أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد سعد - مدفع نمر وصمدة ذيبة














المزيد.....

مدفع نمر وصمدة ذيبة


احمد سعد

الحوار المتمدن-العدد: 1171 - 2005 / 4 / 18 - 10:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من غير شور ولا دستور احتلت هواجسي ليلة امس الاول، همست بصوت كأنه آت من بعيد، يا دوب ينسمع "تنساش يا ستي قبل ما تروح على مسيرة العودة الى هوشه والكساير تميّل على بلدنا، امانة يا "سويد اليمن" ان تزور المقبرة وتسقي حوض النعناع على قبر جدك الشهيد ابو القاسم، ولا تنس قراءة الفاتحة على روح شهداء بلدنا جميعا الذين قدموا ارواحهم فداء للوطن في المعركة ضد الانجليز المستعمرين والصهاينة. بمعية زوجي اتمتع معه في الجنة، فالعلي القدير خصص لشهيد الوطن دونما في الجنة. بصراحة يا ستي بلدنا اجمل جنة، يوم العودة وصيتي ان تدفنوني في تراب مقبرة البلد بجانب زوجي!!
لم يمهلني ابني قريد العش مواصلة حلمي الجميل، ايقظني لجباية ضريبة المدرسة، تراقصت على شفتي بسمة حزينة. تذكرت "ستي ذيبة" التي توفيت قبل اكثر من ثلاثة عقود والتي لم تكن والدة ابي او امي، كانت والدتنا جميعا في العائلة، كانت جارة الرضا في بلدنا المهجرة وفي الشتات القسري في وطننا. طالها الدهر بانيابه المفترسة، طائرات الانجليز قصفت الثوار المرابطين في وعر "الليات" قرب مجد الكروم كان زوجها من بين الشهداء الثلاثة وذيبة في عز شبابها تحتضن وليدها الوحيد قاسم. وعندما هدم المغول بلدنا قذفت سيارات التهجير ابنها قاسم مع زوجته ابنة خاله الى الحدود اللبنانية رافقتنا ستي ذيبة ورفضت الابتعاد عن تراب الوطن وعن المرقد الابدي لعز ديارها.
كانت تلقبني بـ "سويد اليمن" لشقاري الصارخ، وكنت مستشارها السياسي، وفي احد الايام حاء حضر مراسل برنامج "سلاما وتحية" ليسجل تحيتها عبر الاثير لوحيدها قاسم في مخيم عين الحلوة، بعد ان افهمتها مقصد المراسل قطبت حواجبها واطلقت كشرة تقطع الرزق وقالت للصحافي: "الله والغاني عنكم، تقتلون القتيل وتمشون بجنازته، عيشتونا بحسرة الفراق والتشريد، سلامي الوحيد ان احضن ضناي واولاده يوم العودة، دوّر على غيري"!
تذكرت شقونتنا بمقاهرتها، خاصة دغدغة ذاكرتها بقصة يوم زواجها ونمر ابو علي، كنا نسألها "يا ستي ذيبة ليش انصمدتي مرتين غير عن كل العرائس"! فتسرد قصتها المحببة الى قلبها وتقول: كان نمر ابو علي من اكثر شباب بلدنا شقونة، قرد أشمط، صنع بايديه مدفعا بحق وحقيق. سرق من كامب الانجليز مختلف انواع المتفجرات وماسورة، وقعد في المغارة اكثر من شهر يدكّ في الماسورة الرصاص والكبريت وكل ما طالته يد السرقة من متفجرات. وعلى حد قوله لرفيقه في الشقونة "ابن حسن العبد الله" ان نجحت تجربته سيزود ثوار بلدنا بسلاح يحفر قبور المستعمرين الانجليز والمعتدين الصهاينة. وفي يوم عرسي، كنت معزومة في بيتكم، وبعد صلاة العصر كنا ننتظر مجيء الفاردة حتى يزفوني الى بيت عريسي، واذا بصوت "بومب" يهد الجبال، سقطت عن الصمدة من خوفي، تفرعط الرجال هربا، ظنوا ان قوة انجليزية اعتدت على البلد ملاحقة الثوار، والانجليز فكروا ان الثوار من بلدنا اطلقوا قذيفة انذار، دخلوا البلد واعتقلوا عن جنب وطرف الرجال والشباب، وكان عريسي من المعتقلين وانا من الخائبين، ولم يلتم الشمل مع زوجي الا بعد ثلاثة ايام من خروجه من المعتقل. الله يسهل عليه نمر ابو علي بوّز فرحتي وحرمني من لذة الصمدة والدخلة. من قوة المدفع هدم سناسل دار الكيال ودرويش وسعد وسكس! ومع ان الصغير والكبير في بلدنا يعرف ان الشيطنة كانت من صنع ايدي نمر الا ان احدا لم يشِ عليه للانجليز. اهل بلدنا كانوا قلبا واحدا، ومش صدفة يا ستي الصهاينة شتتونا وهدموا بلدنا في النكبة.
وشو قصة الصمدة الثانية يا ستي؟ تطلق ضحكتها التي تنافس صوت كعر السناسل، وتقول، نسوان حارتنا الملعّبات ضحكوا علي يا ستي. بعد شهرين من زواجنا كان ابو القاسم يحرث الارض في السهل، جاءت صفية وخديجة وزهرة ومرتا وآمنة ومريم، لعبوا في عقلي، حففوني وشلبنوني بالبودرة والكحل والعطور، صفطوا الفرشات واللحف فوق بعض وغطوهم بالشرشف، قلن، حظك مش ناقص يا ذيبة، اعملي مفاجأة لزوجك، سيفرح قلبه لرؤيتك على الصمدة بثياب العرس والطرحة، اعطي هيبة وكشري عندما يدخل البيت! عاد ابو قاسم منهوك القوى من التعب، يومها لم اطبخ ولم انفخ، اصابته الصفنة عند دخوله، شوهاظا يا بنت حنيفة؟ تعال كشّف المنديل واتذكر اللي انحرمنا منه!! امرك يا حبيبتي، شلح قشاطه العريض الجلدي ووين الجنب الذي لا يوجعك يا ذيبة ولسانه يردد "ضحكوا عليك يا هبلة". وهذه كانت اول مرة وآخر مرة يمد يده عليّ الله يسامحه. وربنا يضرب اللي ضربني بفراق زوجي وابني، كانت دائما تنهي حديثها مع قرصة "قم روّح نام يا سويد اليمن، تصبح على خير!



