أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخيّال - منى جبّور.. التمرد على سطوة النسيان














المزيد.....

منى جبّور.. التمرد على سطوة النسيان


أحمد الخيّال

الحوار المتمدن-العدد: 3991 - 2013 / 2 / 2 - 03:03
المحور: الادب والفن
    


الحديث عن "منى جبّور" وما اندره لا يخلو دوما من استدعاء الدهشة حينا والمرارة احيانا ..فتلك الحالة الروائية والفلسفية المتفردة لم تحظ ابداً بما يليق بموهبتها سواء على المستوى النقدي او على مستوى الذاكرة ..وكأن القدر يطارح عمرها القصير جدا الغياب فكانت الومضة التي تتوهج سريعا ثم تمضي نحو الجانب الآخر من صخب الحياة.
ولدت "منى جبّور" في 15/8/1943 باحدي القرى الصغيرة (القبيات) التي تقع على اطراف بيروت حيث تلقت تعليمها الإبتدائي ثم المتوسط في المدرسة النموذجية في "فرن الشباك" قبل ان تلتحق بدار المعلمين ..لفتت الفتاة الصغيرة المتطلعة الإنتباه بوعي مختلف جعل كل من حولها يتنبأ لها بمستقبل مشرق ..وكانت السمة الأكثر وضوحا لها هي التمرد وهو ما تجلي بعد ذلك في نصوصها القصصية والروائية وايضا مقالاتها ..ذلك التمرد الذي اتضح في رغبتها المحمومة وسعيها الدؤوب للانتقال الى بيروت والانخراط بكل حماس في الأوساط الثقافية فأصبحت وهي بعد على تخوم العشرين من عمرها سكرتيرة تحرير مجلة الحكمة وكاتبة دائمة بصفحة الأدب النسائي بجريدة النهار اضافة الى انخراطها في العديد من المؤسسات الثقافية كالندوة اللبنانية والمنظمة العالمية لحرية الثقافة وجمعية اصدقاء القصة وغيرها.
ولأن التمرد الحقيقي والذي ينبع من ذات الوجع بالوجود يمتد لأكثر من طريقة في الحياة او فحوى بالنص فقد جاءت نهاية حياة "منى جبّور" القصيرة معبرة عن هذا لتصفعنا بقسوة الإعتراض عندما تم العثور على جسدها الرقيق بصباح 24 يناير عام 1964 مسجى في وداعة الموت/القرار اثر الإختناق بالغاز لتتركنا الكاتبة الشابة كما كانت توجد بحياتها النضرة جملة اعتراض كبيرة على المجتمع بكل اقانيمه وافكاره البالية.
رحلت "منى جبّور" طوعا لعالم افضل تاركة ورائها روايتين .. "فتاة تافهة" وقد كتبتها وهي في سن السادسة عشرة واخرى مخطوطة لم تنشر الا بعد موتها وهي " الغربان والمسوح البيضاء" اضافة الى مجموعة من القصص القصيرة والمقالات الادبية والنقدية للأسف لم يتم حتى هذه اللحظة بذل اي جهد نحو تجميعها واعادة اصدارها في طبعة خاصة تنقذ سيرة كاتبة عظيمة من مصير النسيان.
فتاة تافهة.. تفاهة الوجود بواقع مهتريء
"انني أكره هذا الجسد، اشعر نحوه باحتقار هائل وبغض جارف..كلا.. بل احبه، أحبه. أحبه لانه سيبقى سليما وحرا، لي، ولن يتعرض بعد الآن ليضاجع خيال ذكر"
يشي هذا الاجتزاء من مونولوج داخلي يغص به نص "فتاة تافهة" من خلال وعي بطلة الرواية "ندى" عن احد الأفكار الأساسية او لنقل الجحائم التي يتقلب بها وعي ووجود الكاتبة الراوية او الشخصية المروي عنها فلا فارق كبير!
