أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - إصدار ديوان جديد للأب يوسف سعيد بعنوان أسلحة خاصّة بمتاريس الرُّوح















المزيد.....


إصدار ديوان جديد للأب يوسف سعيد بعنوان أسلحة خاصّة بمتاريس الرُّوح


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3827 - 2012 / 8 / 22 - 21:34
المحور: الادب والفن
    



أصدر الأديب والشَّاعر صبري يوسف ديواناً جديداً للأب يوسف سعيد عن طريق دار نشر صبري يوسف في ستوكهولم، حيث كان الأب الرَّاحل قد طلب من صبري يوسف نشر هذا الدِّيوان (عن طريق دار نشره، بعد أن نشر ديوان فضاءات الأب يوسف سعيد: الأرض التُّراب السَّماء الماء)، وتلبيةً لرغبة الأب الرَّاحل تم نشر نسخ محدَّدة كطبعة أولى من الدِّيوان، تأكيداً على تحقيق طلبه ورغبته، وسيتم إصدار الكتاب عن طريق وزارة الثَّقافة والشبَّاب، المديرية العامّة للثقافة والفنون السِّريانيّة في أربيل ضمن إصدارات 2012، مع كلِّ الكتب الَّتي تناولت تجربة الأب الرَّاحل، كالدِّراسات التَّحليلية والنّقدية والشّهادات الأدبيَّة والقصائد التأبينيّة والرِّثائيّة، إضافة إلى كلِّ كتب ودواوين الأب يوسف سعيد المنشورة والمخطوطة بالعربيّة والسِّريانيّة.
ضمَّ الدِّيوان الجديد ثلاث قصائد شعريّة طويلة حملت العناوين التَّالية،
أسلحة خاصّة بمتاريس الرُّوح، المطر، وأميريكا. كما تضمَّن الدِّيوان نصاً أدبيَّاً بديعاً، حمل عنوان: زراعة الشِّعر، تمَّ نشره كمدخل إلى فضاءات القصائد.
استهلَّ الدِّيوان صبري يوسف بمقدّمة طويلة، كما أنّه أعدَّ وأخرج الكتاب بما فيه التَّنضيد الالكتروني والغلاف والرُّسوم الدَّاخليّة، وفاءً منه لصديقه الأب الرَّاحل يوسف سعيد، حيث يعتبره من كبار روَّاد الحداثة الشعريّة ومن القامات الأدبيّة الباسقة!

ننشر فيما يلي مقدِّمة الديوان:

أحببتُ أن أنشر عبر هذا الدِّيوان، نصّاً بديعاً للأب يوسف سعيد، يتحدَّث فيه عن "زراعة الشِّعر"، لأنَّ هذا النَّص يناسب أنْ يكون مدخلاً إلى فضاءات القصائد، لأنّه تضمَّن رحيق الشّعر، فهو يقدِّم عبر النَّصّ رأيه في الشِّعر بأسلوبٍ شعري، لأنَّ الأب يوسف سعيد يكتب شعراً في أيِّ جنسٍ أدبي يطرقه، حتّى عندما يكتب نصّاً أو مقالاً أو يكتب دراسة ما أو مقدّمة ما عن ديوان شاعر ما، لأنّه مجبول بالشِّعر، ففي هذا النَّصّ ينظر إلى الشِّعر وكأنّه زراعة، لهذا عنون نصّه بـ "زراعة الشِّعر"، فيقارنُ الشِّعر وخلود الشِّعر بحبَّات الحنطة وبذور الأزاهير والورود، وهذه الرُّؤية بحدِّ ذاتها دينيّة، حيث ورد في الإنجيل أن حبّة الحنطة لا تنمو إنْ لم تَمُتْ، ولكن الأب يوسف سعيد ربط ما بين الشِّعر والفكر الخلاق أيضاً، لأنَّه يرى الشِّعر في أرقى مراحل تجلِّيات الفكر الخلاق، ولهذا اعتبرَ الشُّعراء حكماء هذا العالم.

