أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الشامي - المومس الفاضلة والمؤمنة الصلعاء في -عزف نسائي-















المزيد.....

المومس الفاضلة والمؤمنة الصلعاء في -عزف نسائي-


عادل الشامي

الحوار المتمدن-العدد: 4049 - 2013 / 4 / 1 - 19:38
المحور: الادب والفن
    


المومس الفاضلة والمؤمنة الصلعاء
في "عزف نسائي"
اننا نؤمن بان لا يوجد ما يطلق عليه عمل فني في حين انه يخلوا من اي مضمون ايديلوجي ولكننا لا نؤمن بأن العمل الفني يجب ان يكون مؤلفا في الاقتصاد السياسي .
"مازن الحسيني"
عرضت على خشبة المسرح الوطني في بغداد بتاريخ 27/3/2013 مسرحية عزف نسائي ضمن انطلاق فعاليات بغداد عاصمة الثقافة العربية ,وقد استمر العرض لمدة خمسة ايام على التوالي.
وقد كان النص من تأليف الكاتب العراقي مثال غازي واخراج المخرج سنان العزاوي وكانت الشخصيات من تمثيل الفنانة هناء محمد واسماء صفاء
جعل المخرج من مكان الجمهور اتصالا وثيق وقوي بحيث اجلسه على خشبة المسرح ليشكل نصف حلقة حول الفرضية المكانية للعرض , هنا يقدم لنا مخرج العرض الدهشة الاولى من حيث المكان الذي كنا ننتظر ان يقدم فيه المعزوفة النسائية واذا بالمكان بيت عتيق هجروه اهله ولم تعد الشمس تتصل به .
في هذا المكان الموحش نستمع الى ترتيل القران (يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون)، (ويل للذين كفروا)، (أعوذ برب الناس)،حتى نستمع لحوار
ـ أكره الناس.. أكرههم
يتحول ذلك الترتيل الى صراخ يصدر من امرأة يتجاوز عمرها الاربعين عاما لا تذكر من القران الا ما تشدد به الله على الكافرين تتقدم نحو الجمهور وهي تحمل مسبحتها الكبيرة في عنقها وتقوم بنشر السلاسل والاقفال .
في هذا المشهد يأخذنا مخرج العرض لجو طقسي مخيف تظهر فيه اشباح سكنت مع هذه المرأة المتشددة المنعزلة , بتلك اللحظات تثور البنادق وصوت الرصاص يثقب الصمت واذا بطرقات الايادي على باب ذلك البيت العتيق رصاص وصراخ وطرقات باب تطلب النجدة يستمر الامر بضعة ثواني .
بتلك الثواني اخذني هذا المشهد لنص مسرحية المومس الفاضلة لـ جون بول سارتر حيث ذلك الزنجي الملاحق بالرصاص وطرقات يديه على باب بيت المومس التي رفضت في البداء ادخاله للبيت وانقاذه من الرصاص .
لم يختلف المؤلف مثال غازي في كتابة مشهده عن مشهد الزنجي الملاحق في المومس الفاضلة ,فقد رفضت صاحبة البيت المؤمنة المتشددة فتح الباب والاستجابة لطلب النجدة .
بهذا ينقل مخرج العرض مكانه ليرينا صاحبة الصوت المطالب بالنجدة واذا بها امرأة شقراء جميلة تستمر في محاولة اقناع صاحبة البيت لتفتح لها باب البيت وتقديم خدمة الانقاذ لكن هذه المرأة المؤمنة ضلت رافضة لأنها لا تطيق ان تقابل انسان اصلا ,وهنا لابد ان نشير الى الجهد والاجتهاد الإخراجي للمخرج سنان العزاوي خصوصا في هذا المشهد فقد استطاع من خلال مفردة الباب الحديدي المتحرك ان يرسل مجموعة رسائل انسانية فقد جعل من الباب مفردة متحولة .
وبعد المحاولات المستمرة في اقناع المرأة المؤمنة في فتح باب البيت دخلت تلك المرأة الشقراء الجميلة لذلك المنزل واذا بها تصاب بحالة من الذعر والخوف لما شاهدته في هذا البيت من ظلام وسلاسل واقفال ومفردات اخرى تثير الاستغراب والقلق والخوف .
بعد هذا الخوف والذعر تقدمت المرأة الشقراء بمجموعة اسئلة حول ما في البيت من ديكور مخيف فكان الجواب هو الصمت او الامر بعدم السؤال ,وبعدما اختفى صوت الرصاص وعم الهدوء في الشارع طلبت المرأة المؤمنة من المرأة الشقراء مغادرة المنزل في هذا الطلب بداء المخرج يحوك لنا الصراع المسرحي بين الشخصيتين ,اذ رفضت الشقراء مغادرة المنزل خوفا من عودة الرصاص الى الشارع لكن صاحبة الدار بدأت ترفع صوتها بأمر الخروج من المنزل ,بذلك لم يكن امام المرأة اللاجئة سوى الاعتراض والقول لصاحبة الدار
ـ كيف انت مؤمنة ولا تعرفين الرحمة ؟
