أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامان كريم - تشيّأت الثورة الى عكسها!















المزيد.....

تشيّأت الثورة الى عكسها!


سامان كريم

الحوار المتمدن-العدد: 3987 - 2013 / 1 / 29 - 16:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



إن الثورة لها مدلولاتها ومقوماتها السياسية وبنيتها الاجتماعية, التي تستند الى القوة الثورية التي تطلب التغير, وفق سيناريو الثورة, لان ليس لها امامها سواها. الثورة الفرنسية, الثورة التي غيرت ليس وجهة اوربا بل العالم كله, ثورة روسيا بقيادة لينين غيرت العالم وأدخلت ماركس في حلبة الصراع العالمي على رغم أجهاضها في مهدها 1924- 1928. ليس كل ثورة يكتب لها النجاح او الانتصار ولكن سواء كانت ثورة منتصرة او ثورة غير منتصرة او غير كاملة... لا يتغير من محتواها وعنفوانها ومقوماتها وبنيتها الاجتماعية الثورية في كل مرحلة من مراحل التاريخ.

نحن الآن في عالمنا المعاصر أمام شئ آخر, او نصادف شيئا أخراً بإسم الثورة, لها مفكريها وكتابها المأجورين, لها "دولتها" و"حكوماتها" المساندة" ولها اعلامها الذي لايقهر وتمويلها الذي لا ينضب, كانت الثورة للعبيد والفلاحين وأخيرا الطبقة العاملة, ولكن الثورة ليس مطلبا روحيا ولا غذاءً نفسياً لترضية النفس والذات, وليست عملاً هبط من السماء دون مقدمات ثورية او اعمال ثورية, هكذا يدلنا التاريخ. ولكن التاريخ تشيئ الى شئ اخر تماما, أصبح موديلا "للحفريات التأريخية" واصبح التأريخ إكتشاف "دي أن اي" للاعراق المختلفة, وأصبح التـاريخ للثقافات المختلفة وأفضلية احداهما على الاخرى, اوحتى نطق الانسان الذي عرفت "باللغة" أصحب تأريخاً للعنصرية... وهكذا والتسلسل لا ينتهي. المراد من تشئ التأريخ واضح تماماً, التاريخ الجديد ليس مثل التأريخ في عصر ماقبل الحداثة اي تاريخ السلاطين والقديسين ورجال الدولة وهرقل وخالد بن وليد وصلاح الدين الايوبي او عمر بن عاص, او بابا الروم... الـتأريخ المعاصر وجد ضالته في قاعدة الدنيا او الدونية او السلم الادنى من المجتمع وليس بوصفه مجتمعاً بل بوصفه كياناً ما قبل التاريخ, اي ليس تأريخية في العالم المعاصر, ولكن تشيئ وروج له كتأريخ!! كياناً دينيا او عرقيا وفق "جيناليويزم" او طائفة دينية او لون بشرة.. تأريخاً تفكيكياً بكل معنى الكلمة, وهكذا وجدت رجعية الفلسفة التفكيكية الما بعد الحداثية, تفكيك الانسان ليس كأنسان بل كحيوان لا يعرف من انسانية او بالاحرى من غير إنسانيته إلا طائفته وعرقه ولون بشرته او جنسه أو قوميته في احسن الاحوال.. هذا الانسان الذي نواجهه مختلف تماماً حتى عن هذا الانسان الذي وصفته البرجوازية كطبقة سائدة حين ثارت ضد الاقطاعية في اوربا بانه إنسان كوني ولديه سلطة على الارض, بغض النظر عن معاني ومدلولات هذا التصور الطبقي للبرجوازية, خلق انسانا كونياً. تشيئوا التأريخ لمسخه, وتشئيوا الثورة لاجهاضها وفنائها الى الابد ان تمكنوا!.

الثورة تشيئت الى أشكال وانواع غريبة من الحركات السياسية التي هي اساسا معاكسة للثورة بالذات. الحناجر بالآلاف يتصدح "نفيدك, نفيدك يا إسلام" وايضا "الله أكبر" وقيادة التظاهرات أصبحت تحت رحمة رجال الدين والملالي وخطباء الجمعة, وقدماء ازلام الاحتلال. اما اليوم يتمشدقون امام حشد كبير في الانبار والموصل وكركوك بأنهم ضد الاحتلال, كأنهم نسوا أنهم من دعموا الاحتلال, كأنهم نسوا انهم من رجاله الاوفياء..... تشيئوا الثورة ليس في سبيل التغير والتغير اقصده بالمعنى الايجابي وليس السلبي, لان التغير من الممكن ان يتجه الى الوراء مثل ما حصل في ليبيا, او في سوريا الان... بل في سبيل فناء الثورة وباسمها. اصبح رجال العشائر ورؤسائها اركان لقيادة "الثورة" وليس عجيباً هكذا نرى في الانبار برلمان عشائري لقيادة "الثورة"... اصبح محتوى الثورة وبنيتها الاجتماعية واهدافها وتقاليدها النضالية والثورية, شيئاً خارج "الثورة" او خارج "هذا الموديل" من الثورة.

