أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سومه حساين - من حقي باسم الدين أن أفعل بالآخر ما أريد..















المزيد.....

من حقي باسم الدين أن أفعل بالآخر ما أريد..


سومه حساين

الحوار المتمدن-العدد: 4048 - 2013 / 3 / 31 - 14:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مُنذ البعثة المحمدية، ومُنذ جاء الرسول مُخلّصاً للبشرية من ظُلمات الجهل والعبودية والخرافات الى نور العقل والعلم والحرية والعدل، وبعدما لاقى ما لاقى من صنوف التعذيب والإهانة بين أهله وعربانه، وبعد الرفض الشديد لدعوته الجديدة، ولا عجب في ذلك فكل نبي مُهانٌ في قومه وخلانه، ويستهان بأقواله، ولكنّه صبر وقاوم وناضل حتى استطاع أن يرتقي بقومه ويُخرجهم مما هم فيه من ضلالت وتناحرات، وقد استطاع إقامة دولتة العادلة التي استمرت حتى الخليفة الرابع فقط، ومن بعدها لم يذق المسلمين عدلاً قط ولا حُرّية، إلا الشيء اليسير في عهد عمر بن عبد العزيز الذي اعتبروه الخليفة الخامس، وقد مرّ على المسلمين الكثير من المنافقين المارقين اللذين مزقوا الأمة وزادوا الغمة، ولم يكن يهمهم من أمرها شيئاً إلاّ مصالحهم الشخصية وكم يجمعون من دراهم، وهؤلاء المنافقون عرفهم الرسول وحذّرنا منهم، فهم موجودون في كل زمان ومكان، ولكنه لم يُعاقبهم لأن مبدأ الإسلام الصحيح السماحة والعفو، ولا يُعاقب على ما تكنه الصدور وتخفيه، لأنه يقوم على الحرية وتقّبل الآخر مهما كان يحمل في قلبه و رأسه من أحقاد وضغائن، المهم هو ما يُظهره للعيان.

وقد بدأ الصراع على الحكم وعلى عرش السلطة منذ عهد الخلافة الراشدة، عندما أثيرت الفتن واغتيل الصحابة باسم الدين، (ولحكمة لا يعلمها إلاّ الله) فقد قُتل عمر بن الخطاب وهو يُصلي باسم الدين، وكُفّر عثمان وقُتل باسم الدين، ثم قُتل علي وأولاده وأحفاده وأحفاد رسول الله باسم الدين، مما أدى الى انشقاق صفوف المسلمين وتناحرهم وتقاتلهم باسم الدين، وقد حمّلوا الدين ما لا يحتمل ولا يُطيق، ونسوا أنه جاء ليجمّع ويقيم العدل لا ليفرّق ويظلم، أراقوا الدماء باسمه، وهدّموا المساجد باسمه، وأقاموا الحروب وقتلوا وذبحوا باسمه، اضطهدوا النساء واستعبدوهم باسمه، وظُلموا الكثير من الأبرياء باسمه وانتهكوا العروض باسمه، وهو بريءٌ مما يفعلون، أقاموا العصبيات والتكتلات الحزبية باسمه، وفرقوا الأمة الى طوائف ومذاهب وأحزاب، وكلٌ يتعصّب لحزبه وقبيلته ويعتقد أنها الفرقة الناجية، وكلما أرادوا فعل شيء ألصقوه باسم الدين لكي يُعطوه الشرعية والصلاحية، ويمرروا ما يريدون من أحكام وشرائع دنيوية ما أنزل الله بها من سلطان، ويمارسوا ما يريدون من فظائع وتخاريف ودجل حتى باتوا أضحوكة بين الأمم، ومضرب الأمثال في السخافة والإرهاب.

