|
الحرب الأهلية تدق الأبواب
فؤاد قنديل
الحوار المتمدن-العدد: 4066 - 2013 / 4 / 18 - 12:32
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
لم تعرف مصر على مدي عشرة آلاف سنة حربا أهلية . لم يحدث بها يوما انقسام جذري بين كل قوي الشعب وتناقض وعناد واختلاف يصل إلى حد العداء كما يحدث اليوم ، كان الغضب يوحدالمصريين ضد الحاكم الغاصب المستبد وينتهي الصراع بانكسار الشعب الأعزل أو إزاحة الطغيان بكل جنوده وعناصره ، لكن ما يحدث في مصر الآن حدث جلل يدفع برياح عاصفة لتضرب وحدة البلاد في الصميم بعد ثورة شعبية رائعة حلم من قاموا بها أن توفر لهم كل ما حرموا منه وفي مقدمته العدل ذلك المطلب العزيز، والحرية التي لم يسمعوا عنها في أى عهد ، وكذلك الكرامة التي لا يجدون لها أثرا في أي سلوك سواء لدي الخفيرأو الأمير ولا العمدة فضلا عن الملك أوالرئيس ، لكننا في الأيام الأخيرة وبدلا من أن تتحقق الأحلام فوجئنا بالزلزال الاستبدادي يهدد كل شيء، لقد قلنا مرارا أن كثرة من الإخوان والسلفيين يتمتعون بالعناد والجهل وكراهية الديمقراطية فضلا عن الكذب الذي فيما يبدو يدمنونه ، بالإضافة إلى الرغبة المجنونة للاستحواز والطمع في كل سلطة ولذة ومال . ها هو الدكتور مرسي الذي نجح في انتخابات نصف نزيهة في اعتلاء عرش مصر، وهو لا يصلح إلا ليؤم المصلين في زاوية ، لكنه مدجج برجال ومستشارين وبطانة من الجماعة وغيرها بحيث يتحرك إلى حيث تتوجه بوصلتهم ، يطلع علينا بجسارة نادرة ليعلن أنه الإله الجديد ، بل الوحيد الذي لا ترد له كلمة ،بينما الله جل جلاله بذاته العليا لم يصدر عنه ما ورد في الإعلان الدستوري الذي يؤكد أن مرسي فوق كل القوانين والمساءلة ، ولا يسمح لشخص أو لجهة مهما كانت صلاحيتها أن تعترض على ما يقرره ، وليس من حق أحد ولا أية سلطة قضائية أن تحل الجمعية التأسيسية وهي كيان شائه وليس من حق أحد حل مجلس الشوري ذلك المخلوق منزوع القيمة والتشريع والدور إلا من حيث هومكلمة وسلطة وهمية وتبديد للمال العام الذي نحتاج منه كل مليم . ، ومن الطبيعي في ظل العشوائية والتخبط وكراهية العلم أن يحافظ مرسي عليه لأن الدكتور فهمي رئيس الشوري نسيبه ،ومثل ذلك يحدث مع الجميع فمحافظ المنوفية نسيبه وكذلك الكتاتني إلى آخر القائمة التي ركبت خيول السلطة في غفلة من الزمن ومن الشعب ومن التاريخ ومن المنطق ، وراحت تضرب في كل اتجاه وتنتقم وتقسم الغنائم ولا أحد يقدر على الرد لأن هذه الجماعة تتمتع بالقدرة على حشد أتباعها ، وترسخ فيها على مدي سنوات قدسية التنظيم حيث تدار بالانقياد والطاعة كما أنها تعتمدعلى أنهار لا تنضب من التمويل والدعم وهناك مع الجماعة فرقاء كثر كالسلفيين والجماعات والائتلافات الإسلامية بشتى ألوانها ومطامعها ورغم الاختلافات بينها إلا أنها متوافقة ومتحدة تحت راية المصلحة والتوغل والهيمنة ، في المقابل فإن القوي الليبرالية لا تزال قليلة العدد وشبه منقسمة من حيث الفكر والرؤية والأساليب ، وضعيفة التمويل ، والأعداد أقل ولا يملكون غير الكلام ، ولكن الثوارالحقيقيين من الشباب فهم قوتها الواقفة بثبات والمناضلة بحماس وإصرار وعلى قناعة كاملة بأن التجارة بالدين التي يمارسها المتأسلمون سوف تودي بالبلاد إلى التخلف والاستبداد والقهر والانعزال عن العالم ولذلك فهم حريصون على استمرار المقاومة ، وبقية الشعب يرقب عن كثب دون أن يستقر على وضع محدد لأن الفضاء كله مشحون بالأفكار والكلمات الطنانة من الجانبين ، دون أن تكون هناك أية نتائج عملية على الأرض ، وقد وضح بجلاء فشل المتأسلمين القابضين على مقاليد الأمور في إنجازأي شيء على أي مستوي ،والأحوال تسوء يوما بعد يومخاصة مع استعراض دائم لدهس كل ما يصدر عن القضاء من أحكام مما سوف يفضي تدريجيا لانحياز أعداد كبيرة للقوي الليبرالية التي لا زالت تنادي بما نادت به الثورة . لقد جاءت قرارات مرسي وإعلانه الدستوري المشئوم ليضع كمية كبيرة من البنزين على الحطب مما يحتم تفاقم الصراع وتعاظم الاختلاف الذي يصعد العداء ويفرض المواجهة واندلاع نيران العنف الذي لا مهرب منه بسبب العناد الذي يهيمن على عقول كبار المتأسلمين ويوجه كل تصرفاتهم، فلا العقل له مكانة لديهم ولا اعتبار للديمقراطية بل ولا تقدير للشعب الذي لا يرون فيه إلا وسيلة مثالية للصعود اعتمادا على فطرته الدينية . لقد عانت شعوبنا كثيرا من حماقات سياسية لا تحصي لكن من حيث النوع فاقت قرارات مرسي اللعينة كل الحماقات ، وانطلق الرجل المدجج بنشوة النصرالوهمي وتلبسته حالة من حالات التضخم المرضي التي تصل إلى درجة شعوره بأنه إله يفعل ما يشاء دون أدني رد ، ولا بأس أن يتحول كل الشعب المصري إلى عبيد ، يأمرهم فيطيعون ويرضخون دون كلمة ، وهذا يعني أن الثورة التي اندلعت كي تطلب الحرية انحرف بها الطريق لتتجه نحو الهدف المضاد وتطلب العبودية ..