أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامان كريم - نقد ‌آراء سلامة كيلة- الشيوعية العربية, ومأزق الوضع السوري!















المزيد.....



نقد ‌آراء سلامة كيلة- الشيوعية العربية, ومأزق الوضع السوري!


سامان كريم

الحوار المتمدن-العدد: 3929 - 2012 / 12 / 2 - 23:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الشيوعية العربية, ومأزق الوضع السوري!
نقد ‌آراء سلامة كيلة

"لماذا أخفق اليسار في فهم المسألة السورية" للكاتب سلامة كيلة (نشر المقال في الجزيرة نت –11 / 11 / 2012). لصاحب المقال دراسات وابحاث وكتب مختلفة حول اليسار والشيوعية والقومية.... براي ان هذا المقال هو ملخص لفهم واقع الشيوعية العربية!! سواء كان في حقبتها الماضية او حاضرها, ملخص لتجريد الشيوعية من شيوعيتها اي من جوهرها, ولإفراغ الماركسية من محتواها. سلامة كيلة في هذا المقال يسلمنا الهدية النموذجية لقطبي اليسار العربي, قطب يؤيده هو وآخر ينتقده ولكن قطبين في دائرة معاكسة مع ماركس وشيوعية ماركس, وخصوصا هو يتحدث عن الوضع السوري او المسألة السورية. المسألة التي وضعت كل القوى السياسية في المنطقة والعالم اجمع على كفة الميزان, المسألة التي اجبرت كل القوى السياسية وحتى الشخصيات الاكاديمية على أشهار سيوفها واخراجها من أغمدتها, حيث الوضع لا يليق بإشهار قائم السيف فقط. على هذا الحال لخص لنا سلامة كيلة منابع مختلف السيوف التي تتصارع في المعركة الحالية في سوريا. هذا السيوف واختلافا مع السيوف العربية مصنعها ليس عربيا فقط بل مثلها مثل كافة المواد الصناعية في عالمنا المعاصر, مختلفة ومتداخلة, قائم السيف صنع في مكان ما, ونصله في مكان اخر وجرابه في مكان اخر, وأصحابه مختلفوا الأطياف.
اليسار العربي, يسار لطبقة البرجوازية!
ليس هناك مفهوم او كلمة محببة على القلوب مثل كلمة اليسار لدى الشيوعية العربية ولدى تلك الشخصيات التي تدعى انها ماركسية او يسارية في العالم العربي. لكن مفهوم اليسار مفهوم فضفاض ومبهم لغاية يكتنفه غموض شديد, مجرد من المعاني الطبقية والواقعية من قبل متسخدميه. اليسار مفهوم لا يضاهيه مفهوم اخر حول مدى سعته وشموليته ومعانيه المخلتفة, وسوء استخدامه والتعبير عنه, حتى أن الشيوعية العمالية كتيار ماركسي معاصر حمل هذا التصور الخاطئ عن اليسار. ماهو هذا اليسار وبني على اية اسس طبقية؟! ماهي حركة الاجتماعية التي تمثلها في اطار هذه الطبقة؟! لا اجابة, وحامل هذا المفهوم لاتهمه الأجابة على هذا السؤال, انه يجيب عن هذا السؤال كانه مفهوم واضح وبديهي. اليسار اخذ موقعا تقدميا وتحرريا وثوريا دون اي وجه حق. اليسار هو هذا اليسار الذي جاءنا وفق المنهج الميكانيكي للتاريخ المادي الفيورباخي لا اكثر. حيث نرجع الى المجتمع نراه بصورة اكثر وضوحا وواقعية, مجتمع في اي دول من الدول في العالم او العالم العربي منقسم على طبقيتن مختلفتين, الطبقة العاملة والطبقة البرجوازية.
في كيان او في محتوى الطبقتين, هنالك يسار ويمين وربما وسط ولكن لا محال هناك يسار ويمين. الاشتراكية الديمقراطية مع مختلف التيارات اليسارية مثل الاتحادات او الائتلافات اليسارية والاحزاب الشيوعية في اوروبا كلها تمثل اليسار, ولكن اليسار البرجوازي. يسار مشترك مع اليمين في مسائل رئيسية او بنيوية, ادارة النظام الراسمالي, تامين بقاء وديمومة هذا النظام, ضمان بقاء محتوى ادارة الحكم "أشكال الحكم". ومختلفين حول مسائل ثانوية لا تؤثر على سير بقاء النظام وأرسائه وتقويته, مثل الاصلاحات الجزئية حول نظام الرعاية الصحية او الخدمات الاجتماعية او مدى تدخل الدولة في الاقتصاد... عليه ان اليسار في اوروبا اذا ننظر اليه نرى انه مرتاح البال لديه عدد من المقاعد في البرلمان وربما لديه وزير او وزيران وكل اربعة سنوات خلال الحملات الانتخابية نراه ينتقد للملمة اصوات زائدة. هذا هو اليسار وهذا اليسار هو البرجوازي وفق المحتوى والمنطق الطبقي. وحتى في العالم العربي في زمن ما كان هذا اليسار مشارك في السلطة في العراق مع البعث وفي سوريا وفي مصر ولم تكن لديه مشكلة جوهرية, ليس لديه مشكلة مع النظام كنظام راسمالي يستغل العمال والجماهير الكادحة الى اقصى حد, بل كان يمدح النظام ويصور خطواته وكانها خطوات نحو الاشتراكية وهكذا دواليك.
