاتب وشاعر أفكِّر وأحلِّل أية قضية صغيرة كانت أو كبيرة بشكلٍ مستقل، ولدي اهتمامات بقضايا الأدب والفكر والفلسفة والقضايا السياسية لما يتعلق بالشرق والغرب والحياة ككل، ووجهات نظري تحمل بُعداً إنسانيَّاً أكثر مما تحمل أبعاداً سياسية مصلحيّة ضيّقة كما هو الأمر عند الكثير من الساسة، لأنَّ السياسات والأنظمة والمعارضات، تلطّخت بالدم والحروب والصراعات التي لها أوَّل وليس لها آخر، ولهذا أرى أنَّ الإنسان كسياسي فشل في قيادة الكون إلى حدٍّ كبير، وفشل في قيادة البلاد، خاصة في دنيا الشرق، ومَن يتابعني، سيجدُ لديَّ الكثير من التحفُّظات حتى على سياسات الغرب أيضاً، ولهذا أطرح وجهات نظري بما يخص سياسة الشرق تجاه الشرق وتجاه الغرب وسياسة الغرب تجاه الغرب وتجاه الشرق، وأودُّ أن أطرح وجهات نظر في كيفية إيجاد حلول للأزمة السورية والشرقية والعالم العربي ككل وأزمة الإنسان السياسي في الكثير من بقاع الدُّنيا، وهي مجرّد أفكار ووجهات نظر، وليست بالضرورة أن تكون حلولا نهائيّة، بل ممكن أن تكون بذوراً ومدخلاً للحلول جنباً إلى جنب مع أية أفكار خلاقة تصبُّ في مصلحة الشعب السوري والشرقي ككل ومصلحة الإنسان والحضارة الإنسانية في كل مكان!

قبل الخوض في تفاصيل الأزمة العربية والسورية والشرقية والعالمية، أودُّ الوقوف عند نقطة جوهرية، وهي أنني أطرح بعض وجهات نظري للنقاش والحوار والتحليل والتفنيد، لاستنباط نتائج مفيدة تفيد الجميع، ولست بصدد الوقوف مع طرف ضدّ طرف آخر، لأنَّني مع الجَّميع وضد الجميع بنفس الوقت، حيث أنني مع الجميع عندما يكون لدى الجميع بعض وجهات نظر خلاقة وحضارية وراقية وتنويرية وتطويرية وعادلة ومستندة على أسس العلمانية والديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة، وتحقِّق الكرامة للمواطن عبر كل هذه السياقات المشار إليها، سواء كانت مَن تطرحها الأنظمة أو المعارضات، وفي السياق ذاته ضدّ الجميع عندما يطرح الجميع بعض وجهات النظر العدائية والاستعلائية والاقصائية والعنفية والديكتاتورية والرؤية الأحادية إلى آخر ما هنالك من رؤى قمعوية دموية حربية بطشية تصبُّ في الغاء الآخر والغاء الحوار وعدم الاعتراف بالآخر، لأنَّ هكذا رؤية عنفية قادتنا إلى ما نحن عليه من دمار وخراب وفساد، حيث الأنظمة متشدِّدة ومتشبِّثة برأيها وموقفها على أنّها صاحبة الرأي السديد وبنفس الوقت يطرح المعارضون أنفسهم على أساس أنهم أصحاب الرأي السديد ولا بدَّ من دحر النظام وترحيله وتدميره بأي شكل من الأشكال، وهكذا غصنا ونغوص في بحرٍ من الدَّم والأزمات، وقد نسى النَّظام والمعارضة معاً أنّ كليهما على صواب في بعض الأمور وكليهما على خطأ جسيم في بعض الأمور الأخرى، فلماذا لا يتم الحوار والنِّقاش والاشتغال والتَّركيز على ما هو صحيح وسليم ومفيد للمواطن من كلا الجانبين وتعميقه لصالح الطرفين، وليس تعميق ما هو مختَلف عليه من الجانبين وتصعيد حدّة الحوار إلى الدمار والحروب المفتوحة بطريقة سخيفة أقل ما يمكن أن أقول عنها أنها حروب مجموعة من غير العقلاء وغير الحكماء وغير المستنيرين وغير الحضاريين وغير المناسبين لقيادة الدَّولة الآن أو في المستقبل، طالما يحلان مشاكل وأزمات الدولة على حساب جماجم بعضهما بعضاً!

