أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم البغدادي - سيكولوجيه الطائفيه في العراق















المزيد.....

سيكولوجيه الطائفيه في العراق


جاسم البغدادي

الحوار المتمدن-العدد: 4012 - 2013 / 2 / 23 - 14:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا تدرس ظاهره الطائفيه في العراق غالبا الا من خلال العوامل السياسيه التي تشهدها الساحه , والسبب في ذلك ان كل الدارسين لهذه الظاهره ينطلقون من رؤيه اتهاميه للسياسيين بانهم وراء هذا الحشد الطائفي لتحقيق مكاسب انتخابيه ورغم عدم ابتعاد ذلك التقييم عن الواقع الا انه يبقى قاصرا عن شموليه الرؤيه الكامله لتلك الظاهره ودوافعها الذاتيه المحركه , فليس العنصر السياسي هو المحرك الاوحد بل هو احدى ادوات التحريك الفاعله اما المحرك الاساس فهو السايكلوجيا الجماهيريه التي تتحكم بعواطف الناس الجمعيه ,وقد اوضح فرويد تلك السايكلوجيا الجماهيريه بالقول :يمكن لتكتلاً ما من البشر ان يمتلك خصائص جديدة مختلفة جدا عن خصائص كل فرد يشكله. فعندئذ تنطمس الشخصية الواعية للفرد، وتصبح عواطف الوحدات المصغرة المشكلة للجمهور وأفكارها، موجهة في الاتجاه نفسه. وعندها تتشكل روح جماعية عابرة وموقتة، لكنها تتمتع بخصائص محددة ومتبلورة تماما. تشكل كينونة واحدة وتصبح خاضعة لقانون الوحدة العقلية للجماهير. وقد ابرزت وقائع الحراك الجماهيري التحولات التي تصيب الجمهور النفسي خلال عملية الحراك، لجهة التحول الى جمهور يتمتع بنوع من الروح الجماعية، بصرف النظر عن اهتمامات افراده وامزجتهم ودرجات ذكائهم. هذه الروح الجماعية تجعل هذه المجموعات تحس وتفكر وتتحرك بكيفية مختلفة عن تلك التي كان سيحس بها ويفكر كل فرد، في ما لو كان منعزلا وغير منخرط في هذه الجموع ويرى فرويد ان هذا الجمهور النفسي الخاضع بقوة اللاشعور الطاغية، انما يشبه الانسان الخاضع لعملية التنويم المغناطيسي التي يلجأ اليها المحلل النفسي في معالجته لمريضه، لكن المنوّم هنا ليس عالم النفس بل هو القائد او الزعيم الذي تقوم علاقة خاصة بينه وبين جمهوره تتسم بطبيعة (ولائية) مطلقة، تشبه الحالة الدينية في الطاعة والتسليم للإله. فالزعيم بالنسبة الى الجمهور يشبه النبي حيث يعتبر خارقا لجنس البشر ومستقطبا للعاطفة الدينية الجماعية على شكل خوف من القوة التي تعزى اليه، وخضوع اعمى لأوامره، واستحالة اي مناقشة لعقائده، ورغبة محمومة في نشر هذه العقائد، وميل الى اعتبار كل من يرفضون اعتناقها اعداء..ومن هنا يجب دراسه ظاهره الطائفيه في العراق وبروزها للسطح بين اونه واخرى.... لكن ماهي تلك الدوافع التي تولد هذه الحاله الجماهيريه ؟..(الخوف من الاخر) ..بلاشك ان الخوف وعدم الثقه بالاخر هو السائد في النفسيه العراقيه سواء العرقيه او الطائفيه ..واسباب الخوف متجذره على الاقل منذ نشؤ الدوله العراقيه ..الاكراد رغم انهم ليسوا طرفا في الصراع الطائفي لكن من المؤكد انهم يعانون نفس ذلك الشعور مع استبدال مسمى الطائفيه الى العرقيه , فالاكراد الان يسعون للقضاء على هاجس الخوف والمد العربي في مناطقهم الذي يهدد هويتهم الكرديه بتكريس واقع الدوله الكرديه الغير معلن عنها مع احتفاظها بكل مقومات الدوله بل ان تعاملهم مع المركز هو تماما تعامل دولتين جارتين وليس اقليم فدرالي ..هاجس الخوف هو الذي يدفع الاكراد لرفض او وضع العقبات امام تسليح الجيش العراقي (جيش الدوله ) وهم صريحون في طرح مخاوفهم دون العمل لخلق ظروف مطمئنه مع حكومه المركز التي تشاركهم المخاوف باعتبارها تمثل الغالبيه المضطهده سابقا وترتبط معهم بتحالف قديم يمكن ان يسمى تحالف المحن المشتركه ..