نرى ذلك في العالم العربي ايضا. اليسار هو يسار طبقي واليسار الموجود لكلا القطبين الذي يتحدث عنهما سلامة كيلة, اي القطب الذي يؤيد النظام السوري والقطب الذي المعارض للنظام السوري مثل سلامة كيلة كلاهما يسار برجوازي لا ربط لهما بماركس وبشيوعيته لا من قريب ولا من بعيد لا من ماضيه ولا من حاضره. اليسار العربي نمى وترعرع في احضان الحركة القومية العربية كحركة برجوازية رجعية حد النخاع كجزء وفرع من الاصل منذ نشأتها, من زمن جمال عبد الناصر الى بوميدين في الجزائر الى حافظ الاسد وصدام حسين.... نرى في تلك المرحلة اي مرحلة تثبيت الحكم الطبقي للبرجوازية العربية في بداية الخمسينيات التي تمكنت من توحيد صفوف البرجوازية العربية وبالتالي قيادتها، سكوت شبه تام او تام لهذا اليسار، بما فيها الاحزاب الشيوعية وأسميها الشيوعية البرجوازية في العالم العربي... بل اكثر من ذلك نرى التحالفات والائتلافات بين هذا اليسار والسلطة البرجوازية القائمة على اساس الهوية القومية, وأكذوبة "الاقتصاد الوطني وتطويره" تحت سقف اقتصاد الدولة وبالتحديد راسمالية الدولة. حيث الحزب الشيوعي العراقي والسوري والمصري كلها كانت مشاركة في السلطة والمفارقة هنا هو على رغم حل الحزب الشيوعي المصري من قبل جمال عبدالناصر الا أن هذا الحزب شارك في الحكم عبر اشهر ممثليه في العالم العربي اطلاقا وهو السيد محمود امين العالم انظر حواره مع صفحة الفكر القومي العربي حول توضيح هذا الامر (http://www.alfikralarabi.org/modules.php?name=News&file=article&sid=346), هذه ناهيك عن جماعات يسارية وشيوعية اخرى مثل حدتو "الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني" في مصر .
اليسار العربي منذ نشأته في بطن حركته القومية العربية كانت متناقض ومعاكس مع ماركس وشيوعيته ولكن ليس بسبب نقص المعرفة, بل لان البنية الطبقية لهذه الحركة وبالتالي احزابها المختلفة هي برجوازية. ووفق هذه البنية الطبقية تحدد الرؤية والافق السياسي والتنظيمي ايضا. يضاف الى ذلك اذا أدخلنا في الحسبان حساسيات تلك المرحلة التي انقسم فيها العالم على قطبين قطب باسم الامبريالية السافرة بقيادة امريكا وقطب اخر بأسم الامبريالية الخجولة بقيادة روسيا التي تصارعت مع القطب المقابل تحت اسم الشيوعية, وكانت شيوعية برجوازية بامتياز, نرى تلامس هذا اليسار ليس مع واقع المجتمعي المحلي في مصر او العراق او سورية بل على اساس قرب او بعد النظام الحاكم في تلك البلدان عن الاتحاد السوفيتي... نرى وثائق واوراق كثيرة حول هذا الامر... انظر للمثال وليس حصرا "كتابات الرفيق فهد- من وثائق الحزب الشيوعي العراقي/ دار الفارابي بيروت والطريق الجديد بغداد". خلاصة والمحتوى المنهجي والسياسي والبرنامجي لهذا اليسار بصورة عامة على صعيد العالم العربي, بغض النظر عن التفاصيل الصغيرة, هي خلاصة مشتركة وملخصة حول الاستقلال الوطني والتصنيع الوطني وعدد من الاصلاحات الثانوية وغير الجذرية تحت قبة "الوطنية" والتصفيق الحار لعملية التاميم. ان برنامج اليسار العربي بكل تلاوينه المختلفة تعج "بمسائل الديمقراطية وانتزاع الحقوق والحقوق الاقتصادية البدائية للعمال "ولكن لا تمس البنية الطبقية للراسمال حيث جوهر الشيوعية هي الغاء الملكية الخاصة البرجوازية اي إلغاء العمل المأجور والفوز بسيادة البروليتاريا على حد قول ماركس في الايدولوجية الالمانية والمانفيست الشيوعي.
كما ذكرت انفا ان اليسار هذا هو يسار برجوازي. لكن هناك يسار طبقي اخر مختلف تماما عن هذا اليسار وهو اليسار العمالي, الاختلاف هنا في البنية الطبقية على رغم عدم بروزه او عدم ظهوره كقوة سياسية مقتدرة, ولكن بامكان اي عامل شيوعي او عامل ذو وعي طبقي او اي عامل مناضل ان يمسه ويحس به خلال التظاهرات والاضرابات العمالية, حتى خلال النقابات الموجودة الرسمية عبر خطابات قادتها في الاضرابات وخصوصا في اوروبا ونرى ذلك محليا في مصر مثل السويس والقاهرة في اضرابات السكك. ان عدم ظهور تحزب سياسي طبقي داخل الحركة العمالية على صعيد مصر او تونس مثلا لا يعني عدم وجود هذه الحركة ولا يعني عدم وجود جمرة تحت الرماد, تلك الجمرة التي رأينا لهيبها في بعض اللحظات خلال الثورة المصرية والثورة التونسية, مصاردة الثورة لعدد من لامصانع او الشركات وهذا اختلاف طبقي واضح وكبير بين ثورتي مصر وتونس وبين حركات الكونترا الاسلامية الرجعية في سوريا التي تجري امام اعيوننا. ولدى الطبقة العاملة ايضا يمين طبقي... وهذا اليمين ايضا لم يظهر كقوة لان الطبقة العاملة لم تظهر لحد الان وحتى خلال ثورتي مصر وتونس كقوة سياسية. ان ظهور الطبقة العاملة كقوة سياسية على حلبة الصراع السياسي هي الظاهرة التي ينبثق منها اليمين واليسار العمالي ايضا. راينا ذلك في الاشتراكية الديمقراطية الالمانية وفي روسيا المنشفية والبلشفية. وبامكاننا ان نرى بصورة اكثر وضوحا اليمين العمالي ويساره خلال متابعتنا للاضرابات العمالية في اوروبا وخصوصا في فرنسا خلال السنوات الماضية, عبر وجود تيار نضالي رايديكالي في الصف الامامي لتلك الاحتجاجات ضد سياسة التقشف وتمويل البنوك واسواق المال, في مصافي التكرير وشركات البناء مثل كاتربيلر.... على اية حال هذا ليس موضوع بحثنا. الذي اريد ان ألخصه ان اليسار بصورة عامة سواء كان عربيا او عالميا هو يسار برجوازي ويعمل بصورة قانونية او حتى معارضة غير قانونية... ارى ان المجتمع برمته منقسم الى اليسار واليمين بصورة عامة, حيث اليمين الطبقة البرجوازية بيسارها ويمينها بمعارضيها ومؤييديها, والطبقة العاملة واعتراضاتها هي اليسار لانه معترض ضد النظام الموجود, محتج بوجه اسس هذا النظام حتى وإن كان مطالبها من حد الادنى مثل زيادة 10% من الاجور في قطاع عمالي ما.