لهذا أطرح ما يلي، هناك الكثير الكثير من الأخطاء لدى الأنظمة، لدى الدولة السورية، ولدى كل الأنظمة العربية، وقد اعترفَ النظام السوري بأن لديه فساداً وأخطاءً كثيرة لدى فترة حكمه، ولكن في الوقت نفسه كان لديه الكثير من الإيجابيات والعطاء المفيد والمثمر في الكثير من قضايا الحياة على أكثر من صعيد، فلماذا لا يتم طرح السؤال التالي كيف ممكن أن نحل ونعالج أخطاء وفساد النظام، وكيف ممكن أن نطوِّر العلاقة ما بين النظام والمعارضة بكل أنواعها، وأقصد المعارضة السورية من داخل وخارج سوريا، وكل من يعمل في إطار المعارضة من غير السوريين خاصة ممن يحملون السلاح هم مجرد مرتزقة ومجرد دخلاء على سورية فلا يجوز لهم بأي شكل من الأشكال التدخل في حل الأزمة السوريّة، ولا يجوز إطلاقاً أن يأتي أفغاني أو صومالي أو ليبي أو الخ ويحارب ضد النظام ويرفع السلاح في وجه مواطن سوري على أساس أنه معارض وسيحل الأزمة السورية، هذا هو الفساد بعينه، وهذا هو الغباء بعينه، لأن المعارض السوري هو المسؤول عن حل الأزمة السورية وليس المعارض الليبي أو الأفغاني أو الصومالي أو الخليجي لأنَّ هؤلاء الدخلاء يطبقون أجندات أخرى على الأرض السورية تتعارض حتى مع أجندات المعارضة السورية القحّة، حيث يطبقون رؤية سلفية مريرة وسخيفة ولا تناسب العصور ما قبل الحجرية، فكيف ستناسب أصحاب الرؤى الشيوعيّة والتقدميّة والاشتراكية والديمقراطية والليبرالية والقومية، التي تطرحها المعارضة السورية ليل نهار، فإنني أرى أنَّ الصراع الذي سيتفشَّى ما بين المعارضة السورية الخلاقة والوطنية من جهة والمعارضات الدموية السلفية السقيمة والدخيلة على الجسم السوري من جهة أخرى، سيكون أكثر انشراخاً وتفسُّخاً ممّا هو سائد الآن بين المعارضة والنظام، لهذا أرى أن مستقبل سورية كما يتم التخطيط له وفق أجندات ما نراها على أرض الواقع هو مستقبل عقيم ومفتوح على صراعات دموية بلا نهاية، لأنه يتم زج سورية في متاهات ومعارضات غير متفقة على أية توجهات ديمقراطية أو اشتراكية أو تقدمية ولا أرى كرامة ولا حرية ولا مَن يحزنون فيما هم يخططون على أرضِ الواقع، فإذا كان لدى النظام السوري فساداً في بعض إداراته وهو أي النظام يريد معالجة الفساد وقد اقترح على المعارضة أكثر من مرة معالجة الفساد ووضع برامج جديدة لقيادة البلاد، وطرح الكثير من الأجندات التي تصب في التغيير والتحديث والإصلاح والحوار مع المعارضة الوطنية والآن أراه يطرح الحوار حتى مع المعارضة المسلحة ممن يريدون الحوار، لهذا لا بدَّ من الوقوف عند نقطة عناد المعارضة بمطالبتها بتنحي النظام وتجريم النظام. غريب أمر المعارضة السورية، كلّما يتمُّ الاقتراب من الحل أو بوادر الحل، تضع المعارضة السورية العصي في دواليب الحلول والحوار، وبالمقابل لماذا لا تطرح المعارضة على أنها تعاونت مع أجندات أكثر فساداً من فساد العالم العربي برمته من خلال إدخال سلفيين متحجِّرين فكريَّاً، حيث يعتبرون أي علماني هو كافر حتى ولو كان هذا العلماني مسلماً ومن بني جلدتهم، فلا تؤمن جبهة النصرة إلا بأجندتها التي تصب في تدمير سورية ومَن ينظر إلى توجّهاتها يلمس مباشرة أنها غير جديرة أن تبني أفكارها في جبال طورا بورا، فكيف ستطبِّقها في سورية، دولة الحضارات والقوميات والأديان وأمُّ الحضارات؟! كيف خطر على بال المعارضة أن تضع يدها في أيدي هؤلاء المندسِّين إلى سورية وغيرهم ممن يحملون شعارات سلفية مقيتة، كيف ستعمل المعارضة السورية الوطنية والثورة السورية مع هؤلاء الدخلاء الذين يبشرون بتطبيق شريعة ما قبل الغاب، كيف؟؟؟

