أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق المنيظر - نتيجة حرمان














المزيد.....

نتيجة حرمان


طارق المنيظر

الحوار المتمدن-العدد: 3982 - 2013 / 1 / 24 - 07:51
المحور: الادب والفن
    


"يا من قالت عني... شكرا لك وعفوا لي منك، يا بلورة، يا..."
هكذا همس الشاب البائس المسكين وحده. كان ينتظرها في المحطة الطرقية وهي عائدة من قريتها بعد أن قضت العطلة إلى المدينة التي تدرس فيها وإياه، كانت الساعة تشير إلى الخامسة مساء، اقترب مغيب الشمس. ماذا بعد؟ لا شيء سوى الكآبة التي تكسي وجه الاثنين.
المسكين شده الحنين، حتى كادت الدموع تغطي وجنتيه، اقترب عندها بخطواته المتثاقلة بسبب الانكسار العاطفي الذي انتابه حتى كاد يمزق نفسه. فعلا قد اشتاق إليها بلهفة وجنون! هي الأخرى افتقدته إلى الدرجة التي لم تستطيع أسرتها ملأ فراغها العاطفي وتعويضها إياه خلال أيام العطلة القصيرة التي قضتها في المنزل القاحل. ارتمت الفتاة بين ذراعي الشاب والتصق بعضعما ببعض "التصاق القط بالحصير". يا له من حنان! يا له من حب! نعم كل شيء ممكن في عالم الفراغ، في حياة الحزن والقحط وسوء الحظ.
ينحدرا الاثنان من بيئة قاحلة، حيث التعبير عن الأحاسيس والمشاعر يعد ضربا من الخيال والطابوهات التي لا تناقش، كل ما يقترب من هذا القاموس، من قاموس الهوى يعد "حشومة" و "عيب". هكذا ينظرون أناس مثل هذه القرية إلى مفهوم الحب، انه مفهوم يمثل الخط الأحمر في هذه الصحراء الجرداء، ومن تجاوز هذا الخط أو اقترب منه، فقد ارتكب الجريمة الشنعاء التي لا تغتفر. لذلك لم يجد الاثنان شبه فرصة للتعبير عما يختلج داخلهما إلا بعد حصولهما على شهادة الباكالوريا وانتقالهما إلى مدينة... لإتمام دراستهما الجامعية. فهذه الشهادة كانت تمثل بالنسبة لهما معا خلاصا من رقابة القمع العاطفي والتقشف في المشاعر الذي عايشهما منذ نعومة أظافرهما.
هناك بهذه المدينة، واجها الاثنان عالما آخر، مختلف تماما عن عالمهما، عالم الانفتاح والحرية المطلقة. هكذا، وجدا ضالتهما في هذه المدينة اللعينة، حيث سيعيش الاثنان مفارقات كبيرة بين عالمهما الصغير والمتحفظ وعالم المدينة، الحر والمنفتح، حيث "كل شيء ممكن".
أصبح لا يفترقان البتة، يضربان المواعيد، يخرجان معا، يرتديا الملاهي الليلية معا، فقد اجتازا كل الخطوط الحمراء وضاعفا اجتيازهما لها، إلى درجة الثورة على كل قيمة أو عادة أو تقاليد كانت تقف أمام حريتهما وتكبت عاطفتهما.
إنها نتيجة الحرمان والكبت العاطفي الذي عاناه الاثنين فعبارة "أحبك" لم يسمعاها تدور قط حتى بين والديهما ذوي الطبيعة الجافة، هكذا تربيا في بيئة قاحلة وجافة، خالية من العاطفة ومشاعر الحب والهوى، حتى بين الزوجين... تكاد تجد بعض الأزواج إذا سامحهم الله، لا يرضون مناداة زيجاتهن بأسمائهن، و لا حتى مناقشتهم في العاطفة، لا يعرفون العاطفة حتى في الفراش، المرأة بالنسبة للرجل كانت تمثل آلة للطهي المنزلي وتجفيف ملابسه المتسخة، لكن المشكل أنه يحتاج إلى تجفيف دماغي حذق، فالمرأة بالنسبة له ليست إلا وسيلة إنتاج الأطفال.
بعد هذا التغير الراديكالي الذي طرأ للمحبين القادمين من عالم جاف وقاحل، وبعد هذه الثورة الشرسة على القيم والتقاليد، والانسلاخ الكلي من الهوية البدوية، كانت النتيجة أن حملت الفتاة من الشاب، وبات الأمر مستعصيا. فالشاب غير آهل للزواج والشابة لا ملاذ لها غيره! أي دراما!و أي تراجيديا! بات يتخبطا فيها الاثنان، كانت النتيجة أبعد من الخطورة التي تتصورون.
ترك الشاب الفتاة نكر كل مسؤولية حملته إياها، قرر ال.... وخنقت الفتاة نفسها!

طارق المنيظر



#طارق_المنيظر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيد الميلاد العشرين
- النفوس اللعينة
- وطن بين التبعية الفكرية والاضمحلال الثقافي
- الأمل
- الزمن العاهر
- في الذاكرة


المزيد.....




- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...
- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...
- الناقد ليث الرواجفة: كيف تعيد -شعرية النسق الدميم- تشكيل الج ...
- تقنيات المستقبل تغزو صناعات السيارات والسينما واللياقة البدن ...
- اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة يحتفيان بالشاعر والمترجم الكبير ...
- كيف كانت رائحة روما القديمة؟ رحلة عبر تاريخ الحواس
- منع إيما واتسون نجمة سلسلة أفلام -هاري بوتر- من القيادة لـ6 ...
- بعد اعتزالها الغناء وارتدائها الحجاب…مدحت العدل يثير جدلا بت ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق المنيظر - نتيجة حرمان