الرؤية البرجوازية لليسار العربي للرأسمال و سلامة كيلة نموذجاً.
لا بد ان تكون للاحزاب والمنظمات والتيارات والاشخاص ايضا موقعا طبقيا في سلم النظم والعلاقات الاجتماعية السائدة اي علاقة الانتاج الراسمالي. كما شرحنا اعلاه, ان اليسار الموجود هو يسار برجوازي, ولدته الحركة القومية العربية بصورة عامة, وفق السياق التأريخي الذي انبثق منه هذا اليسار. ووفق هذا الاساس ان الرؤية التي يطرحها كائن من كان هي رؤية البرجوازية بغض النظر عن غطائه بمفاهيم ماركسية او شيوعية او يسارية, ربما تلك المفاهيم اصبحت تقليدا لدى طيف واسع من الشيوعين العرب, وبطبيعة حال كانت الناس تستقبل الماركسية والشيوعية من روسيا الامبريالية كانها الشيوعية الخالصة او شيوعية ماركس اي تحقيق للحرية والمساواة الكاملة وعلى هذا الاساس كانت شيوعية لها مكانة قوية ومحبوبة لدى ملايين الملايين على الصعيد العالمي.
سلامة كيلة خرج بسيفه ايضا وعليه ان يشهر بسيفه حول الوضع السوري, الوضع الذي لا يطاق ابداً وهذه قضية واقعية وموضوعية, قتل ودمار وخراب وتفشي اشد الافكار رجعية, وبروز الارهابيين كقوة لاتضاهيها قوة في الوضع السوري, وتشابك وتتداخل المصالح... بصورة فعلية اصبح الوضع في سوريا حربا عالميا مصغرة تدار بالوكالة, عليه ان يقول كلمته بصورة ساطعة, وأختار سلامة كيلة المعارضة البرجوازية الاسلامية التي شكلت بمباركة الغرب وبتمويل خليجي وبالتحديد قطري وسعودي. الوضع السوري في هذه المرحلة تديرها جبهتين برجوازيتين رجعيتين مختلفتين: الجبهة الحاكمة اي النظام البعثي السوري الذي يمثل الحركة القومية العربية وربما اخر معاقل هذه الحركة نظام برجوازي عتيق ورجعي حتى النخاع, لا يتورع بقتل المئات بصورة يومية. الراسمال, وحين اقول الراسمال أقصد به العلاقة بين العامل والرأسمال اي العلاقة الاجتماعية السائدة في ظل النظام الموجود على صعيد العالم واعني به على الصعيد دول ومؤسسات الراسمال العالمي والمؤسسات المالية العالمية امريكا والغرب ووروسيا والصين... ليس لديها مشكلة ما مع هذه الانظمة, بل ان جوهر الاستغلال الراسمال للطبقة العاملة اي "انتاج فائض القيمة" وباكثر نسبة تدار هو الذي يتقبله الراسمال ويستقبله بحفاوة, عليه ان هذه الانظمة كانت موضعاَ للترحيب من لدى القوى العالمية الكبرى ومؤسساتها العالمية. ان ادارة هذه الدول اي الدول تحت السلطة الامبريالية, وفق الدكتاتورية الفردية السافرة وعبر تامين "العامل الرخيص والصامت" اي قلة الاجور وبمعنى اخر الفقر والبطالة وتامين الصمت اي العامل الصامت عبر الاستبداد والقمع السافر, سلب الحريات السياسية وبالاخص حرية الاضراب والتنظيم, هي التي تركض وراءها امريكا والمؤسسات المالية الدولية والديمقراطيون.