ومن خلال قراءاتي لدواوين الأب يوسف سعيد وصداقتي العميقة معه خلال أكثر من عقدين من الزَّمن، تبيَّن لي واضحاً أنَّ الأب يوسف سعيد يحملُ بين أجنحته رحيق الشِّعر، وأراه كإنسان مخضَّب بالشِّعرِ، ومجبول من طين الشِّعر، فهو يشبه نبتة وارفة معرَّشة بالإخضرار الدَّائم والعطاء الجَّانح نحوَ الشَّفافيّة، والصَّفاء، والمحبّة، والخير، والسّلام، والفضيلة، وكأنّه متدفِّق من أحلامِ طفولةٍ أزليّة، تبرعمت في أحشاءِ أمِّه في ليلة قمراء، وظلّت معرَّشة في كينونته الشّفيفة، مرافقةً له طوال حياته، إلى أن حلَّق عالياً، معانقاً زرقة السَّماء، تاركاً خلفه القصيدة ترفرف فوق وجنة الحياة!

كان الأب الرَّاحل على اِمتداد عمره شاعراً في سلوكه، في كلامه، في حياته، في أفكاره، في تطلُّعاته، في كهنوته، في تحاليله، في توجّهاته الحياتيّة، والتأمُّلاتيّة، وقلت له في إحدى حواراتي التِّلفزيونيَّة الَّتي أجريتها معه، أبونا إنّك تتنفَّسُ شعراً.

والبديع في شخصيَّة الأب يوسف سعيد أنّه كان جاهزاً لكتابة الشِّعر أينما كان، وفي كلِّ زمانٍ ومكان، حيث كتب هذه القصائد في أماكن متفرِّقة من العالم، ففي إحدى زياراته للأهل والأصدقاء في أميريكا، كتب قصيدة طويلة بعنوان: "أميريكا"، وإنَّ مَن يقرأ القصيدة قراءة تحليليّة نقديّة دقيقة، يرى أنّها تتميّز بتدفُّقاتها الرَّائعة والمعهودة كبقيّة قصائده المتفرّدة في التَّدفُّقات الخلاقة ذات النَّفس الطَّويل، والبديع في الأمر أنَّه لا يشعر نفسه ضيفاً ولا يطرح نفسه ضيفاً على ما يبدو، حيثُ يبحثُ أوَّل ما يحطُّ به الرِّحال عن أقلامٍ وأوراقٍ بيضاء، وربّما يأخذ احتياطاته قلميّاً وورقيّاً، لهذا نراه يتوجّه نحو ركنٍ قصيٍّ، حتَّى ولو كان بلكوناً أو حديقة عامَّة أو أيِّ ركنٍ من أركان غرفة في الشّقّة الَّتي ينزل فيها ضيفاً في إجازته، فلا يكترث لأيِّ شيء حوله سوى الشِّعر، فتراه ينسى نفسه مع القصيدة ويكتب ويكتب ولا يرتوي من الكتابة، حتّى أنّه قال لي أكثر من مرّة، إنّه عندما يغوص في أعماق القصيدة ويتدفَّق، ينسى المكان الَّذي فيه، فلا يعرف بالضَّبط أين هو؟ في منزله، في القطار، في حديقة، في استراحة، في طائرة ... ؟ لأنّه يعيش لحظات ولادة النَّصّ بكلِّ جوارحه ومشاعره، فتهيمن عليه الحالة الإشراقيّة لولادة النّص هيمنة تامّة، فيستسلم لما تمليه عليه مخيَّلته من تدفُّقات وإشراقات وارفة، بشهقة إبداعيّة موصولة، فلا يهمُّه شيئاً في تلك اللَّحظات سوى كتابة النَّص، لأنَّه منغمس في رشرشة مشاعره وعفويَّته وعوالمه فوق تربة النَّص، فتولد القصيدة من رحم الذَّاكرة البعيدة والخيال الجَّامح في أرضٍ خصبة، ولا يحتاج الأب يوسف سعيد إلى محفّزات للكتابة، بقدر ما يحتاج إلى اقتناص الومضة الَّتي ترافقه لحظة انبعاث الاشراقة الشِّعريّة، فيستولدُ جُملَهُ الشِّعريِّة أحياناً كثيرة من وحي كلمة واحدة، فتصبح محور القصيدة، وتكون بمثابة الشَّرارة الأولى والومضة الشِّعريَّة المتجدِّدة على مدى مساحات النَّص، مركِّزاً على سبيل المثال على مفردة واحدة، ربَّما تكون كلمة، أو اسم ما، فكرة ما، حالة انفعاليّة، موقف ما، أو عنصراً من عناصر الطَّبيعة، أو مدينة، دولة، قارّة، أو ربَّما تكون مفردة لها مدلول كبير في الطَّبيعة أو في فضاء السَّماء.
غالباً ما يبني الأب يوسف سعيد عـوالم وفضاءات النَّص من ومضة اشراقيّة، لأنّه مشحونٌ بطاقات دفينة للإستجابة للكتابة.

