أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - المفاضلة بين -ضحيتين-!















المزيد.....

المفاضلة بين -ضحيتين-!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4002 - 2013 / 2 / 13 - 01:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ارتفعت أصوات المعتصمين والمتظاهرين في الحراك الشعبي في محافظة الأنبار وسواها من المحافظات الغربية والشمالية، إضافة إلى بغداد ولا سيما منطقة الأعظمية وغيرها، تطالب بإنصاف الضحايا وأسرهم وذويهم بإلغاء قانون المساءلة والعدالة أو إعادة النظر فيه بحيث يتم تعويض عشرات الآلاف من الذين كانوا ضحية تطبيقه السيء دون وجه حق، فحرموا من وظائفهم ورواتبهم التقاعدية، وإلغاء بدعة " المخبر السرّي" وإطلاق سراح الأبرياء من المعتقلين، وإلغاء المادة 4 إرهاب، ووضع حد لسياسات التهميش والإقصاء وغيرها من المطالب المشروعة والعادلة.
ولكن بسبب عدم تطبيق معايير العدالة الانتقالية وعدم كشف الحقائق كاملة، بما فيها إنصاف ضحايا النظام السابق وتعويضهم وجبر الضرر، خصوصاً لعوائل الشهداء والمقابر الجماعية وغيرها، أخذ البعض يفاضل بين ضحايا الأمس وضحايا اليوم، وهو الأمر الذي لا يوجد رابط بينه، فالضحايا هم الضحايا في الماضي والحاضر والمستقبل، قدامى وجدد، والعدالة لا يمكن تجزئتها أو الافتئات عليها، كما لا يمكن التعامل معها بانتقائية أو بازدواجية في المعايير أو ضدّية، لأنها، أي العدالة، واحدة في كل الأوقات، والضحية هي الضحية، بغض النظر عن انتمائها السياسي وانحدارها القومي ودينها ومعتقدها وجنسها ولونها وأصلها الاجتماعي.
ولعلّ الأغلبية الساحقة من المشاركين بالعملية السياسية أو خارجها وإن اختلفت رؤاهم الاّ أنهم أخذوا يدركون أن لا سبيل لتطبيع الوضع السياسي وعبور الأزمة المستفحلة، الاّ بتلبية مطالب المعتصمين أو قسمها الأعظم، على الرغم من اختلاف زاوية النظر إليها، حيث تصوّر الدعوة إلى إطلاق سراح الأبرياء وكأنها إطلاق سراح الإرهابيين والعفو عنهم، كما يذهب البعض في النظر إلى مسألة العفو العام، وإلى مسألة " المخبر السري"!.
ويتخّذ مطلب إلغاء أو تعديل قانون المساءلة والعدالة وهو سليل قانون اجتثاث البعث الذي أصدره بول بريمر الحاكم المدني الأمريكي في العراق في 16 أيار (مايو) 2003، وكأنه دعوة لإعادة حزب البعث والبعثيين إلى السلطة، مثلما تصوّر الرغبة في إلغاء قانون الإرهاب، لا سيما المادة الرابعة منه، وكأنها دعوة لتبرير ممارسة جرائم الإرهاب أو غضّ الطرف عنها، فما حقيقة هذه المادة؟ وما علاقتها بحقيقة الوضع السياسي الراهن والمستقبلي في العراق، لا سيما في قضية مكافحة الارهاب؟
صدر قانون مكافحة الارهاب رقم 13 في تشرين الثاني (نوفمبر) العام 2005 تساوقاً مع الحملة الدولية لمكافحة الارهاب، وذلك في ظل وجود القوات الأمريكية المحتلة، ولا ننسى أن صدوره كان في فترة اشتداد المقاومة المسلحة والسلمية ضد القوات المحتلة، والتي شهدت أيضاً انفجار العنف الطائفي وانفلات الوضع الأمني.