برأيي أن الخطأ الذي وقعت فيه المعارضة السورية بالتنسيق والتعاون مع جبهة النصرة ومع معارضات سلفية خارجية أخرى دخلت الأرض السورية هو أكثر فساداً من فساد النظام نفسه طيلة وجوده، مع أن النظام اعترف بوجود فساد وأخطاء في عهده، ولا بدَّ من معالجته ودعا إلى معالجته ودعا إلى الحوار مع الجَّميع حتى الآن، لهذا أرى أنَّنا لا نجني أية فائدة من استمرارية العنف والعنف المضاد، سوى المزيد من الخسائر من الطرفين فكلاهما في موقف لا يحسدان عليه، ومن الطبيعي أن يرد النظام على المعارضة المسلّحة بأقصى ما يستطيع من قوّة، لأنه يجد نفسه في موقف الدفاع عن الدولة، خاصة عندما يرى الكثير من المعارضات تتصارع على أرض البلاد، وهذا التوجّه العقيم يقود البلاد إلى الجَّحيم، ولا أبرّيء ساحة النظام من الأخطاء التي وقع ويقع فيها قبل اشتعال الأزمة وبعدها، ولا أبرّئ ساحة المعارضة أيضاً، ولهذا أرى أنَّ الجميع أخطأ في إيجاد حلول ناجعة منذ البداية، وعلى الجميع أن يعترف بأخطائه ويجلس إلى طاولة الحوار لمعالجة الأخطاء ومعالجة الأزمة بحكمة وبما يناسب الجميع وليس الاستمرار بالحروب إلى ما لا نهاية! أين حكمة الطرفين؟!!!

إن المعارضات السورية، غير قادرة على توحيد كلمتها وإيجاد قيادة مشتركة، ولا أرى أي ائتلاف موحّد بين المعارضات السورية فيما بينها، لأنني لا أرى معارضة واحدة موحّدة، بل مجموعة معارضات، حتى أن هناك صراعات وخلافات جوهرية بين بعض المعارضات في الكثير من الأجندات، أكثر تعقيداً وتشابكاً ما بين بعض المعارضين والنظام نفسه، ويبدو لي أنَّ المعارضات المسلحة غير قادرة على التفاهم فيما بينها في كيفية مواجهة النظام، وأرى أيضاً أن الإئتلاف السوري ليس لديه أي رأي أو قرار حاسم في الكثير من أجندات المعارضة المسلحة، بدليل عندما يحضر رئيس الإئتلاف ويصرح تصريحاً ما، كما حصل في لقاء روما، نجد بعض المعارضين المسلحين يسخرون من الإجتماع الذي حضره ومن المساعدات التي تقدمها أميريكا أو الغرب لهم، وهم يريدون أن تسير الأمور وفق أجنداتهم وإلا فالآخرون لا يفهمون حتى ولو كان الإئتلاف السوري نفسه، ولهذا أرى أن هناك شرخاً كبيراً بين الإئتلاف السوري برئاسة الخطيب والذي يمثل على الأساس الجهة السياسية من المعارضة لمخاطبة أي جهة دولية أو عربية أو سورية، فنادراً ما نرى المعارضة المسلحة ترضى بأي تصريح للإئتلاف السوري، فلماذا تشكَّلَ هذا الإئتلاف طالما غير متفق عليه من قبل المعارضة المسلحة، وعلى أي أساس يمثل الإئتلاف السوري الشعب السوري، إذا كان غير مقبول لدى بعض المعارضات المسلحة، فكيف سيكون مقبولاً وممثلاً للشعب السوري؟ لهذا على المعارضة السورية أن تعلم أنها ليست معارضة سورية بل مجموعة معارضات سورية وبعض هذه المعارضات تحمل أجندات ضد بعضها بعضاً، ولهذا لا يمكن حل الأزمة السورية بهذه الطريقة حتى ولو تقدَّم الرئيس السوري باستقالته طوعاً، لأن في الميدان أكثر من طرف يتصارع على قيادة البلاد، وكل معارضة من هذه المعارضات المسلحة لها قوتها على الأرض السورية، ولا يمكن أن تقنع مثلاً جبهة النصرة بالتخلي عن أجنداتها وتوجهاتها السلفية الإسلاموية المتشدِّدة، وغيرها من الجبهات السلفية التي لا يمكن أن ترضى بدون تنفيذ ما في جعبتها من تطلعات سلفية، لا تناسب التربة السورية بأي شكل من الأشكال، وإذا كانت المعارضات غير متفهمة في أجندة مشتركة وموحدة وغير لديها توجهات تصب في قيادة الدولة السورية الموحّدة على أساس علماني وديمقراطي حرّ، ففي هذه الحالة، تكون المعارضة السورية الوطنية والمسلحة والمعارضة السياسية قد وضعت نفسها في فخ جبهات سلفية غير قادرة من الفكاك من هذه الجبهات طالما القتل هو شعارهم، سواء قتلوا أو أُغتيلوا، من هذا المنظور أرى ضرورة توحيد المعارضة السورية ضمن توجًّه واحد مركَّز على بناء الدولة السورية العلمانيّة الحديثة، وذلك من خلال إبعاد جبهة النَّصرة وكل المعارضات السلفية الدخيلة من سوريا كليا، لأنهم ليسوا سوريين وليس لهم الحق إرغام المعارضة السورية الوطنية أو أية معارضة سورية داخلية أو خارجية، بتنفيذ أجنداتها السلفية والطورا بوراويّة التي لا تناسب أي معارض سوري قح، ثم تتقدَّم المعارضة السورية للحوار مع النظام لإيجاد حل سلمي لبناء الدولة السورية القادمة بالطريقة التي تناسب كل الأطراف، لأن لا طريق لحل الأزمة السورية سوى الحوار والحل السياسي.

