حسين عبدالله الناصر
الحوار المتمدن-العدد: 4050 - 2013 / 4 / 2 - 11:47
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
مُقدّمة : هذا مقال ركيك جداً ومُفكّك وتقليدى لا يُعبّر أبداً عن مشاكل البنات ولا يشرح بأمانة وضعهن فى المجتمع ، كان يجب أن أُعيد كتابته لكنى لم أفعل رغم استطاعتى .. لأنى لا أهتم .
___
يعجبنى أسلوب الكاتب المصرى خالد البرى بشكل عام ، وتحديداً أسلوبه فى مخاطبة القارئ بصيغة المؤنث . ولا أظن ـ ربما أكون مخطئاً ـ أن هناك كاتب آخر قد اتبع هذا الأسلوب من قبل متجاهلاً كل ذكورية اللغة . فمهما كان موضوع المقال ترتسم على وجهى ابتسامة كلما رأيته يقول "لاحظى ـ اسمعى ـ اقرأى" .. هذا الرجل رائع لا شك . وروعته هذة لا تُستمد من ذات الفعل ولكن من تناقض الفعل مع الوسط المحيط ، الزهور ليست رائعة إذا كنت تعيش على كوكب الزهور لكنها تصبح كذالك على الأرض . وبالمثل ؛ فى وسط كل هذة الذكورية والسيطرة الأبوّية وتراجع الدور النَسَوى فى كل شئ .. كل شئ ، أصبح مجرد وجود كاتب يخاطب قرائه بصيغة المؤنث شئ رائع .
فى وطنى الجميل هناك حالة من الإنقسام الشبكى جداً اللانهائى حول الدور الذى يُفترض بالمرأة أن تتحمله فى مجتمعها ، أعتقد أن مجرد وجود نقاش حول هذا الموضوع دليل قاطع على أننا مزدوجون إحساساً وتفكيرا ، عنصريون قلباً وقالباً . معاملة المرأة كـ كائن منفصل مستقل كالشجرة والبحر والهرم ، هى تقع خارج الحيز الذى يقع فيه الذكر ، وكأن الفارق ليس بضعة ملليلترات من هرمون الأستروجين وهرمونات أخرى لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة لو وضعت فى أنبوبة إختبار ، هذة الهرمونات صنعت من نصف العالم قادة ومن النصف الآخر أتباع . لستِ مثلنا ، أنت امرأة .. لكن لا تخافى سنجد لكِ دوراً ، ما رأيك أن تكونى أمّاً فاضلة .. نعم ستكون هذة هى مهمتك فى الحياة ، أنا أب فاضل وأنتى أم فاضلة . . هذا ليس عدلاً يا ابن العاهرة .. لا يمكنك أن تُسند للمرأة دور مُسنَد لها أصلاً ، كأنك تقول لطالب صيدلة : "لقد وجدت لك عملاً ، ما رأيك أن تدرس الكيمياء ؟" ، لكن الفرق أن طلاب الصيدلة طويلى اللسان وسيردون عليك الجملة بأضعافها مُعرّضين بشرف أمك ، لكن المرأة ستتناقش ، وتتفاوض ، وتُطالب وتتظاهر فى أفضل الأحوال .
تحكى صديقتى الإفتراضية على الحائط الإفتراضى قصة حقيقية لسيدة حقيقية متزوجة من رجل حقيقى وهى عاقر ، وافقت على زواج زوجها للمرة الثانية حتى يحصل على من يحفظ السلالة النادرة من الإنقراض . وأصبحت مجرد خادمة لـ زوجة زوجها وابنهما ، وتتسائل صديقتى الطبيبة .. لو كانت هذة المرأة فى وَسَط محترم ، هل كانت لتصبح فى هذا الوضع ؟ ربما استطاعت أن تعمل وتنفق على نفسها وتمتلك قرارات حياتها فتطلب الطلاق وتعيش حرة ، ويستبد الخيال بصديقتى فترى المرأة وقد تبنّت طفلاً يعوضها عن عدم قدرتها على الإنجاب . أحافظ على أنفى من الإنفجار فلا أُطلق شخرة تمتد كسرب حمام من بغداد إلى الصين إعتراضاً وإستهجاناً لكل ما هو ذكورى سلطوى ، لكنى سأطرح سؤالاً كمثقف جنتلمان محترم .. لماذا يحدث كل هذا ؟
ما الذى يمنعها من العمل وطلب الطلاق وتبنى طفل ؟ هناك أشياء .. من هذة الأشياء مثلاً أن كثيرون سيصفونها بالداعرة المطلقة التى تعيش بمفردها ، بالمناسبة غالباً الذين يصفون أى امرأة بهذة المجموعة من الصفات يكون هذا تعبير عن رغبة مكبوتة داخلهم فى أن يصبحوا أحد الذين يشاركونها السرير ، فيطلقون من أدمغتهم فكرة أن هناك كثيرين قد فعلوا هذا من قبل لكى يبرروا لأنفسهم الشهوة ، والشهوة ليست عيب أصلاً فى حد ذاتها لكنهم تربّوا من آبائهم وأمهاتهم على أن الشهوة عيب ويجب تبريرها ، لا يمكن لأحد أن يقول "أشتهى تلك الفتاة" دون أن يضيف تبرير "الشر*ـو*ـة" .. يعتقد أنه ليس من حقه أن يشتهيها لو كانت ملتزمة أخلاقياً . ما علينا .. نعود للموضوع ؛ إذاً فما يمنع هذة المرأة من الطلاق وتبنى طفل ليس أن الرجال يشتهونها ، طبيعى أن يشتهيها الرجال لو كانت جميلة فتلك غريزة . لكن أن الرجال الذين يشتهونها سينغصون حياتها ، لأنهم متربيين على أن الشهوة معناها الرخامة والرذالة والوقاحة . إذاً أول شئ يمنعها من الإستقلال هو سوء تربية ذكور المجتمع .
