أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الصندوق الأسود!















المزيد.....

الصندوق الأسود!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3874 - 2012 / 10 / 8 - 16:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما إن أُعلن عن تسليم الحكومة الموريتانية مدير المخابرات الليبي السابق عبدالله السنوسي إلى طرابلس، حتى بدأت التكهنات تزدحم والإشاعات تنتشر والأقاويل تتوافد عن خزينة الأسرار التي يملكها المسؤول الليبي في نظام حكم العقيد القذافي، والذي رافقه لعقود عدّة من الزمان، فهو زوج أخته صفيّة القذافي، إضافة إلى أنه حامل أختامه وحافظ أسراره. ولا يتعلق الأمر بليبيا فحسب، بل إن حركته امتدّت خارجياً، إلى محيط ليبيا العربي والأفريقي، فضلاً عن علاقاته الدولية، وقسم منها له علاقة ببعض حركات التحرر الوطني.
امتاز حكم القذافي الذي دام نحو 42 عاماً بالسرّية والغموض وغياب الشفافية والمساءلة، فضلاً عن عدم وجود مؤسسات، حيث تربّع هو بالتدريج فوق القانون ووضع نفسه فوق الدولة بحجة أنه «قائد الثورة» من دون أن يكون له مسؤولية مباشرة في هيكلية الدولة وتراتبيتها، علماً بأن جميع أجهزة الدولة الفعلية تأتمر بأوامره باعتباره قائداً لتنظيم شعبي، غير رسمي، تديره «لجان» تنبثق عن «مؤتمرات» يتم اختيار أعضائها وفقاً لمواصفات معينة، ولارتباطات القيادة العليا التي تخضع بالكامل للقائد، الزعيم، الذي يتمتع بصلاحيات مطلقة ينصاع لها الجميع، بموجب نظرية الكتاب الأخضر والمؤتمرات الشعبية في الصيغة الجماهيرية، والتي تُعرف بالنظرية الثالثة.
أجهز حكم القذافي الذي أسس ما عُرف لاحقاً بالجماهيرية، على مؤسسات الدولة ولا سيّما بعد نجاحه في قيادة ما سمّي بـ«ثورة الفاتح من سبتمبر»، لتحلّ محلها المؤتمرات الشعبية ومفوضوها وأمناؤها بالتدريج، حتى تلاشت مؤسسات الدولة الليبية، وكانت بداياتها حكماً لا مركزياً لثلاث مناطق، ثم دُمجت في مطلع الستينيات، لتتخذ الدولة شكلاً مركزياً بسيطاً، تحوّل في ظل حكم «العقيد» إلى حكم شمولي ودكتاتورية فردية.
وإذا كان الوضع العربي على الرغم من مراراته يتسم ببعض الجوانب المسلّية، فلعلّ نظام القذافي كان الأكثر كوميدية فيه، خصوصاً غرابة تصرّفات الرجل وعيشه في الخيمة وطريقة ارتداء ملابسه وتصريحاته المثيرة. ولم يكتف القذافي بمخالفته كل ما هو سائد في ليبيا والتنكر لتاريخها وقوانينها ودستورها السابق، بل نقل حبّه للظهور، باعتباره مختلفاً وغريباً، من ليبيا إلى العالم. وهو الأمر الذي رافق زياراته الرسمية إلى بلدان العالم، بما فيها للأمم المتحدة، وإحراجه لكثير من البعثات الدبلوماسية والحكومات المضيفة والهيئات الدولية، لكن تلك الطريقة الهزلية في التعامل قابلتها جوانب أخرى محزنة، بل ودرامية، سواء على صعيد ليبيا، ولا سيما في التعاطي مع المواطن وحقوقه المهدورة، أو على صعيد سياساته الخارجية العربية والدولية!
ولعلّ القضايا التي ينتظر العالم أن يسمع عنها بشغف منذ الإطاحة بالقذافي ونظامه كثيرة ومتعددة، وسيكون مثول السنوسي أمام القضاء العادل والعلني، فرصة للاطلاع على خفايا وأسرار، سواء تبريرات رسمية ليبية سابقة أو قصص وروايات مبرمجة سياسياً لمصالح غربية ذاتية وآنية، تبعاً لمصالح القوى الدولية المتنفّذة، وعبر صفقات لم يزح الستار عنها حتى الآن.
