أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر الكعبي - حكاية الإبحار: لمحة عن النشاط الثقافي في مخيمي الأرطاوية ورفحاء للاجئين العراقيين















المزيد.....

حكاية الإبحار: لمحة عن النشاط الثقافي في مخيمي الأرطاوية ورفحاء للاجئين العراقيين


حيدر الكعبي

الحوار المتمدن-العدد: 3973 - 2013 / 1 / 15 - 23:02
المحور: الادب والفن
    


حكاية الإبحار

لمحة عن النشاط الثقافي في مخيمي الأرطاوية ورفحاء للاجئين العراقيين


حيدر الكعبي



"حين أسمع كلمة ثقافة أتحسس مسدسي"
هانز جوست




كان مخيما الأرطاوية ورفحاء فلذتين مقتطعتين من العراق، عراقين صغيرين داخل الصحراء. ومن كان بوسعه أن يسبر ما كان يختمر في تلك البوتقتين الهائلتين المشتعلتين في الصحراء السعودية، كان بوسعه أن يرى احتمالات العراق القادم (العراق الذي أصبح أمراً واقعاً الآن).

إن تغطية النشاط الأدبي والفني في مخيمي الأرطاوية ورفحاء، في مقال واحد، ومن قبل شخص واحد، هو أمر بالغ التعقيد، إن لم يكن مستحيلاً. وذلك لجملة أسباب. منها أن المخيمين لم يلتحما إلا بعد سنة وتسعة أشهر من تأسيسهما. وأثناء هذه المدة، كانت الإتصالات شبه معدومة بين المخيمين. وضعف الإتصالات هذا كان أمراً مقصوداً كجزء من عملية التعتيم المدروسة التي كانت، ومازالت حتى كتابة هذه السطور— حتى الآن بعد سنوات من غلق مخيم رفحاء — تمارس ضد سكان المخيمين، وضد كتابة تاريخ المخيمين، وضد كتابة التاريخ عموماً.

فمثلاً، إن كاتب السطور، بسبب من ذلك التعتيم المدروس نفسه، لم يكن يعرف شيئاً يذكر عن النشاط الثقافي في مخيم رفحاء طوال السنة والتسعة أشهر التي أمضاها في مخيم الأرطاوية، ولم يعد يعرف شيئاً يذكر عن ذلك النشاط منذ أن غادر رفحاء عام 1994. ولهذا يمكن النظر الى نشاط المثقفين العراقيين في المخيمين بوصفه ثغرات عديدة تمكن اللاجئون من إحداثها في الظلام الدامس الذي كانت السلطات السعودية تسعى الى دفن اللاجئين فيه.

ولكي تكتمل الصورة، على القارئ أن يتذكر أننا، في الأرطاوية، كنا نعيش في شبه أقفاص كبيرة تسمى، على سبيل المجاملة أو التعمية، (قواطع) طول ضلع القاطع حوالي المائة متر. وكان المشرفون على المخيم قد منعوا التنقل بين القواطع في بداية الأمر، ثم سمحوا به ضمن حدود، وفي أوقات معينة.

وكان تضامن عدد من المثقفين العراقيين المغتربين مع سكان المخيمين العامل الأساسي في إيصال أصوات اللاجئين الى العالم. ويأتي في مقدمة هؤلاء الشاعر الراحل مهدي محمد علي، والدكتور غانم حمدون، والشاعر سعدي يوسف، والشاعر صلاح نيازي.

كان المخيمان زاخرين بالمواهب من كل نوع. كان هناك بين الفنانين التشكيليين سعد محمد الموسوي، وهاشم حنون، وصباح ناصر، وثابت البصري، ورسول المرشدي، وعلي مكي، ومحمد عبد الأمير، وغيرهم. وبين الشعراء— من خارج مجموعة (إبحار في الرمل)— ناجي رحيم، وحكيم الصباغ، وأمجد السواد، وعباس عبار (الجنوبي)، والراحل سلام الأسدي، وفارس عدنان وغيرهم. وبين كتاب القصة حسن ناصر، ورياض كاظم، وحسن الفرطوسي، وكاظم الشاهري، والراحل حميد العبسي، وغيرهم. وبين الفنانين المسرحيين حيدر الشلال، وجليل عبودي (جليل عبد خنجر)، وعماد جوري، ورسول مذخور، وباقر إبراهيم، وغيرهم. وكل من ذكرتهم ذكرتهم للتمثيل لا الحصر. فخلال عمر مخيم رفحاء المديد برزت مواهب عديدة أخرى، بعضها نشأ وبعضها نضج داخل المخيم. كما يدل على ذلك مثلاً الملف الآخر الذي أصدرته (الثقافة الجديدة) لشعراء رفحاء في عددها المرقم 262 ، بعد سنوات من خروج كل الذين اشتركوا في ملفها الأول.

