أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - صبحي حديدي - صمت بنات آوى














المزيد.....

صمت بنات آوى


صبحي حديدي

الحوار المتمدن-العدد: 1117 - 2005 / 2 / 22 - 10:45
المحور: القضية الفلسطينية
    


كان يحلو للفنّان الفلسطيني الراحل ناجي العلي أن يعقد جناساً لفظياً طريفاً، ومريراً قاتماً في الآن ذاته، بين حركة «غوش إيمونيم» الإسرائيلية المتطرّفة، وحركة «خوش صموتيم» العربية التي ينتسب إليها الحكّام العرب كافة، والتي لا تمارس إلا الصمت في أفضل (خوش) أنماطه! وكما هو معروف، تأسست «غوش إيمونيم» سنة 1974 بمبادرة من الحاخام موشي ليفنغر وتأييد عدد من الحاخامات وأعضاء الكنيست (من كتلة الـ «مفدال» آنذاك، أساساً)، بهدف مناهضة مشاريع الإنسحاب من سيناء أو الضفّة الغربية، واستناداً إلى نصوص توراتية وتلمودية تحرّم ذلك الإنسحاب. أمّا حركة صموتيم الحاكم العربي فقد كانت، غنيّ عن القول، لا تستند إلى أية «نصوص» سوى تبعية أعضائها وخسّتهم وانحطاط هاماتهم أمام الإسرائيلي.
اليوم تعود «غوش إيمونيم» إلى الأضواء بقوّة، مع قرب إعادة انتشار قوّات الاحتلال في قطاع غزّة، مع فارق حاسم هذه المرّة: ليس في باطن غزّة، المادّي أو الأسطوري، أية رموز توراتية أو تلمودية تبرّر شنّ الحرب المقدّسة ضدّ الإنسحاب، وليس في تخوم القطاع سوى حفنة مستوطنين متعنتين أخذوا يشكّلون عبئاً أمنياً وسياسياً ومالياً (نعم... وهذا تفصيل يهمّ دافع الضرائب الإسرائيلي مباشرة لأنه يفتح حافظة نقوده!)، والمعركة خاسرة كما تشير كلّ الدلائل.
الحاسم، مع ذلك، يصنعه اعتبار آخر لا يمكن لـ «غوش إيمونيم» أن تمزح فيه، أي أن تكون انسحابات غزّة أمثولة تمهّد لانسحابات أخرى من الضفّة الغربية... حيث «إسرائيل الكبرى»، وحيث تقع مدينة الخليل التي شهدت انطلاقة الحركة، وحيث قبر باروخ غودلشتاين سفّاح مجزرة الحرم الإبراهيمي 1994. وتخيّلوا مَن كان أبرز داعمي هذه الحركة في اعتمادها استراتيجية «تقديس» المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، واعتبارها بمثابة «قلاع من الرموز التوراتية» وليست البتة محض مساكن ومدارس ومتاجر؟ شمعون بيريس دون سواه، الذي كان وزيراً للدفاع في حكومة إسحق رابين الأولى (1974ـ1977)، ذروة سنوات تأسيس «غوش إيمونيم» وصعودها!
وفي سياق الإرشاد الديني حول أفضل سُبُل «الدفاع» عن مستوطنات «القداسة» هذه، دعا الحاخام إليتسور سيغيل إلى تنفيذ عمليات إنتحارية ضدّ الفلسطينيين، عملاً بمبدأ الشهادة الذي استنّه البطل اليهودي شمشون (وليس، طبعاً، اقتداء بالعمليات التي ينفّذها انتحاريون فلسطينيون!). وفي مقال بعنوان «التضحية بالنفس من أجل الربّ» كتب الحاخام يقول: «الإنتحار في زمن الحرب حلال إذا كان هدفه نصرة إسرائيل، والمتطوّع لأداء مثل هذه العمليات سوف يكون في عداد الأبطال والشهداء».
والحاخام سيغيل هو الذي يتولى الإشراف على الهداية الروحية في مستوطنة تابواه التي تحتلّ إحدى هضاب الضفة الغربية منذ عام 1967، وتقطنها أغلبية من غلاة اليهود المتدينين، وأتباع الحاخام الأشهر مئير كاهانا، ممن يشكلون اليوم مجموعة «كاهان حيّ»... حيّ لا يموت، كما تبرهن تصريحات مستوطن آخر يدعى إسرائيل فيرنر، يرجّع أصداء كاهانا أواخر السبعينيات: «ما هو الحلّ الإنساني الأفضل: أن نذبح العرب بأنفسنا، أم أن يغادروا أرضنا من تلقاء أنفسهم»؟
ومع ذلك فإن من الطريف أن يقتبس الحاخام سيغيل شخصية شمشون لحضّ اليهود على بذل دمائهم، ونيل شرف الشهادة دفاعاً عن اسرائيل. صحيح أنّ لهذه الشخصية مآثرها الدموية الرهيبة ضدّ الفلسطينيين، وأنه ذات مرّة «أمسك ثلاث مئة إبن آوى وأخذ مشاعل وجعل ذنباً إلى ذنب ووضع مشعلاً بين كل ذنبين في الوسط، ثم أضرم المشاعل ناراً وأطلقها بين زروع الفلسطينيين فأحرق الأكداس والزرع وكروم الزيتون» حسب سفر القضاة. ولكنه، بين جميع قضاة اسرائيل، الأكثر شهوانية وخضوعاً للملذات، والأضعف إيماناً بعهد الربّ كلما اتصل الأمر بشهوات الجسد!
وهكذا فإنّ من المدهش أن يقتبسه الحاخام سيغيل، إذ كيف يضمن أن لا تستدرج شمشون «فلسطينية» ما من حفيدات دليلة، فيدلي لها بأسرار الحزام الناسف الذي يلفه حول جسده وهو في الطريق إلى أحد أسواق الخليل أو نابلس أو بيت لحم، وقبيل تفجير نفسه دفاعاً عن اسرائيل؟ ومن جانب آخر، لقد كان شمشون أسير الفلسطينيين حسب العهد القديم، فمَن هو اليوم الأسير، ومَن الآسر؟ مَن هو المحتل، ومَن الذي يعاني من جرائم الاحتلال؟
والعهد القديم يروي أن بني إسرائيل «عادوا يعملون الشر في عينيّ الرب، فدفعهم الربّ ليد الفلسطينيين أربعين سنة»، وأنّ امرأة منوح العاقر، والدة شمشون، تلد هذا الطفل الإعجازي ليكون نذيراً للرب ويتولى تخليص اسرائيل من يد الفلسطينيين. أيكون الحاخام في موقع مَن يفترض وقوع إسرائيل في الأسر الفلسطيني؟ أم هو يقول ضمناً إن إسرائيل عادت إلى الشرّ القديم الذي استوجب غضب الرب، ويستوجب بالتالي مجيء شمشون؟
في جميع الأحوال كاهانا حيّ، ولا يبدو أنه سيموت في أيّ يوم قبل الموت النهائي للدولة العبرية نفسها. هو أيضاً حال بنات آوى، في مثال شمشون وكاهانا وأرييل شارون وشمعون بيريس على حدّ سواء. وكذلك، بالطبع، في مثال بنات آوى من الحكّام العرب الذين يواصلون الإنضواء في صفوف الـ «خوش صموتيم»!



