طاهر مسلم البكاء
الحوار المتمدن-العدد: 4043 - 2013 / 3 / 26 - 21:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يجتمع عرب اليوم في ما يسمونه قمة جديدة ،وعليهم أولا" أن يسائلوا أنفسهم عن نتائج القمم السابقة وعن الوضع المزري الذي وصل اليه حال العرب اليوم من دون أمم الدنيا ،على الرغم من أنهم يتصدرون العالم فيما يملكون من ثروات .
يعتقد كل مواطن عربي أن الأجتماع الحالي ،كالأجتماعات السابقة ، لن يتمخض عنه ما يفيد العرب ،بل مزيد من التخريب للدول القائمة ،وأنهاك البنى التحتية فيها ،وحياكة مؤامرات جديدة لتخريب دول جديدة لاتزال مستقرة .
صحيح أن مواطننا العربي لايزال يعاني الأمرين من الفقر وضياع الحقوق والتخلف وأنعدام الأمن ، وأن لابأس أن يقوم بثورات لتصحيح أوضاعه ،ولكن ما حصل ويحصل حتى الأن بعيد عن التصحيح ،حيث بدأت دول العرب تهدّم الواحدة تلو الأخرى ،ومن يسيطر فيها يبدو بعيد عن مسيرة الحياة ،يعمل على العودة الى الوراء ،وبالنتيجة النهائية تعودالى أن تقاد من نفس اللاعبين القدامى ،الذين كانوا يسيرون اسلافهم ،هؤلاء اللاعبون هم المستفيدون ،والمواطن هو الخاسر الأكبر.
آمالنا وأحلامنا تذهب بعيدا" شبيهة بأحلام اليقظة الصعبة التحقيق عادة ،ولكن الواقع يقول غير ذلك ،فبأستعراض تاريخ قممهم ، لانجدهم قد تلاقوا وتوادوا وتراحموا وناقشوا الامور المصيرية التي تهم العرب ووضعوا لها الأولويات وتعاونوا لتحقيق الحلول .
ومع شديد الأسف لانجد قمة أثلجت صدور العرب من المحيط الى الخليج ، ففي أغلبها نجد ان روائح الفضائح والدسائس تفوح بما هو مؤلم بعد أنفضاضها ،وكان أفضل هذه القمم أستعراضية ،يستعرض بعضهم على البعض الأخر بطولات ومآثر شخصية يتخيلها ويحلم في أنه قد بلغها ، ويتناسون بجمعهم أن بضع عصابات من الهاغانا قد دنست ثرى القدس الطاهر وعاثت في أرض العرب الظلم والفساد ، ثم ما لبثت أن أنتشرت كفايروس قاتل فتخللت عقولهم وضمائرهم ، فشعروا بالهزيمة النفسية والأنكسار الأبدي ،وكان الأخطر من ذلك أن نقلوا هذا الشعور بالهزيمة الى الأمة ،وبدءوا ينكلون بكل من يرفع صوته ويشير الى سبب وأصل الجرح الذي لايندمل الاّ بالقضاء على مصدره .
في السابق عندما كانوا يجتمعون ويجتمعون ،ولم يكن أمامهم ألاّ قضية فلسطين وشعبها وقدسها السليبة ، لم يتمكنوا من فعل شئ ولن يفعلوا ، فكيف بهم اليوم وهم ماضون قدما" بتفتيت وحدتهم وأنهاك قدراتهم وتحطيم دولهم بالأقتتال فيما بينهم في خنادق داخلية ، كان يحفرها ويعدها عدوهم متفرجا" عليهم من الوضع المستريح ، فيما هم ينهك بعضهم بعضا ، دون التقاط الأنفاس والنظر فيما حولهم حيث عالم متحول تجاوز عقده وضغائنه وأعلن على الملأ كل مبادئه وأفكاره .
لقد أعلن الأوربيون ،تقودهم امريكا ، بعد الحرب العالمية الثاني أن لاتصارع ولاأقتتال بين بعضهم البعض وأن عليهم الأستفادة من خيرات الأخرين مستغلين ضغائن وغباء الأخرين ،ولابأس ان يبقى هؤلاء الأخرين بغباءهم وبمشاكلهم الى ما لانهاية مادام الطرف الأخريستفيد من ذلك ، فهذه كوندليزا رايس تقول في صحيفة اللوموند الفرنسية :
( احدى خاصيات العولمة تتمثل في حقيقة أنه لاتوجد امة ،ولو كانت دولة عظمى قادرة بمفردها على تحقيق الأهداف الكبيرة ، .. لتحقيق نجاحات كبيرة في العالم يلزمنا شركاء كبار شركاء أقوياء ،نعلم أن الولايات المتحدة وأوربا عندما توحدان قوتيهما وذكائيهما ،تكونان أفضل الشركاء ،التاريخ يشهد على ذلك ) .