لماذا حصل ما يحصل في سورية؟
إنَّ ما حصل في العالم العربي وما حصل ويحصل في سورية، ناجم عن حالات احتقانيّة مريرة مرّ بها المواطن العربي، ومَن يعيش في هذه الأوطان من غير العرب أيضاً (كالكورد والكلدو آشور السريان وغيرهم من الأقوام)، لهذا خرج المواطن يعبِّر عن المطالبة بحقوقه وكرامته وحريته وديمقراطيته، ولكن للأسف الشديد هناك أجندات أخرى دخلت على الخط، وبدأت تحصد ثمار هذه الصراعات والخلافات بين النظام والمعارضة وادخلت الأجندات الخارجية أجندات دموية في الداخل العربي والداخل السوري كي تزيد الطِّين بلَّة، والهدف من إدخال هذه الأجندات الخارجية من قبل قوى خارجية وعربية هو غالباً اقتصادي استغلالي ومذهبي وطائفي عقيم، وله أهداف إقليمية ودولية وعالمية، والغرب هو الطرف الأقوى في زرع كل هذه الشوشرات والحروب والصراعات، لأنه ينظر إلى هذه الرقعة الجغرافيّة بإزدواجية متكرِّرة، وهو غير ديمقراطي وغير عادل وغير مهتم في إيجاد حلول جادّة وقويمة لهذه الأزمات والصراعات والحروب. بالعكس تماماً لديه اهتمام كبير في تفاقم الأمور كي يحصد ثمار تَرْكه تفاقمات الأمور تزداد صعوداً نحو الدَّمار، كي يحصد هو ثمار الدَّمار من خلال إعادة الإعمار وبيع السِّلاح ومن خلال عقد صفقات عديدة لا يمكن أن يحقِّقها إلا عبر هذه الحروب والأزمات التي بدأت تفرّخ تباعاً في المنطقة، وهو أي الغرب المساهم رقم واحد في تفريخ هذه الحروب والأزمات في الشّرق وفي الكثير من بقاع الدُّنيا!

