أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين عبدالله الناصر - حسن مصطفى مثلاً















المزيد.....

حسن مصطفى مثلاً


حسين عبدالله الناصر

الحوار المتمدن-العدد: 4053 - 2013 / 4 / 5 - 15:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أُريد أن اقول أنى أحتقر السياسة ، وأنى ناضلت حتى آخر قطرة دم ، وأعرض جسدى العارى على الجمهور لاُريهم الإصابات ، وربما أضع يدى فى جيبى كى أُخفيها ثم أُقسم أنّها فٌقدت فى إحدى المعارك . لكن كل هذا لم يحدث ، لدى ندبة قديمة فى فخذى ظهرت بعد علاقة عاطفية فاشلة ؛ ربما سأعرضها للجمهور صارخاً "نضال نضال نضال نضال" ، وربما سيردون علىَّ صارخين "اقعد يالا على جنب" .
http://dromarabolnasr.blogspot.com/

إحدى مآسى هذا الوطن المُبتلى أن شعبه يبحث دائماً عن كائن هُلامى يُدعى "التقدير" ؛ يستيقظون صباحاً من أجل التقدير / التكريم / التشريف ، كل حياتهم تتمحور حول هذا الهدف ، اضطرتنى الصدفة يوماً للجلوس بجوار أحد لقطاء مُصابى الثورة فى وسيلة مواصلات عامة . كُنت ـ وقتها ـ أحاول استغلال أى فرصة لدعاية الدكتور أبوالفتوح . وكان الرجل يستغل أى فرصة كى يعرض علينا اصبعه المُصاب ، اُقسم أنى لا أُبالغ .. كان الأصبع الأكبر فى القدم اليُسرى مُصاباً وكلما تحدثت عن الثورة وأهدافها ومكتسباتها حدثنى الرجل عن الدولة المهملة التى ترفض صرف معاش شهرى لهُ ، ربما لم يكن يعرف أن هناك ألفى شهيد وآلاف المُصابين منهم من فقدوا عيونهم . لكنه لا يهتم ، أنشأ إئتلافاً لمُصابى الثورة يستخدمه كغطاء لمقابلة الفضائيات والتنديد بالدولة المهملة التى لا تتلقى التضحيات العظيمة بالـ "تقدير" المناسب .. إنه يبحث عن تقدير الآخرين لذاته لا لتضحياته ، لأن سيكولوجية الشخص الذى يبذل تضحية صادقة تكون عادةً مصحوبة بإنكار أسطورى للذات ، حسن مصطفى مثلاً .

فى إحدى قصص تشيكوف ؛ تظهر شخصية رجل فقير يعمل سائقاً لعربة تجرها الأحصنه ، يموت ابنه فى المستشفى بعد معاناة . هو لا يُريد أى تعويض مادى ؛ يُريد فقط من يستمع لهُ وهو يحكى قصة ولده الذى مات ، تلقيه صُدَف المهنة مع رُكّاب شباب ماجنين فيحاول وسط الكلمات أن يقول لهم "مات ابنى" ، يُحاول مراراً أن يلفت نظر أى شخص إلى ان ابنه مات ، يُريد أن يحكى ويتمنى لو جلس مع امرأة يستطيع أن يستفيض فى الشرح معها .. لكنه فى النهاية لا يجد إلا الحصان الأبكم فيضع له الشعير قائلاً " لقد رحل ابنى يا أخى الحصان ، رحل فجأة .. خسارة ، لنفترض أن عندك مُهراً صغيراً وفقدته .. أليست تلك خسارة ؟" .

لنفترض أن عندك ثورة صغيرة ، ثم فقدتها .. أليست تلك خسارة ؟ .. كان محمد يسرى سلامة يبكى أمام صور القتال بين المصريين والإخوان قائلاً لوالدته "ضاعت الثورة يا أمى" ، كثيرون هُم الذين يودّون لو خرجوا إلى الشوارع قائلين "كانت لدينا ثورة ، ثورة صغيرة ، فقدناها .. إنها هُناك فى المقطم يتناوبون إغتصابها" .. لكن تمنعهم الكرامة أو يمنعهم الأمل ، جميعنا أصبحنا شخصية تشيكوف الحزينة التى لا تستطيع أن تُعبر عن مأساتها ، حتى أحزاننا تم هرسها تحت سنابك الأمل الذى يعلم الله وحده أين هو .

أُحب أن أسمى حسن مصطفى "ضحية الأدرينالين" ؛ خرج لكى يتضامن مع مجموعة أطفال تم إعتقالهم عشوائيّاً فى 22 يناير 2013 ، حدثت مشادة بينه وبين وكيل النيابة ، ارتفع مستوى الأدرينالين فى أوردة وكيل النيابة فتدفق الدم فى شرايين وجهه فاحمرّت خدوده . تم القبض على حسن مصطفى ؛ لم تكن لديهم الجرأة الكافية ليقولوا "تم القبض عليه بسبب تزايد إفراز الأدرينالين من الغدة الفوق كلوية للسيد وكيل النائب العام" ، فقالوا أنهم قبضوا عليه بتهمة إهانة وكيل النيابة ، حكموا عليه بالحبس لمدة عامين .