كانت تمرد "منى جبّور" من خلال نصها الروائي "فتاة تافهة" متحققا على عدة مستويات وبصورة خالصة ..ليس فقط على مستوى الأحداث او الشخصية الروائية كما قدمتها من خلال فتاة في الثامنة عشرة من عمرها تواجه المجتمع بكل غلاظة احكامه المسبقة على وجودها الانثوى المستباح والمهمش والمقولب في صيغة اختصار الغواية او التحريم بل ايضا جاء على مستوى بنية النص ذاته واللغة الصادمة والتي تثور هي الأخرى على رصانة مفتعلة كانت هي السائدة وقتها ..فنجدها تصف المعلم بالكذّاب.. الوقح.. الخنزير الوسخ.. هذا مستوى من مستويات تفكيك احدى صور العلاقات البطريركية نجد له تفتيتا للمنتهى عندما تصف اباها بالثور الخائر!
بينما جاء الارتكان بصورة اساسية على المونولوج الداخلي القصير والعميق المحاط بالصمت او الظلام او روح الكآبة - كأحد مظاهر التأثر بأدب العبث واللامعقول – في بنيته مفعما بالمشاعر النارية والصخب الذي يعلو صراخه على ضجيج العالم العبثي على نحو اشبه بشخصيات "البير كامو" فتتكرر عبارات تمزق ركود العالم والذات : "أمزّق جسدي ..احترق بالنار .. صراخ يفتّت الجدران" لتتخذ عملية الكتابة هنا صورة مختلفة من صور مجابهة العالم بترسانة محرماته وقوانينه الاجتماعية على مستوى المتخيل من مستوى المحي عنه او على مستوى الواقعي من مستوى المحكي به اي آلية الكتابة.
الأدب بوصفه إعادة انتاج للوجود
يصف "يونسكو" الكتابة بقوله : "الكتابة هي "تحرير للمكبوت في النفس والأدب ظاهرة عُصاب! " وذلك للتعبير عن القلق الوجودي والضيق الميتافيزيقي. بينما تفصل "منى جبّور" الأمر بوضوح اكثر في آخر حوار معها عندما تقول : " الأدب حكم عليّ... جميع كتاباتي تنفيذ رغبات تخنقني عندما تلج. وأنا في كل نوع من الكتاب أنفذ رغبات معينة وحاجة خاصة.القصة القصيرة والقصيرة مثلاً أكتبها عندما يغمرني إحساس عنيف وقصير، يملؤني بسرعة ويهزني بسرعة فأعبر عنه بسرعة وأرتاح. أما الرواية فأبحث معها عن الحياة بأكملها... ألوذ إليها عندما أفتقد العالم فأخلقه. لذا فالرواية مغامرة في حياتي تؤثرعليّ. تنقلني لمدة بعيدة إلى عالمها، إلى أجوائها إلى عقدها وأحداثها وأنا أحياناً أجدني أسخف بكثير وأعطل بكثير من أن يكون لي عالم معين فأعجز عن كتابة رواية."
ترى هل نفذت الحكاية ام وهن صوت الراوي حتى تخرج الينا بفصل أخير من رواية بعد لم يكن مقدرا لها ان تنتهي ؟ هل غادرها العالم فغادرته ؟ ام هل كانت تطمح لمعاينة عالم اوسع من مخيلة الراوي والرواية ؟ دائما ما يكون الحق في الاختيار هو جوهر قيمة التمرد ..فهل بصورة عبثية ايضا تحول العجز عن فرض الاختيار الذاتي الى مقامرة بالحق في الوجود ذاته ؟ ربما ..فهو بجانب منه فرضا وليس اختيارا !



#أحمد_الخيّال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدستور المصري ما بين الخيار المر والطريق الثالث
- لوحة فتاة أمام النافذة
- الحكم الفاشي المزدوج ..نعم ضد الإخوان والمتحالفين معهم اتحدث ...
- مصر .. والثورة التي يأكلها ابنائها!
- مصر .. حتى تكتمل الثورة
- النخب والبسطاء .. كيفية التواصل ( 1 )
- الثورة الحقيقية
- الثقافة العربية ما بين التراث والتنوير
- الحاكم والمحكوم ما بين الحرية المسئولة والفوضى
- عن المقاومة .. حوارات في زمن الردة
- اوائل زيارات الدهشة
- يقين الوردة
- نصوص من كتاب غير مقدس .. دراما الجسد
- المسرح الواقعي الاشتراكي


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخيّال - منى جبّور.. التمرد على سطوة النسيان