تساؤلات مفتوحة موجّهة للمعارضات السُّورية حول الواقع السُّوري

هل المعارضة/المعارضات السورية تحمل بين أجنداتها ما يطمح إليه المواطن السوري بكل قومياته وأديانه ومذاهبه وتطلعاته، وهل تسعى لتحقيق العدالة والمساواة والحرية للجميع، بعيداً عن إقصاء أي طرف طرفاً آخر من الأقليات أو الأكثريات؟
هل المعارضة السورية قادرة على إيجاد صيغة عمل وتفاهم مع جبهة النصرة والقوى السلفية على أن بناء الدولة السورية سيكون على أساس علماني ديمقراطي ويتم بالتالي فصل الدين عن الدولة، أم أنهم سيرفعون لها الراية البيضاء كي تطبق شريعتها المنبثقة من جبال طورا بورا، أو من العصور الحجريّة؟
هل المعارضة السُّورية متفقة فيما بينها، بعيداً عن المعارضة الدخيلة من غير السوريين، أقصد هل المعارضة السورية القحّة سواء في الداخل أو الخارج متفقة فيما بينها، بإيجاد برنامج ودستور يحقِّق تطلعات كافة المواطنين السوريين، وبالتالي تحقيق الحرِّيات السياسيّة والفكرية والدينية والقومية والمذهبية لكل الأطراف بشكل ديموقراطي وتطوُّري وحضاري؟
لماذا لا تطرح المعارضة السورية بمختلف تفرعاتها في الداخل والخارج، برنامجاً مرتكزاً على تطلعات المواطنين السوريين ككل، وبناء عليه يتم حل الأزمة السورية؟
هناك آلاف بل ملايين المواطنين السوريين سواء من المعارضة أو من النظام أو مواطنين حياديين، هل توجّهات المعارضة قائمة على متطلبات الشعب ككل، أم أنها تتصرف بناء على تطلُّعات مجموعة من المعارضين المسيَّسين لهذه الجهة ضد جهة أخرى؟
هل تضع المعارضة السورية بالاعتبار حقوق الأقليات القومية والثقافية أصحاب الأرض الأصلاء منذ آلاف السنين، الكلدو آشور السريان، والأكراد، وأقليات عديدة أخرى عاشوا في الوطن منذ آلاف السنين، وترى ضرورة تثبيت حقوقهم كما يرونه أصحاب الحقوق ضمن دستور البلاد؟
هل درست المعارضة قضية الصراع المذهبي والطائفي والديني ووضعت له حلاً ديمقراطياً عادلاً يحميه الدستور؟
هل توجّه المعارضة في بناء الدولة القادمة هو علماني، وهل المعارضة قادرة على فرض علمانية الدولة على توجهات القوى الدينية السلفية، وكيف ستحل هكذا صراع أم أنها ستكون في حكم الانصياع؟
هل لدى المعارضة برنامج سياسي شامل لبناء الدولة العلمانية الحديثة؟

وفي السياق ذاته أوجِّه بعض الأسئلة للنظام ومَن هم مع توجّهات النَّظام.

هل لدى النّظام الاستعداد التام للحوار مع المعارضة لبناء الدولة السورية العلمانية الحديثة معاً؟
هل لدى النظام برنامج للدولة القادمة، بحيث أن يشمل كافة الأحزاب والتنظيمات السياسية والاجتماعية والفكرية والقومية دون اقصاء أي حزب سياسي بحيث أن يخدم الجميع الوطن بكل اثنياته وقومياته ومذاهبه وتطلعاته بشكل حر وديمقراطي وتثبَّت هذه الحقوق في دستور البلاد؟
هل بدأ النظام يؤمن بالتعددية السياسية وتداول السلطة من قبل أحزاب متعددة، تقررها صناديق الاقتراع، ويفكِّر جدّياً بتثبيت هذا التطلع في دستور البلاد؟
هل لدى النظام الاستعداد التام لقبول الآخر، كجزء من الدولة والوطن في بناء الدولة السورية القادمة؟
هل لدى النظام الاستعداد بالاعتراف أن لديه أخطاء ولدى المعارضة رؤى تساهم في بناء الوطن وتجاوز الأخطاء، فلمَ لا يتعاون الطرفان في حل الأخطاء سويةً؟
وبالمقابل هل لدى المعارضة الاستعداد بالاعتراف أن لديها أيضاً أخطاء ولدى النظام رؤى تساهم في بناء الوطن وتجاوز الأخطاء وبالتالي لا بدَّ من إيجاد حوار بينهما لبناء الدولة على أسس ديمقراطية مشتركة، لكل منهما دور كبير في تطوير البلاد نحو الأفضل وتكون مرجعية كليهما صناديق الاقتراع؟

ولكي نحل الأزمة السورية المدمرة لكل الأطراف، على الجميع قبول الحوار وقبول الحل السياسي بحيث أن يقود الحل السياسي إلى تحقيق حقوق الجميع، ويتم سنّ هذه الحقوق في دستور البلاد كي تسير الدولة بموجب دستور يحمي حقوق المواطن لا أن يتم سن دستور للبلاد يحمي الأكثرية أو يحمي هذا الفريق دون ذاك. كل دستور لا يضمن حقوق كافة المواطنين هو دستور ناقص ومبتور ومنخور، فلا بدَّ من التركيز على حقوق الأقليات التي تمَّ هضم حقوقهم القومية والثقافية منذ عقود من الزمان، وبالتالي إيجاد لغة حضارية ديمقراطية تقدمية تنويرية يستند إليها الدستور وبموجبها يقوم كل مواطن بواجبه الوطني والقومي والفكري والثقافي والاقتصادي والإجتماعي، وقد طرحتُ منذ بداية الأزمة السورية والحراك السوري، بعض الأفكار التي تساهم في حل الأزمة السورية، ولم تتغير وجهات نظري في جوهرها بالرغم من مرور قرابة سنتين على الأزمة السورية، فأنا أرى أن لا بديل لحل الأزمة سوى الحوار البنّاء والخلاق.