ويؤكد (نعوم تشومسكي ) أبرز المفكرين الأمريكيين :
( تقع مسؤلية خلق الأرهاب على النظام العالمي الجديد وراعيته امريكا، سواء أكان ذلك عن طريق أعتماد أدوات السيطرة الأقتصادية التي تهمش معظم سكان العالم أو في تطبيق سياسات وتحالفات تقهر شعوبا" بكاملها )،أما المفكر الأمريكي الأكثر ألتصاقا" بالأدارة الأمريكية ( صموئيل هنتنغتون ) والذي يصفه الرئيس بوش الأبن بانه نبي الأمة الأمريكية فهو يشير الى وجوب الحفاظ على التفوق الغربي بأتجاه الحضارات الأخرى نورد بأختصار بعض ما يوصي به :
- يحتفظ الغرب بتفوقه في مجال أسلحة الدمار الشامل ومنع المجتمعات الأخرى من الحصول على هذا السلاح بأي ثمن .
- على الغرب تنمية قيمه ومؤسساته السياسية والضغط على المجتمعات الأخرى لتبني الأسلوب الغربي .
- تقييد الهجرة اليه بهدف حماية التماسك لثقافي والأجتماعي والأثني لمجتمعاته .
- ان يدعم الغرب وحدته وينسق سياساته بحيث يجعل من الصعب على المجتمعات الأخرى أن تستخدم دول غربية ضد دول غربية أخرى وأن ينمي ويستغل الخلافات بين الدول غير الغربية .
وينعطف هنتنغتون الى موضوع أشد حساسية ، وهو مايهمنا أن نركز فيه ونستوعبه جيدا" :
( صراع القرن العشرين بين الديمقراطية الليبرالية والماركسية اللينينية ليس سوى ظاهرة سطحية زائلة ، أذا ما قورن بعلاقة الصراع المستمر والعميق بين المسيحية والأسلام ) ،وعلى أثر ذلك المقال وجه الرئيس بوش الأبن دعوه لهنتنغتون لألقاء محاضرة في البيت الأبيض ودعاه بالنبي .
ونقتطف شذرات من فكر مركز ( جيمس بيكر ) في هيوستن :
( أن نسبة الشعب الأمريكي الى سكان العالم تبلغ 6,3%، ولكنه يستهلك أكثر من 60% من بترول هذا العالم ،والأستراتيجية الأمريكية تقضي المحافظة على هذه النسبة مهما كانت ظالمة ،وحتى لو فرضت بقوة السلاح لأن المبادئ تخاطب الضمير والحقائق تصنع الحياة ) .
ويقول هنري كيسنجر معلقا" على الحرب العراقية – الأيرانية :
( هذه أول حرب في التاريخ أتمنى أن لايخرج بعدها منتصر ، وأنما يخرج طرفاها وكلاهما مهزوم ) .
وفي نفس السياق أعلان وزير الدفاع البريطاني في حكومة تاتشر ( أن الحرب العراقية – الأيرانية تخدم مصالح بريطانيا والغرب ويجب أعطاء العراق وأيران أمكانيات متابعتها ) ، وقد أستمرت هذه الحرب لثمان سنوات و قتل فيها مليون شخص .
وغير ذلك الكثير الكثير وهو معلن وعلى الملأ وليس سرا" ، فأين العرب واين قادتهم من كل هذا ، هل كان الرد هو السير في الطريق الذي اختطه لنا الأخرون لكي يستفادوا من جروحنا وتخبطنا الى ما لانهاية ، هل الرد في أثارة النعرات المذهبية والطائفية وتفتيت وحدتنا لأجل مسميات الغرب الجديدة ونحن سادة الفكر وبناة الحضارة وفي أرضنا أختط اول حرف وانطلقت الشرائع الأولى ووضعت نظم الحياة ومبادئها ، وزيادة على ذلك حبانا اللة بخيرات الدنيا تجري على أرضنا ، فمكنا الأخرين أن يستخدموها لتدميرنا ، نحن لاندعو الى حروب فقد وصلنا الى حد التخمة ،ولكننا ندعو الى أن نكون أقوياء ،فنعيش بكرامة وننتزع حقوقنا السليبة ونستغل ثرواتنا لفائدة شعوبنا .
اننا قد نكون نظرنا بمنظار مزري لبلاد العرب وانهم قد أجتمعوا اليوم لمناقشة امورهم ، وهي بادرة مشجعة ولكن مايحبط امالنا أن كل منهم يبكي على ليلاه ،ونجد أن هناك من يجد نفسه مرغما" على الحضور ، دل على ذلك تمثيله الهزيل .
ومع كل ذلك نأمل أن يخيبوا توقعاتنا ويفلحوا بالوصول الى وحدة الهدف واليوم أولى أولياتهم أن يكونوا موحدين أقوياء ، ثم ينظروا بروية وتأن ويبرمجوا التحديات المصيرية التي تواجههم كعرب وليس كدول متفرقة وان يتخذوا قرارات مصيرية يدهشوا بها انفسهم ويثلجوا صدور شعوبهم ويكيدوا أعدائهم ... ولكني اراهن أن هذا لن يحدث في الوضع الراهن وسيتخاصموا ويعود كل منهم من حيث اتى ، فقد أتفقوا على ان لايتفقوا .
#طاهر_مسلم_البكاء (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