ويشعر المتلقِّي أثناء قراءته لنصوصه الشِّعرية الطّويلة ذات النَّفس الملحمي، وكأنَّها لا تنتهي أبداً، لأنّه يُعيد ترديد الكلمة ذاتها عشرات بل مئات المرّات، وفي كلِّ مرةٍ يستخلق بناءً بديعاً جديداً، غالباً ما يكون شعره أجمل وأبهى من الشَّيء الَّذي يحتفي به. نراه يدخل في عوالم ماضيه وحاضره وخياله، فيتداخل الخيال في الواقع، فتتلوَّن الرُّؤى الفكريّة الَّتي يحملها، ثم يشطح إلى عوالمه العميقة وكأنّه في رحلة حلميّة باذخة شعريّاً، وهكذا يتدفَّق مثل زخّاتِ مطرٍ، يكتب ويكتب ولا يتعبُ حتّى من التَّعبِ، يبدو لك وكأنّه في بحر عميق الأغوار ينسابُ فرحاً، لأنّ نصّه يصبُّ في مرافئِ الفرح والسَّلام والمحبَّة والصَّفاء والسُّمو والارتقاء نحو نسائم الهواءِ العليل فوق أعالي الجِّبال. ويبدو لي أنّه لا يرى سوى روعة الحياة، وروعة السَّماء وروعة الجَّمال، وروعة الطّبيعة، أنّه شاعر يبحث ويترجم جمال روحه وجمال الطَّبيعة وجمال الشِّعر وجمال الحياة بكلٍّ تفرّعات أهازيجها وأريجها، فلا يكترث لمادِّيات الحياة ولا يهتم بنفسه، كزمن، كعمر، لأنّه يعتبر نفسه مسافراً في هذا الفضاء في ليلةٍ غافية على تواشيح خيوط الصَّباح، وجُلّ ما يهمُّه ويركّز عليه في الحياة هو هذه القصيدة المسافرة في صباحٍ باكر إلى أعلى الأعالي، مسافرة بين زرقة الأعالي وبهجة الرُّوح حيث بسمة الطُّفولة تطغى على كلِّ نصوصه وكأنّه طفل ظلَّ معجوناً بأجنحةِ الطُّفولة من حيث عفويَّة النَّص، ومن حيث براءة الرُّوح والتَّطلُّع والتَّعبير، مركِّزاً على ديمومة الشِّعر وأزليّته، حيث يشبِّه الشِّعرَ بالزَّهرة الَّتي تذبل وتذري أوراقها الرِّياح، لكن بذرتها تظلُّ في أخاديد وأحضان الأرض، فتنمو من جديد أثناء قدوم الرَّبيع وتكتسي ببهائها وبراعمها الجديدة، فتولد ثانية بذات الرَّوعة وذات القامة والجَّمال، ويعتبرها الأب يوسف سعيد مستولدة ومستنبتة من جسمها الأصلي من خلال الحبّة والبذرة الَّتي تغفو بين أحضان الأرض، وهكذا يُعيد الأب يوسف سعيد كلَّ شيءٍ إلى حبّة الحنطة وإلى بذرة الزَّهرة، ويبدو أنّه مصيب في رأيه إلى حدٍّ بعيد، وفي هذا السِّياق يعتبر الشِّعر مثلَ أيَّة زهرة أو نبتة أو كائن حي، لأنّه يرى، "الشِّعرُ بكلِّ طاقاته وأفعاله ونموّ حركاته من حبَّة الشِّعر، والشِّعر حبَّة، براها اللَّه من عاطفة الشِّعر الَّذي لا يموت، فهو من مجد أبديّ يتكوَّن ويتدفَّق ألواناً وروائح في أزليّته الأبديّة.".