لكي نحل الأزمة السورية بموضوعية تامَّة، لا بدَّ من الاحتكام لرأي الشعب السوري برمّته، بدون اقصاء أي طرف منه، بحيث أن يكون القرار والرأي للشعب السوري بكل أحزابه وأطيافه ومؤسساته وهيئاته واثنياته وقومياته وتجمعاته، وبكل مفكريه ودعاة الحرية والديمقراطية والرأي الحر، سواء كان من النّظام أو من المعارضة التشاركية "التي إنضمت منذ البداية إلى بناء الوطن على أرضية الحوار"، والمعارضة المسلَّحة على أن يتم إعلان هدنة ووقف إطلاق النار من كل الأطراف، ثم البدء بالحوار السياسي بدون أي قيد أو شرط، والإنطلاق من جملة من المعطيات التي تقودنا إلى حل الأزمة لصالح كافة الأطراف، وتقودنا إلى بناء الدولة العلمانية الحديثة، بعيداً عن لغة التعصُّب المذهبي والقومي والديني، بل التركيز على الحوار الهادف والبنّاء لإحقاق حقوق كافة المواطنين وتأمين تطلُّعاتهم إلى الحرية والعدالة والمساواة، وذلك بالإنطلاق من توجّهات حقوق المواطنين على كافة الرقعة الجغرافية السورية عبر المنطلقات الديمقراطيّة والأسس الحضاريّة والعلمية التَّالية:

وضع خطّة شاملة لإيجاد ممثلين عن الشعب السوري، يمثلون كل الشعب وبإشراف منظَّمات دولية وعربية ومحلية من كل الأحزاب والمؤسسات والتجمُّعات، وذلك بإنتخاب ممثلين لكل الأحزاب السياسية، والهيئات والتجمعات ولكل مَن يجد لديه رؤى خلاقة تصب في مصلحة الوطن والشعب ككل، بحيث أن يشمل الممثلون كل شرائح المجتمع من النظام والمعارضات والحياديين أيضاً، والمفكرين المستقلين، وعدم إهمال أي شريحة مهما كانت صغيرة أو كبيرة، كي يشمل الممثلون المنتخبون الشعب السوري برمته، وبعد أن يتم انتخاب الممثلين عن طريق الشعب يتم تقديم مقترحات كل حزب وكل مؤسسة وكل هيئة عبر ممثليهم الذين تمَّ انتخابهم، ولنفرض أنه تم انتخاب مائة ممثل عن الأحزاب والمؤسسات والهيئات والمفكرين المستقلين الَّذين يمثِّلون الشعب السوري برمته، حيث يستطيع كل ممثل أن يقدم مئة توصية تتضمّن مئة فكرة، وهذه التوصيات والأفكار تكون منبثقة من تطلعات وتوجهات وأهداف الأحزاب والهيئات التي تمَّ اختيار ممثلين عنها، وهكذا سنكون إزاء مئة (حزب، مؤسسة، هيئة، تجمّع، كتلة، مفكر مستقل، ..)، وكل من هذه الأحزاب، والمؤسسات، والهيئات، والمفكرين المستقلين، لديه/لديها برنامج عمل يتألف من مئة توصية، وبهذا الشكل سيكون لدى مئة حزب ومؤسسة وهيئة وتجمع ومفكر مستقل برنامج شامل يشمل كل تطلعات وآمال وأهداف الشعب السوري، وتتألف منطلقاتهم وتطلعاتهم من عشرة آلاف توصية وهدف وبند! ويتم عرض هذه التوصيات والأهداف والأفكار على الأحزاب والمؤسسات والهيئات والمفكرين المستقلين بإشراف هيئات ومنظمات دولية وعربية ومحلية، للتصويت على اختيار التوصيات الأسلم والأفضل لما يناسب الشعب السوري ككل عبر الممثلين وعلى الشكل التالي:

