أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - صبحي حديدي - «أشغال» الوكالة














المزيد.....

«أشغال» الوكالة


صبحي حديدي

الحوار المتمدن-العدد: 1151 - 2005 / 3 / 29 - 11:56
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


حالنا مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية شبيهة بحال الإمام الشافعي مع الدهر:
كلّما أدّبني الدهر أراني ضعف عقلي
وإذا ما ازددت علماً زادني علماً بجهلي!
ففي كلّ يوم نكتشف، وتكتشف الإنسانية بأسرها، طبيعة الجرائم التي ارتكبتها هذه الوكالة في حقّنا، أفراداً وجماعات، وأنظمة وثقافات. وإذ نعيش اليوم حقبة مدهشة من اهتداء البشرية إلى الليبرالية الأمريكية، طواعية أو بالإكراه، فإنّ أحدث أخبار الـ CIA لا تفتأ ترينا ضعف عقلنا، وتزيدنا علماً بجهلنا!
وبالأمس كشفت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» النقاب عن نجاح الوكالة في اختراق الأجهزة الإستخباراتية الإيرانية، ليس من البوّابة المحلية أو الشرق ـ أوسطية أو الإقليمية كما للمرء أن يتخيّل، بل من جهة قصيّة بعيدة غير منتظرة هي... أمريكا الجنوبية! اشتغلت الوكالة على مبدأ «داوِها بالتي كانت هي الداء»، حين تنبّهت إلى ازدياد أنشطة الإستخبارات الإيرانية في بعض بلدان أمريكا اللاتينية، فاخترقتها. وتمّ ذلك عن طريق عملاء زعموا الإهتداء إلى الإسلام، بل وأفلحوا في الوصول إلى طهران عن طريق بعثات خاصة نظمتها الحكومة الإيرانية ذاتها لتلقين المهتدين تعاليم الدين في العلن، وتدريبهم على الأعمال الإستخباراتية في السرّ، حسب الرواية الأمريكية بالطبع. المثير أنّ الوكالة، التي تكشّف تقصيرها الفاضح في هزّة 11/9، أغلقت المحطة الإيرانية بعد انهيار البرجين... للتفرّغ لساحات أخرى أشدّ إلحاحاً!
وفي ملفّ «أشغال» الوكالة في إيران، كانت صحيفة «نيويورك تايمز» قد أماطت اللثام عن واحدة من وثائق الـ CIA السرّية، تعود إلى العام 1954 وتحكي تفاصيل الإنقلاب العسكري الذي خطّطت له الوكالة ــ ونفّذته عملياً ــ ضدّ رئيس وزراء إيران الدكتور محمد مصدّق (1880ـ 1967). والوثيقة دراسة مفصّلة تقع في 200 صفحة، كتبها الدكتور دونالد ن. ولبر، الذي كان رئيس هيئة التخطيط للعملية (مهنته الرسمية المعلنة كانت تدريس علوم العمارة الفارسية في الجامعات الأمريكية!). ومع ذلك فقد احتفظت الوكالة بالحقّ في حجب أكثر من 100 صفحة أخرى تتعلّق بالإنقلاب ذاته، لأنها تحتوي على معلومات ما تزال «حساسة»... حتى بعد انقضاء نصف قرن!
تفاصيل «الحبكة» كما تعرضها وثيقة دونالد ولبر هي التالية، باختصار شديد:
ـ في عام 1951 صوّت البرلمان الإيراني على تأميم صناعة النفط في البلاد، وانتُخب بطل حملة التأميم هذه ــ الدكتور محمد مصدّق ــ رئيساً للوزراء.
ـ في أواخر العام 1952 تشاور ممثّلو المخابرات البريطانية مع زملائهم في الوكالة الأمريكية حول خطّة للإطاحة بمصدّق عن طريق إنقلاب عسكري، بعد أن كان الأمريكيون قد عثروا على قائد الإنقلاب والبطل المضادّ: الجنرال فضل الله زاهدي.
ـ كانت الخطة تقوم على إثارة الشغب والفوضى في البلاد، على نحو يمهّد لتدخّل الجيش بحجة فرض النظام. وبين الطرائق التي اعتمدتها الوكالة في هذا الصدد أنّ عملاءها انتحلوا هويّة مسؤولين في الحزب الشيوعي الإيراني (توده)، وهدّدوا رجال الدين المسلمين بالتصفية الجسدية إذا امتنعوا عن تأييد مصدّق، كما قاموا بنسف بيوت عدد من كبار الأئمة والعلماء ونسبوا الأمر إلى الشيوعيين.
ـ دور الشاه رضا بهلوي في العملية كان يقتصر على إصدار أمر ملكي يقضي بعزل مصدّق وتعيين الجنرال زاهدي بدلاً عنه. لكنّ الشاه، الذي لم يكن يثق بالبريطانيين، تردّد في إصدار الأمر حتى بعد سماع كلمة سرّ تطمينية عبر القسم الفارسي في الـ BBC (لاحظوا هذا الدور الفريد للإذاعة العريقة!). كان الشاه يخشى تأييد الجيش للدكتور مصدّق، فاضطرّت الوكالة إلى استدعاء شخصيتين تكفلتا بإقناعه: شقيقته التوأم الأميرة أشرف (وكانت تقيم على شواطىء الريفييرا الفرنسية)، وضابط أمريكي كبير كان يحظى بثقة الشاه التامة، هو الجنرال نورمان شوارزكوف... والد الجنرال نورمان شوارزكوف قائد «عاصفة الصحراء»... دون سواه!
ـ وبالفعل، وقّع الشاه الأمر الملكي، ولكنه مع ذلك ظلّ خائفاً، وفرّ إلى بغداد ثمّ إلى روما في اليوم التالي. وكاد الإنقلاب أن يفشل تماماً حين اكتشف مصدّق الخطّة، وأخذت إذاعة طهران تتحدّث عن إحباط محاولة إنقلابية تستهدف الحكومة الشرعية. لكنّ محطة الـ CIA في طهران سارعت إلى إعلان أمر إعفاء مصدّق عن طريق تمرير الخبر إلى الـ «أسوشيتد برس» وبعض الصحف الإيرانية، ممّا أسبغ على الإنقلاب «شرعية» مطلقة في نظر أنصار الشاه من عسكريين ومدنيين. وفي مديح ذلك اليوم، 19 آب (أغسطس) 1953، يختم الدكتور ولبر وثيقته: «كان ينبغي لذلك اليوم ألا ينتهي، لأنه انطوى على الكثير من معاني الإثارة والإرضاء والإحتفاء».
كيف لا تسكننا حال الإمام الشافعي مع الدهر، ونحن نستعيد تلك «الأشغال» في إيران البارحة، وفي أفغانستان والعراق اليوم، وفي لبنان وسورية غداً... وما أدنى غداً لو يعلمون!