كان هناك بين اللاجئين من جرب إصدار بعض المنشورات المخطوطة والمستنسخة والمتناقلة باليد أول الأمر، داخل المخيم طبعاً، وبشكل محدود جداً، كمحاولة الصديق عباس عبّار، مثلاً، في الأيام الأولى التي حط فيها اللاجئون رحالهم في الأرطاوية. فمهما بدت هذه المحاولات بسيطة وبدائية، فهي تثبت أن الثقافة في العراق ليست ترفاً، بل ضرورة تأبى إلا التعبير عن نفسها، حتى في أحلك الظروف. وقد تناهى الى سمعي فيما بعد أن الزميل حسين الزورائي نجح في إصدار جريدة مطبوعة في مخيم الأرطاوية.

كذلك أقام اللاجئون، بالتنسيق مع السعوديين، (وأرجو أن يكون مفهوماً أنني أعني بـ "السعوديين" هنا السلطات السعودية وممثليها، لا الشعب السعودي)، مهرجاناً أدبياً وفنياً في الأرطاوية، في الذكرى الأولى لانتفاضة آذار 1991، تضمن قراءات شعرية وعروضاً مسرحيةً ومعارض تشكيليةً. وإذا أمكن أن نستنتج شيئاً من هذا الحدث المنفرد، ومن تمكن الزورائي من إصدار جريدة مطبوعة، أمكننا أن نستنتج أن ممثلي الحكومة السعودية في المخيم لم يكن لديهم مانع من أن نقوم بنشاط ثقافي من نوع ما، مادام هذا النشاط، شأن أصحابه، محبوساً داخل المخيم.

فلم يكن اللاجئون العراقيون، في عرف ممثلي تلك السلطات، ليختلفوا كثيراً عن وباء غزا السعودية ويجب الحد من انتشاره. ولم يكن مخيما الأرطاوية ورفحاء، في نظرهم، سوى معسكرين للمجذومين. وما الضير في أن يصافح المجذوم المجذوم؟ المهم ألا يمتد الوباء الى السعودية. لكن المثقفين العراقيين لم يكونوا ليغادروا العراق أصلاً لو كان بإمكانهم أن ينسِّــبوا عقولهم لقوالب النظام الذي تمردوا عليه. وماذا سيكون معنى مغادرتهم إذا كانوا سينتهون بوضع عقولهم في يد نظام أشد تخلفاً؟ سؤال كهذا لا معنى له لمن لا تعنيه الحرية أصلاً— لا حرية الآخر فقط، بل حريته هو أيضاً؟

وسأحاول في السطور التالية أن أركز على تجربة إعداد وتنفيذ كتاب (إبحار في الرمل) حصراً، آملاً أن يغطي زملاء آخرون جوانب أخرى من النشاط الأدبي والفني في المخيمين، كلاً حسب اختصاصه.

كان تحقيق فكرة إصدار كتاب في المخيم أمراً شبه مستحيل، أما إصدار مجلة فالمستحيل نفسه، ولا مبالغة. ولهذا لم أفكر على الإطلاق بإصدار مجلة داخل المخيم، وكنت أنسحب من النقاش كلما طرح زميل لي موضوع المجلة.

ما إن استقر بي المقام، بعد نقلي مع لاجئي الأرطاوية الى رفحاء، حتى رحت أبحث عن شعراء المخيم، ولم أكن أعرف إلا واحداً أو اثنين منهم معرفة شخصية. طرحت عليهم فكرة إصدار مجموعة شعرية مشتركة. ولم تكن لدي أجوبة على أسئلتهم، فلم أكن أعرف أكثر مما يعرفون. كانت فكرة غائمة، وكان تحقيقها يبدو شبه مستحيل. ولم تكن لتختلف كثيراً عن العديد من الأفكار المجنونة التي خطرت برؤوسنا وجرت على ألسنتنا خلال تلك الرحلة الصحراوية الطويلة، الضاجة. وكان سؤال "من سينشر الكتاب؟" من الأسئلة المهمة التي لم أكن أعرف جوابها. كنت أقول لنفسي: "لنهيِّيء الكتاب أولاً، ثم نبحث عن ناشر. فالناشر لن يبدي رأيه بمشروع مازال طي الغيب." وكان الطريق الى إعداد مسودة الكتاب نفسها محفوفاً بالمتاعب ومزروعأ بالعراقيل.

