أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ما ينتظره مسلمو ميانمار















المزيد.....

ما ينتظره مسلمو ميانمار


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3883 - 2012 / 10 / 17 - 18:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



كاد بث الفيلم المسيء إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم . عبر الإنترنت لمخرجه نيقولا باسيلي والبالغ 13 دقيقة، أن يسرق الأضواء عن مجزرة تم ارتكابها بصمت ضد مسلمي ميانمار، ولاتزال تداعياتها منذ أسابيع مستمرة، ولكن التحرّك لوضع حد لمعاناتهم ظلّت دون المستوى المطلوب . صحيح أن هناك إدانات واستنكارات، لكن نبرتها ظلّت خافتة وتأثيراتها محدودة . ولعل أهم تحرّك كان هو ما بحثه مؤتمر القمة الإسلامية الاستثنائية المنعقد في مكة بتاريخ 14 - 15 أغسطس/ آب الماضي حين استنكر فيه المجتمعون ما تقوم به حكومة اتحاد ميانمار ضد جماعة الروهينغيا »المسلمة« . ولم يكتف البيان بذلك، بل أوصى بإيفاد بعثة تقصّي حقائق من منظمة التعاون الإسلامي لمتابعة الأمر وتشكيل فريق اتصال للغرض ذاته .

إذا كانت تلك الخطوة إيجابية والمبادرة طيبة، لكن كيف السبيل إلى وقف سياسة العنف المنفلت من عقاله ووضع حد للتنكيل المنهجي الذي تقوم به سلطات ميانمار، سواء على صعيد دور منظمة التعاون الإسلامي ودولها كل على إنفراد، لاسيما أن المبادرة جاءت من المملكة العربية السعودية، وخادم الحرمين الشريفين الذي تبرع بمبلغ 50 مليون دولار للتخفيف من معاناة مسلمي ميانمار، وللتضامن مع الضحايا وأسرهم، أو على صعيد دور المجتمع الدولي، وهيئة الأمم المتحدة وبقية المنظمات الدولية، وخصوصاً مجلس حقوق الإنسان الدولي والمنظمات غير الحكومية للضغط على حكومة ميانمار وإجبارها على الامتثال لقواعد القانون الدولي الخاصة بحماية التكوينات المختلفة في مجتمع متعدد الانتماءات، بما يحفظ حقوقها ويمنع الاعتداء أو التغوّل عليها .

جدير بالذكر أن سياسة تهميش وإقصاء منهجيين تقوم بها حكومة ميانمار ضد جماعة الروهينغيا »المسلمة«، وقد اندلعت في الأسابيع الماضية موجة من العنف شملت آلاف المسلمين من دون أن تتخذ حكومة ميانمار أية وسائل وقائية أو تدابير أمنية ضرورية لوقفه، وإعادة الأمن والاستقرار إلى نصابهما، والشروع بوضع حد لمأساة المسلمين وتأمين حقوق جميع السكان بما يشجّع على عملية التأهيل والمصالحة .

ولعلّ الأكثر من ذلك، أن المساعدات الإنسانية المرسلة إلى الجماعة المسلمة وللأشخاص المتضررين تعرضت إلى عرقلة تكاد تكون متعمّدة في ظل شعور بانعدام الثقة وضعف المواطنة والتمييز بين السكان على أساس الدين، لا سيما في إقليم راخين .

إن الجرائم بحق جماعة الروهينغيا »المسلمة« تقترب من جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية، تلك التي يحاسب عليها القانون الدولي، بل يُلاحَق المتهمون بارتكابها أياً كانت جنسياتهم، انسجاماً مع قواعده المعاصرة وتجاربه التاريخية، لا سيّما محاكمات مجرمي الحرب في محكمتي نورنمبرغ وطوكيو، إضافة إلى النظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية التي أسست في يوليو/ تموز العام 1998 ودخلت حيّز التنفيذ في العام ،2002 وكان على مجلس الأمن الطلب لإحالة المتهمين بارتكاب جرائم في ميانمار إلى القضاء الدولي، وكذلك كان يفترض بالمدعي العام الدولي ملاحقة المتهمين، كما فعل في حالات أخرى، منها حالة الرئيس السوداني عمر البشير .

كما كان يفترض بالدول الإسلامية اتخاذ مواقف أكثر حزماً، لا سيّما من الدول الموقّعة والمصدّقة على نظام روما، وذلك بالتوجّه إلى إقامة الدعوى ضد حكومة ميانمار واتخاذ جميع الوسائل المشروعة السياسية والاقتصادية والدبلوماسية لإجبارها على الامتثال لاحترام قواعد القانون الدولي والاتفاقيات الدولية بشأن حقوق الإنسان، خصوصاً إعلان حقوق الأقليات الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 1992 .

ولا يمكن إغفال المضمون العنصري لما قامت به حكومة ميانمار من أعمال منافية لأبسط القواعد الإنسانية والقانونية الدولية، ولذلك كان صمت المجتمع الدولي وعدم إدانته لتلك الأعمال الإجرامية بمثابة تواطؤ، خصوصاً أن المحكمة الجنائية الدولية ترتّب التزامات قانونية دولية في المساءلة على مثل هذه الارتكابات، ولا سيّما إزاء القواعد العامة الملزمة للقانون الدولي Jus Cogens، وبالدرجة الأساسية للمواد 5 و6 و7 من نظامها الأساسي . بحيث يكون تحرك مجلس الأمن ملزماً قراراً بالملاحقة بموجب المادة ،15 علماً أن نزف الدم لايزال مستمراً وآثاره عميقة، ولا سيّما من قبل جماعة »الماغ« البوذية المتطرفة، التي أعلنت الحرب »المقدسة« ضد المسلمين، وهو ما يذكّر بالمذبحة التي ارتكبتها هذه الجماعة في العام ،1942 تلك التي راح ضحيتها أكثر من 000 .100 (مئة ألف) مسلم وشرّد بسببها مئات الألوف .