أولاً، قضية لوكربي. على الرغم من حسمها قضائياً عبر القضاء الدولي وتقديم تعويضات لأهالي الضحايا، وإطلاق سراح المقريفي، فإن الكثير من أهالي ضحايا طائرة بان أم غير مقتنعين بتلك الحلول ويريدون معرفة الحقيقة ويعتقدون بوجود صفقة ما، وثمة أسرار لا بدّ أن السنوسي يمتلكها بخصوص الحادث وملابساته، وما قيل بشأن إطلاق سراح المقريفي.
ثانياً، ظلّت قضية تفجير طائرة اليوتا فوق النيجر وملابساتها غامضة، وهي لا تزال تثير فضول الإعلاميين والحقوقيين على حد سواء، لا سيّما من ناحية معرفة الأسرار والكشف عن الحقيقة. وسيكون العالم كلّه آذاناً صاغية لمعرفة ما حدث بالفعل.
ثالثاً، اختفاء الإمام موسى الصدر وزميليه في العام 1978 الذين كانوا يزورون ليبيا بدعوة رسمية. ويقال إن السنوسي هو من طلب الحصول لهم على الفيزا الإيطالية، وأمّنها، وهو ما يلقي بظلال من الشك حول اختفائهم ومصيرهم، على الرغم من أن السنوسي صرّح بعد اعتقاله بأن القذافي أمر بقتل الإمام موسى الصدر في رواية شكّك الكثير من المتابعين بتفاصيلها. وقد زار وفدٌ برئاسة وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور موريتانيا، لكن لم يتم التوصل إلى شيء يذكر بشأن ملابسات الاختفاء القسري، علماً بأن أحمد رمضان المعروف بأنه اليد اليمنى للقذافي كشف عن أسماء بعض الأشخاص الذين يعتقد أنهم نفّذوا عملية الغدر اللا أخلاقية بحق السيد الصدر.
جدير بالذكر أن رمضان شغل منصب القلم الخاص ومدير المعلومات لدى مكتب القذافي، وهو لا يزال معتقلاً حتى الآن.
رابعاً، قضية اختفاء منصور الكيخيا وزير خارجية ليبيا الأسبق الذي كان يزور القاهرة لحضور مؤتمر نظمته المنظمة العربية لحقوق الإنسان في العام 1993، وملابسات ذلك مصرياً، ولاسيما أن الكثير قد قيل عن دور الأجهزة الأمنية المصرية في التواطؤ مع المخابرات الليبية عبر صفقة حكومية تجارية.
تردّد في السابق أسماء آخر من التقاهم الكيخيا، وفي مقدمتهم يوسف نجم، الليبي الذي قتل بعد فترة قصيرة في ظروف غامضة، وابراهيم البشاري، ممثل ليبيا الأسبق في جامعة الدول العربية، الذي قيل إن له ضلعاً في الحادث، وهو الآخر قتل في حادث سيارة غامض في ليبيا بعد انتقاله إليها، وبعد مدّة ليست بعيدة عن الحادث. ولا يزال الرأي العام الحقوقي يتطلع الى إجلاء مصير الكيخيا.
خامساً، قضية مجزرة سجن أبو سليم التي راح ضحيتها نحو 1200 سجين، وثمة أسئلة كثيرة بشأنها لتحقيق العدالة الانتقالية في هذه المسألة وفي غيرها من القضايا التي شهدتها السجون والمعتقلات الليبية: فمن أصدر الأوامر ومن قام بالتنفيذ وكيف حصل الأمر ولا سيما دفن الجثث جماعياً. وكيف السبيل لإصلاح الأنظمة القانونية والقضائية والأجهزة الأمنية، خصوصاً بعد كشف الحقيقة كاملة واعتماد مبدأ المساءلة بدون الانتقام أو الثأر وتعويض الضحايا وجبر الضرر.