وقد تضمّن القانون نصوصاً عقابية شديدة الخطورة، خصوصاً وقد جاءت عامة وغير محدّدة، لدرجة يمكن القول عنها أنها نصوص فضفاضة وقابلة للتفسير والتأويل، لا سيّما في ظل الصراع المحتدم، والمحاصصة الطائفية والإثنية، وضعف المؤسسات بشكل عام بما فيها القضائية واستمرار ضعف هيبة الدولة وتفشّي الفساد المالي والإداري، الأمر الذي يمكن استغلال وجود قانون لفرض مثل هذه العقوبات الغليظة التي تصل إلى عقوبة الإعدام، لأغراض سياسية أو مذهبية، أو استخدامه ضمن محاور الصراع السياسي على السلطة في ظروف انعدام الثقة والاتهامات المتبادلة بين أطرافها.
ونصّت المادة الأولى من القانون على أن الارهاب هو فعل إجرامي يقوم به فرد أو جماعة منظمة، ليستهدف فرداً أو مجموعة أفراد أو جماعات أو مؤسسات رسمية أو غير رسمية، ويوقع أضراراً بالممتلكات العامة أو الخاصة، بغية الإخلال بالأمن أو الاستقرار أو الوحدة الوطنية، أو إدخال الرعب والخوف والفزع بين الناس أو إثارة الفوضى، تحقيقاً لغايات ارهابية.
ولو حلّلنا هذا النص فإننا سوف لا نصل إلى تعريف محدد للعمل الإرهابي، سوى أنه فعل إجرامي، سواءً جاء من فرد أو جماعة ويستهدف إلحاق الضرر والإخلال بالأمن، ويدخل الرعب ويثير الفوضى، وذلك لأهداف إرهابية. ولم يحدّد القانون معنى الغايات الارهابية، خصوصاً وأن مثل هذا التحديد ضروري، لا سيما إذا استهدف المدنيين وألحق الأذى المادي أو المعنوي بهم، وساهم في ترويعهم، وهو الأمر الذي تندرج فيه الجريمة الارهابية، وقد توجد جرائم كثيرة تُحدث الأذى ذاته، لكنها ليست جريمة ارهابية، لأن الهدف منها مختلف.
إن وجود نصوص واضحة للتجريم أمرٌ مهم لتحديد العقوبة طبقاً للمبدأ المعروف في القانون الجنائي الذي يقول " لا جريمة ولا عقوبة الاّ بنص"، وهو ما أخذت به معظم دساتير العالم، وكذلك اعتمده القانون الدولي الجنائي، لا سيّما نظام محكمة روما " المحكمة الجنائية الدولية" التي تم التوقيع عليها في العام 1998 ودخلت حيّز التنفيذ في العام 2002، استناداً إلى الشرعة الدولية لحقوق الإنسان التي تأخذ بمبدأ "الشرعية الجنائية" حيث تؤكد على مبدأ " لا عقوبة ولا جريمة الاّ بنص".
وقد ذهب قانون العقوبات رقم 111 لعام 1969 إلى اعتماد هذا المبدأ حين نصّ على: لا عقوبة على فعل أو امتناع عنه الاّ بناء على قانون ينص على تجريمه وقت اقترافه، وبهذا المعنى لا يجوز توقيع عقوبات أو اتخاذ تدابير احترازية " استثنائية" لم ينصّ عليها القانون.
وقد اعتمد قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية الذي وضع صيغته الأولى نوح فيلدمان الأمريكي الجنسية والصهيوني التوجّه، والممهور من قبل بول بريمر في 8 آذار (مارس) 2004، وفيما بعد الدستور الدائم 15/10/2005 الذي استوحى معظم مواده الأساسية من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية، على المبدأ القانوني الجنائي " لا جريمة ولا عقوبة الاّ بنص، ولا عقوبة الاّ على الفعل الذي يعدّه القانون وقت اقترافه جريمة" (المادة 19- ثانياً).
ولعلّ هذه المقدمة تضع علامات استفهام حول النصوص العائمة الواردة في قانون مكافحة الارهاب، ومنها المادة الرابعة التي يمكن تفسيرها ضد المتهمين، بل يمكن استخدامها لأغراض كيدية وثأرية وانتقامية، وربّما هذا ما هو ما حصل بالفعل، ولهذه الأسباب خرجت الحشود البشرية التي تطالب بإلغاء هذه المادة أو إلغاء القانون كلّه، طالما أنه صدر في ظل الاحتلال، ويكفي لتجريم الأعمال الإرهابية، تطبيق القوانين العراقية النافذة بما فيها قانون العقوبات، خصوصاً وأنها تتضمن أحكاماً محددة طبقاً لمبادئ الشرعية الجنائية.