ثم يتوقَّف مستدركاً استمراريّة ديمومة الشِّعر الرَّاقي، وليس أي شعر، حيث يرى أنّه من الممكن أن يموت الشَّاعر ويموت شعره معه، ولكن الشِّعر الأصيل المفعم بالأصالة الشِّعريّة الخلاقة، باقٍ للأبد، من خلال بذرته الأصيلة، المنبعثة من أعماق الشّاعر، فلا تنضب هذه البذور، ويبقى رحيق الشِّعر عبر بذورها الَّتي تستولد عبر دورة الحياة، من جيلٍ إلى جيل. ولكلِّ عصرٍ وجيل أسلوبه في كتابة الشِّعر، ومعايشة الشِّعر، واستلهام الشِّعر، فهو يسترجع سلوك البشر إلى الشِّعر بطريقة راقية، حيث يرى الأب يوسف سعيد أنّه ممكن أن نتحسَّسَ الشِّعر في قرانا وريفنا، فمثلاً يُعيد غناء وبكاء ورقص الفلاح إلى الشِّعر، ويعتبر اللُّغة ما خُلِقَت على شفاهنا لولا عاطفة الشِّعر، لأنَّ الإنسان لا يخلو على حدٍّ قوله من طاقات الشِّعر!

برأيي هذه مدرسة أو رؤية غير مطروقة في عالم الشِّعر، لأنَّ الأب يوسف سعيد ينظر إلى الشِّعر من منظور خلاق، صحيح هو منظور شخصي وفردي غير أكاديمي، لكنّه يحمل في ثناياه رؤية عميقة، لأنَّ رؤيته شاعريّة خالصة، فهو مفطور ومجبول بالشّعر، لهذا رؤاه مستنبتة ومبرعمة في كيانه الشَّفاف من منظور فطري، روحي، إنساني، طفولي، وهنا أودُّ التَّوقُّف عند تجربة الأب يوسف سعيد كشاعر حداثوي خلاق، ومبدع من الطِّراز الرَّفيع، ومن روّاد الحداثة الشِّعرية في العالم العربي. أتساءل كيف تجاهل النُّقّاد هكذا تجربة شعريّة فريدة من نوعها، كلّ هذه العقود من الزّمان، وكيف أرى بين حينٍ وآخر، أقلام النّقاد يتناولون شاعراً من هنا وشاعراً من هناك، وينعتونه بصفات وألقاب مبدعة، ويضعونه في رأس قائمة الإبداع الشِّعري، في حين أن هذا الشّاعر لا يعدو عن كونه شاعراً عاديَّاً بإلكاد خطى خطواته الأولى؟! ولو قارنّاه بقامة إبداعيّة كالأب يوسف سعيد، نجدُ أنّه يحتاج إلى عقودٍ كي يسبر أغوار شعر الأب الرَّاحل، مع هذا نرى تجاهلاً كبيراً للقامات الشِّعريّة الحقيقيّة والأصيلة والَّتي رفدت الشِّعر الصَّافي، رفداً بديعاً، فهل يعود السَّبب إلى النُّقاد أم إلى المؤسَّسات أم إلى الأب يوسف سعيد نفسه، لعدم قدرته ومعرفته في ترويج شعره ووضعه في المقام الصَّحيح؟

من جهتي أضع الملامة على كلِّ تلك الجِّهات بما فيهم الأب يوسف سعيد، ولكن عتبي وملامتي على الأب يوسف سعيد تضعف إلى درجة أنّني أسحب عتابي عنه كلِّيَّاً، لأنّه بالأساس كان شاعراً لا يبحث عن شهرةٍ أو جاهٍ، ولا عن نقَّادٍ يكتبون عنه ولا يبحثُ عن ترويجٍ لشعره وما كان يفكِّر بالأرضيات، حتّى أنِّي أكثر من مرّة عاتبته في مسألة في غاية الأهمِّية، حول موضوع إرساله عشرات القصائد والنُّصوص إلى جريدة القدس العربي ونشرها، دون أن يحتفظ بنسخة أصليَّة ولا بالنّسخة المنشورة، فتضيع الكثير من نصوصه وقصائده مع الزَّمن، فكان يقول لي، فعلاً لا بدَّ من أرشفة أشعاري، ولكنِّي لا أبحث عن الشُّهرة ولا عن جاهٍ أو مجدٍ مردِّداً، "إنَّما المجدُ لمَن يأبى المقام"، قاصداً أنّها أمجادٌ آنيّة زائلة.