يتم عرض التوصيات أو البنود المائة لكل حزب أو هيئة أو مؤسسة أو مفكر مستقل، واحداً تلوى الآخر للتصويت على البنود التي تناسب تطلعات أغلبية الممثلين المشتركين، فمثلاً لو وافق الممثلون عبر اشراف دولي وعربي ومحلي على 55 توصية من أصل مائة توصة من توصيات حزب أو هيئة أو مؤسسة ما، يتم إدراج هذه التوصيات الـ 55 ضمن بنود في المنطلقات والأسس الثابتة لبناء الدولة السورية الحديثة وإدراجها في صياغة دستور البلاد الجديد، لأنها تحقق جزءاً من تطلعات شريحة حزبية عبر انتخابات حرة وديمقراطيّة ومراقبة دولية وعربية ومحلية، وهكذا نعرض توصيات كل حزب على حدة على جميع الممثلين، ويتم انتقاء واختيار التوصيات المناسبة بأغلبية الممثلين، فسيتم والحالة هذه تثبيت كل التوصيات والأهداف المقترحة والموافقة عليها من قبل كافة الأحزاب والمؤسَّسات الأخرى والتي تمّ اختيارها من قبل الممثلين، وبالتالي نعمل على إدراج كلّ التَّوصيات التي تم الاتفاق عليها وإختيارها بموافقة الأغلبية، وضمّها إلى دستور البلاد كأهداف أساسية تمثل توجّهات كافة المجتمع السوري بكل أحزابه ومؤسساته وتجمّعاته ومفكّريه المستقلين أيضاً، ثم التخطيط لصياغة دستور جديد يتضمن كل هذه التوصيات كبنود ثابتة في الدَّستور، والتي تمَّ الموافقة عليها بكل سلاسة وشفافية وتضمن بالتالي حقوق جميع المواطنين من خلال ممثليهم، وبهذه الحالة سيكون الدستور هو الحكم في الإنتخابات، وسيكون المرجع الأول والأخير لحل أي خلاف أو أية مشكلة، وبعدها ممكن أن يتم الإعداد لإنتخابات على كافة الأصعدة، حيث أرى والحالة هذه أن يعلن رئيس الدولة إلى حل الحكومة والدعوة إلى تشكيل حكومة جديدة، وتقديم استقالته والدعوة إلى انتخابات رئاسية بإشراف دولي وعربي ومحلِّي، وبإمكان أي مواطن أن يرشح نفسه عبر الأحزاب والمؤسسات التي تمثله، وأرى أنه من الأفضل أن لا يحق للرئيس القادم المنتخب أن يحكم أكثر من دورة انتخابيّة واحدة، كي يفسح المجال لغيره من جهة وترسيخاً لأسس الديمقراطية من جهة ثانية، على أن يحق له في دورة لاحقة أن يرشح نفسه لو أراد حزبه أن يرشّحه، وهذا ينسحب على الرئيس المستقبل أيضاً، وما ينسحب على انتخاب رئاسة الجمهورية ينسحب على نوَّابه، وعلى تشكيل الحكومة ومجلس الشَّعب والإدارة المحلية، وبهذه الصيغة سيكون للأحزاب مجالاً لأن تقدِّم برامجها عبر كل دورة انتخابية وسيكون متاحاً للأحزاب تداول السلطة عبر صناديق الاقتراع بوجوه جديدة وسيتم بناء الدولة الجديدة بخطى ثابتة وراسخة في علمانيّة الدَّولة وبموجب دستور سنّه الشعب ونبع من أحزابه ومؤسساته ومفكريه وممثليه، وسيتم القضاء على العنف والعنف المضاد الذي نراه، وسيكون التنافس سياسياً وتقدمياً واستنهاضياً، وكل حزب وكل مؤسّسة ستحاول أن تقدم أفضل ما لديها من برامج وإلا ستفشل في الإنتخابات، ولا أرى أية صعوبة في تطبيق هذه الأفكار التي تصبُّ في مصلحة الشعب والدولة والأحزاب برمَّتها، وكل فكرة خلاقة ستنمو وتترعرع في هكذا بيئة صحّية، وكل فكرة رجعية وسخيفة وانغلاقية ستهرُّ وستسقط مع الزمن ولا يمكن لأي عاقل على وجه الدنيا أن يتبنَّى أفكاراً هدَّامة ورجعية، لأن الإنسان العاقل والحكيم والحضاري عليه أن يتطلَّع نحو الأفضل وليس نحو العصور الحجريّة والظلامية والرؤية الأحاديّة الانغلاقيّة، ونحن في بداية ألفية جديدة ، علينا أن نواكب حضارة العصر، خاصَّة لأنّ الحضارة نبعت من بلاد الشَّام، وهي من أقدم الحضارات، فلماذا لا نعيد مجد حضارتنا ونبني اللبنة الأولى من جديد ونثبت للكون برمّته أنّنا كنّا وما نزال أبناء حضارة عريقة ولا نحتاج لأي دخيل خارجي، كي يقرِّر مصير بلدنا ووطننا طالما لدينا قوة الحجّة والحكمة ورؤى تنويرية خلاقة تقودنا نحو العدالة والمساواة والحرية والديمقراطية.