هنا بدأت المؤمنة في حوار مع تلك الشقراء حتى اعترفت الشقراء بأنها بائعة جسد عاهرة واذا بالمؤمنة تنتفض غضبا لطرد ما اسمتها بالقذارة والوساخة .
اذ حقق المؤلف بهذا الاعتراف الصراع المنشود بين شخصيتين متنافرتين فشخصية المؤمنة بالتضاد التام مع تلك المومس وهذا ما حققه مخرج العرض من خلال قطع المسبحة اثناء الاعتراف بل وتعدى ذلك في خلق التناقض بالمقدس والمدنس بما يخص المسبحة فالمؤمنة تلملم مسبحتها والمومس تبعثرها وتلعب بها كما تشاء فهذا الصراع بين المقدس والمدنس يصب في ملامسة هموم المتلقي العراقي خاصة والشرقي والعربي عامة ,كما يقول في ذلك الناقد الامريكي "وولتر كير"
(المسرحية الجيدة هي ملتقى العقول وليس الزاما مجلجلا من عقل اسمى لعقل ادنى منه)
لكن السؤال الذي اصر عليه مؤلف ومخرج العرض ما هو النموذج المثالي لحياة المتلق ؟
هل تتحقق السعادة في جعل المرأة المؤمنة المنعزلة المغلقة عن الاخر نموذجا للسعادة ؟
ام تلك المومس التي تدعو لحرية متطرفة ومشاعيه جنسية غير اخلاقية ؟
بهذه الاسئلة نقل المخرج الصراع من خشبة المسرح ليعلنه سؤالا للمتلقي الذي اشركه منذ البداء في الفرضية المكانية .
بذلك عاد المخرج ليبرر للمتلقي شخصياته التي تناولها في العرض المسرحي , ففي مشهد الرق المذهل اوضح لنا مخرج العرض حياة وابعاد شخصية المومس جاعلا منها وهي ترقص وتسرد تلك المأساة التي مرة بها من قتل زوجها وابنها الى بحثها عن لقمة العيش الى اشتغالها في الملاهي الليلية وجرها للتجارة بجسدها بذلك كسبت هذه المومس عطف المرأة المؤمنة وقد حاولت المرأة المؤمنة في هداية المومس في اعطائها القران وملابس محتشمة لتعلن تلك المومس توبتها عن الخطيئة .
بذلك انتزع المخرج من هاتين الشخصيتين اعترافات جريئة قيلة في لحظة حميمية ربطت بين المومس والمؤمنة فقد رقصت المؤمنة بألم وهي تروي لنا حدث اعتقالها بسبب اخيها المنتمي لحزب اسلامي وتستمر في روي احداث اغتصابها وحرق شعرها وتعذيبها وشرط رقصها حتى يتم الافراج عنها .
المخرج اعطانا كل الالم الانساني برقصات من مؤمنة ومن مومس ليحول لنا قمة الفرح في الرقص لحزن شديد ولابد من ذكر مشهد الابتسامة الباكية التي تألقت به الممثلة اسماء صفاء ليحقق مخرج العرض ما قاله المسرحي الشهير صموئيل بيكت (ان تمتزج الابتسامة بالدمعة تلك هي الميزة الحداثوية).
فقد كسبت المومس العواطف الانسانية على عكس تلك المؤمنة التي رفضت الرحمة والمساعدة للناس واقفلت عزلتها عنهم ,لكن هذا لم يدوم طويلا حتى يصلح مخرج العرض كل شيء ويعطي العطف بالتساوي فقد اقنعت المومس الفاضلة تلك المؤمنة الصلعاء وجعلت منها امرأة سوية تستطيع ان تقبل الاخر وتستطيع ان تنظر الى وجهها بالمرآة وهنا تدخل روح الابتسامة ويصلح كل شيء في البيت العتيق وتوقد الشموع وتفتح الاقفال وترمى السلاسل حتى تشرق الشمس فتخرج تلك المومس الفاضلة من الدار لكنها ترمى برصاصة طائفية ,فتخرج المرأة المؤمنة من الدار متوجهة نحو الشمس مع تلك الاشباح وكنها تردد كلمة هولدرلين العظيمة "نذرت قلبي علانية للأرض العظيمة المعذبة وغالبا ما عاهدتها في ظلمة الليل المقدس على ان احبها مع ما تحمل من عبء القدر, حبا وفيا دونما وجل حتى الموت وعلى ان لا اقابل اي لغز من الغازها بالازدراء هكذا ارتبطت بها برباط مميت"
عادل الشامي 1/4/2013



#عادل_الشامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسرح والطاعون قراءة في المنجز المسرحي العراقي بعد 2003
- لا مقدس من فضلكم ...
- فياكرا صلاح منسي على خشبة المسرح الوطني
- المسرح والطاعون ...حديث لن ينتهي
- مطر صيف ... بين هم إجتماعي وطرح سياسي
- الكولاج المسرحي بعد 2003
- نشاز تحرير الاسدي انسجام تام مع الكولاج المسرحي


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الشامي - المومس الفاضلة والمؤمنة الصلعاء في -عزف نسائي-