كنت تعرفت، وأنا في الأرطاوية، على عدد من شعراء رفحاء بواسطة ملف شعري لشعراء المخيمين أعدته مجلة (الثقافة الجديدة)، التي كان الشاعر الراحل مهدي محمد علي مسؤول قسمها الثقافي. وحال انتقالي الى رفحاء، زرت بعضهم في خيامهم، واقترحت إصدار كتاب شعري. سألوني عمن سيشارك في الكتاب. كان في ذهني أن نبدأ بالأسماء التي احتواها ملف (الثقافة الجديدة)، ثم نضيف أسماء أخرى. وكان السؤال حول من سيدخل الكتاب ومن سيبقى خارجه من أعصى الأسئلة. فالعمل الفني بطبيعته عمل فردي، ذاتي. وهو أمر لا يقتصر على العراقيين. فالشعر لم يكن له في أي يوم تعريف متفق عليه. فالتقديرات بهذا الشأن قد تتقارب الى هذا الحد أو ذاك، لكن من المستحيل أن تتطابق. فمن يعتبره البعض شاعراً جيداً قد لا يكون كذلك بنظر البعض الآخر، وهكذا.

وكان الوضع الأمني في المخيم مقلقاً ويحتم الإسراع في تنفيذ المشروع والتكتم عليه. وكان يجب أن نفترض أن من نعرفهم من الشعراء قد لا يمثلون المخيم. فمن نعرفهم نعرفهم من خلال نشرهم. وليس من الموضوعية أن نعتبر النشر مقياساً وحيداً لشعرية الشاعر. ومن نافل القول أن ظروف المخيم الأمنية لم تكن تسمح بنشر إعلان في مكان عام يدعو كل من يجد في نفسه الكفاءة الى إرسال قصائد الى العنوان الفلاني، ثم تشكل لجنة لتقرير صلاحية النصوص. فهذا ترف لم يكن من حقنا أن نحلم به.

وفي آخر الحساب، كان هناك قدر ما من الإعتباط وعدم التجانس لا بد من القبول به إذا شئنا أن نستمر في المشروع. وهكذا اتفقنا على موعد نهائي لقبول المساهمات. وبحلول الموعد، تجمعت لدي قصائد لخمسة عشر شاعراً هم: صباح شرهان، نوري أبو رغيف، شعلان شريف، علي شايع، ثامر الدويبي، واصف الشنون، طارق حربي، خضير النزيل، عقيل منقوش، حميد موسى، فلاح الصوفي، صلاح حيثاني، صادق زورة، كاظم طوفان، وحيدر الكعبي. كما زودني الفنان محمد عبد الأمير بتخطيطات له، وتطوع وليد الوائلي بتصميم غلاف الكتاب.

ولابد هنا من الإشارة الى أنني، قبل مغادرتي العراق، لم أكن قد استعملتُ الكمبيوتر. ليس هذا فحسب، بل إنني لم أكن قد استعملت آلة كاتبة، مهما كان نوعها. وكان الصديق محمد عباس العمراني المسؤول الأول عن محو أميتي الكمبيوترية. وهناك صديق آخر، إحسان، أعارني جهاز تسجيل خاص يمكن وصله بالكمبيوتر وخزن الوثائق بواسطته على شريط (كاسيت). فالجهاز الذي استعملته لم يكن فيه قرص مرن (فلوبي دسك)، وربما لم يكن فيه قرص داخلي (هارد دسك). وقد حاولت إنجاز نسخة ألكترونية (بأشد معاني الكلمة بدائيةً) من مسوّدة الكتاب المؤمل، وخزنها على شريط (كاسيت).

كنت أعمل داخل خيمة تقاطعت على أرضها الأسلاك الكهربائية. وما أكثر ساعات العمل التي هُدرتْ بسبب الإنقطاع المفاجيء للكهرباء قبل حفظ التغييرات التي كنت أجريتها على الوثيقة. كانت بعض تلك الإنقطاعات تسببها عثرة من صديق بأحد الكيبلات، أو فصله سهواً (البلك) ليربط جهاز تسجيله. وبعض الإنقطاعات كانت نتيجة لعطل في المولد الكهربائي أو بسبب الأنواء، والنتيجة واحدة.