وإذا كانت المادة الأولى من القانون قد جاءت فضفاضة، لا سيّما لجهة تحديد الفعل الارهابي، فإن المادتين الثانية والثالثة، حددت الأفعال الارهابية بجرائم أمن الدولة، الأمر الذي يسمح بموجب المادة الرابعة إصدار حكم الإعدام، خصوصاً وأن مثل هذه الصيغة الواسعة والمفتوحة يمكن تركيبها وتكييفها بحق الكثيرين من الأبرياء والخصوم السياسيين، في ظل قضاء عليه الكثير من الملاحظات القانونية السلبية المحلية والدولية.
ولعلّ ذلك يذكّرنا بالمادة 98 (أ) من قانون العقوبات البغدادي التي كانت تنص على الحكم بالاعدام لمعتنقي الشيوعية، وفي فترة لاحقة طبقت على أنصار السلام، ثم أضيف إليها نص غريب " وما شابه ذلك"( المقصود وما شابه الأفكار الشيوعية) وذلك تمهيداً وتساوقاً مع قيام حلف بغداد العام 1955.
إن ما قام به الاحتلال من إلغاء للقوانين وإجراء تغييرات في طبيعة الأنظمة العقابية أو إصدار قوانين جديدة، إنما هو عمل غير قانوني وغير شرعي، بموجب اتفاقيات جنيف لعام 1949 وملحقيها بروتوكولي جنيف لعام 1977 بخصوص ضحايا المنازعات الدولية المسلحة وضحايات المسلحة غير الدولية، حيث حظرت المادة 54 على دولة الاحتلال تقييم وضع الموظفين أو القضاة في الأراضي المحتلة، وهو الأمر الذي خالفه بريمر بإصدار قرارات بإعفاء نحو 250 قاضياً من مناصبهم، في واحدة من القرارات غير الشرعية التي عُرفت باسم " مجزرة القضاء العراقي".
لقد كان قانون مكافحة الارهاب متعلقاً بمرحلة ما بعد الاحتلال، التي انتهت عند خروج القوات المحتلة في نهاية العام 2011، الأمر الذي يستوجب وقف العمل بهذا القانون أو إعادة النظر فيه، لا سيما وهو يذهب إلى إنزال عقوبة الإعدام طبقا للمادة الرابعة. والاعدام كعقوبة لا يزال الجدل بشأنها عميقاً على المستوى الدولي، خصوصاً لجهة إلغائها أو استبدالها، فما بالك حين يستهدف متهمين على أفعال غير محددة ولا يوجد نص واضح بشأنها.
وإذا كان حق ضحايا النظام السابق قائماً وواجب الأداء، بما تعرضوا له، فإن حقوق الضحايا الجدد ينبغي أن تكون مكفولة أيضاً، مثلما يقتضي الواجب الوقوف بوجه الارهاب بجميع أشكاله وصوره فردياً كان أم جماعياً، وتجفيف منابعه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، تمهيداً للقضاء عليه، وفقاً للمعايير القانونية المعروفة، إضافة إلى قواعد العدالة الانتقالية.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المظاهرات حق مشروع والمطالب مشروعة وعادلة
- - الأخوة الأعداء - في العراق!
- ماذا يريد المتعصبون والمتطرفون من المسيحيين؟
- كردستان: العنف بضدّه
- فيتو النفط
- في نقد الموقف اليساري من القضية الفلسطينية
- أكاديميون وبرلمانيون
- نعيم الهوّية أم جحيمها في العراق؟
- سياقات الخصوصية والعالمية
- ما بعد الصهيونية مجدداً!
- ما بعد الصهيونية
- انسحاب . . ولكن
- شيء عن الدبلوماسية “الإسلامية”
- الدستور العراقي الحالي حمّل أوجه وألغام
- اختبار جديد للحرب الباردة
- حلف الفضول!
- شكراً... للضمير الجامع
- الحلم الفضي يعود إلى بنغازي
- حكمة الضوء وشهادة التاريخ
- منصور الكيخيا والرهان على «سلطة» الضوء!


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - المفاضلة بين -ضحيتين-!