هذه الحلقة اي"العامل الرخيص والصامت" هي الحلقة التي تحت السلطة الامبريالية او هي الحلقة التي تدار وفق مصلحة الاقتصاد العالمي عبر المؤسسات المالية العالمية والدولية وليس وفق صيغة القومية العربية بيسارها ويمينيها التي قسمت البرجوازيات المحلية الى الكومبرادورية والوطنية... لان البرجوازية كطبقة في سوريا او العراق او مصر او ايران... كطبقة تسفيد من هذه الحلقة اي "عامل رخيص وصامت". االعامل الرخيص السوري والاستبداد الحاكم السوري او العراقي او المصري, هي مصلحة شاملة وكاملة لكل اجزاء الطبقة البرجوازية بمختلف مشاربها وفروعها سواء من معارضة او حاكمة... اسلامية او ديمقراطية او قومية او قومي يساري مثل الاحزاب الشيوعية العربية. اذ ان بقاء هذا النظام كنظام وليس كوجوه او شخصيات بقاء بشار او عدمه, صدام اعدم ولكن النظام باقي في مكانه, ان بقاء هذا النظام وهو اساسا بقاء وادارة وتامين وأعادة توليد هذه الحلقة "العامل الرخيص والصامت" هو لمصلحة كل الحركات البرجوازية واحزابها المختلفة بيسارها ويمينها. لا اريد ان ادخل في غور مسائل الحسابات الاقتصادية, ولكن اثير اسئلة ما. هل سمعنا او قرأنا "ان برجوازيا وطنيا!!" لديه معامل ومصانع مختلفة يحاول ان يرفع الحد الادنى من الاجور في معمله؟! هل سمعنا او قرأنا ان برجوازيا وطنياَ!! يفتح مشروعا صناعيا او خدميا "لوطنه!!" وفق مصلحة اكثرية مجتمع هذا "الوطن" اي مشروع كان سياحيا او صناعيا او زراعيا... اي مشروع لخدمة "وطنه" دون ربح!! هل سمعنا برجوازيا حتى اذا كان في المعارضة ان يطالب بحرية التنظيم والاضراب والحريات السياسية دون قيد او شروط؟!. ان تقسيم البرجوازية الى قسمين مختلفين وحتى متضادين البرجوازية الكومبرادورية والبرجوازية الوطنية هو ليس وهم لليسار القومي العربي اي الاحزاب الشيوعية العربية وطيف واسع من اليسار العربي او وهم لمفكري القومية العربية, وليس خطأ معرفي.. بل انها سياسية طبقية برجوازية واضحة مبنية على اسس طبقية بلافتات قومية معروفة.
ان الرأسمالية كنظام اجتماعي شامل, تعني في جوهرها او في مركزها استغلال العامل عبر العمل المأجور وانتاج فائض القيمة, بمعنى اخر هي علاقة اجتماعية بين العامل والراسمالي على الصعيد الفردي وبين الطبقيتن على الصعيد الاجتماعي. ان الراسمالية كنظام تعرف على هذا الاساس اي على اساس وجود العمل المأجور, وليس على اساس أشكال بروزها او ادارتها, رأسمالية الدولة مثل ما رايناه في الاتحاد السوفيني منذ الخطة الخمسية الاولى 1924- 1928 وما رأيناه في مصر مرحلة جمال عبدالناصر وفي العراق ابان حكم صدام حسين لغاية سنة 1985 وفي سوريا ابان حكم حافظ الاسد ولغاية سنة 2000 الصين الحالي ومنذ ماوتسي تونغ.... او تبرز الراسمالية عبر اقتصاد السوق مثل امريكا ولادول الغربية واليوم صبح موديلا عالميا في مرحلة العولمة وبعد سقوط الراسمالية الدولة في الأتحاد السوفيتي كنموذج لادارة الاقتصاد الراسمالي. ليس هناك جدار فاصل بين الشكلين لادارة النظام الراسمالي, لان ليس هناك دولة في العالم لا تتدخل في السوق وهذا ما رايناه في السنوات القليلة الماضية عبر سياسية "انقاذ البنوك" بترلوينات من الدولارات مثلا في امريكا والبلدان الغربية كافة وغيرها طبعا... وهذه السياسية مستمرة لحد الان عبر تدخل الدولة وخلال سياسة "التقشف" اي افقار الجماهير العاملة وقذهم خارج السوق العمل.. اذن ليس هناك جدار فاصل بين الشكلين لادارة النظام الموجود. رأسمالية الدولة هي نفسها رأسمالية السوق حسب المحتوى. في سورية ومصر والعراق والجزائر منذ نشوء هذه الدول كدول قومية مختلفة, رأسمالية ولديها قانون خاص بالعمل وقانون خاص بالاستثمار... اذن هناك عمل ماجور ليس بالصورة التي تجري في الغرب بل بأشد انواعها قسوة حيث "العامل الرخيص والصامت" جوهر لهذه الانظمة كما ذكرنا اعلاه. اما ان جمال عبدالناصر يؤمم السويس والبعث في العراق يؤمم النفط لا يغير من محتوى راسمالية النظام قطعاً.... بل هي سياسة وممارسة بين دول قومية مختلفة لتثبيت سلطتها وارادتها, بمعنى اخر هي سياسية بين دول وقوميات مختلفة, وخصوصا في ظل عالم ثنائي الأقطاب حينذاك.
سلامة كيلة يعرف الرأسمالية وفق ما تظهر صورها, ويحلل لنا التاريخ والنظام الاجتماعي الكامل والشامل ليس وفق محتوى وجوهر هذه المرحلة اي الملكية الخاصة البرجوازية وهي اخر ما توصلت اليها الملكية الخاصة حسب قول ماركس ايضا, اي العمل المأجور الذي يشكل الاساس الرئيس للنظام القائم على الصعيد العالمي بدون استثناء, بل وفق ادارتها وفق تجلياتها المختلفة. يقول سلامة كيلة: (وهو الأمر الذي يفرض تحديد أسباب هذا التناقض وحدوده، وكونه يجري على أرضية الارتباط بالنمط الرأسمالي وليس في التصارع معها كما جرى خلال مرحلة التحرر (الناصرية والبعث). حينها كانت الدولة تعمل على بناء الصناعة وتحديث التعليم وتطوير البنى التحتية، لهذا تصادمت مع الإمبريالية. لكنها الآن عملت على تأسيس الاقتصاد بما يتناغم ويتبع النمط الرأسمالي، لا أن يتناقض معه. بالتالي يكون "التناقض" هو اختلاف مع طرف إمبريالي هو أميركا على سياسات وتصورات وليس اختلافا في البنية ذاتها.) (التأكيدان مني. المصدر نفسه).
