أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الحسين شعبان - - الأخوة الأعداء - في العراق!















المزيد.....

- الأخوة الأعداء - في العراق!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3994 - 2013 / 2 / 6 - 00:12
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



منذ شهر ونيّف تجتاح محافظات العراق الغربية والشمالية، تظاهرات واعتصامات أخذت بالاتساع والامتداد، بعد أن بدأت شرارتها الأولى من محافظة الأنبار، ثم انتقلت إلى محافظات صلاح الدين والموصل وكركوك وديالى وبعض مناطق العاصمة بغداد، ولاسيما في الأعظمية، حتى بدا المشهد السياسي وكأنه على الحافة.
لقد تعرّضت العملية السياسية منذ الاحتلال العام 2003 ولحد الآن، إلى تحدّيات كثيرة وتعثرات كبيرة، لكن ما تواجهه اليوم هو الأكثر حدّة، لأنه يتعلق بوجودها ومستقبلها، لا سيما بتدهور الثقة بين الأطراف المتحالفة " المتناحرة"، وحسب الروائي اليوناني كازانتزاكي بين " الأخوة الأعداء".
وعلى الرغم من المطالب ذات الطبيعة الاحتجاجية والمطلبية للمتظاهرين، الاّ أنها مع مرور الأيام وبتعاظم الزخم الشعبي، أخذت تكتسب مضامين سياسية، بحيث ارتفعت بعض الأصوات المطالبة بإبطال العملية السياسية برمتها، خصوصاً في مسألة رفع الحيف والغبن الواقع على أبناء عدد من المحافظات، ووضع حدّ لسياسة التهميش التي شملت السنّة بشكل عام، إضافة إلى إطلاق سراح المعتقلات والمعتقلين (الأبرياء) وإعادة النظر بـ أو إلغاء قانون المساءلة والعدالة، الذي أدّى تطبيقه السيء إلى حرمان عشرات الآلاف من حقوقهم، وإلغاء المادة 4 إرهاب التي تستخدم كيدياً وثأرياً ضد الخصوم السياسيين، وإلغاء اعتماد "المخبر السرّي" .
وكانت العملية السياسية قد تعرّضت إلى تعثرات كبيرة، ولا سيما بعد خروج القوات الأمريكية من العراق في نهاية العام 2011، حيث ساءت علاقة القائمةالعراقية مع كتلة دولة القانون، منذ أن حسمت المحكمة الاتحادية تفسير موضوع الكتلة الأكبر لصالح الأخيرة، وبموجب ذلك تمكّن نوري المالكي من الاحتفاظ بمنصب رئاسة الوزارة للمرّة الثانية، وتدخلت أطراف كثيرة، دولية وإقليمية، لا سيما واشنطن وطهران، لإحداث نوع من التوافق على تشكيل الوزارة التي بدت وكأنها استعصاء، حتى تم إبرام اتفاق إربيل بين قادة الكتل والقوائم والقيادات السياسية وإن ظلّت الوزارة غير مكتملة.
ووفقاً لاتفاق إربيل تقرر أن يصبح د. إياد علاوي رئيساً للمجلس الأعلى لرسم السياسات الذي استحدث خصيصاً له، ليضم الرئاسات الثلاث: لكن مثل هذا الاتفاق وصل إلى طريق مسدود حتى قبل تشكيله وإقراره برلمانياً، لأنه ولد وهو يحمل فيروس موته معه، لا سيما عدم دستوريته، فكيف يكون هناك رئيس فوق الرؤساء، الأمر الذي فجّر الأزمة وجعلها مفتوحة على كل الاحتمالات!؟
ولاحقاً حاولت القائمة العراقية "المجروحة" وقائمة التحالف الكردستاني الإطاحة بالمالكي دستورياً عن طريق سحب الثقة منه بواسطة أغلبية 163 صوتاً في البرلمان، لكن هذه المحاولة باءت بالفشل، بسبب الاستقطاب الطائفي وشعور الأحزاب والكتل الشيعية بضرورة مواجهة التحدي بتحدٍ مقابل، كي لا يفلت الموقع ويتبدد من بين أيديهم.
وانعكس موقف "الأخوة الأعداء" على العلاقة بين دولة القانون والتحالف الكردستاني أيضاً، بل أن أمراً جوهرياً ظلّ معلّقاً أو مسكوتاً عنه بينهما، أصبح راهناً بحيث لا يمكن تأجيله أكثر من ذلك، وترافق ذلك مع حصول احتكاكات جديدة بين الحكومة الاتحادية، ممثلة برئيسها المالكي وإقليم كردستان ممثلاً برئيسه مسعود البارزاني، وارتبطت المشاكل والاشكاليات بصورة رئيسية في ثلاث نقاط أساسية:
الأولى- صلاحيات الإقليم وحدودها في ضوء الدستور التي ظلّت محطّ جدل وتفسير وتأويل من جانب الأطراف المختلفة، ولا سيما علاقة البيشمركة الملتبسة بالجيش العراقي .
الثانية- عقود النفط الموقّعة من جانب الاقليم واعتراضات الحكومة الاتحادية عليها، خصوصاً وأنها عقود شراكة تتراوح نسبتها بين 18% إلى 20% للشركات الاحتكارية، وهي متصاعدة بارتفاع أسعار النفط، في حين أن حصتها في عقود بقية مناطق العراق تبلغ نحو 2% وهي عقود خدمة، وهذا فارق كبير، إضافة إلى تفسير المادة 111، وما بعدها بشأن النفط، الواردة في الدستور، ناهيكم عن تعطّل صدور قانون النفط والغاز على الرغم من إنجاز مسودته منذ أربع سنوات.
الثالثة- عائدية محافظة كركوك "والمناطق المتنازع عليها" ومصير المادة 140 من الدستور، التي ظلّت مصدر خلاف طويل وعميق، وقد يستمر لفترة طويلة.
لعلّ ما يحصل اليوم من توترات سياسية واحتدامات طرفية أو جهوية، مهما حملت من مطالب، مشروعة وعادلة، فإنها في نظر القوى المتسيّدة في الحكومة تحمل بُعداً فئوياً وطائفياً حتى وإنْ تحدثت عن المطالب المتعلقة بالخدمات، وخصوصاً الصحية والتعليمية ومسألة البطالة وهشاشة الأمن وضعف الدولة واستمرار تدنّي هيبتها وصعود نبرة التقسيم مجدداً باستعادة مشروع جو بايدن بأشكال مختلفة، والفساد المالي والإدراي، وتفشي العنف والارهاب.
ولا تتوقف تلك الحزمة من المطالب والاحتجاجات عند حدود معينة، بل قد تضع العملية السياسية برمّتها في مهبّ الريح، وذلك من خلال سيناريوهات متعدّدة:
السيناريو الأول يتلخّص بلجوء حكومة المالكي إلى شن حملة عسكرية ضد المناطق الخارجة على سلطاتها، وعندها يصبح الصدام حتمياً، وإذا ما استمر، فيمكن من خلال التوظيف الطائفي أن يتحوّل إلى احترابات أهلية ونزاعات مسلحة تشمل مجاميع مذهبية أو من يلعب باسمها هذا الدور، لا سيما من طرف الميليشيات.
ومثل هذا السيناريو يمكن أن يؤدي إلى احتمالين أحلاهما سيكون مرّاً. الاحتمال الأول أن تستطيع السلطة بسط سيطرتها على هذه المناطق عسكرياً وأمنياً وتطهير جيوب المقاومة والرفض فيها، لكنها كيف ستتمكن من حكم هذه المناطق في ظل بيئة معادية ورفض شعبي يكاد يكون شاملاً عشائرياً ودينياً ومدنياً وسياسياً، مع غليان عارم ضد الممارسات العنفية. وقد كان الصدام في الفلوجة البروفة الأولى، سواءً عن قصد أو بدونه.
أما الاحتمال الثاني من السيناريو الأول فهو أن تفشل حكومة المالكي من القضاء على حركة الاحتجاج، بسبب ضغوط داخلية ودولية وإقليمية، فضلاً عن انفرادها باتجاه الحل العسكري أو الأمني (خارج دائرة حلفائها التقليدين)، أو أن تتركها كما هي، الأمر الذي سيعني بقاء هذه المحافظات خارج السيطرة، وستكون أقرب إلى كونفدرالية، بعد تنظيم نقاط مرور وعبور وحدود وغيرها، وهي أقرب إلى الانفصال منها إلى الوحدة، وهي الصيغة التي كانت عليها كردستان منذ أواخر العام 1991 عندما سحبت الحكومة العراقية طاقمها المالي والإداري ولغاية العام 2003.
السيناريو الثاني – يتلخّص بقبول حكومة المالكي على تقديم تنازلات وتلبية مطالب المتظاهرين، لكن العدّ العكسي سيكون لها بالمرصاد، لأن الوقت قد نفذ، والوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، وكم كان مناسباً التحلّي بالحكمة والعقل والاستجابة السريعة، خلال الأيام الثلاثة الأولى للمطالب الشعبية، فضلاً عن التعامل بطريقة حساسة ومرهفة مع تجمّعات بشرية هائلة دون أي استفزاز يتعلق بالكرامة. وأعتقد أن المتظاهرين سوف لا يقبلون أقل من تعديل أو إلغاء مسار العملية السياسية الفاشلة، وعندها سيبدأ مسلسل جديد، لا سيّما بتنحي المالكي.