في هذه النُّقطة كنتُ أخالفه الرَّأي تماماً، فالقضيَّة ليست قضية شهرة أو جاه أو مجد، القضيّة وما فيها أنّه مبدع كبير ولا بدَّ من الحفاظ على إرثه الشِّعري الرَّاقي، ومن جهة أخرى فإن أيّ مبدع على وجه الدُّنيا، وفي أيِّ مجالٍ كان، سيصبحُ مشهوراً ومعروفاً لأنَّ نصَّه وفنّه وشعره وإبداعه يقوده ويضعه في هذه المكانة، فأينَ الضَّير في أن يكون الأب يوسف سعيد معروفاً جدَّاً ويتوقّف عنده النُّقاد سواء أحبَّ هذا أو لم يُحِبْ!

وهنا يأتي عتبي أضعافاً مضاعفة على الجِّهات المعنيّة بالأدب الرَّاقي، وعلى النّقاد الأكاديميين وغيرهم من الجِّهات المعنيّة في مجال الإبداع، عليهم جميعاً يقع اللَّوم كلَّ اللَّوم، لاغفالهم هذا الأديب المبدع، ولا بدَّ من الوقوف عند هكذا تجربة والبحث في مضامين وأعماق كلّ نصٍ كتبه الأب يوسف سعيد، حتَّى ولو كان بضعة سطور وأرْشَفته وبالتَّالي إسناد هكذا مهمّة لأكثر من جهة وطرف ومتخصِّص وناقد للوقوف عند هذا الأدب الرَّفيع، لأنَّه ثروة أدبيَّة ثمينة، كي نعطي للأب الرَّاحل حقّه من جهة وكي يبقى أدبه مرجعاً هامَّاً للأجيال القادمة وما بعد القادمة من جهةٍ أخرى، خاصَّة أنَّني أجد إنحساراً في مجالات الأدب والفنِّ الخلاق، وجموحاً بل جنوحاً مخيفاً نحو مادِّيات الحياة، محوِّلين الأدب إلى مادّة استهلاكيّة في الكثير من ممارساتهم وأعمالهم!

كيف يكتب الأب يوسف سعيد القصيدة؟
لا أحد يعلم كيف كتب الأب يوسف سعيد القصيدة، حتّى هو نفسه لم يشرح لنا كيف كتب ويكتب القصيدة، كلّ ما قاله هو أنَّه وُلِدَ شاعراً وسيموتُ شاعراً، ولكن بالرُّغم من كلِّ ما قاله الأب يوسف سعيد في هذا السِّياق، أرى أنَّه تشرَّب رحيق الشِّعر منذ باكورة عمره وهو يدرس الرَّهبنة، حيث كان يحصل على كتب جبران خليل جبران وغيرها من الكتب ويقرأها، مع أنّ قراءتها كانت ممنوعة في الدِّير، إلا أنَّ يوسف سعيد الفتى، ما كان يتقيّد بتوجيهات وتعليمات الدِّير نفسه، لأنّه كانَ متمرِّداً على هكذا قرارات مجحفة بحقِّ الرّهبان وحقِّ الإنسان، وقد ظلَّ متمرِّداً على كلِّ ما هو غير مقنع لعقله ولذاته وطموحه وتطلُّعاته، ظلَّ يحمل قيماً رائعة طوال حياته، كالمحبّة والمسامحة والصَّفاء والسُّموّ والنُّبل، وقيم الخير والسَّلام والعطاء، وهكذا ترعرعَت شخصيَّته بكلِّ هذا الصَّفاء الرُّوحي والذِّهني، وتشكَّلت عنده طاقات فكريّة وتطلُّعات جديدة في الحياة، فلم يجد أرقى من ترجمتها عبر الشِّعر، فبدأ يبدأ كتاباته الأولى بأسماء مستعارة، لأنَّه ما كان مسموحاً له الكتابة في الدّير، وحالما وجد فسحةً من الحرّيّة بدأ يكتب مترجماً عوالمه بإسمه الصَّريح، ورويداً رويداً بدأ يكتب الشِّعر علناً وينشره بإسمه بدون أيِّ تردُّد، وقد توقَّف عن متابعة دراسة الرَّهبنة، حيث استجاب لنصيحة أحد الرّهبان الَّذين سبقوه في الرَّهبنة، وتزّوجَ ثم رُسِمَ قسيساً في إحدى كنائس كركوك.

