أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر الكعبي - صانعةُ السَّجَّاد / شعر / ستيفن بلوستون














المزيد.....

صانعةُ السَّجَّاد / شعر / ستيفن بلوستون


حيدر الكعبي

الحوار المتمدن-العدد: 3924 - 2012 / 11 / 27 - 08:25
المحور: الادب والفن
    


صانعةُ السَّجَّاد


شعر ستيفن بلوستون


ترجمة حيدر الكعبي






كالوَشْمِ تتناسل الزخارف المعقودة على يديْ ورسغيْ ،
حين أربط خيوط السَّداة العليا الى الفاصل الوسطيّ.
أحياناً أجلس قرب النول الأفقيّ،
والمِنْصَبُ الثلاثيُّ فوق رأسي، فأرفع السَّداةَ السفلى،
وأُمرِّرُ اللُحْمةَ من الأسفل، من وشيعةٍ في يدي.
وأحياناً أجلس قرب النول العموديّ، بين عوارضَ متقاطعة
وأعمدةٍ واقفة، فأَنْشُرُ الرسومَ وأواصل العمل.
ففي الرسوم تصاميمُ أهتدي بها لعَقْدِ الخيوط.
في الماضي، كنت أجلس في مشغلٍ بين صفوفٍ من العاملات،
والحائكةُ الأقدم تُشْرف على تغيير الألوان.
واليوم أصبح النسيج عملاً آلياً،
اليوم حتى الرجال والصبيان، حتى العمال العاديون،
ينسجون في الورشات على أنوالٍ لم يصنعوها،
ويحوكون أنسجةً لم يغزلوا خيوطها.
أما أنا فأعمل في الظلام، في غرفة داخل بيتي،
لا حاجةَ بي الى الضوء، إلا ما يكفي لرؤية الخيوط
والخطاطيفِ والأمشاطِ المعدنيةِ والجزازاتِ عند قدميّ.
أشعر هنا كأنني داخل خِباءٍ مغوليّ،
أتذكَّر الأغاني التي تعلمتُها من أمي وجدتي،
أيامَ كانت سجاجيدنا تمتد وتتسع كالإيقاعات المتناغمة،
وكمهور العرائس الجميلات في حقولٍ لا حدَّ لنورها.
وحين يكثر عددُ العُقَد، رغم أنه يبقى هو هو،
تفيض الزخارف وتتقدم صفوفاً نحو الحافات.
ومع حرصي على اتّباع المخطَّط، فحين أغرق في العمل
تتضاءل قيمة التفاصيل، فتتماسك طبقات النسيج
وتزداد غِلظةً فكأنها الهواء المجدول،
فترتفع من النول نحو شعاعٍ غامرٍ
يخترق صِبْغاتِ الفُوَّة، ويتخطى نقاوةَ الحرير،
ويتجاوز طَفَحَ الذهب على السطح، ويسبق خيوطَ الفضة.
وحين يحدث هذا، يُفْلت قلبي مني
مثل قلب عروسٍ شابة، ويحلِّق فوقي،
في الفضاء الذي يَفْصِل رأس زوجي عن النجوم.
وهذا أيضاً تعلمتُه حين كنت فتاة،
أتدرب على الطرق المختلفة لعَقْدِ الحواشي.

ولأنني سمعت قصصاً كثيرة عن سجاجيد القصور القديمة
فقد تعلمت أيضاً أن العُقَدَ عيون
وأن العين، إذ تبعد نفس البعد عن كل عقدة،
لابد لها أن تهيمَ كعريشة العنب، وأن تنعكسَ وتتضاعفَ
وتتوغلَ في حقولٍ أكثرَ ثراءً من أحواض الزهور في الحدائق الحقيقية،
فأروحُ أجْمَعُ وأفرّق، وأربط وأَقْسم،
حتى لا تعودَ ثمة نهايةٌ لهذا التيه،
ومع كل نقشةٍ من النقوش
تتفتح طيات من زنابقِ الماء والجوري والطواويس والسرو،
حتى ينتهي التطواف بتطهيري، مثلما يتطهر المصلي بالرمل بدَلَ الماء.

ومع ذلك فها هو الخواء يتسلل الى قلبي.
كانت بناتُ بناتي قد أبقينني حية.
ولكنهن الآن يعشن في المدن بين الغرباء
وقد أمسى نسيجُهن بضاعةً كاسدة،
أما بناتُهن فشَرَعْنَ بتعلمِ مهنٍ أخرى.

وهناك، في مسجد أردبيل،
مازالتِ النقشةُ الذهبيةُ الكبرى لوردةِ الشمس،
تحتل قلب السجادة العظيمة،
وحولها يتحلق ستةَ عشرَ قرطاً في هيئة اللوز،
تصدر عن أربعة ينابيعَ للوتس،
هي عيون المياه المقدسة المغمورة بالضوء،
ثم تنتشر فوق حقولٍ رماديَّة الزرقة.
فيما تمتد عروق الأرض اللامحدودة ذاهبة الى كل مكان،
ويظل العالم حياً كالأصابع التي تَعْقِدُه
وكصوت الحائكة وهي تثرثر وتغني
وكالتحديق في عيني فتاةٍ مصغية.








ستيفن بلوستون: شاعر أمريكي. ولد في نيويورك. رُشِّح ديوانه الأول (قِرَدَة الجاذبيةِ الضاحكةُ) لجائزة الكتاب القومية للشعر. فاز بجائزة گرينبورو رفيو للشعر وبجائزة توماس ميرتون وبجائزتَيْ هوبوود وبالجائزة الثانية لمسابقة روبرت بن وارن. درَّس الإنكليزية والسينما في كلية الفنون الحرة بجامعة مرسر في ولاية جورجيا. قصيدته "صانعة السجاد" مأخوذة من ديوانه (الموتى السافرون) الذي رُشِّح هو الآخر لجائزة الكتاب القومية للشعر. يقيم في نيويورك.



#حيدر_الكعبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (الحاوية الزجاجيّة) لسِلفيا بلاث
- مهدي محمد علي : رحيل عام 2011
- من ديوان (هُنا، أَيَّتُها الرَّصَاصَة) لبرايَن ترنر
- ديوان مهدي طه
- ثُنائيِّةُ أَسَد بابل
- عَلَى عَتَبَةِ التَدْوين
- تعال نحلق فوق عش الوقواق
- عبد الحسن الشذر
- الخَلْق
- صور عائمة
- محمود البريكان ومسألة النَّشْر*
- أسطورة الغريق
- الكل لا يساوي مجموع الأجزاء
- أتَحَدَّثُ عنِ المدينة
- إلى من ينشرون باسم حيدر الكعبي


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر الكعبي - صانعةُ السَّجَّاد / شعر / ستيفن بلوستون