سادساً، مجزرة الأكاديميين في الجامعات الليبية، وتدمير المعرفة والذوق والجمال والفن والأدب، وبخاصة أجهزة التربية والتعليم. كل ذلك يحتاج إلى كشف الحقيقة كاملة لمنع تكرار ما حدث. ثم ماذا بشأن ما قيل عن انتقامات القذافي الشخصية واستهدافه لمعاونيه وعوائلهم، بل وامتهان كراماتهم.
سابعاً، مسألة اغتيال خادم الحرمين عندما كان ولياً للعهد في العام 2003، وذلك ارتباطاً بدور المخابرات الخارجية والمهمات الدبلوماسية التي كان يمنحها لهم النظام السابق.
ثامناً، صفقة تمويل الحملة الانتخابية للرئيس الفرنسي السابق ساركوزي وكذلك الصفقة التي رافقت حكم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير والتي أثيرت ضدّه لاحقاً، سواء بشأن لوكربي أو ما بعدها.
وإذا كان بعض المسؤولين السابقين قد تحدثوا عن بعض أسرار نظام القذافي مثل نائبه عبد السلام جلود وممثل ليبيا في الأمم المتحدة عبد الرحمن شلقم ومحمود جبريل المسؤول لاحقاً في المعارضة وفي المجلس الانتقالي، سيكون لحديث السنوسي نكهة خاصة لأنه من المطبخ الداخلي الخاص السري للقذافي وهو المشرف والمسؤول والمنظم والمنفذ على مدى عقود من السنين لعمليات إرهابية داخلية وخارجية، وهو مطّلع على صفقات واتفاقيات وتواطؤات لقوى وشخصيات ليبية وعربية ودولية، فضلاً عن تجارة السلاح وأعمال ابتزاز وقتل وارهاب وغير ذلك، بما فيها إساءات لسمعة المقاومة الفلسطينية.
وبغضّ النظر عن التنازع القضائي حول صلاحيات القضاء الدولي لمحاكمة السنوسي وطلب المحكمة الجنائية الدولية تسليمه إليها، ولا سيّما بوجود قرار أممي هو القرار 1973 وما تبعه من قرارات ملزمة، وشكوك المجتمع الدولي إزاء قدرة القضاء الليبي في ظروف الانفلات الأمني على القيام بالمهمة، ناهيكم عن الأجواء التي قد لا تتيح للمحكمة أو لمحامي الدفاع القيام بواجبه المهني والقانوني في محاكمة المتهمين أو الدفاع عنهم، وكذلك كفالة حقوقهم، بغض النظر عن تمسك القضاء الليبي أو الدولي كل منهما بولايته؟ بشأن المحاكمة، فلا بدّ أن تتسم هذه المحاكمات بالمهنية والأجواء الطبيعية والشفافة والعلنية بحيث تكون درساً حقيقياً لتأمين احترام حقوق الإنسان مستقبلاً. فالسنوسي هو الصندوق الأسود الذي لا بدّ من الإطلاع على محتوياته كاملة، خدمة للحقيقة أولاً وللجيل الحالي وللأجيال القادمة.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن فيتو الفقهاء في العراق!
- حوار باريس 3
- بين قلم الأديب وحبر السياسة!*
- رياح التغيير: الوعي والسياسة
- الطريق الوعر إلى الحرية: أوروبا الشرقية نموذجاً
- الثورة وسؤال اللاعنف!
- قبل وبعد الربيع العربي - الجيوبوليتيك ومفترق الطرق
- الاستيطان
- بغداد- أربيل : البيشمركة والجيش العراقي حدود الوصل والفصل
- أوباما ورومني . . ونحن
- جدارية الخلود وحضرة الغياب
- بعض أوهامنا وصخرة الواقع
- مشروع الدولة الكردية المستقلة
- ويخلق من الشبه «البعثي» اثنين
- التعذيب والإفلات من العقاب
- سلطة الاعلام
- المشروعان الإيراني والتركي في العراق
- الطائفية: مقاربة قانونية وأكاديمية
- العراق: نصف لأميركا ونصف لإيران
- كي لا تطمس الحقيقة


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الصندوق الأسود!