أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبد الحسين شعبان - العولمة والإعلام .. أثمة مبالغات؟















المزيد.....

العولمة والإعلام .. أثمة مبالغات؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4026 - 2013 / 3 / 9 - 10:07
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    



حوّلت الثورة العلمية-التقنية وما لحقها من تكنولوجيا الإعلام والمعلومات بما فيها الطفرة الرقمية "الديجيتل"، العالم كله إلى قرية مفتوحة، فما يحصل في بلد ناءٍ وبعيد، ستشاهده لحظة وقوعه أو بعد دقائق أو ساعة أو سويعات وأنت مسترخٍ في غرفة الاستقبال أو مستلقٍ في غرفة النوم وعلى بُعد آلاف الأميال.
وإذا كنا نقول في البحث الأكاديمي "الوثيقة خبر"، ففي الإعلام نقول: الصورة خبر، وقد يغني عن مئات بل وآلاف المقالات، ولا سيما دورها في صياغة الرأي العام والتأثير عليه سلباً وإيجاباً.

ولعلّك ستتفاعل مع الصورة على نحو كبير باعتبارها "خبراً" بانورامياً بحد ذاته، حيث ستشاهد فيه الحدث وما خلفه وما رافقه وما سيتبعه وما قيل أو يقال فيه، وستطّلع على رأي صانع الحدث والمشارك فيه وخصمه والشاهد عليه والمشاهد بعد ذلك.
كل ذلك بفضل الدور المؤثر للإعلام، ولا سيّما إذا تمكّن الإعلامي من التقاط اللحظة التاريخية، فالصحافي في نهاية المطاف حسب تعبير ألبير كامو هو "مؤرخ اللحظة"، ولعل تاريخ اللحظة سيكون حاضرا في الصورة أيضا، دليلاً للباحث والمؤرخ وعالم السياسة والاجتماع، فهو المادة الأولى التي يتم الاعتماد عليها للاستنتاج وصولاً للتقويم وإصدار الأحكام واتخاذ المواقف!
وإذا ما جرت مبالغات في دور الإعلام، فربما يعود السبب إلى اعتقاد شاع في ظل العولمة وترسّخ لدرجة اليقين مفاده أنّ بالإمكان صناعة الخبر أو توليفه أو حتى اختراعه أو اختلاقه، وبالتالي ضخّه بطريقة مؤثرة ليبدو وكأنه حقيقة لا تقبل الشك، حتى وصلت المسألة إلى تحميل الإعلام ما حدث وما يحدث من مشكلات واضطرابات وأعمال عنف، لدرجة تقترب من تعويض الواقع بالافتراض أو بالوهم، حيث يصبح تصوير ما ينشر أو يذاع أو ينقل من الشاشات الزرقاء والإنترنت وكأنه الحقيقة دون سواها.
وإذا كان الإعلام قد ساهم في ظل العولمة في وصول الخبر بالصوت والصورة وبسرعة خارقة إلى المتلقّي، وقد حدث على نحو لم يسبق له مثيل من قبل في حرب الخليج الثانية، أي بعد غزو الكويت العام 1990 ومن ثم حرب قوات التحالف ضد العراق في العام 1991، بفعل محطة الـCNN، ومحطة تلفزيون الجزيرة في غزو العراق العام 2003، فإن الإعلام ليس هو من يصنع الخبر، حتى وإن بالغ فيه أو عرض جوانب منه وأخفى جوانب أخرى أو مارس انتقائية تضرّ بالمهنية والنزاهة التي يتطلبها العمل الإعلامي أو عاظم من شأن حدث ما وقلل من شأن آخر، فإنه ليس هو المسؤول عمّا حدث ويحدث، وإنْ كان له دور في تأجيج المشاعر واستثارة الغرائز وتقديم الصورة التي تساعد على تفضيل هذا الفريق أو ذاك، لكنه لن يكون قادراً وحده في اختراع شيء لم يحدث، وإن حصل لمرّة أو مرتين، فإن صدقيته ستكون منخفضة، بل محطّ تساؤل ومن ثم عزوف من جانب المتلقي.
ولعلّ هذا ما وجدناه في الإعلام العربي، لا سيما الرسمي، وخصوصا في البلدان التي شهدت اندلاع أعمال الاحتجاج الشعبية، لكن الأمر لم يدم طويلاً وسرعان ما كانت الحاجة إلى الحقيقة تتسع، بل وتظهر في ظل المنافسة الإعلامية حيث لا يستطيع أحد إخفاء الحقيقة إلى ما لا نهاية في ظل اتساع وسائل الاتصال المعولمة.

