أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سليمان يوسف يوسف - آشورييوا سوريا، وهواجس الخوف في عيد الأكيتو















المزيد.....

آشورييوا سوريا، وهواجس الخوف في عيد الأكيتو


سليمان يوسف يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1151 - 2005 / 3 / 29 - 11:55
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


مع تجدد دورة الحياة في الطبيعة، في (الأول من نيسان)، وهو أول ايام السنة الآشورية الجديدة، والمعروف قديماً بـ (عيد الأكيتو)، بدأ الآشوريون( سريان / كلدان) في جميع مناطق تواجدهم،الاستعداد للاحتفال بهذا العيد، بين أحضان الطبيعة وبحسب الطقوس والتقاليد الآشورية القديمة، التي تعبر عن عبق الحضارة الآشورية وأريج التراث السرياني الأصيل، ذلك جرياً على عادات أجدادهم في ( بلاد ما بين النهرين) و( سوريا).
في سوريا، كان قد ألغى،الآشوريون السوريون، احتفالاتهم بهذا العيد في العامين الماضين نظراً للأجواء والمناخات الغير مناسبة التي كانت تخيم على المنطقة، في عام 2003 بسبب الحرب الأمريكية على العراق التي بدأت في 20 آذار من ذات العام، وفي عام 2004 بسبب الأحداث المؤلمة التي اندلعت في مدن الجزيرة السورية بتاريخ 12 آذار. في هذا العام، وبالرغم من عدم صفاء الأجواء وبقاء التوتر قائماً في المنطقة عامة، يستعد الآشوريون السوريون، هذه الأيام للاحتفال بهذا العيد، وهو ابرز أعيادهم القومية، ومشاعر القلق وهواجس الخوف تسيطر عليهم، في ظل قوانين وقرارات سياسية وإجراءات أمنية، تحذر نشاطاتهم القومية والسياسية، وفي ظل دستور يتنكر لوجودهم ويطمس هويتهم القومية. فـ(الآشوريون) السوريون، مازالوا محرومين من ابسط حقوقهم القومية وعرضاً لسياسية التعريب التي يمارسها حزب (البعث العربي الاشتراكي) الحاكم بحقهم ويستبعدهم من الحياة السياسية والثقافية في سوريا، و يوجد، في الدستور السوري،العديد من المواد، التي تنتقص من حقوقهم الديمقراطية وحقوق المواطنة، كآشوريين و كمسيحيين. و من دون شك،أن هذه القوانين المتخلفة والقاصرة، تعكس نزعة التعصب لدى القومية العربية الغالبة، سببت نقص كبير في عملية (الاندماج الوطني) بين مختلف التكوينات السورية.
فبدلاً من أن تجعل (الدولة السورية) عيد(الأكيتو) الآشوري،عيداً وطنياً سورياً بامتياز، وهو كان كذلك في الماضي القديم في أصوله وجذوره، ليحتفل به جميع السوريين، بمختلف انتماءاتهم القومية والدينية، مجسدين (لحمة وطنية) حقيقية، وبدلاً من أن تتحول حالة التنوع،التي يتصف بها المجتمع السوري، الى عامل غنى وثراء ثقافي وحضاري وطني،أصبحت(حالة التنوع) مصدر للقلاقل والحساسيات الاجتماعية والإثنية وعامل ضعف في بنية المجتمع السوري. فبالرغم من كون، مسألة الأقليات، أكثر القضايا حساسية وخطورة، مع ذلك ما زالت هذه القضية من أكثر القضايا تهميشاً وتجاهلاً من قبل الحكم في سوريا، واقعة ضحية الايديولوجيات القومية العربية المتعصبة التي تهيمن على الحياة السياسية السورية، و ما زالت، السلطة السياسية تخون وتشكك بوطنية كل من يعبر ويتحدث عن الظلم والحرمان الواقع على القوميات الغير عربية( كردية، آشورية، أرمنية وغيرها)، و تلقي تبعة الاضطرابات والاحتجاجات التي تحصل في المجتمع السوري، من حين لآخر، التي تولدها الأقليات - هناك العشرات من الأكراد والآشوريين معتقلين، في السجون السورية، على خلفية احتجاجات قاموا بها في عام 2004- على الخارج متجاهلة عواملها واسبابها الداخلية الكامنة، والمتمثلة بحرمان هذه القوميات من جميع حقوقها الديمقراطية، وعدم مساواتها مع القومية العربية الغالبة والحاكمة، مما سبب خلل عميق في العلاقة الوطنية فيما بين هذه القوميات ونقص كبير في اندماج الوطني والمجتمعي. من دون شك،أن رفض الاعتراف بواقع التعددية في المجتمع السوري وممارس سياسة الاستعلاء القومي من قبل القومية الكبيرة على القوميات الأخرى، يسبب حالة احتقان سياسي واجتماعي في المجتمع السوري، يؤسس لبيئة اجتماعية وثقافية ونفسية مناسبة، لحدوث مثل هذه الاضطرابات.أن معالجة هذا الخلل الحاصل في العلاقة الوطنية، يتطلب أن تتعاطى السلطة السياسية السورية بموضوعية وواقعية مع مشكلة القوميات وحلها ديمقراطياً، وبما يضمن رفع الغبن والظلم عنها،على أرضية الوحدة الوطنية وتجسيداً لمقولة: (سوريا لكل السوريين).