قضية سلامة كيلة واضحة, وهي ان الراسمالية لا تعني "بناء الصناعة و تحديث التعليم و تطوير البنى التحتية" تتصادم مع الامبريالية في مرحلة التحرر الناصرية والبعث كما يقول.... اقول ان هذا التصور والتحليل لاعلاقة له بشيوعية ماركس, تحليل ضمن دائرة الحركة القومية العربية. اذا كان بناء الصناعة وتطوير البنى التحتية ليس لها علاقة بالنظام الراسمالي, أذن اي شيء او أية ظاهرة لها علاقة بهذا النظام؟! ان تحديث العلم وتطويره عبر تحديد نسبة معينة من اجمالي الناتج القومي هو عمل برجوازي لتطوير الانتاج والتكنولوجيا على أصعدة مختلفة, والراسمالية هي التي ابتكرت هذا الميدان وليس اي طبقة اخرى.... مثلا في سنة 2000 كان لسوريا 00,18 ومصر 00,19 اي اقل بكثير من واحد بالمائة مخصصة للبحث والتطوير ولكن في اوروبا وصل الى 2,12 و في كوريا الجنوبية وصلت النسبة الى 2,68 و في امريكا وصلت صرف الاموال الى اكثر من 168 بليون دولار سنويا... هذه الارقام موجودة في اكثر من مصدر هل ان امريكا وهي اكثر البلدان الرأسمالية متطورة ليست راسمالية لانها تخصص الموارد للبحث العلمي والتطوير وتبنى صناعة بصورة مستمرة ليست الصناعة فقط بل تطويرها من تكنولوجيا الى نانوتكنولوجيا والى تطور هائل والحقيقة هي الثورة في ميدان صناعة الحاسوب والاتصالات والمعلومات وصناعة الفضاء... هل امريكا ليس راسمالية لانها تبنى صناعات مختلفة ومتنوعة؟! تصور ليس فقط لا يمت بصلة ما بتحليل ماركس بل بعيد كل البعد عن فهم التاريخ. ان سورية وهي رائدة في صناعات الادوية ومستحضرات التجميل في المنطقة, ولديها صناعات غذائية متطورة وخصوصا في مجال التعليب ولديها صناعات في مجال الطاقة وصناعات نسيجية وفي مجال البناء والانشاءات.... اذن أي مجال او ميدان استثمار الراسمال في قطاع ما صناعي او زراعي او تجاري او مالي او خدمي مثل السياحة والبنى التحتية الملازمة لها كشبكات الفنادق والطرق والموانئ والمطارات... هي ميادين مختلفة لاستثمار الراسمال, اي تجليات مختلفة للراسمال ليس لها علاقة بتعريف النظام الاجتماعي القائم في اي بلد ما في العالم. أذا نأخذ دبي للمثال فان استثماراتها في ميدان الراسمال المالي تشكل نسبة كبيرة مقارنة بالميادين الاخرى... هل هي اشتراكية او راسمالية او اقطاعية؟! تصور لا يمت بصلة بالواقع. ان سورية منذ نشوئها كدولة قومية مستقلة هي دولة راسمالية بامتياز مثل باقى دول العالم. ان وراء هذا الفهم مصلحة اجتماعية, هذا الفهم ليس خطاءً معرفيا بل اساس هذا التصور هو تصور برجوزاي, وتتطلب الطبقة البرجوازية الحاكمة هذه التصورات والافكار لديمومة النظام وضمان بقائه بأنواع وطرق مختلفة منها التحميق ومنها القمع والتضليل واستبداد سافر او استبداد مبطن مثل اوروبا. وفق هذا التصور يصل سلامة كيلة الى اختيار المعارضة البرجوازية لنظام القومي البعثي في سوريا. ان هذا التصور ليس له اي اختلاف في الجوهر والمحتوى مع التصور المقابل المؤيد للسلطة الحاكمة في سورية, وجهان لعملة ولتصور واحد. ان اليسار البرجوازي مثل يمينه ضروري لبقاء النظام الراسمالي, لتزين النظام امام الراي العام, لتشكيل نخبة طبقية مختلفة ومتنوعة ولكن موحدة علي اساس طبقي, الحزب الديمقراطي الامريكي والجمهوري, اي اليسار واليمين البرجوازي في امريكا كلاهما ضروريان لبقاء اقوى راسمالية في العالم ولضمان سيطرة الراسمال الامريكي على السوق العالمي, وهكذا ان اليسار العربي براي خدم البرجوازية القومية العربية والراسمال العربي الى ابعد الحدود,. ليس بإمكان حكومة البعث في العراق ان تثبت حكمها بدون تأييد قوي لليسار العربي اي الحزب الشيوعي العراقي, وليس بامكان جمال عبدالناصر ان يستمر في السلطة لغاية موته بدوت تاييد منظمة "حدتو" والحزب الشيوعي المصري المنحل, وليس بامكان حافظ الاسد الاب ان يستمر يقتل ويدمر بدون وجود الحزب الشيوعي السوري والجبهة القومية المشتركة... هذا اليسار ضروري لبقاء وديمومة النظام الراسمالي مثل الماء للسمك.