السيد وكيل النيابة لاشك يشعر بالزهو والسعادة بعد أن عاقب من حمّر خدوده بقضاء عامين خلف الأسوار ، نُريد ـ كمطلب ثورى ـ أن نطّلع على تسعيرة الإحمرار القضائى ، لنقُل مثلاً أن احمرار الخد عامين ، احمرار العين أربعة أعوام ، احمرار المؤخرة بواسير . هذا هو التقدير الذى يُرضى النفس التوّاقة المحرومة من التقدير ، وفى وطنى الجميل عادةً يكون وكلاء النيابة هم الذين لم يحصلوا على التقدير الكافى فى دارستهم الجامعية فساعدتهم الأقدار المُتخلفة كى يحصلوا عليه من أعوام يقضيها الثوار فى الزنازين ، نحن ذوى الكيانات المُهدرة .

فى زنزانة السجن الإحتياطى بمركز شرطة بنى سويف هناك شاب اسمه أشرف يعمل نجّاراً ، تم القبض عليه فى مشاجرة بالأسلحة النارية ، اشرف هزيل جداً بسبب سوء التغذية ولا يمكنه أصلاً استخدام مُسدس ؛ أقسَمَ لى أن إلقاء القبض كان عشوائيّاً لدرجة أن طرفى المشاجرة حضروا إلى مركز الشرطة لكى يُساعدوا فى تبرئة هؤلاء الذين لا ذنب لهم إلا التواجد فى محيط المشاجرة والذين كان أشرف واحداً منهم . لكن الضابط أحمد الخولى استبقاه لـ حين مصلحة ، أو هكذا قال لى . عندما قابلته كان قد أمضى 43 يوماً فى الحبس الإحتياطى بلا قضية ولا تهمة ولا أى شئ ، فقد يستدعونه كل بضعة أيام ويبحثون له عن قضية سرقة هاتف أو سرقة بالإكراه كى يضعها على كتفه الضعيف ثم يتراجعون عندما يجدوا من يحل محله ويُناسب القضية أكثر . أشرف لم يتلقى أى زيارة طيلة فترة حبسه ، إنه بشكل ما ليس له أسرة أو أقارب وحتى إن وجدوا فهُم لا يعلمون أين هو ، لقد تم إهداره .. قُلت لهُ ما رأيك أن أكتب عنك .. قال "والنبى صح ؟" ، لقد تعلّق بالقشة التى أعتقد أنها ستنجيه ولم يكن يعلم أن هذة القشة مُعرضة لقضاء أعوام خلف الأسوار لو حدث أى خلل فى إفراز أى هرمون من هرمونات الأشخاص الذين فوق القانون .

أُريد أن أقول أنى تصديت لمحاولات تهريب مستندات أمن الدولة ، وأنّى كُنت أدور على النيابات كى أُساعد الثوار الذين يتم إعتقالهم ، وأنى وضعت جسدى أمام سيارة الترحيلات كى أمنع الإعتقال التعسفى لبعض الثوار ؛ لكن حسن مصطفى هو من فعل كل هذا لا أنا ، هُناك تورّم بسيط فى رأسى ناتج عن الإصطدام بطاولة البلياردو أول أمس عندما كنت أنحنى لألتقط كرة سقطت ، ربما سأعرضهُ أمام الجمهور قائلاً "كفاح كفاح كفاح كفاح" ، وربما سيردون علىّ قائلين "اقعد يالا على جنب" .
http://dromarabolnasr.blogspot.com/



#حسين_عبدالله_الناصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خواطر تدور حول الأستروجين
- ما الذى لا يعجبك فى الشهوة ؟
- شهوة موجّهة
- هرتلات عن التقويم الفلسفى
- مائتى ألف عام من العزلة
- نهضة بمرجعيّة مصريّة
- الأفكار لا تتقاطع
- بين ميكى ماوس و جان جاك روسو
- من هيام إلى الشعب المصرى
- علياء المهدى ~ معركة فى صراع القبيلة
- صندوق ورنيش ميّت .. حدثت بالفعل
- حمدين صباحى وحملة التشويه
- من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر قصة قصيرة
- الفقر فى سبيل الله
- هل قامت الحضارة الإسلامية على أكتاف الملحدين ؟
- ليسَت إسرائِيل ؛ إنّها فلسطين المُحتلّة
- أهل الخليج لم يعودوا بدواً
- الخلافة الإسلامية ومستقبل البحث العلمى
- الحبيب بورقيبة | طاح الباى !!
- العلاقة بين الثورتين السوريَّة والبحرينية


المزيد.....




- الدبلوماسية الأمريكية هالة هاريت توضح لـCNN دوافعها للاستقال ...
- الصحة السعودية تصدر بيانا بشأن آخر مستجدات واقعة التسمم في ا ...
- وثائقي مرتقب يدفع كيفين سبيسي للظهور ونفي -اعتداءات جنسية مز ...
- القوات الإسرائيلية تقتل فلسطينيا وتهدم منزلا في بلدة دير الغ ...
- الاتحاد الأوربي يدين -بشدة- اعتداء مستوطنين على قافلة أردنية ...
- -كلما طال الانتظار كبرت وصمة العار-.. الملكة رانيا تستذكر نص ...
- فوتشيتش يصف شي جين بينغ بالشريك الأفضل لصربيا
- لماذا تستعجل قيادة الجيش السوداني تحديد مرحلة ما بعد الحرب؟ ...
- شهيد في عملية مستمرة للاحتلال ضد مقاومين بطولكرم
- سحبت الميكروفون من يدها.. جامعة أميركية تفتح تحقيقا بعد مواج ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين عبدالله الناصر - حسن مصطفى مثلاً