يتواصل الأب يوسف سعيد مع موجودات الحياة بحساسيَّة مرهفة جدّاً، فنراه يتوقّف عند هطول رذاذات المطر، يكتب شعراً عن النَّدى، عن المطر، عن رابية جميلة، عن الهواء العليل المنساب من ثغورِ الجِّبال، عن النّوارج، وعن الحصاد في مواسمه الأخيرة، عن الشَّمس وهي في أوج إشراقتها وفي أوِّل بزوغها وعند غروبها وفي كلِّ مراحلِ سطوعها، كما أنَّه يرى أن رغيف الخبز الَّذي نأكله يتحوّل رحيقه إلى دم الشِّعر، وهكذا يتماهى مع انبعاث الشِّعر من أعماقه، كأنَّه جاء إلى الحياة ليكتب لنا شعراً من أقصى ظلالِ براري الرُّوح، وكي يقول لنا أنَّ الشِّعر ومروج السَّماء توأمان لإنتعاش الرُّوح، والرّوح هي منبع تدفُّقات الشِّعر الصَّافي، لهذا نرى نصّه ينساب ما بين النُّزوع الرُّوحي والمادِّي، فالجَّانب الصُّوفي اللاهوتي والجانب الأرضي صنوان متلازمان في أغصان القصيدة عند الأب يوسف سعيد، ويسربل هذه التَّدفُّقات بإيقاع سريالي أحياناً وترميزات وتشبيهات بديعة تارةً أخرى، ولو دقَّقنا في خيط القصيدة عند الأب يوسف سعيد نجده غير مكترث لخيط القصيدة، ولا نعثر لأيَّةِ خيوط بقدر ما نقرأ إيقاعات شعريّة راقصة، مبهرة، كأنّها مندلقة من شهيقِ النّيازك وبسمات النُّجوم، ومن زخَّات المطر المتهاطل فوق خدود الأطفال في صباحٍ باكر.

ينتقل من صورة إلى أخرى، فيأخذك إلى مساحات فسيحة، لا يمكن التكهّن بما سيأتي بعد أيّة جملة، حتّى أنّكَ أحياناً تشعر أنَّ لكلِّ جملة شعريّة عالمها الخاص، المتميّز والمتفرِّد، وعندما تسأل الأب الشَّاعر عن سرّ هذه التَّنقُّلات المتعدِّدة في غزارة الصُّور الشِّعريَّة، يضحك بكل فرحٍ قائلاً، لا أعلم كيف حبكْتُ كلّ هذه الصُّور، ثم يسألك بدوره هل فعلاً أنا الَّذي كتبَ هذه الصُّور الشِّعريّة، فيدهشك سؤاله، كما يدهشك شعره!

وهنا أتساءل ماذا قدَّم رامبو، ونيرودا، وإيليوت، وجبران، وأدونيس، وأنسي الحاج والماغوط وغيرهم كثير في عالم الغرب والشَّرق، أجمل وأرقى ممَّا قدَّمه الأب يوسف سعيد في بناء إشراقات الجُّملة الشِّعريّة الخلاقة؟!
ولا أقصد إطلاقاً الإقلال من شأن هذه القامات الشِّعريّة، ولكنِّي فقط أحببتُ الإشارة إلى قاماتٍ شعريّة سامقة، والأب يوسف سعيد لا يقل عنها إبداعاً، فلماذا لا يتمُّ الاهتمام به من قبل النُّقّاد والجِّهات المعنيّة الآن، الآن قبل فواتِ الأوان!!!
أتوقَّف هنا على سبيل المثال لا الحصر، عندَ ديوان رامبو "فصل في الجَّحيم"، والَّذي قرأته عدة مرَّات، أعجبني بكلِّ تأكيد، حتّى أنَّ الأب يوسف سعيد نفسه، كان معجباً جدَّاً برامبو بما فيه هذا الدِّيوان، ولكن مع كلّ هذا لم أجد رامبو في ديوانه هذا متفوِّقاً أو متقدِّماً عمّا قدّمه الأب يوسف سعيد في ديوان "السَّفر داخل المنافي البعيدة"، وديوان "فضاءات الأب يوسف سعيد: الأرض التُّراب السَّماء الماء"، أو ديوان "الموت واللُّغة"، الذي كتبه في بيروت وهو في الثلاثينات من عمره، وغيرها من الدَّواوين.