وربما لأن هذة المرأة ـ والمرأة المصرية عموماً ـ تُمجّد المجتمع البطريركى وتمارس قواعده بإخلاص ، والبطريركية هنا هى مجتمع قيادة الذكور . عندما قالت لها صديقتى "لماذا لم تطلبى الطلاق" .. قالت : "إلى أين أذهب !" ، إنها امرأة ضعيفة تحتاج إلى رجل تلجأ إليه ، أى رجل .. أب / أخ / زوج / ابن . المهم أن يكون إنسان لديه نسبة كافية من التستوستيرون تكفل له إحترام المجتمع وتمنحه ـ عُرفاً ـ صك التفوق النوعى . ويُقال أنه منذ عشرات الآلاف من الأعوام كان المجتمع ماترياركياً تقود فيه النساء العالم ، لكن الأمر فشل بشكل أو بآخر ، ثم قارب الجنس البشرى على الإنقراض منذ مائتى ألف عام تقريباً حتى لم يتبقى إلا بعض الأفراد كان من بينهم الأنثى التى استطاع نسلها الإستمرار حتى اليوم ، جدتنا الكبرى . ومن بعدها انقلبت الموازين فى إتجاه السيطرة الذكورية ، فأصبح الرجال على مر الأجيال هم الأقوى عضليّاً وربما عقليّاً بحكم إضطلاعهم بمهام إدارة العالم ، وتطورت مشاعر المرأة فى إتجاه الإرهاف وتغيرت أولوياتها لتصبح المرأة الناجحة هى من تمارس دورها الثانوى بشكل مثالى . لكن مع التسارع الزمنى الذى حدث فى العقدين الأخيرين أعتقد أننا فى الوقت المناسب لتخطى البطريركية بشكل كامل ، وبالطبع لا يعنى هذا الإرتداد للعكس لكن التوسط ، حاجة زى أبوالفتوح كده مع فارق البيض .
لكن تجاوز بطريركية المجتمع وذكوريته ليست شيئاً سهلاً ، والدعوات التى يوجهها المتنورين الغرورين بالتحول إلى الإعتدال الفكرى الآن وفوراً هى مجرد هراء فارغ ، تجاوز الذكورية يحتاج أجيال كثيرة ، وربما عشرات السنين نقضيها فى تأهيل أجيال من الفتيات وتربيتهن بشكل ملائم للإضطلاع بالقيادة ، سيحدث هذا بالطبع بعد تمكنهن من قيادة السيارة فى السعودية أولاً !
إذاً فالقضية تكمن فى الأشياء الصغيرة ، النظرة المُجتمعيّة ، الشعور الداخلى بالضعف . وهو ما يمكننا نظرياً تغييره حتى وإن تطلب ذالك وقتاً ، لكن على أرض الواقع هناك نكسات كثيرة تحدث فى مجال تحرير المرأة ، ويمكنك أن تقارن بين العصر الذى قامت فيه هدى شعراوى عام 1919 ومعها نساء مصريات متنورات بتمزيق البراقع فى ميدان التحرير ، وبين عام 2013 الذى أصبحت فيه كثير من الفتيات لا تستطيع المجاهرة برفضها للحجاب . نحن فى إنتكاسة حقيقية ، سببها تزايد التيار الدينى المتطرف وسيطرته بتشريعاته البربرية على المقدرات النفسيّة للمجتمع ، فإن كان تحرير المرأة هو تغيير نظرة المجتمع لتصرفاتها فإن هذا مستحيل فى ظل نظام تشريعى شمولى ثيوقراطى ، وإن كنا نحتاج لتغيير نظرتها لنفسها وشعورها بالإحتياج فإن ذالك مستحيل ما دامت مقتنعة بأنها عورة . من أين تأتى البداية إذاً ؟ .. من مواجهة التطرف الدينى .
ها قد مارست دورى التنويرى وأرضيت ضميرى الميت وأرشدتكم إلى طريق البداية ، لكنى ـ بصراحة ـ لن أُناضل فى سبيل تحرير المرأة ، تماماً كما أنى لن أناضل فى سبيل تحرير الشعب الأوغندى مثلاً ، أبناء أوغندا أَولَى بالنضال ، لو كنت امرأة لما تركت حقى يضيع . لكن بما أنى رجل فلن أُجهد نفسى من أجل بعض الحمقاوات الراضيات بضياع حقوقهن ، غفر الله لقاسم بك أمين الذى لطالما تلقى الإهانات من نساء أَلَفن حياة العبودية . ببساطة لن تحرر المرأة إلا المرأة ، وأى محاولة تحررية لا يكون جوهرها نسوى بحت ستبوء بالفشل . http://dromarabolnasr.blogspot.com/
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