من هذا الفهم المعاكس للراسمال نصل الى فهم اليسار العربي واليسار عموما حول الامبريالية. امبريالية اليوم ليست تلك الامبريالية التي وصفها لنا لينين في كتابه الشيق "الامبريالية اعلى المراحل الرأسمالية" تغيرت الامور وتغير السوق والاقتصاد والعالم باجمعه, اذن لابد من أعادة قرأة هذا الكتاب وخصوصا المحاور الخمسة التي يعرف لينين الامبريالية بها. يقول سلامة كيلة: (الإمبريالية تعيش حالة من التضعضع، وهي تعاني من أزمة عميقة مستمرة، وبالتالي تتحوّل موازين القوى لغير مصلحة أميركا وأوروبا.... هذا وضع جديد يفرض رؤية العالم في أفق جديد وليس التشبث بتصور ماضوي....) (المصدر نفسه). اذن يجب ان نغير تصورنا حول الامبريالية لان امريكا ضعفت ولانها تراجعت او ستتراجع عن مواقعها السابقة.... هذه هو فهم هذا اليسار عن الامبريالية ليس حاضره بل ماضيه ايضا. ان امريكا فعلا ضعفت وتراجعت من مواقع كثيرة وتترنح تحت ظرف اقتصادي صعب ولكن هناك هوة واسعة وكبيرة جدا بين موقعها الامبريالي على الصعيد العالمي كقوة سياسية, وبين الامبريالية كبعد اقتصادي. ان بريطانيا تراحع موقعها السياسي بعد انتهاء الحرب العالمية الاولي ولكنها بقيت كقوة امبريالية على الصعيد العالمي. وروسيا ايضا تراجع موقعها بعد سقوط رأسمالية الدولة في 1990 ولكن اليوم خرجت من نقاهتها وتهدف الى موقع ودور اكبر.... اذن ان المواقع يتغير حسب تغير موازين القوى ولكن الامبريالية كبعد اقتصادي سياسي قضية اخرى.
الوضع السوري واليسار العربي!
يقول سلامة كيلة: (وحين يتعلق الأمر بثورة شعبية نتجت عن التكوين الاقتصادي الذي تشكّل في العقد الأخير، يصبح من الانتهازية المراهنة على خلاف تكتيكي بين السلطة وأميركا بدل الوقوف مع الشعب في الثورة التي يخوضها. هل يفهم اليسار هذه المسألة؟) (التاكيدات مني / المصدر نفسه). يعتبر سلامة كيله نفسه ماركسي وهذا حقه ولكن ماهي الثورة وفق تصور ماركس او لينين, خصوصا نحن نتحدث عن الثورة في مرحلة تعفن الراسمالية كنظام سياسي اجتماعي. كتبت بحث حول موضوع الثورة "بصدد الثورة " واعتذر عن هذا الاقتباس المطول نوعاما, حيث كتبت فيه (يقول ماركس"في مرحلة معينة من تطورها تتناقض قوى الإنتاج المادي للمجتمع مع العلاقات الإنتاجية القائمة أو بعبارة أخرى (حيث أن هذا هو التعبير الحقوقي لنفس الأمر) مع علاقات الملكية التي سبق وأن عملت تلك القوى في إطارها. وستتحول (هذه العلاقات الموجودة) من إطار لنمو قوى الإنتاج الى عقبة في طريقها، حينذاك ستبدأ مرحلة من الثورة الاجتماعية" (مقدمة في نقد الاقتصادي السياسي). كيف نعرف او نعلم ان الحالة او الوضع الاجتماعي العام وصل الى "ستبدا مرحلة من الثورة الاجتماعية" للاجابة على هذا الامر بامكاننا ان نستخلص تجارب الثورة سواء كان الثورات التاريخية الكبرى من الثورة الروسية أو الثورة الفرنسية, الثورات التي حملت على ظهرها هدفا اجتماعيا عظيماً وهو الانتقال الاجتماعي من نظام اجتماعي قديم الى نظام اجتماعي جديد, او الثورات الجماهيرية العامة في إيران او في مصر او تونس, التي شاركت فيها مختلف الطبقات والفئات الاجتماعية.... والاجابة هي ان الطبقات الدنيا لا تريد وتعجز فيها الطبقات العليا وفق لينين. ما هي الدلالات الاجتماعية والسياسية لهذا الامر؟ ماذا تعني ان الطبقات الدنيا لا تريد؟ وتعجز الطبقات العليا؟ للاجابة على هذه الاسئلة والتعريف الماركسي اعلاه نصل الى العالم الواقعي, العالم الذي يجري فيه الصراع بين الحركات الطبقية الاجتماعية في سبيل سيادة الطبقة اجتماعيا, اي استلام السلطة السياسية. مرحلة الثورة او الثورة لها مدلولاتها السياسية والاجتماعية, وهي ان الجماهير بصورة عامة وبشكل عريض تجر الى الممارسة الثورية في سبيل تحقيق اهداف الثورة سواء كانت الثورة الجماهيرية العامة او الثورة العمالية. الحلقة الرئيسية هنا ووفق منظورنا هي ولوج العنصر الفعال التاريخي في مرحلة تأريخية معينة وهي مرحلة تعفن الراسمال المعولم بكل تجلياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والايدولوجية والاخلاقية. العنصر الذي بامكانه ان يقود الانتقال من المرحلة التاريخية الراهنة الى مرحلة تأريخية ارقى اجتماعيا. هذا العنصر هو الطبقة العاملة بدون منافس....هذا العنصر الفعال ولانها الطبقة الوحيدة ليس لقيادة الثورة فقط بل لقيادة التحولات التالية بعد انتصار الثورة والانتقال بالمجتمع برمته الى مجتمع إشتراكي, عليها ان تكون منظمة ومتمرسة في خنادق النضال الطبقي, عليها ان تكون مسلحة بنظرية وفكر وتقاليد نضالية وسياسة المانفيست الشيوعي لماركس, عليها ان تكون منظمة في حزبها الطبقي.... وعليها ان تكون مستعدة من الناحية السياسية والتنظيمية والاجتماعية والعسكرية لقيادة هذه الثورة... انها جزء الحركة الطبقية العظيمة التي لها حصة كبيرة في خلق الحالة الثورية اي حالة "الطبقات الدنيا لا تريد"... ولو ان الثورة ليست من صنع الاحزاب السياسية ولكن لها دورها في تفعيل وخلق هذه الحالة.