أهمية عيد (الأكيتو) ودلالاته:

إن ضرورات التنظيم والضبط للأحداث السياسية والاجتماعية والظواهر الطبيعية ذات التأثير المباشر على حياة ونشاط الإنسان دفعت سكان( بلاد ما بين النهرين)، قبل 6755عام، في المرحلة(الأكادية البابلية) لوضع تقويما سنويا(روزنامه)، شكل مرحلة انعطاف كبيرة وهامة في حياة المجتمعات القديمة. فمع هذا التقويم، بدأت تتكون (الذاكرة التاريخية) للإنسان، وتظهر ضوابط وتوافقات للفعل الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والديني (الأيديولوجي) في المجتمع(الأكادي/البابلي/ الآشوري) القديم. كما أن، تحديد بداية (السنة الآشورية) مع بداية دورة الطبيعة وتجدد الخصب والحياة فيها مع بدايات الربيع في (الأول من نيسان) يضعنا أمام التصور (الأكادي –البابلي –الآشوري) للتاريخ، من حيث هو (حركة دائرية مغلقة)، تضمن الطبيعة خلالها الخلود ومقومات استمرار الحياة، وقد عبر الفيلسوف اليوناني(أرسطو) عن هذه الفكرة، بالقول:(( إن الطبيعة تضمن الخلود للنوع عن طريق العودة الدورية )).
قديماً، كانت تنطوي شعائر وطقوس الآشوريين في احتفالاتهم في أعياد الربيع على الكثير من الدلالات والعقائد الدينية والإرهاصات الفلسفية والفكرية الهامة، تعكس في اطارها العام (الميثيولوجيا الآشورية) الأكادية/البابلية، التي تمحورت حول: التكوين(الخلق) ، (الآلهة) ،(الإنسان)، تركت هذه( الميثيولوجيا) بصماتها على معظم الفكر الفلسفي والديني الشرقي القديم. وقد شكلت، ملحمة ((الخلق والتكوين)) البابلية( اينوما ايليش)- تعني بالأكادية( عندما في الأعالي)- محور (الميثيولوجيا الآشورية) حيث كان لها أهمية كبيرة وخاصة في أحداث الاحتفالات بأعياد (رأس السنة الجديدة)، التي كانت تستمر اثنا عشر يوماً، ففي اليوم الأول من نيسان، كانت تقدم هذه الملحمة على شكل( مسرحية الآلام) احتفالاً بذكرى انتصار الإله (مردوخ) على (التنين الهباء) صاحب الجبروت وتخليداً لأحداث موته وقيامته من بين الأموات في اليوم الثالث، وكانت تلك الاحتفالات تصل ذروتها مع تتويج (مردوخ) ملكا إلها على الكون وهو يبرز كـ(مخلص) عظيم للإنسان،هذا الإله الذي عبده الآشوريون في شخص الإله (أشور)الإله القومي لهم. ومنذ القديم كان (الآشوريين) ينظرون إلى (الإنسان) على إنه يتكون من جسد وروح، لذا فهو يشارك (الآلهة) بقدر ما كانت الآلهة مشاركة للإنسان في إنسانيته ، بصيغة (الإله إنسان) و (الإنسان إله) ذلك من خلال (تأليه) عظماء الملوك وهبوط الآلهة(عشتار) إلى العالم السفلي موطن الإنسان. هكذا نجد أن فكرة (الخلاص ) و(التجسد) التي تقوم عليها (العقيدة المسيحية) تعود في جذورها الى الميثيولوجيا الآشورية، كما أن، احتفالات المسيحيين في الربيع من كل عام بذكرى (انتصار السيد المسيح) على (قوى الشر) وقيامته من (القبر)، هي، بشكل أو آخر، استمرار وتواصل لتلك الاحتفالات والطقوس الآشورية القديمة.
من هنا تبرز أهمية (الأول من نيسان) بصفته رمزا ضخما وعظيما في المجتمعات الآشورية القديمة. والاحتفال به كعيد قومي آشوري لم يأت من فراغ، إنما هو بحق عيد (الطبيعة ولآلهة والإنسان) معا، فهم ثلاثة اقانيم في واحد هو(الوجود)الكون، عمل الإنسان (الآشوري)على مد الجسور بينها، مفصحا عن العلاقة التاريخية بين الله والإنسان أولا، وعن العلاقة العضوية بين الإنسان والطبيعة ثانيا. بالطبع، لقد خرجت احتفالات الآشوريين، من اطارها الديني الضيق وتجاوزت بعدها الأسطوري والوثني لتأخذ بعداً حضارياً عميقاً. وقد استمرت كثير من شعوب العالم تحتفل بهذا العيد، حتى قرون طويلة بعد الميلاد، الى أن تخلى عنه أحد الملوك الفرنسيين، باعتباره عيد وثني واستعاض عنه بعيد (راس السنة الميلادية). هذا وقد استمرت، كثير من شعوب المنطقة، مثل الإيرانيين والكورد، واليزيديين وغيرهم، الاحتفال بهذا العيد الى تاريخ اليوم، تحت اسم (عيد نوروز – اليوم الجديد) أو (أعياد الربيع)، كل على طريقته وبحسب عاداته وتقاليده.