هذه كانت وجهات نظري حول كيفية إيجاد حلول سلمية وحوارية تصب في مصلحة الجميع، وهي مجموعة أفكار ممكن أن نصيغ منها مبادرة لأنَّ جميع الشعب السوري عبر هكذا مبادرة يستطيع أن يعبِّر ويترجم رؤاه في بناء الدولة السورية الجديدة، وأرى أن هذه الرؤى والأفكار والمبادرة موضوعيّة وتصبُّ في مصلحة كل الأطراف، ويهمُّني بالدرجة الأولى والأخيرة عبر أفكاري ورؤاي الَّتي طرحتها أن يحلَّ السَّلام والوئام في سورية، من ديريك/المالكية مسقط رأسي الواقعة في أقصى الشِّمال الشَّرقي من سورية، مروراً بكل شبرٍ من سورية، ويعيش المواطن والمواطنة السُّوريّة في أمن وسلام ووئام، وأن يتمَّ حل سلمي وسلس في بناء الدَّولة السُّورية الجَّديدة، على أسس علمانيّة وديمقراطيّة وحضاريّة وتكون قدوة لدول المنطقة ولكلِّ الدُّول الَّتي تريد انتهاج منهج الحوار الخلاق مع الشَّعب كلَّ الشَّعب وممثلي الشَّعب، كي يبني الشَّعب السُّوري عبر ممثليه الدَّولة السُّوريّة الجَّديدة والمتجدِّدة على الدَّوام!


ستوكهولم: 2011، مسودة أولى
2013، صياغة نهائيّة
صبري يوسف
كاتب وأديب سوري مقيم في ستوكهولم



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لغةٍ شعريَّة كثيفة، جانحة نحوَ حداثة أصيلة، عميقة، لها فرادت ...
- على خدِّيكِ أنقشُ مهمازَ بوحِ القصيدة
- رسالة محبة وفرح وسلام عبر خمسين لوحة تشكيلية في ستوكهولم
- إصدار مجلّة أدبيّة فكريّة عالميّة بعنوان: السَّلام
- ثلاثون مقطع شعري 1 30
- الفنّانة التَّشكيليّة العراقيّة هناء الخطيب تجسّد تجربةً إبد ...
- إصدار ديوان رحلة في بهاء المروج للشاعر صبري يوسف في ستوكهولم
- إصدار ديوان: فيروز صديقة براري الرُّوح للشاعر صبري يوسف في س ...
- إصدار ديوان بخور الأساطير القديمة للشاعر صبري يوسف في ستوكهو ...
- ديوان جديد للشاعر صبري يوسف بعنوان: حالة عشق مسربلة بالإنتعا ...
- السيِّد رئيس الولايات المتَّحدة الأميريكية باراك أوباما
- إصدار الجِّزء الخامس من أنشودة الحياة للشَّاعر صبري يوسف
- لمحة موجزة عن إصدارات صبري يوسف العشرين
- الفنّان حنّا الحائك سيمفونيّة لونيّة من بوحِ السَّنابل
- إصدار 20 كتاب في الشّعر والقصّ والسَّرد والحوار والنقد للأدي ...
- إصدار ديوان جديد للأب يوسف سعيد بعنوان أسلحة خاصّة بمتاريس ا ...
- كتاب جاهز للإصدار، بعنوان شهادات لأدباء وشعراء ونقّاد في أدب ...
- إصدار جديد لصبري يوسف بعنوان مقالات أدبيّة سياسيَّة اجتماعيّ ...
- الفنّان حبيب موسى ملك الأغنية السّريانيّة في العالم
- إصدار كتاب جديد: حوارات مع صبري يوسف حول تجربته الأدبيّة وال ...


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صبري يوسف - الحوار الخلاق يقودنا إلى واقعٍ خلاق! حول الأزمة السُّورية وواقع الشّرق المرير!