كنت أعمل ببطء بسبب بدائية أصابعي وضعف الإنارة داخل الخيمة. ولحسن الحظ، كانت النصوص مكتوبة بخط واضح عموماً، ولكن كان يحدث أن تنتابني الشكوك بصحة قراءتي لكلمة ما، مما كان يحوجني للإتصال بالشاعر المعني للتأكد. وأخيراً، انتهيت من طباعة القصائد وخزنها على الشريط، وكنت أتهيأ لطباعة نسخة ورقية أولية، لغرض عرض القصائد ثانية على كتابها، ليبدوا ملاحظاتهم أو تعديلاتهم، حين وقع شيء لا أستطيع أن أصفه بأنه لم يكن في الحسبان—ففي مخيمات اللاجئين في السعودية لم يكن هنالك شيء على الإطلاق مما هو ليس في الحسبان—، ولكنه شيء كنت أتمنى لو تأخر وقوعه قليلاً، حتى نتمكن من تهريب نسخة من مسودة الكتاب خارج المخيم (وقد استعملت كلمة "تهريب" هنا لا لقلة الكلمات البديلة، بل لأنني أعنيها حرفياً). لقد وقع ما سوف نشير إليه دوماً في أحاديثنا اللاحقة بـ"أحداث الإغاثة." ولن أتحدث عن تلك الأحداث، بل سأكتفي بالحديث عن انعكاساتها على مشروع كتابنا الشعري.

بعد أن اقتحمت المدرعات المخيم، وراحت تمشطه طولاً وعرضاً بالرصاص، وبعد أن فُرض حظر التجول، راحت قطعات من العسكر السعودي تفتش الخيام (وكان اللاجئون قد بنوا بيوتاً من الطوب وجعلوا من الخيام سقوفاً لها). ولست أدري حتى لحظة كتابتي هذه السطور ما الذي كان الجنود يفتشون عنه. كانوا "يفتشون" البيوت بيتاً بيتاً. يطرقون الباب. يأمرون سكان البيت بالخروج. يديرون وجوههم الى الجدار. يسددون المسدسات الى رؤوسهم. يفتشونهم، ويمطرونهم بالإهانات. ثم يدخلون البيت، يقلبون عاليه سافله، ويحيلونه الى خرابة، ثم يخرجون.

حين جاء دورنا، طرق أحدهم الباب طرقاً عنيفاً. وصاح يأمرنا بالخروج واحداً واحداً. حين خرجت دفعني أحدهم بعنف مديراً وجهي للجدار، فيما سدد آخر مسدساً الى رأسي. طلبوا مني أن أرفع يدي وأسندهما الى الجدار. وراح أحدهم يفتش ثيابي، فيما وقف حراس عديدون في الزقاق وخارجه.

وكان أحد رجال المفرزة التي فتشتنا يحمل مطرقة من المطاط. كان يستعملها للإشارة الى أي شيء تقع عليه عيناه. كان يقول: "إيش هذا؟" ويضرب المشار إليه، سواء أكان صندوقاً أم رجلاً. ولدى دخوله البيت عثر عندنا على مطرقة حديدية. فاستبدل مطرقته بمطرقتنا. وحين رأى الكمبيوتر، قال: "إيش هذا؟" وضربه بالمطرقة الحديد، جاعلاً الإجابة مستحيلة، لأن ما كان جهاز كمبيوتر قبل السؤال، صار بعده قطعة سكراب. ولكننا اعتبرنا ما كان عليه، وأغفلنا ما صار إليه، وأجبنا على السؤال بـ "هذا كمبيوتر." وقد خدمنا الحظ أن كان بين معارفنا مهندس ألكتروني، تطوع بتصليح الكمبيوتر. واستغرق ذلك أياماً، تمكنَّا بعدها من تشغيله. فسارعتُ بتهيئة نسخة ورقية، قبل أن يحدث طارئ جديد.