#احمد_سعد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طَرْش العنصريين وصمة عار للرياضة
- رمانة أم الفهد عصيّة على الموت
- في ارجوحة المخططات التآمرية التصفوية: ألصراع على الحق بالوطن
- يوم الأرض مش يوم خبيصة
- ماذا تمخّض عن قمة الجزائر؟
- بعد سنتين من احتلال العراق: لا بديل لإنهاء الاحتلال الانجلوا ...
- الصمود والوحدة والتضامن
- عنزة ولو طارت
- على ضوء لقاء الاحزاب الثلاثة في عمان: مبادرة الانطلاقة
- حين يلعب الاحتلال بالقانون الدولي!
- ألقاموس الثقافي- لاستراتيجية الهيمنة الامريكية – الاسرائيلية
- المجلس القطري للحزب الشيوعي الاسرائيلي: قضايا ومهام من منتج ...
- لإزاحة غمامة الشؤم الكارثية من سماء المنطقة
- هل تخرج جريمة اغتيال الحريري من اطار مخطط العدوان الاستراتيج ...
- في مؤتمره السابع عشر ألحزب الشيوعي اليوناني يطرح استراتيجية ...
- ألانتخابات العراقية في موازنة الواقع وآفاقه
- -حليمة تواصل عادتها القديمة-!
- شارون والمختار العربيد
- ما هو المدلول الحقيقي لتعيين الامريكي ستانلي فيشر مديرًا لبن ...
- -الخدمة الوطنية- في خدمة من؟


المزيد.....




- ذعر في شرق أوكرانيا بسبب -صفقة ترامب وبوتين- المحتملة.. ما ا ...
- قمة ألاسكا.. كيف يمكن لترامب أن يحقق نجاحا خلال التفاوض مع ب ...
- -سنتحول من دولة ميتة إلى فاشلة-.. -العدل- الأمريكية تحذر من ...
- هل تحتاج روسيا إلى 100 عام للسيطرة على أوكرانيا؟
- ترامب يقول إنه سيحاول إعادة أراضٍ لأوكرانيا في محادثاته مع ب ...
- ترامب يمدد الهدنة التجارية مع الصين تسعين يوما قبل ساعات من ...
- حفتر يعين نجله صدام نائبا له
- ترامب عن خطة إسرائيل بشأن غزة: تذكروا السابع من أكتوبر
- ثلاثة خيارات صعبة أمام حزب الله
- اغتيال صحفيي الجزيرة.. هل تنجح إسرائيل في إسكات الحقيقة؟


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد سعد - مدفع نمر وصمدة ذيبة