الشيعه في العراق ولقساوه ما مر بهم عبر تاريخ العراق عموما وتاريخ العراق الحديث على وجه الخصوص فأن عقده الخوف ممزوجه عندهم بعقده الاخطاء التي ارتكبها اسلافهم بعدم اخذ المبادره بالحكم تلافيا للاضطهاد لذا فالخوف الان يتم التعبير عنه بالاصرار على عدم السماح للآخرين بالصعود الى سلم المنافسه في الحكم فضلا عن الاستحواذ عليه من جديد ..يضاف لذلك مسأله في غايه الاهميه لكنها مشوشه في معظم الدراسات لظاهره الطائفيه فالشيعه وكرده فعل للجرائم الفضيعه التي لحقت بهم خصوصا من النظام السابق ( الاعدامات بالجمله - التعذيب والتنكيل - المقابر الجماعيه -استهداف الرموز الدينيه كالعلماء والمراقد المقدسه ...) هم الان الاكثر تماسكا طائفيا من السنه فرغم عدم تحقيق الحكومه للكثير من طموحاتهم خصوصا الخدميه الا انهم من المستبعد التخلي عنها.. فتوجه التنظير الطائفي عندهم للحيلوله دون تهديده للتركيبه الشيعيه التي تبدوا متماسكه سياسيا رغم الاختلافات الظاهريه ,فعدا الاستهداف الامني بين حين وآخر فان مشهد التخندق الشيعي في اطار الائتلاف الموحد هو السائد سياسيا والفارض نفسه على الساحه السياسيه دون منافس ,بل ان التهديد الامني يزيد التماسك الطائفي عند الشيعه لانه يذكرهم بالمعانات الطويله وبالعدو الذي مهما تغيرت صورته الا ان فتكه واستهدافه لهم باق على حاله ومن هنا نرى الاحزاب الاسلاميه الشيعيه ترفع محاربه الصداميين والارهابيين التكفيريين كأضمن دعايه انتخابيه لها لانها تتناغم مع الشعور الجمعي الذي يسيطر على الجماهير الشيعيه مع ان ذلك لا يخالف الواقع بحكم الغباوه التي تفرضها شحة الاختيارات ونضوب الطموح لتغيير المعادله السياسيه للأرهابيين ومن تحالف معهم من البعثيين والصداميين .
اهل السنه يمثلون الان اكثر تركيبات المجتمع العراق تعقيدا واضطرابا فهم امام حاله جديده لم يتعودوا عليها من قبل وهي ان يكونوا محكومين لا حاكمين .. بعد ابوه للحكم لعقود طويله كانت وريثه مئات السنين من الحكم السني الغير عراقي ولا عربي (عثماني) ..ومن هنا تلوح عيوب النظره الدونيه لغيرهم من ابناء المجتمع العراقي وتتمثل تلك النظره بالتصنيفات الفوقيه والاحكام الجاهزه لكل من خالفهم ..عصاة , غوغاء , عملاء , صفويين..الخ ... ونزع صفه المواطنه من الغير ودخوله الصف الوطني او خروجه منه يتبع عاده درجه الاقتراب والابتعاد عن موالاتهم او التبعيه لاتجاهاتهم ..هذا التصنيف وهذه النظره هي ما تدعوا الكثير لتفسير التمرد السني الذي يكاد يكون مزمن هو محاوله مستميته لاستعاده الحكم (نحاول ملكا اونموت فنعذرا) مع استحاله ذلك او ما هو اقرب للاستحاله في ظل نظام قائم على الانتخابات وحكم الاغلبيه المشبـّعه بالحشد الطائفي ...تعقيد المشهد العراقي السني هو انه يلوذ بالصراع الطائفي لكسب التأييد الخارجي (الاقليمي) والذي لا يستطيع بدوره تغيير المعادله السياسيه المدعومه عالميا فضلا عن ان اي اخلال بها يؤدي الى تقسيم العراق على اساس طائفي وعرقي مع افضليه (شيعيه -كرديه) لهذا الخيار اذا وصلت الامور للتهديد الحقيقي للتجربه الديمقراطيه العراقيه (تصريح رئيس الوزراء العراقي بجعل التقسيم احد الحلول المطروحه ) وطبعا فالتقسيم الخاسر الاكبر فيه جغرافيا هم اهل السنه فضلا انهم الاكثر معاناة منه لان مناطقهم في غالبها مختلطه وليست خالصه لهم , ومن هنا المدخل لحقيقه عقده الخوف السني التي