وفق هذا المنظور وفي لحظة تأريخية معينة يصل المجتمع الى الحالة الثورية, ولكن هذه حالة لها مقدماتها السياسية والنضالية والاجتماعية, انها لا تمطر من سماء صافية بل لها اسبابها الاجتماعية التي تجري على الارض بين الطبقات, اي الصراع السياسي الذي يخلق في التحليل الاخير هذه الحالة الثورية التي تجبر السلطة السياسية البرجوازية الحاكمة ان تعجز عن الاجابة في اطارها القديم اي في اطار المؤسسات والسياسات والاعمال الادارية والقمعية المالوفة للدول البرجوازية, تعجر عن الاجابة على مطالب الحشود الثورية وتعجز في الوقت نفسه عن قمع الحركة الثورية بصورة فورية وعليه تركن الى تراجعات سياسية ربما كبيرة "الاصلاحات" ولكن هذه الاصلاحات ليست عملية إصلاحية لصالح الرأسمال وليست عملية إصلاحية مالوفة في الحالة الاعتيادية للمجتمع بل إصلاحات فرضت بالعنف الثوري. والحال كهذا ان الثورة لم ولن تحدث دون مقدمات سياسية واجتماعية كما يدعى مفكري البرجوازية وفق تحليل البناء الوظيفي البرجوازي حيث وفق هذا التحليل أن "الثورة تحدث دون مقدمات، باعتبارها طفرة في مسار التطور التاريخي" وفق هذا التحليل ليس هناك فرق بين الثورة والثورة المضادة, الاهم هو " تغييرٍ أساسيٍ في التنظيم السياسي والبنيان الاجتماعي" وعليه ليس هناك فرق بين الثورة الفرنسية الكبرى في القرن الثامن العشر والحركة النازية في المانيا مثلا حيث يسمي "كرين برينتون" أحد مفكري هذا المنهج: النازية والفاشية بثورة وفق تحليله ومنظوره الطبقي. ولكن وعلى رغم انف برينتون ومفكري البرجوازية للثورة مقدمات اجتماعية, هذه المقدمات الاجتماعية التي تسبق الحالة الثورية والثورة, تختلف من بلد لاخر وفق الظروف الموضوعية التي تناضل فيها الطبقة العاملة والقوى الثورية الاخرى, والصراع على السلطة السياسية بين مختلف القوى البرجوازية من جانب وبين الطبقتين من جانب اخر والقوى الثورية المؤيدة لهذا الطرف او ذاك. اذا نأخذ مصر كمثال.. نرى ان مقدمة الثورة الجماهيرية العامة في مصر هي نضالات مستمرة ومتواصلة للطبقة العاملة من عام 2006 ولغاية سقوط نظام مبارك, حيث وصلت عدد الاضرابات والتظاهرات العمالية خلال تلك الفترة ما يقارب خمسة الاف اضراب وتظاهرة عمالية ناهيك عن النضالات الجماهيرية الكبيرة حول السكن والمعيشة والبطالة. (بصدد الثورة / سامان كريم- صفحة الحوار المتمدن و الحزب الشيوعي العمالي العراقي)
براي نحن في سورية امام جماعات كونترا جماعات برجوازية اسلامية مسلحة وارهابية, مصادر تنظيمها وارسالها وتمويلها وتغذيتها واضحة للجميع, الدعم والمساندة السياسية والمعنوية من امريكا والغرب عبر المحور الغربي في المنطقة اي تركيا - الخليح, الدعم اللوجستي والمخابراتي من تركيا والتمويل من قطر والسعودية. والقضية الرئيسة هي تضعيف دائرة النفوذ الايراني اي تضعيف نفوذ المحور الايراني وبالتالي تضعيف نفوذ روسيا والصين في المنطقة. هذه هي العملية من اساسها لو قبل بشار الاسد بهذه السياسية لكانت الاجواء السورية غير ما هي عليها الان. من الطبيعي ان في سوريا الملايين من الفقراء والعاطلين عن العمل والمهمشين اجتماعيا, وان النظام القومي العبثي في سورية هو نظام دكتاتوري استبدادي سافر سلب الحريات السياسية والاجتماعية من المجتمع السوري وبالتحديد من الطبقة العاملة في سورية... كل هذه الامور هي امور موضوعية. ومن الطبيعي ايضا يجب ان يسقط هذا النظام عبر الثورة وليس عبر "تغير النظام" بواسطة الكونترا الاسلامية. ان جبهة الثورة او الثورة في سورية لا تبدا مطلقا من جبهة المعارضة البرجوازية الموجودة سواء كان الائتلاف الوطني السوري الجديد او القديم او هيئة التنسيق الوطني بل تنبثق من خارج هذا الاطار تنبثق من رحم الصراع الاجتماعي الموجود في المجتمع السوري, وهذا يتطلب مقدمات سياسية وتنظيمية. من يريد ان يناضل في سبيل اسقاط الحكومة السورية, واحلال محلها حكومة تلبي تطلعات ومطالب الجماهير السورية عليه ان يبدا خارج اطار المعارضة البرجوازية الرجعية الموجودة. على ماركسيي سورية ان يفصلوا حركتهم السياسية والتنظيمة عن الحركة القومية العربية بيمنها ويسارها وعن حركة المعارضة البرجوازية الحالية بمختلف تلاوينها الاسلامية... نقد اسس تلك الحركات وسياساتها وتقالديها النضالية والاجتماعية والسياسية وبناء تنظيم وفق رؤية ونظم فكري جديد يستند على ماركس, والانطلاق لتنظيم الجزء الطليعي للطبقة العاملة وطليعيي الجماهير المحتجة من الشباب والنساء والكادحين... وتنظيم الناس في محلاتهم وقراهم وفي الجامعات والمصانع والمؤسسات وتسليحهم للدفاع عن الجماهير تلك المناطق ومكتسابتهم الثورية...