ولست هنا لأنتقد العرب والمسلمين وأنا منهم، ولكني لست مع إسلام مُتشدّد يرفض الآخر ويكفره، ولست مع حكومات دكتاتورية قمعية تُدمّر الشجر والبشر من أجل عرشها، ولكني مع الحرية والعدل، والوسطية والديمقراطية في الحكم، ويؤلمني ويوجعني ما وصلنا إليه من تردي وإرهاب، ويوجعني ما وصلت اليه بلادنا العربية من ردة وتخلّف، بعدما بلغوا قمة الحضارة والعدل، ووصلوا الى ما وصلوا إليه من علم وازدهار، وكان العالم ينهل من علومهم وحضارتهم، وللأسف أصبحوا الآن غُثاء كغُثاء السيل، لا قيمة لهم يزحفون خلف الأمم والحضارات، والمُحزن في الأمر أنه منذ ذلك العهد الرشيدي وحتى يومنا هذا لم يعرف المسلمين إلا النزاعات والخلافات والإنشقاقات والفتن، ناهيك عن الظلم والقهر وبطش الحُكّام وفسادهم وفرعنتهم، فما الذي أوصلنا الى هذه الحالة من التخلّف والعصبية والردة الجاهلية؟؟؟

عندما قامت الدولة الإسلامية الأموية حرصت على استحداث ظاهرة جديدة لم تكن موجودة في عهد الرسول الكريم، وذلك لكي تتمكن من السيطرة على الدولة الممتدة من المشرق الى المغرب والمتعددة اللغات والأعراق، وهذه الظاهرة الخطيرة هي (رجال الدين) أو ما يُسمى بالشيوخ والأئمة وهم الحُفّاظ والمُفسرين، وقد طُلب منهم الحُكام جمع الأحاديث عن رسول الله، ونسوا أن الرسول والقرآن الكريم حذّر من ذلك ومن اتخاذ رجال دين، وذلك في عدة آيات قرآنية تنهانا عن التشبه باليهود والنصارى باتخاذ رجال دين كما فعلوا فأضلوهم السبيل وفرّقوهم الى طوائف، وقد نبهنا الرسول لخطورتهم بقوله " إن أكثر ما أخشى على أمتي الحُفّاظ، فاحذروهم" والحُفاظ هم الأئمة من الحفظة اللذين يصلون في الناس في المساجد، والتحذير كان لما لهم من تأثير كبير على عقول الناس الذين يسمعونهم ويتبعونهم، وقد حرص حُكام الدولة الإسلامية منذ نشأتها على استحداث هذه الظاهرة الجديدة ( ظاهرة المشايخ والأئمة) لنشر الأحكام وتمرير ما يريدون وليكونوا اليد القوية الباطشة لمساعدة الحاكم في فرض سيطرته وسلطته على رقاب العباد باسم الدين والترهيب من الله، وقد أغدقوا عليهم العطايا والأموال لكسب وُدّهم وقربهم، ولقدرتهم في التأثير على الناس.

ولطالما دعا رجال الدين على المنابر للحاكم ولمبايعته على السمع والطاعة بصفتة وليّ الأمة، وكم مرَّ على هذه الأمة من حُكّام مُستبدّين باطشين سفاحين منذ عهد الحجاج حتى بشار سوريا، وهاهم الآلاف من أبناء الشعب السوري يُذبحون ويقتلون، والملايين يُشردون، (ولو دام العرش لغيرهم من الفراعنة لما وصل إليهم ولكنّهم لا يفقهون)، وهذا كله بسبب الطوائف والمذاهب التي خلقها رجال الدين، وأدّت الى الكراهية والتناحر بين الناس، وقد رأينا في كثير من الدول كيف يتبع رجال الدين والمشايخ حُكامهم وسلاطينهم، وكيف يجتهدون في الدفاع عنهم بكافة الوسائل والفتاوي التي حذّرت وحرّمت على الناس الخروج على الحاكم وحثّتهم على السمع والطاعة، والدعاء للحاكم الظالم بالهداية والصلاح، وبأن الواجب يقتضي الدفاع عنه باسم الدين وباسم الله، وأجازوا قتل المتظاهرين في بلدان وحرموه في بلدان أخرى، وكلٌ يفتي حسب مصلحته ومصلحة الحاكم الذي ينتمي إليه، وهُدّمت البيوت وأحرقت ودُمّرت البلاد والعباد باسم الدين، كل هذا من أجل الحاكم ورجال الدين، الحاكم الذي جاء ليحمي البلاد والعباد من الأعادي والأيادي الخارجية والمُستعمر الأجنبي، ولكن تبين أنَّ الحاكم لا يُدافع إلاّ عن كرسيه وعرشه، ونسي أنه لن يبقى له شعبٌ يحكمه سوى الحجر والشجر، ومن نجى من بطشه.