وحتى المنظمات الدولية كان موقفها ليس بمستوى المسؤولية، سواء اللجنة الدولية للصليب الأحمر أو مجلس حقوق الإنسان أو المنظمات غير الحكومية مثل منظمة العفو الدولية ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان .

إن الأقلية المسلمة في ميانمار تحتاج إلى الحماية القانونية الدولية وفقاً لما ينظّمه القانون الدولي من قواعد واتفاقات دولية شارعة أي ملزمة، إضافة إلى المواثيق الدولية لشرعة حقوق الإنسان، سواء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في العام 1948 أو العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر العام 1966 والذي دخل حيّز التنفيذ في العام 1976 واكتسب صفة ملزمة .

وقد كان موضوع حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو أثنية وإلى أقليات دينية أو لغوية محطّ بحث ونقاش دولي لفترات طويلة، وتمخّض ذلك بإصدار إعلان حقوق الأقليات العام 1992 بهدف تعزيز حقوقها وتأمين حمايتها ولا سيما بتأكيده »حق تمتع الأقليات بثقافتها والمجاهرة بدينها وممارسة واستخدام لغتها وإقامة الاتصالات مع سائر أعضاء جماعة الأقلية عبر الحدود، ومع مواطني الدول الأخرى الذين تربطهم معه صلات قومية أو دينية أو أثنية أو لغوية« .

وألزم الإعلان الحكومات المعنية (في المجتمعات المتعددة)، على اتخاذ التدابير الإيجابية لتعزيز الحريات الأساسية للأشخاص المنتمين إلى الأقليات ومنها التعليم والثقافة، وضرورة حماية وجودها وهويتها القومية أو الأثنية أو الدينية أو اللغوية، واشترط ضرورة إتاحة الحريات لأبناء الأقليات للمشاركة الفعّالة في شؤون الدولة، وفي اتخاذ القرارات المتعلقة بالإقليم الذي يقيمون فيه وفي القرارات التي تخصّ الأقلية نفسها .

ولعلّ هذا الإعلان كان الأساس الذي استند إليه إعلان حقوق الشعوب الأصلية الصادر عن الأمم المتحدة في 13 سبتمبر/ أيلول العام ،2007 الأمر الذي يستوجب تعديل قوانين الدول بما يضمن حقوق الأقليات والشعوب الأصلية .

وعلى الرغم من أن مصطلح »الأقليات« مستخدم في الأمم المتحدة ووثائقها وأروقتها، خصوصاً »بإعلان حقوق الأقليات« Minority rights أو »إعلان حقوق الشعوب الأصلية«، فإنني أميل إلى استخدام مصطلح »التنوّع الثقافي« والتعددية الدينية أو الأثنية أو اللغوية أو غيرها، وأجده الأقرب إلى مبادئ المساواة والتكافؤ وعدم التمييز، بغضّ النظر عن حجم التكوينات وعددها، أقلية أو أكثرية، وذلك في إطار الحقوق المتساوية، لا سيّما حقوق المواطنة .

وسيكون مثل هذا الفهم مدخلاً سليماً لدراسة موضوع الأقليات الذي نستخدمه مجازاً بما يعني المجتمع المتعدد الثقافات، مثلما هو المجتمع البورمي المتنوّع والمتعدّد الثقافات والأديان، حيث سيكون استخدامنا من زاوية الإقرار بالتنوّع والتعددية الثقافية، لا سيّما حين يُراد فرض حدود وحواجز بين الأديان والقوميات والثقافات والحضارات، حيث يريد البعض نسف الجسور التي تربط بينها، لا عبورها بهدف التقارب والحوار والتفاعل والتواصل والبحث عن المشترك الإنساني الجامع .

إن هذا الوضع هو الذي ينطبق على مسلمي ميانمار الذين يحتاجون إلى جهد عربي وإسلامي ودولي لوقف المجزرة أولاً وضمان حمايتهم القانونية في الحاضر والمستقبل، فضلاً عن الاعتراف بخصوصيتهم وهويتهم الفرعية في إطار الهوية البورمية العامة المتعددة والموحّدة، وذلك بما ينسجم مع الفكرة الكونية والشرعة الدولية للحقوق الإنسانية .



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - اللاعنف-: هل هو منتج غربي؟
- الأقليات في الدول الإسلامية المعاصرة - المسيحيون والصابئة ال ...
- الصندوق الأسود!
- عن فيتو الفقهاء في العراق!
- حوار باريس 3
- بين قلم الأديب وحبر السياسة!*
- رياح التغيير: الوعي والسياسة
- الطريق الوعر إلى الحرية: أوروبا الشرقية نموذجاً
- الثورة وسؤال اللاعنف!
- قبل وبعد الربيع العربي - الجيوبوليتيك ومفترق الطرق
- الاستيطان
- بغداد- أربيل : البيشمركة والجيش العراقي حدود الوصل والفصل
- أوباما ورومني . . ونحن
- جدارية الخلود وحضرة الغياب
- بعض أوهامنا وصخرة الواقع
- مشروع الدولة الكردية المستقلة
- ويخلق من الشبه «البعثي» اثنين
- التعذيب والإفلات من العقاب
- سلطة الاعلام
- المشروعان الإيراني والتركي في العراق


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ما ينتظره مسلمو ميانمار