ثم جاءت مهمة إخراج الكتاب من المخيم. وكان لابد من انتطار وجبة جديدة من اللاجئين المغادرين لتكليفهم بإخراجه. وقد تطوع الأَخَوان خالد وأمين هاتو أبو شعيعة بذلك. فدفنت الكتاب في قاعدة إحدى حقائب سفرهما، بعد سلخ جلدة قاعدة الحقيبة وإعادة لصقها. وبعد انتظار، جاءتني رسالة من خالد أبو شعيعة يخبرني فيها بوصول الكتاب سالماً، وأنه عمل اللازم بشأنه. وكنت طلبت منه أن يستنسخه، ويرسل نسخة الى صديقي القاص جنان جاسم حلاوي، الذي تكفل بمتابعة مسألة طبعه لدى دار الجمل.

ولم يفتني أن أسأل الصديق أبو شعيعة عما إذا كانت الإحتياطات التي كنا اتخذناها، من دفن الكتاب في قاعدة الحقيبة، ضرورية. فجاءني جوابه، في رسالة مؤرخة في الثامن والعشرين من حزيران 1993، يقول: "الإحتياطات التي اتخذت كانت ضرورية لأن الجنود العلماء أخذوا حتى صور الأصدقاء الملتقطة في أمريكا بحجة أن في ظهرها كتابة، مع العلم أن الكتابة إهداء لاغير."

كنت حرصت أن تخلو النسخة التي أخرجناها من المخطوطة من أية تفاصيل مباشرة تتعلق بأوضاعنا الأمنية في المخيم، تحسباً لامكانية وقوعها في أيدي رجال التفتيش، وما سيجره ذلك من متاعب لا يمكن التكهن بها للأخوين خالد وأمين. وقد أخذتُ ذلك باعتباري لدى كتابتي مقدمة الكتاب. كما حذفت أسماء المؤلفين، واجتنبت الإشارة الى الأرطاوية، أو رفحاء، أو السعودية. واتفقت مع خالد وأمين على أن يعيدا ما حذفته، بعد أن نضمن خروج الكتاب.

وكنت بدأت مراسلاتي بشأن نشر الكتاب بمخاطبة الشاعر خالد المعالي صاحب دار الجمل، الذي أبدى استعداده لطبعه في غضون شهرين من استلامه. ثم تأجل المشروع، ثم تعذر تماماً، لمصاعب مالية كان المعالي يشكو منها. فاضطررت الى إرسال نسخة أخرى من المخطوطة، مفرقة في عدة رسائل هذه المرة، الى الصديق الشاعر الراحل مهدي محمد علي في دمشق، وألقيت عليه عبء ما تبقى: أن يعد نسخة للطباعة، ويبحث لنا عن ناشر. وقد تكفل الدكتور غانم حمدون بكلفة الطباعة، وصدر الكتاب عن دار الينابيع بدمشق عام 1995.

إن الحكاية الرسمية لمخيمي الأرطاوية ورفحاء (إن كانت هناك حكاية رسمية أصلاً، إذ غالباً ما نجابه بالصمت جواباً وحيداً على أسئلة رفحاء)، إن هذه الحكاية تفضح حقيقة التاريخ العربي كله، الذي يقرؤه السذج من العرب الآن بوصفه حقائق لا يطالها الشك. والذي كان الرصافي الخالد قد شكك فيه حين قال:

"سمعنا بأمر الحاضرين فرابنا ......... فكيف بأمر الغابرين نصدق؟".


11 شباط 2012



#حيدر_الكعبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البصرة تنشر ديواناً شعرياً لجندي أميركي خدم في العراق
- تفجير شارع المتنبي / شعر براين ترنر / ترجمة حيدر الكعبي
- صانعةُ السَّجَّاد / شعر / ستيفن بلوستون
- (الحاوية الزجاجيّة) لسِلفيا بلاث
- مهدي محمد علي : رحيل عام 2011
- من ديوان (هُنا، أَيَّتُها الرَّصَاصَة) لبرايَن ترنر
- ديوان مهدي طه
- ثُنائيِّةُ أَسَد بابل
- عَلَى عَتَبَةِ التَدْوين
- تعال نحلق فوق عش الوقواق
- عبد الحسن الشذر
- الخَلْق
- صور عائمة
- محمود البريكان ومسألة النَّشْر*
- أسطورة الغريق
- الكل لا يساوي مجموع الأجزاء
- أتَحَدَّثُ عنِ المدينة
- إلى من ينشرون باسم حيدر الكعبي


المزيد.....




- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر الكعبي - حكاية الإبحار: لمحة عن النشاط الثقافي في مخيمي الأرطاوية ورفحاء للاجئين العراقيين