أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - اختبار جديد للحرب الباردة















المزيد.....

اختبار جديد للحرب الباردة


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3946 - 2012 / 12 / 19 - 15:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ انتهاء عهد الحرب الباردة 1947-1989 والعالم تتنازعه استراتيجيتان أساسيتان، حتى إن بدتا متناقضتين، إلاّ أنهما في الوقت نفسه متداخلتان أحياناً، الاستراتيجية الأولى استندت إلى مبدأ القوة الناعمةSoft Power التي تقوم على الدبلوماسية والحوار في إطار نظام عالمي جديد له شروطه التي روّج لها جورج بوش الأب، ونظر لهذه الاستراتيجية ولسيادة الهيمنة الرأسمالية العالمية فرانسيس فوكوياما، الأمريكي من أصل ياباني، وصاحب أطروحة “ نهاية التاريخ”! .

أما الاستراتيجية الثانية فقد ظلّت منشغلة بالصراع العسكري (القوة الخشنة (hard Power) تلك التي ينبغي استغلال الوقت لتحقيقها ولضمان هيمنة واشنطن على العالم ليصبح القرن الحادي والعشرين قرناً أمريكياً بامتياز . ولعل أطروحة “ الخطر الإسلامي” كانت جاهزة بعد انتهاء “ الخطر الشيوعي”، وهكذا ضجّت وسائل الإعلام بالإسلامفوبيا، وصدام الحضارات التي نظّر لها صموئيل هنتنغتون . وإذا كانت واشنطن سعت لتوظيف ظفر الليبرالية على المستوى العالمي وتحقيق هزيمة الاشتراكية، فقد حاولت عبر تحالف مع الدول الصناعية الكبرى، لاسيما الاتحاد الأوروبي واليابان، فرض الهيمنة على العالم، بما يضمن لها السيادة الشاملة، باعتبارها السبيل لقيام عالم أكثر عدلاً، ولتقليص حدّة الفقر والتخلّف، كما برّرت .

ولم يكن اليمين الغربي وحده هو منظّر القوة الناعمة، بل إن مفكراً يسارياً كبيراً مثل نعوم تشومسكي كان قد دعا وإن كان من زاوية مختلفة إلى مواجهة المشكلات الكبرى مثل الإرهاب والفقر والتخلف والعولمة والتنمية من خلال علاقات دولية أكثر تكافؤاً، حيث تتفرغ الأمم المتحدة لحل النزاعات الدولية، وهذا يتطلّب انضماماً (جديداً) لواشنطن لنظام محكمة روما التي أعلن عن تأسيسها في العام 1998 ودخل ميثاقها حيّز التنفيذ في العام ،2002 وكانت الولايات المتحدة قد انضمت إليها عشية إغلاق باب الانضمام إلى الهيئة التأسيسية (أواخر العام 2000)، لكنها انسحبت منها بعد أن أصبحت نافذة بانضمام 60 دولة (2002) .

لم يكتفِ تشومسكي بذلك، بل اقترح حلولاً دبلوماسية واقتصادية واجتماعية للمشكلات الدولية، لاسيما بعد الاعتراف بمبدأ حق تقرير المصير الوارد في ميثاق الأمم المتحدة (المادة 55) وبحق الدول في الدفاع عن النفس فرادى أو جماعات طبقاً للمادة ،51 خصوصاً من أجل التحرر الوطني والانعتاق ونيل الاستقلال، كما اقترح بضع خطوات لإعادة هيكلة الأمم المتحدة وتعديل ميثاقها، بما فيه إلغاء حق الفيتو للدول الأعضاء الدائمة العضوية (الخمسة الكبار) .

وإذا كانت تلك مفردات استراتيجية القوة الناعمة، فإن استراتيجية القوة الخشنة (أو الصلبة) اعتمدت على تشكيل إمبراطورية أمريكية بهدف السيطرة العالمية، ولم يكن ذلك مجرد التلويح بالقوة أو التهديد باستخدامها، بل قادت واشنطن حروباً لتأكيد ذلك، وذلك من خلال منظومة أفكار اتّسمت عملياً بسيادة العنف والعسكريتاريا على السياسة الأمريكية، ابتداءً من بوش الأب ومروراً بكلينتون ووصولاً إلى بوش الابن، وإن ظل أوباما يسير على خطاهم، لكنه بتثاقل أو بالكثير من التردّد .