يمكن تسميتها انها العقده (الخفيه) لكنها الاكثر فعاليه في التوجه السايكلوجي لهم . حقيقه الخوف السني هي من هذا التمدد الشيعي المرعب في مناطقهم ,وينافسه الى حد ما التمدد الكردي .. فرغم السيطره الطويله للسنه على الحكم إلا ان الواقع الديمغرافي للسكان شهد ارتفاعا هائلا للتركيبه الشيعيه في العراق والتي هيمنت على الكثير من المناطق وغيرت المفاصل الطائفيه للكثير من العشائر السنيه , ولعل التركيز في التظاهرات الجاريه الان على مدينه الرمادي كأشعار لتظاهرات اهل السنه احد مظاهر هذا الخوف لان الرمادي تكاد تكون المحافظه العراقيه الوحيده التي لا يوجد فيها شيعه .أو هذا ما يروج له , بعكس المحافظات الشيعيه الكثيره والتي هي خاليه تماما من اي تواجد سني خصوصا في الوسط والجنوب ..ولعل ظاهره التهجير الطائفي هي احدى اثار هذا الخوف الغير معلن , وكذلك الشكوى من التهميش والاقصاء ..بل انه يعلن احيانا كمحاولات بائسه للقفز على الواقع الحي لكن بخجل وسذاجه يرثى لها ..ومن ذلك ما صرح به رئيس مجلس النواب النجيفي لقناه الجزيره من ان السنه هم اكثر من الشيعه في العراق وهي شطحه انفعاليه لا تمس الواقع , فحتى لوفرض ان تعداد الاكراد الذين يرفضون فكره احتسابهم طائفيا تم لصالح اهل السنه فستبقى الاغلبيه الشيعيه ظاهره لان الاكراد انفسهم فيهم نسبه كبيره من الشيعه وقبل النجيفي اعتمد حارث الضاري رئيس هيئه علماء المسلمين المساحه الجغرافيه دليلا على اغلبيه السنه وساق محافظه الانبار مثلا لذلك وكأن المتلقين لطرحه الساذج تلاميذ متوسطه لا يميزون بين المساحات الصحراويه الخاليه من السكان والمدن المكتظه !! كل ذلك تعبير -كما قدمت- عن حقيقه المخاوف السنيه فلم تعد القضيه عندهم قضيه حكم مسلوب بل وجود مهدد قابل للذوبان والتلاشي امام هذا المد الطوفاني الذي يبدو خصوصا عند الزيارات المليونيه الشيعيه مثيرا للفزع ..ولعل محاولات حشد الالاف لزياره مرقد ابو حنيفه في بغداد محاوله لمحاكاه تلك الظاهره وأعاده اجواء الثقه لابناء الطائفه السنيه بانهم ما زالوا في المشهد وأن خوف الانقراض لا يزال بعيدا جدا ..لكنه ربما يكون الخطر الذي لا مفر من مواجهته يوما ما لم تتم المباشره بمقاومته من الان ...اخيرا فغني عن القول ان قيام حكومه مدنيه قويـــــــه اقتصـــــــــاديه علمانيه تنهي عنوان الطائفيه وتحل محله عنوان المواطنه هي السبيل الامثل لمعالجه هذه الظاهره ..ولا يتم ذلك الامن خلال نضوج ثقافه الحاجه لمثل هذه الحكومه والتركيز على ان الطائفيه ليست ولن تكون حلا بل هي معضله مرشحه لفتح ابواب واسعه من المعضلات مستقبلا .. معضله ...ولود ..متكاثره .. لها قابليه التشطر والمواجهه حتى على نفس التركيبه الطائفيه الواحده .. وتاريخ العراق حافل بالنزاعات الشيعيه -الشيعيه , والسنيه -السنيه ,بل والكرديه-الكرديه ...فثقافه الطائفيه لا تبني مجتمعا ولا تحقق مطالب ولا ترضي طموحات ..ثقافه عقيمه لا يمكن لاي كان ادلجتها او عقلنتها او شرعنتها .... وحتى يحين ذلك لا ندري كم ستكون كلفه ذلك للعراق وشعبه هذا اذا بقي العراق موحدا !!....



#جاسم_البغدادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجنون في المانيا ..
- القبانجي ..وحدووووه
- لم نعد غرباء ياغاده ...
- من الجنائن المعلقه الى القطار المعلق ..الدفع مقدما !!
- الطيف
- اللّجه -قصه قصيره
- الربيع العربي...ربيع اللاربيع


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم البغدادي - سيكولوجيه الطائفيه في العراق