لا شكّ أن ديوان رامبو، "فصل في الجٍّحيم" رائع جدّاً، لكن الأكثر روعةً هو نصّ الطُّفولة للأب يوسف سعيد، والَّذي يعتبر مدخلاً بديعاً لعوالم طفولته، وكم أنا سعيد أنَّني سجّلت القصيدة كاملةً بصوت الأب الرَّاحل في إحدى لقاءاتي التِّلفزيونيَّة معه، ستبقى بالصَّوت والصُّورة مرجعاً هامّاً للأجيال القادمة ومثالاً حيَّاً للنقّاد والباحثين في أصالة وحداثة شعره الخلاق.

وردني من الأب يوسف سعيد في عام 1999، ثلاث قصائد جديدة، بعد أن نشرتُ له ديوان، "فضاءات الأب يوسف سعيد: الأرض التُّراب السَّماء الماء"، حملت القصائد العناوين التَّالية: أسلحة خاصّة بمتاريس الرُّوح، المطر، وأميريكا!
قصائد طويلة نسبيّاً، وأتذكَّر جيّداً، أنَّني بعد أن إطَّلعتُ على قصيدة "أميريكا"، وقرأتها عدّة مرَّات، اتصلت معه قائلاً، يا "أبونا" ماذا عملتَ؟! ما هذه القصيدة؟ فقال أية قصيدة؟ فقلت قصيدة أميريكا، فأجابني: ما رأيك فيها، فقلت له القصيدة رائعة
جدّاً، وهذا ما أغاظني كثيراً!
كيف أغاظتك القصيدة وأنتَ تقول أن القصيدة رائعة جدّاً؟
لم أقل لكَ أن القصيدة أغاظتني، بل الَّذي أغاظني هي أميريكا ـ الدولة، وليس أميريكا ـ القصيدة، وأنا أرى أنَّ القصيدة فوق مستوى أميريكا، وأميريكا لا تستحقُّ هكذا نصّ بديع، لهذا أنا مغتاظ جدّاً. ضحك أبونا قائلاً، لا تغلط يا صبري، فأميريكا جميلة بجسورها وعمرانها وغاباتها وطائراتها وناطحات سحابها وكلّ ما فيها يجعلك أن تحلِّقَ في فضاءات شعريّة جمَّة، وقصيدتي نابعة ممَّا قلتُ لكّ وليس من أميريكا كسياسة.
ولكن بالنَّتيجة أميريكا تبقى أميريكا كدولة كسياسة. أجابني، لا يا صبري هناك فرق كبير، بين أميريكا كسياسة وأميريكا كمدنيّة وحضارة وعمران وحياة ثم استرسل أبونا في إعجابه في ناطحات سحاب وجسور أميريكا. فقلت له كلّ هذا أقبله ولكن، ألا توافقني الرأي أنَّ أميريكا بسياساتها تلتهم الأخضر واليابس لكثير من دول الشَّرق بمن فيها العراق!
لا تنسَ يا صبري أنّني كاهن، ومتصالح مع ذاتي ومع العالم، فلا أنظر إلى الآخر كعدو، حتى السَّيِّد المسيح قال، اغفروا لهم خطاياهم ..، وبدأ يركّز على المسامحة، ثم قال لي، أشكرك جدّاً لأنَّك تعتبر قصيدتي أحلى وأفضل من أميريكا!
ثم طلبتُ منه طلباً، فقال لي طلبك مستجاب، خاصَّةً لو تعلَّق بكتابة نصٍّ شعري، فقلت وهو كذلك، فقال اطلب واتمنّى، فقلت يا ريت أبونا لو تكتب قصيدة من وحي عوالم ستوكهولم، تحدِّياً لأميريكا بحيث أن تكون أحلى من قصيدة أميريكا، جكارةً في أميريكا، لأنَّ ستوكهولم مدينة بديعة جدّاً، مسترخية على غابات وبحيرات في غاية الرَّوعة، والسُّويد كما تعلم دولة منحازة للسلام أكثر من أميريكا المنحازة لحروبٍ لها أوَّل وليس لها آخر!
فقال لي، ولا يهمّك يا صبري، سأحقِّق طلبك.

أتساءل هل كتب الأب يوسف سعيد قصيدةً من وحي عوالم ستوكهولم؟! أتمنّى أن يكون قد حقَّق رغبتي، محتفظاً بهذه القصيدة بين عوالم قصائده المتناثرة في مكتبه العاج بالقصائد والكتابات والرِّسائل والدّواوين والدِّراسات والكتب المقدّسة والكتب التَّاريخية والفلسفيّة والدِّينيّة والفنّية والفكريّة والأدبيّة!