خلال السنوات الماضية خاضت واشنطن حرباً ضد العراق (لتحرير الكويت) العام 1991 وحرباً اقتصادية (حصاراً ضد العراق) استمر 13 عاماً، وخلالها خاضت حرباً لتفكيك يوغسلافيا (عبر الأطلسي) ضد صربيا بعد المجازر في البوسنة والهرسك، ثم حرباً ضد أفغانستان 2001 . أما الحرب ضد الإرهاب التي بدأت بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول الإرهابية العام 2001 فا تزال مستمرة ومتواصلة من باكستان وأفغانستان وإيران وسوريا، وصولاً إلى المغرب العربي والصومال ومالي في إفريقيا، بل إن مداها العالم كلّه . وكانت واشنطن قد وصفت في “مفكرتها” الدولة المارقة التي يدخل فيها إيران وكوريا أيضاً، وذلك بعد العراق وسوريا وليبيا والسودان، ناهيكم عن منظمات تم وصفها بالإرهاب مثل حزب الله وحماس والجهاد وغيرها، وهو ما كان قد ركّز عليه وزير الدفاع في عهد بوش الابن، دونالد رامسفيلد، وصقور الإدارة الأمريكية .

لقد كان قرار الحرب على العراق قد اتخذ بُعيد أحداث 11 سبتمبر/أيلول الإرهابية، لاسيما أن الكونغرس كان قد أصدر قراراً “لتحرير” العراق في العام ،1998 ولدعم المعارضين للنظام السابق، بحجة وجود أسلحة دمار شامل وعلاقته بالإرهاب الدولي، لاسيما تنظيمات القاعدة، فضلاً عن إجراء تغيير ديمقراطي ليكون العراق “نموذجاً” يحتذى به في الشرق الأوسط الجديد والكبير لاحقاً .

وبعد احتلال العراق العام 2003 واتّضاح كذب مزاعم وجود أسلحة دمار شامل، ثم عدم صحة وجود أسلحة دمار شامل، وبعد المأزق الأمريكي في العراق، طويت مسألة الديمقراطية، وأصبح الحفاظ على الأمن والاستقرار الهاجس الأمريكي الأساسي، واضطرت واشنطن إلى سحب قواتها من العراق بفعل الخسائر التي تعرّضت لها، المادية والمعنوية، وخصوصاً البشرية، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية والمالية الطاحنة، وضغط الرأي العام الأمريكي والأوروبي والعالمي المعادي لاحتلال العراق، لاسيما بعد فضائح سجن أبو غريب والسجون السرية الطائرة والسجون السرية العائمة .

لا يزعم اليوم أحد لاسيما من الأمريكان، بمن فيهم من خطّط ونظّم للحرب والغزو على العراق، إلاّ على نحو محدود جداً، إنها كانت حروباً من أجل الإنسانية أو من أجل الشعب العراقي، خصوصاً هذا الأخير وبعد معاناة من الاستبداد والدكتاتورية والحصار، ظل يعاني الاحتلال، فضلاً عن الإرهاب والعنف، اللذين لا يزالان قائمين حتى الآن، ناهيكم عن الفساد المالي والإداري وضعف هيبة الدولة وتشظيها، بفعل المحاصصة الطائفية والإثنية، التي أسهمت في تفتيت الوحدة العراقية .

“الحروب بلا حدود” التي قادتها واشنطن وبالتعاون مع دول حلف الأطلسي أضعفت من نظرية الأمن الناعم أو الدبلوماسية الناعمة soft diplomacy ورجّحت الدبلوماسية الصلبة أو الخشنة Hard Diplomacy . وحتى الآن فإن الأزمات ازدادت استفحالاً، وطوي مشروع الدولة الفلسطينية الذي تبنّاه الرئيس كلينتون في آخر فترة رئاسته ، وكان الرئيس جورج بوش قد تذكّره في أشهره الأخيرة وحاول كسب الوقت لإحيائه، لكن الوقت أدركه، أما أوباما فقد نسي وعوده بإغلاق سجن غوانتانامو وخطابه في جامعة القاهرة باحترام مقدسات المسلمين، بل إن الأصوات تعاظمت خلال سنوات إدارته، باستفزاز مشاعرهم والإساءة إلى نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، وما زال الملف النووي الإيراني ساخناً، ولعلّ أي تحرش به من جانب “إسرائيل” يمكن أن يفجّر المنطقة ويدخلها في حروب قد لا تحمد عقباها، خصوصاً لإنتاج النفط وأسواقه وأسعاره وطرق مواصلاته، أو قد يؤثر في “إسرائيل” حليفة واشنطن ذاتها .