وبصرف النظر عن الفشل التاريخي الذي نعيشه مع حكم الإخوان وعجزهم الذي لا مثيل له في أية دولة عن القيام بأي عمل لصالح الجماهير إلا الخطب العصماء والجوفاء الخالية من كل قيمة ، فقد أدخلنا مرسي إلى منعطف خطير أعادنا للخلف آلاف السنين مثل ما كان سائدا في عصوراليونان والرومان وهو عصر العبيد الذين كانوا يطعمونهم للأسود إذا لم يرضخوا لأي أمر ، ويظل صحيحا أن الشعب المصري الذي حمل مرسي على رأسه وأقعده على العرش هو السبب فيما يجري وسيجري وسوف تمتليء الشوارع بالدماء وتتعرض البلاد للخراب بأكثر مما هو قائم و المصريون الذين وقعوا عقدا مع المعاناة سوف يعانون أكثر وأكثر. إذا لم يرتدع مرسي ويحقن الدماء فلن ينقذ الشعب من حرب أهلية وشيكة الوقوع ، ولن يحرره من عودة عصر العبودية إلا المقاومة بكل غال ونفيس ..بل بالدماء والأرواح .. لقد انتهت الثورة على يد البرابرة إلى تخلف وانهيار وطغيان ، فهُبوا على قلب رجل واحد لرفض الاستبداد ورفض الديكتاتورية ، وإنها لديكتاتورية جليدية و بلا قلب ، .. لابد أن يشارك الجميع في ثورة جديدة لا تبقي من هؤلاء البرابرة ولا تذر فهم لا يعرفون معني الوطن بل لا يعرفون حقيقة الدين الإسلامي الذي لم ينتشر بالسيف ولا بالعنف وإنما انتشر بالتسامح والشوري والقدوة والإخلاص والمودة " ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك وتركوك قائما ". أفق يا مرسي فبيدك حفرت قبرك ، وأفق أيها الشعب المصري بكافة طوائفك وطبقاتك لكي تطرد المحتلين والبغاة الذين يستهدفون القضاء على هويتك ويقتلون روحك ويعيدون أبناءك إلى الجحور . أفق أيها الشعب فأنت أدري بالدين منهم ولا تحسبهم الطريق الوحيد إلى الجنة .. عليك أن تعرف أنك عندما فقدت على طول الزمان راحة الجسد والروح ومتعة الحياة ولبثت سنوات في الشقاء فقد تمنيت أن يعوضك الله بالجنة لكنك يجب أن تدرك جيدا أن الجماعة وأخواتها ليسوا الطريق إليها ، وقبل أن تفكر في الجنة قاوم هؤلاء وتأمل حياتك وجددها وخذ بناصية مصيرك بالحق والعدل والحرية والأمانة والصدق والكفاح من أجل الكرامة فهذه هي البوابات الحقيقية المفضية إلى الجنة ، واعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا . وإذا كان من الموت بد فمن العار أن تموت جبانا ، الكرامة أهم ما يمكن أن ينتسب إليه الإنسان ويفخر ويموت من أجلها .الموت ليس من أجل الخبز ولكن من أجل الحرية والعدل والكرامة .
#فؤاد_قنديل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الهُوية المصرية بين الإخوان والإنجليز
-
من يحكم مصر الآن ؟
-
رسالة إلى صديق إخواني
-
يا ناس .. وَجَبَت مُحاكمته
-
عقلية مرسي
-
جماهير لا تعرف معني الوطن
-
أري ما لا يراه الناس..!
-
العرق النبيل
-
الصاعد إلى السماء
-
من الثورة إلى السيرك
-
نعم .. نكره العلم
-
الجماعة تكره الثقافة
-
أسباب العنف في مصر
-
لماذا أنا مسلم عَلماني؟
-
هل جاء كما تمنينا ؟
-
في عين العدو
المزيد.....
-
Xiaomi تروّج لساعتها الجديدة
-
خبير مصري يفجر مفاجأة عن حصة مصر المحجوزة في سد النهضة بعد ت
...
-
رئيس مجلس النواب الليبي يرحب بتجديد مهمة البعثة الأممية ويشد
...
-
مصر.. حقيقة إلغاء شرط الحج لمن سبق له أداء الفريضة
-
عبد الملك الحوثي يعلق على -خطة الجنرالات- الإسرائيلية في غزة
...
-
وزير الخارجية الأوكراني يكشف ما طلبه الغرب من زيلينسكي قبل ب
...
-
مخاطر تقلبات الضغط الجوي
-
-حزب الله- اللبناني ينشر ملخصا ميدانيا وتفصيلا دقيقا للوضع ف
...
-
محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بته
...
-
-شبهات فساد وتهرب ضريبي وعسكرة-.. النفط العراقي تحت هيمنة ا
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|