يبدو لي بكلِّ وضوحٍ أنَّ الأب يوسف سعيد استمدَّ شاعريَّته وتدفُّقاته من فضاءات الكتاب المقدَّس، بعهديه القديم والجَّديد. حتّى أنّه استلهمَ من وحي قراءته سِفر الرُّؤية ديواناً شعريَّاً سمّاه "سِفر الرُّؤية"، لكن رؤية الأب يوسف سعيد، المستوحاة من سفر الرّؤية، هي منبعثة أيضاً من سِفر رؤياه في الحياة!

ومن هذا المنظور يبدو لي وبكلِّ وضوحٍ، أنَّ الأب يوسف سعيد متصالحٌ بصفاءٍ كبير مع ذاته ومع الآخر، كائناً مَنْ كان هذا الآخر، فلو كان رجالات الدِّين المسيحي بهذه المصالحة الرّاقية مع الذَّات ومع بعضهم بعضاً، لكانت المسيحيّة والمسيحيّون بألف خير!

ولو كان رجل الدِّين الإسلامي متصالحاً مع ذاته ومع ذوات الآخرين بهذا الصَّفاء، لكان الإسلام والمسلمون بألف خير.

ولو كان رجل الدِّين اليهودي متصالحاً مع ذاته ومع ذوات الآخرين بهذا الصَّفاء، لكانت اليهوديّة واليهود بألف خير.

ولو كانَت الأديان كلَّ الأديان على وجه الدُّنيا، متصالحة مع ذاتها ومع الأديان الأخرى بهذا الصَّفاء الَّذي اِتَّسم به الأب يوسف سعيد، لكانت البشريّة بألف ألف خير.
فهو الأب الرُّوحي الَّذي فهم الدِّين بكلِّ أعماقه وسموِّهِ وفضاءاته، وعناقه مع الأرضِ والسَّماءِ، لهذا كتبَ شعراً منبعثاً من وهجِ السَّماء ومن مآقي الزُّهور، مُعبَّقاً بنكهةِ المطر!

ستوكهولم: آب (أغسطس) 2012
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتاب جاهز للإصدار، بعنوان شهادات لأدباء وشعراء ونقّاد في أدب ...
- إصدار جديد لصبري يوسف بعنوان مقالات أدبيّة سياسيَّة اجتماعيّ ...
- الفنّان حبيب موسى ملك الأغنية السّريانيّة في العالم
- إصدار كتاب جديد: حوارات مع صبري يوسف حول تجربته الأدبيّة وال ...
- إصدار كتاب جديد: حوارات مع صبري يوسف حول تجربته الأدبيّة وال ...
- إصدار كتاب جديد لصبري يوسف: ديريك يا شهقة الرُّوح 2 2
- إصدار كتاب جديد لصبري يوسف: ديريك يا شهقة الرُّوح 1 2
- إصدار كتاب جديد بعنوان: حوار د. ليساندرو مع صبري يوسف
- إصدار الجزء الثالث من أنشودة الحياة للشَّاعر صبري يوسف
- إصدار ديوان جديد للشاعر صبري يوسف
- صبري يوسف ضيف مايا مراد للنقاش حول تجربة الأب يوسف سعيد
- لقاء الشاعر مروان الدليمي مع صبري يوسف عبر فضائية عشتار
- إصدار كتاب جديد للأديب والشَّاعر صبري يوسف يتضمَّن: شهاداته ...
- إصدار مجموعة قصصيَّة جديدة للأديب الشَّاعر صبري يوسف
- إصدار ديوان جديد للأديب الشَّاعر صبري يوسف: أنشودة الحياة، ا ...
- حوار رمزي هرمز ياكو مع الأديب والفنَّان التَّشكيلي صبري يوسف
- إحياء حفل تأبين أدبي كبير للأب يوسف سعيد في أربيل
- حفل تأبين أدبي كبير للشاعر المبدع الأب د. يوسف سعيد في أربيل
- مشاركة الأب أيوب اسطيفان في حفل التأبين الأدبي للشاعر المبدع ...
- مشاركة الشاعر جوزيف قسطن في حفل التأبين الأدبي للشاعر المبدع ...


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - إصدار ديوان جديد للأب يوسف سعيد بعنوان أسلحة خاصّة بمتاريس الرُّوح