عادت اليوم روسيا والصين إلى الميدان، الأولى بفعل الأزمة السورية، أما الثانية فبحكم حضورها الاقتصادي، فهل نحن إزاء حرب باردة جديدة، ولعلّ انتخابات الرئاسة الأمريكية والمنافسة الشديدة بين أوباما ورومني، قد تفصح عن توجهات إزاء المرحلة الجديدة من الصراع الدولي، خصوصاً أن فجوات اقتصادية بدأت تكبر منذ الأزمة الكونية للرأسمالية العالمية، وصعود دور الصين .

وإذا كانت ملامح القوة الخشنة مهيمنة على المجمّع الصناعي - الحربي في واشنطن، فإن بعض ملامح القوة الناعمة، لا تزال في أوروبا واليابان، وتسيطر على أوساط دبلوماسية وعلمية وأكاديمية غير قليلة، فهل ستختار الحرب الباردة ساحات جديدة كأمريكا اللاتينية أو آسيا أو إفريقيا أو سيتم اختبارها في العودة إلى الشرق الأوسط الذي ظل منذ ما يزيد على ستة عقود ونصف من الزمان بؤرة توتر وحروب ونزاعات مستمرة، خصوصاً بفعل تأسيس “ إسرئيل” وقيامها بشن عدوان متكرر على العرب، وبحكم وجود النفط ودور منطقة الشرق الأوسط في الصراع الدولي خلال الحرب الباردة، وهو ما عبّر عنه الرئيس الأمريكي الأسبق أيزنهاور في مذكراته بالقول: إنها أقيم قطعة عقار في العالم؟



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حلف الفضول!
- شكراً... للضمير الجامع
- الحلم الفضي يعود إلى بنغازي
- حكمة الضوء وشهادة التاريخ
- منصور الكيخيا والرهان على «سلطة» الضوء!
- مصر والإسلام السياسي
- هل ترسو سفينة مصر الدستورية؟
- ماذا عن أكراد سوريا؟
- غزة وعمود السحاب!
- غوته وسحر الشرق
- اعتراف هولاند الخجول بجرائم قتل الجزائريين
- دلالات الديمقراطية وحقوق الإنسان في فكر أمين الريحاني
- عن تونس والدين والدولة
- العدالة الانتقالية والعدالة الانتقامية
- الشبيبي والبنك المركزي: قضية رأي عام!
- برزخ العنف والوعي الشقي
- ما ينتظره مسلمو ميانمار
- - اللاعنف-: هل هو منتج غربي؟
- الأقليات في الدول الإسلامية المعاصرة - المسيحيون والصابئة ال ...
- الصندوق الأسود!


المزيد.....




- في وضح النهار.. فتيات في نيويورك يشاركن قصصًا عن تعرضهن للضر ...
- برج مائل آخر في إيطاليا.. شاهد كيف سيتم إنقاذه
- شاهد ما حدث لمراهق مسلح قاد الشرطة في مطاردة خطيرة بحي سكني ...
- -نأكل مما رفضت الحيوانات أكله-.. شاهد المعاناة التي يعيشها ف ...
- -حزب الله- ينعي 6 من مقاتليه
- صفحات ومواقع إعلامية تنشر صورا وفيديوهات للغارات الإسرائيلية ...
- احتجاجات يومية دون توقف في الأردن منذ بدء الحرب في غزة
- سوريا تتهم إسرائيل بشن غارات على حلب أسفرت عن سقوط عشرات الق ...
- -حزب الله- ينعي 6 من مقاتليه
- الجيش السوري يعلن التصدي لهجوم متزامن من اسرائيل و-النصرة-


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - اختبار جديد للحرب الباردة