السيناريو الثالث- الضغط على المالكي لتقديم استقالته، لا سيما من طرف قائمة الائتلاف الوطني ( الشيعية) بهدف الابقاء على منصب رئاسة الوزارة بيدها، ومحاولة منع الاحتراب وتلبية مطالب المتظاهرين الاحتجاجية، وهو أمر سيحدث انقلاباً في علاقة القوى الشيعية مع بعضها البعض، ومع القوى الأخرى.
إن أيّا من هذه السيناريوهات لو حدث، سيؤدي إلى ارتباك وتغيير في توازن القوى، خصوصاً ما قد يصاحبه من إعادة تركيب وتحالف واصطفاف للقوى والجماعات السياسية، وهو الأمر الذي سيشمل جميع القوائم والكيانات السياسية، باستثناء التحالف الكردستاني القائمة الأكثر تماسكاً، وإن كانت تعاني من إشكالات جدّية مع كتلة التغيير.
وإذا كان السيد مقتدى الصدر وكتلة "الأحرار" والمجلس الإسلامي الأعلى بقيادة عمار الحكيم، إضافة إلى مرجعية النجف الشيعية قد دأبت على تبني خطاب وسطي وتوفيقي منذ اندلاع تظاهرات الأنبار ولحد الآن، لكن حل الأزمة المستفحلة، العميقة الغور، يحتاج إلى موقف أكثر حزماً، بحكم المسؤولية والقلق على مستقبل العراق ووحدته، خصوصاً وهو مهدد بالانزلاق إلى مستنقع الفتنة الطائفية التي تدقّ على الأبواب، وليس بعيداً عنها وعن تغذيتها التداخلات الخارجية.
لم يعد الحديث الإنشائي وحده كافياً، كما أن تكرار عبارات عفا عليها الزمن، من قبيل عدم وجود "الفوارق" بيننا والتصاهر التاريخي، وحل الأمور بالتي هي أحسن، فتلك خطابات لا تغني ولا تسمن من جوع، في ظل الخطر الداهم. إن درء الكارثة المحدقة لا يحدث بالدعاء ولا يمكن حلّه بالفتاوى والمواعظ أو بكلمات المجاملة وتبادل التحايا عن بعد.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا يريد المتعصبون والمتطرفون من المسيحيين؟
- كردستان: العنف بضدّه
- فيتو النفط
- في نقد الموقف اليساري من القضية الفلسطينية
- أكاديميون وبرلمانيون
- نعيم الهوّية أم جحيمها في العراق؟
- سياقات الخصوصية والعالمية
- ما بعد الصهيونية مجدداً!
- ما بعد الصهيونية
- انسحاب . . ولكن
- شيء عن الدبلوماسية “الإسلامية”
- الدستور العراقي الحالي حمّل أوجه وألغام
- اختبار جديد للحرب الباردة
- حلف الفضول!
- شكراً... للضمير الجامع
- الحلم الفضي يعود إلى بنغازي
- حكمة الضوء وشهادة التاريخ
- منصور الكيخيا والرهان على «سلطة» الضوء!
- مصر والإسلام السياسي
- هل ترسو سفينة مصر الدستورية؟


المزيد.....




- نتنياهو يعلق على قبول حماس وقف إطلاق النار والسيطرة على الجا ...
- لوكاشينكو: العالم أقرب إلى حرب نووية من أي وقت مضى
- غالانت: عملية رفح ستستمر حتى يتم التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح ...
- الرئيس الجزائري: لا تنازل ولا مساومة في ملف الذاكرة مع فرنسا ...
- معبر رفح.. الدبابات تسيطر على المعبر من الجانب الفلسطيني مع ...
- حرب غزة: هل يمضي نتنياهو قدما في اجتياح رفح أم يلتزم بالهدنة ...
- اتحاد القبائل العربية في سيناء.. بيان الاتحاد حول رفح يثير ج ...
- كاميرا مثبتة على رأس الحكم لأول مرة في مباراة الدوري الإنكلي ...
- بين الأمل والخوف... كيف مرّت الـ24 ساعة الماضية على سكان قطا ...
- وفود إسرائيل وحماس والوسطاء إلى القاهرة بهدف هدنة شاملة بغزة ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الحسين شعبان - - الأخوة الأعداء - في العراق!