والأدهى والأمرّ هو الذي أوصلنا الى هذه الحالة من التفرقة والنزاعات والظلم والعصبية الجاهلية، وكلٌ يتششدد لطائفته ومذهبه حتى لو لم يكونوا على الحق، وكلٌ يعطي نفسه الحق في الإعتداء والقتل باسم الدين، وكلٌ يُكفر االآخر، والحقيقة أنَّ من أوصلنا الى هذه الحالة من التناحر هم رجال الدين (الأئمة والمشايخ...الخ) فهم من اخترع المذاهب والطوائف التي لم يكن لها وجود في عهد رسول الله والصحابة الراشدين، وقد كشفت لنا الأحداث نفاق رجال الدين وتملقهم، وكلنا رأيناهم في بداية الثورات على المنابر في المساجد يفتون بحُرمة المظاهرات والخروج على الدولة والحاكم، وعندما بُح صوتهم ولم يستطيعوا مواجهة الجماهير الكبيرة المنتفضة التي أعياها الفقر والقهر والغضب، وعندما سقط الحاكم، رأينا كيف تخلى هؤلاء الشيوخ عن سلاطينهم وحاكمهم ولبسوا أقنعة جديدة وانضموا الى صفوف الثوار والجماهير الغاضبة، محاولين تصحيح فتاويهم بمباركة الثورات وصب اللعنات على الحاكم، حتى أن بعضهم أفتى بجواز قتل الحاكم، ولو لم يكن هناك شيوخ ولا أئمة لما كان هناك مذاهب ولا طوائف، ولما وصلنا الى ما نحن فيه من عصبية وهمجية وتناحر وقتل.

لقد كشفت الثورات نفاق رجال الدين وصدقت فيهم مقولة الرسول الكريم بأنهم أشد االناس نفاقاً، فهم دائماً مع الحاكم حرصاً على مصالحهم ومنافعهم، ولكن سقطت الأقنعة عن الوجوه، في عصر العلم والثورة التكنولوجية التي لم تُبقي غطاء يستر عيب أحد، وكُشفت كلٌ على حقيقته، وعرف الجميع أن الشيوخ هم سبب تمزيق الأمة وضعفها، وتفرّقها الى طوائف ومذاهب أدت الى عصبيتها وتخلّفها وانحطاتها بفتاويهم المُضللة الساقطة التي لا تنفع في شيء سوى أنها تثير السُخرية، فهم من ظلَّ ينفخ في آذان الناس وعقولهم طوال عشرات ومئات السنين بالرضوخ والإستكانة، والسمع والطاعة لولي الأمر حتى لو على خطأ وخصوصاً الحاكم ورجل الدين، فطاعة الحاكم من طاعة الله حتى ولو جار وظلم، حتى لو قتل أولادنا وأكل لحومنا وانتهك عروضنا، لقد خدّروا الأمة وغيبوا عقولها، وكم اجتهدوا بفتاويهم وبالدعاء للحاكم ورفع شأنه حتى جعلوه إلاه فرعوني، يبطش ويقتل ويُنكل دون رحمة، ولكن لم يبقى للناس ما يخسروه، فكثرة الضغط ولّدت الإنفجار، وكم من رموز كبيرة سقطت، لطالما أخافت الناس وأرهبتهم سنين طويلة، ولكننا في عصر لا يخفى فيه شيء، إلاّ على الذين يُصرون على إغماض أعينهم وإغلاق آذانهم خوفاً من مواجهة الحقيقة... فلا عبودية بعد اليوم ولا خضوع إلاّ لله، ولا يوجد وسيط بين العبد وربه، ولا فرعون، ولا كبير ولا إله إلاً الله.



#سومه_حساين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل هي حقاً ثورات.. أم مؤامرات لتغيير خارطة الشرق الأوسط
- هل هي مقابلة تلفزيونية أم جلسة تحقيق
- سقوط الأقنعة والأوثان
- لم يدركون قيمة ما تقول...
- شيوخ الفتاوي..
- نزح النازحون..
- إذا عُرف الداء سَهُل الدواء..
- إذا عُرف الداء سهل الواء..
- النساء.. هُنَّ من يصنعن الحضارة..
- بناء فندق على سطح القمر
- ما السبيل الى الخلاص من هذا المأزق...
- الشماعة الفلسطينيه
- قصة قصيره- (وبقيت طفلاً)


المزيد.....




- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سومه حساين - من حقي باسم الدين أن أفعل بالآخر ما أريد..