هل يفهم اليسار العربي هذه القضية؟ سؤال طرحه سلامة كيلة. براي اليسار وبشقيه اي الشق الذي يقف مع النظام السوري والشق المعارض له, يفهمان الوضع وفق اساسه الطبقي المشترك بينهما. ان القضية ليست قضية الفهم اي ليست قضية معرفية بل هي قضية سياسية وبالتالي اجتماعية. انا اقصد اليسار كحركة سياسية واحزابها السياسية كما ذكرت في اعلاه وليس اشخاص او افراد معينين. اما بخصوص الاخلاق حيث دق بابه سلامة كيلة ويقول: (لهذا فإن الدفاع عن سلطة لا تتمتع بأية قيمة أخلاقية، بل تمارس كل ما ينفي الأخلاق، هو سقوط أخلاقي بامتياز قبل أن يكون خطأ معرفيا وخطيئة عملية.) (المصدر نفسه). براي ان كلا الطرفين اي اليسار الذي يدافع عن الحكومة واليسار الذي يدافع عن المعارضة البرجوزية الاسلامية... كلاهما مشترك بالاخلاق نفسها على رغم الاختلاف في اخلاق الحركتين اي حركة الاسلام السياسي للمعارضة والحركة القومية العربية كحركة حاكمة... مشتركان لكونهما يمثلان طبقة واحدة... كلاهما لا يتورعان بقتل الالاف في سبيل مصلحة معينة, كلاهما لا يؤمنان بالحرية والمساواة, كلاهما يضطهدان ويستغلان العمال والجماهير الكادحة.... ولكن الاسلام السياسي اشد ارجعية حتى من الاسد وحزبه وحركته... ان الاخلاق طبقية مثل اي ظواهر اجتماعية اخرى... ليس بامكان اليسار العمالي اذا لديه حزبه وتنظيمه ان يقصف المباني السكنية مهما كان هدفه وليس بامكانه ان يطلق الصواريخ على رؤس المدنين, وليس بامكانه ان ينتهك حقوق المراة وحقوق الطفل...... وليس بامكانه ان يضطهد الجنود او المسلحين في الميليشيات مثل العبيد ويفرض عليهم الطاعة العمياء....
اما الشيوعية فهي حركة اجتماعية في قلب الحركة العمالية وفي طليعة نضالاتها, الشيوعية ليس افكار وايديولوجية فقط بل هي قبل ذلك حركة اجتماعية واقعية, على هذا الاساس تمكن ماركس من استلهام نظريته السياسية للتغير وهي قلب النظام الاجتماعي الموجود اي الراسمالية وبناء مجتمع خالٍ من الطبقات. ان اليسار العربي هو جزء من المنظومة الفكرية والعقائدية والسياسية للقومية العربية وليس له علاقة بالشيوعية, ان اخذ اسم الشيوعية هي قوة للشيوعية على صعيد العالمي في مرحلة تاريخية معينة, ولكن يبقى الاسم فقط الشيوعية اي يبقى الشكل ولكن المضمون بكل مقايسه السياسية والاجتماعية برجوازية.



#سامان_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لكي لا يقع المجتمع المصري في الفخ مرة اخرى!
- الوضع السوري, والوضع في كركوك!
- مستجدات الوضع السياسي في العراق وسياسة الحزب الشيوعي العمالي ...
- بصدد الثورة!
- بعد الويلات و المعاناة تم خصخصة الكهرباء في غفلة الجماهير!
- حول مشروع مسودة قانون الاحزاب.
- حول الأوضاع الراهنة في العراق
- سياسة الشيوعية اتجاه الوضع السوري
- في اليوم العالمي للعمال دولة رئيس الوزراء , يحاول إبعاد العم ...
- التنظيم الشيوعي واللجان الشيوعية
- الضرب على الوتر القومي -العرب- و -الكرد- سلعة متعفنة !
- الكلمة الافتتاحية للمؤتمر الخامس لحزب الشيوعي العمالي العراق ...
- التحزب الطبقي... بصدد تجربتنا في العراق
- حول التحزب الطبقي وتوجهنا السياسي
- حول المستجدات السياسية في العراق على هامش قضية طارق الهاشمي
- حول الوضع السياسي في العراق
- بمناسبة حل منظمة -مؤتمر حریة العراق-
- قيادات شابة، هي حاضر الحزب ومستقبله!
- مصر الى اين؟!
- حوار جريدة -الشيوعية العمالية- مع سامان كريم


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامان كريم - نقد ‌آراء سلامة كيلة- الشيوعية العربية, ومأزق الوضع السوري!