"الثورة" الحالية في العراق ليس لها الحل, ليس بامكانها ان تتجه الى الامام ولا الى الوراء وهذه مشكلتها, لانها تشيئت وفق ما يتطلبه المحور التركي - الخليجي. الطريق مسدود امام هذه "الثورة" في العراق, لانها تموضعت في إطار هذا الانسان الطائفي الذي لايعرف سواء طائفته, انها ثأر سياسي تحت عبائة الطائفية. ولماذا لا, انها حركة لاسترجاع القوة و التوازن على الاقل في سلم قيادة الدولة, بعد أن أغتصبها المالكي منهم. ولان العراق منقسم اساسا وعبر التاريخ الى طائفتين في الاسلام, عليه ان تجاوز هذه الطائفية يتطلب الثورة ولكن ثورة من نوع مغاير تماماً, وليس بامكان رجال الدين والملالي ورؤساء العشائر ان يقودوا هذه الثورة, وليس بامكان المالكي ولا القائمة العراقية, ان يغيروا هذه القاعدة, انهم من انتجوها, لان في هذا الأنتاج سموهم واعلاء شئنهم واصلا بقائهم في السلطة, لان ذلك تأريخهما, وماهو التاريخ الفعلي بدون المقدرة والقوة والسيادة. ان اقصى ما يمكن ان تصل أليه هذه "الثورة" هو تقسم العراق وفق جو بايدن... او على الاقل فدرالي سني وكردي وشيعي, وهذا ما تهدف اليه القائمة العراقية لانها فشلت في تحقيق مشروعها القومي, لذا نرى تصريحات للعيساوي والنجيفي ضد "الشيخ عبدالملك السعدي" لانه يفتي بتحريم الدعوة لتشكيل الاقاليم. هكذا اذن نحن امام تشئ التاريخ والثورة .الثورة هي اساسا عمل اتحادي, عمل منظم وموحد لقوة محركة للتاريخ, ولكن "الثورة" العراق الحالي وليبيا وسوريا, هي ثورات مختلفة, عمل لتفكيك المجتمع وتدمير بنيانه ونسيجه الاجتماعي. أنظروا إلى ليبيا حيث امرت فرنسا بعدم الذهاب الى بنغازي و تم أجلاء مواطنيها منها, لخطورة الاوضاع الامنية فيها, هذه هي الموديل الديمقراطي الجديد, بعد ان إنقضى موديلها القديم.

براي ليس مهماً ان نتحدث عن المطالب وليس مهما ان نتحدث عن"الظلم والاستغلال" و"سلب الحقوق" الذي وقع على جماهيرنا في الانبار او بغداد او الموصل او الفلوجة وسامراء, ليس مهماً ان نتحدث عن كل هذه المطالب في إطار هذا الموديل من "الثورة" لانها كحركة سياسية ليست لها صلة ما بهذه المطالب, هدفها واضح تماماً. فشلوا في إسقاط النظام في سوريا لحد الآن و تأخرت طبختهم, وهكذا تصرح وزارة الخارجية الفرنسية, ومن المعيب ان يقول فشلنا, عليه يقول ان اماله تلقصت... والحال كهذا يجب التشديد على العراق, ودفعه حكومته طبعاً بإتجاه تأييد المحور التركي - الخليجي... لان سياسة قطع اوصال إيران يجب ان تستمر, ان لم يكن في سوريا ولو ايضا مستمرة, في العراق وبنوع اخر ربما نوع خاص نظراً لوضع العراقي الخاص... "الثورة" التي يقودها او على الاقل يمولها أمراء قطر والسعودية و تخطط لها تركيا مع حلفائها الغربيين, أليس هذا كافياً ان "الثورة" تشيئت الى عكسها, الى صورة قاتلة للثورة.