#صبحي_حديدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قمّة الجزائر: هل يمكن للنظام العربي الرسمي أن ينحطّ أكثر؟
- سطوة الحكاية
- عروس مجدل شمس
- يهود سورية: «التطهير العرقي» وصناعة الخرافة
- غلطة السيد... بألف ممّا نعدّ
- تظاهرة دمشق «الشبابية» واستئناف الهستيريا القديمة ـ المقيمة
- هويات غير قاتلة
- زائر غير منتظر في انتفاضة لبنان: رفعت الأسد
- واشنطن وحقوق الإنسان: لا عزاء للدالاي لاما و-الثورة الصفراء-
- إيهاب حسن وعذابات إدراك الأدب ما بعد الحديث
- خصال رجاء النقاش
- جمال مبارك بعد بشار الأسد: ما جديد الجمهورية الوراثية؟
- صمت بنات آوى
- دمشق إزاء اغتيال الحريري: اشتدّي أزمة تنفرجي
- موت أمريكي عاق
- شجرة فقراء الله
- فرانكنشتاين الكويت الذي ينقلب اليوم على خالقه
- قصيدة محمود قرني: غوص بالمعنى إلى قيعان الحسّ المحض
- شهادة القطرس
- سؤال الهولوكوست: مَن سيكون في غُرَف الغاز القادمة؟


المزيد.....




- وزير خارجية الإمارات يعلق على فيديو سابق له حذر فيه من الإره ...
- سموتريتش لنتيناهو: إذا قررتم رفع الراية البيضاء والتراجع عن ...
- DW تتحقق - هل خفّف بايدن العقوبات المفروضة على إيران؟
- دعوة الجامعات الألمانية للتدقيق في المشاريع مع الصين بعد مز ...
- الدفاع الروسية تعلن ضرب 3 مطارات عسكرية أوكرانية والقضاء على ...
- -700 متر قماش-.. العراق يدخل موسوعة -غينيس- بأكبر دشداشة في ...
- رئيس الأركان الإسرائيلي يصادق على خطط المراحل القادمة من حرب ...
- زاخاروفا: روسيا لن تساوم على أراضيها الجديدة
- اكتشاف ظاهرة -ثورية- يمكن أن تحل لغزا عمره 80 عاما
- بري عقب لقائه سيجورنيه: متمسكون بتطبيق القرار 1701 وبانتظار ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - صبحي حديدي - «أشغال» الوكالة