#صبحي_حديدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دمشق إزاء اغتيال الحريري: اشتدّي أزمة تنفرجي
- موت أمريكي عاق
- شجرة فقراء الله
- فرانكنشتاين الكويت الذي ينقلب اليوم على خالقه
- قصيدة محمود قرني: غوص بالمعنى إلى قيعان الحسّ المحض
- شهادة القطرس
- سؤال الهولوكوست: مَن سيكون في غُرَف الغاز القادمة؟
- الجحيم الموعود
- بوش بين السلام الأمريكي والخلافة الجديدة
- الفولاذ أم الذاكرة؟
- محمود عباس الرئيس: أيّ فارق... أفضل؟
- أبو عنتر الشعلان
- تسونامي، أو حين يتسربل جورج بوش بأردية الأم تيريزا
- إنهم يسرقون التاريخ
- لبنانيون حماة الديار السورية
- سورية في 2005: هل سيكون الآتي أدهى من الذي تأخّر؟
- مكاييل الحرّية
- تركيا في ناظر دمشق: بؤرة الكوابيس أم النافذة على العالم؟
- خزعة من قامة ممدوح عدوان
- العلمانية والشجرة


المزيد.....




- اكتشاف ثعبان ضخم من عصور ما قبل التاريخ في الهند
- رجل يواجه بجسده سرب نحل شرس في الشارع لحماية طفلته.. شاهد ما ...
- بلينكن يصل إلى السعودية في سابع جولة شرق أوسطية منذ بدء الحر ...
- تحذير عاجل من الأرصاد السعودية بخصوص طقس اليوم
- ساويرس يتبع ماسك في التعليق على فيديو وزير خارجية الإمارات ح ...
- القوات الروسية تجلي أول دبابة -أبرامز- اغتنمتها في دونيتسك ( ...
- ترامب وديسانتيس يعقدان لقاء وديا في فلوريدا
- زفاف أسطوري.. ملياردير هندي يتزوج عارضة أزياء شهيرة في أحضا ...
- سيجورنيه: تقدم في المحادثات لتخفيف التوتر بين -حزب الله- وإس ...
- تواصل الحركة الاحتجاجية بالجامعات الأمريكية للمطالبة بوقف ال ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - صبحي حديدي - صمت بنات آوى