ليس "الثورة" فعلا طبيعياً او إعتيادياً, بل انه عمل منظم ثوري لقوة ثورية من يشترك فيها يهدف الى تغير حياته نحو الافضل من الناحية المعاشية والسياسية هذا اذا نتحدث عن ثورة عمومية, "ثورتنا" الحاضرة في العراق ليس لها ادنى علاقة بهذا الامور بل بالعكس إن الاكثرية القصوى من المشاركين فيها لا يعرفون انهم يحفرون قبروهم بايديهم. المطالب الخدمية, والمطالب من نوع الحريات السياسية والمدنية والفردية والاجتماعية, وحقوق المراة والعمال كلها غائبة في هذه "الثورة" في العراق, و العنصر النسائي غائب تماماً في هذه "الثورة", هل نستغرب من ذلك؟ّ براي وفق الموديل الجديد للثورة ليس هناك اي تعجب ما!! ولكن الثورة الحقيقية تقف بوجه هذا الموديل.

إن الثورة في العراق اذا كتبت لجماهير العراق ان تثور او للطبقة العاملة كجزء رئيس واكثر ثورية من صفوف الجماهير, تبدأ بقلع العملية السياسية, تبدأ بكسر طوق الطائفية والقومية, تبدأ بإعادة الانسان الى محتواه الطبيعي, أي أنساناً لا طائفيا ولا دينياً ولا قوميا, بل "إنساناً عراقيا" على الاقل, وهذا يعني حق المواطنة المتساوية, وبالتالي الثورة تتطلب دولة جديدة دولة لا دينية ولا قومية وطبعا لا طائفية... وبالتالي لا فاسدة ولا سلابة مثل ما نراه اليوم. كل من يريد او يهدف الى تغير ثوري حقيقي عليه ان يفصل نفسه او حزبه او حركته عن هذه "الثورة"... عليه ان ينفصل بنفسه وحزبه وحركته عن الطائفية والقومية والعرق والدين... بدون هذا الفصل السياسي ليس بامكاننا ان نتحدث عن الثورة المطلوبة.



#سامان_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سياسة الشيوعية حول التظاهرات في الانبار والاخرى في جنوب العر ...
- المزاج الثوري في المنطقة
- نقد ‌آراء سلامة كيلة- الشيوعية العربية, ومأزق الوضع السوري!
- لكي لا يقع المجتمع المصري في الفخ مرة اخرى!
- الوضع السوري, والوضع في كركوك!
- مستجدات الوضع السياسي في العراق وسياسة الحزب الشيوعي العمالي ...
- بصدد الثورة!
- بعد الويلات و المعاناة تم خصخصة الكهرباء في غفلة الجماهير!
- حول مشروع مسودة قانون الاحزاب.
- حول الأوضاع الراهنة في العراق
- سياسة الشيوعية اتجاه الوضع السوري
- في اليوم العالمي للعمال دولة رئيس الوزراء , يحاول إبعاد العم ...
- التنظيم الشيوعي واللجان الشيوعية
- الضرب على الوتر القومي -العرب- و -الكرد- سلعة متعفنة !
- الكلمة الافتتاحية للمؤتمر الخامس لحزب الشيوعي العمالي العراق ...
- التحزب الطبقي... بصدد تجربتنا في العراق
- حول التحزب الطبقي وتوجهنا السياسي
- حول المستجدات السياسية في العراق على هامش قضية طارق الهاشمي
- حول الوضع السياسي في العراق
- بمناسبة حل منظمة -مؤتمر حریة العراق-


المزيد.....




- حمم ملتهبة وصواعق برق اخترقت سحبا سوداء.. شاهد لحظة ثوران بر ...
- باريس تعلق على طرد بوركينا فاسو لـ3 دبلوماسيين فرنسيين
- أولمبياد باريس 2024: كيف غيرت مدينة الأضواء الأولمبياد بعد 1 ...
- لم يخلف خسائر بشرية.. زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب جزيرة شيكوكو ...
- -اليونيفيل-: نقل عائلاتنا تدبير احترازي ولا انسحاب من مراكزن ...
- الأسباب الرئيسية لطنين الأذن
- السلطات الألمانية تفضح كذب نظام كييف حول الأطفال الذين زعم - ...
- بن غفير في تصريح غامض: الهجوم الإيراني دمر قاعدتين عسكريتين ...
- الجيش الروسي يعلن تقدمه على محاور رئيسية وتكبيده القوات الأو ...
- السلطة وركب غزة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامان كريم - تشيّأت الثورة الى عكسها!