هكذا على نحو مفاجئ انتقل العالم العربي كلّه، ومرّة واحدة، إلى دائرة الضوء، لدرجة أن قرى وبلدات منسيّة وبعيدة أصبحت معروفة عالمياً، في ظل دهشة ومفاجأة لما حدث وكيف حدث؟ وكانت لحظة إحراق البوعزيزي نفسه في تونس وفي محافظة سيدي بوزيد إشارة البدء أو ساعة الصفر أو الانطلاق لإعلان صيرورة الانتفاضة التي سرت مثل النار في الهشيم، وامتدّت من تونس إلى مصر، معلنة وحدة المشترك العربي الإنساني، دون نسيان الخصوصية والتمايز بكل بلد ولكل حالة.
لقد جعلت العولمة والإعلام على وجه الخصوص التغيير بقدر خصوصيته شاملاً، وبقدر محليته كونياً، ولا سيّما أن كل شيء من حولنا كان يتغير على نحو جذري وسريع، ولعلّ هذا يطرح عدداً من الحقائق الجديدة التي تثير أسئلة بحاجة إلى إعمال العقل والتفكير لا بشأنها حسب، بل بشأن سياسات وأنظمة لم تشعر أو تتلمس الحاجة إلى التغيير طالما اعتقدت وهماً أنها تقوم بتوفير الأمن والاستقرار، وأن ذلك سيكون وحده كافياً لإسكات شعوبها أو إرضائها، وكأن ذلك الأمن والاستقرار يراد لهما تعسفاً أن يصبحا بديلاً عن الحرّية والكرامة والعدالة التي هي مطالب شرعية باعتراف الحكومات جميعها، ولعلّ هذه المطالب المشتركة وذات الأبعاد الإنسانية جعلت حركة الاحتجاج ومطالب الشباب تمتد من أقصى المغرب العربي إلى أقصى المشرق العربي، ومن المحيط إلى الخليج كما يقال.
يخطئ من يظن أن الحركة الاحتجاجية هي صورة نمطية يمكن أن تتكرر أو تستنسخ أو تتناسل أو أنها خريطة طريق واحدة أنيقة وملوّنة لجميع البلدان والشعوب، فالأمم والمجتمعات تحفل بالتنوّع والتعددية وبوجود اختلافات وخصوصيات وتمايزات، بقدر ما يوجد بينها جامع مشترك أعظم، وقواسم عامة، لا سيّما حاجتها الماسّة إلى التغيير طلباً للحرّية والعدالة والكرامة الإنسانية.
وبهذا المعنى فإن الحركة الاحتجاجية ليست طبعة واحدة أو فروعاً من حركة قائمة، أو صورة مصغّرة عنها. صحيح أن العالم العربي وصل في غالبيته إلى طريق مسدود، وهو ما عكسته تقارير التنمية البشرية، لا سيّما شحّ الحرّيات والنقص الفادح في المعارف وتفشي الأمية الأبجدية التي زادت على 70 مليون، ناهيكم عن الأمية المعرفية، خصوصاً التعاطي مع علوم العصر وتقنياته ووسائله الحديثة، إضافة إلى الموقف السلبي من المرأة وحقوقها ومساواتها، وكذلك الموقف الخاطئ من التنوّع الثقافي الديني والقومي والإثني واللغوي وحقوق المكوّنات المتساوية وغيره.
وإذا كان للتغيير جاذبيته، فإن له قوانينه أيضاً، لا سيّما المشترك منها والذي يشكّل قاعدة عامة، وبقدر ما يحمل التغيير من خصوصية، فإنه كذلك يمتلك أبعاداً شمولية، تتخطى حدود المحلّي إلى الإقليمي والكوني، وما حصل في مصر بقدر كونه مصرياً بامتياز قلباً وقالباً، فإنه عربي أيضاً، بل هو تغيير عالمي بحكم الجاذبية، الأمر الذي ينبغي التأمل فيه لا مكانياً حسب، بل زمانياً أيضاً، وخصوصاً بفعل العولمة وما أفرزته من معطيات، إيجابية وسلبية، فإذا كانت قد عممت الهيمنة العابرة للحدود والقارات والجنسيات والأديان والقوميات، وفرضت نمطاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً سائداً، فإنها عممت الثقافة والحقوق والمعرفة بما تحمل من آداب وفنون وعمران وجمال وعلوم، ولعلّ هذا هو الوجه الإيجابي للعولمة في مقابل وجهها المتوحش واللاإنساني!
هكذا يصبح التغيير استحقاقاً وليس خياراً فحسب، وتصبح الخصوصية جزءًا من الشمولية ويندمج الخاص بالعام والاستثناء بالقاعدة، على نحو فاعل ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وقانونياً ومعرفياً. ويلعب الإعلام دور مسرّع في التواصل والتعبئة وعلى المستويين الداخلي والخارجي، وهو أحد أعمدة التغيير التي لا غنى عنها في ظل العولمة.