#سليمان_يوسف_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزمة اللبنانية تحدث تغيراً في خطاب المعارضة السورية
- هل ستحسم الأزمة الراهنة خيارات الشعب اللبناني
- آشوريوا المهجر، ما قيمة الوطن من غير حقوق
- من أجل اصلاح الدولة السورية
- قراءة غير سياسية للحرب في العراق
- رؤية آشورية للأحداث الخيرة في الجزيرة السورية
- حوادث الحسكة والتصريحات المخالفة للمحافظ
- في سوريا حزب الأغلبية الساحقة يخش الديمقراطية
- نعم لفتح باب الترشح للرئاسة في سوريا
- المؤتمر الدولي التاسع للدراسات السريانية
- في سورية حريات دينية وحرمانات سياسية
- شرق اسلامي، من غير يهود ومسيحيين
- نعم للدولة الوطنية ، لا لدولة القوميات في سوريا
- مسيحيو العراق بين سندان الاحتلال ومطرقة ارهاب المقاومة
- قانون الأحزاب وعقدة الديمقراطية في سوريا
- تصريح سياسي
- الحركة الكردية السورية بين السلطة والمعارضة
- في سورية خطوة إلى الأمام قفزة إلى الخلف
- مقاربة فلسفية للحرب العراقية
- الرئيس بشار الأسد والتحول باتجاه المعارضة الوطنية...؟


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سليمان يوسف يوسف - آشورييوا سوريا، وهواجس الخوف في عيد الأكيتو