وإذا كانت مصر قد شكّلت قطب رحى مهما في العالم العربي بحكم وزنها السياسي الكبير والفاعل وثقلها الثقافي والمعرفي الهائل والمؤثر وخبراتها وطاقاتها العلمية وكثافتها السكانية والبشرية، وبحكم موقعها الجغرافي وكونها جسراً بين أفريقيا وآسيا وبين العالم العربي وشعوب أخرى، فإنها أكدت جملة حقائق مهمة بالارتباط مع ما حدث في تونس وما بعده في العالم العربي، رغم عدم استكماله، بل وتحوّل بعض أوضاعه إلى معاناة جديدة ومأساة مستمرة بسبب تشبث الحكّام، كما حصل في ليبيا التي شهدت حرباً أهلية وتدخلاً عسكرياً دولياً قاده حلف الناتو.
ولولا تدخل مجلس التعاون الخليجي ومبادرته بشأن تنحّي الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، لكانت احتمالات انفجار الوضع واردة، ولعلّ الأمر يحتاج إلى نزع الفتيل كلياً، وما زالت معاناة الشعب السوري مستمرة، ولم تفلح مبادرة جامعة الدول العربية والأمم المتحدة (المشتركة) برئاسة الأمين العام السابق كوفي أنان وخليفته الأخضر الإبراهيمي في الوصول إلى النتائج المرجوّة التي تتلخص في وقف العنف وتأمين الانتقال السلمي إلى الديمقراطية، وهو ما يسهم فيه الإعلام في ظل العولمة، حيث أصبح بإمكان كل إنسان أن يشارك في التغيير من مكانه، ومن موقعه بفضل وسائل الاتصال التي لا تحدّها حدود مثل الإنترنت (فيسبوك وتويتر) والهاتف النقال وغيرها.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل دستور مصر منزلة بين المنزلتين؟
- الماركسية والدين: التباسات العلاقة وأسس المصالحة
- المشهد السياسي العراقي: 4 تحدّيات في الأفق
- عملية إيمرلي!
- التغيير والمأزق الحضاري
- سايكس بيكو -الثانية- أو ما بعد الكولونيالية !
- المفاضلة بين -ضحيتين-!
- المظاهرات حق مشروع والمطالب مشروعة وعادلة
- - الأخوة الأعداء - في العراق!
- ماذا يريد المتعصبون والمتطرفون من المسيحيين؟
- كردستان: العنف بضدّه
- فيتو النفط
- في نقد الموقف اليساري من القضية الفلسطينية
- أكاديميون وبرلمانيون
- نعيم الهوّية أم جحيمها في العراق؟
- سياقات الخصوصية والعالمية
- ما بعد الصهيونية مجدداً!
- ما بعد الصهيونية
- انسحاب . . ولكن
- شيء عن الدبلوماسية “الإسلامية”


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبد الحسين شعبان - العولمة والإعلام .. أثمة مبالغات؟