أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - سليمان خاطر القديس الذى فتح أعيننا على أشياء كانت غائبة عنا ورحل















المزيد.....



سليمان خاطر القديس الذى فتح أعيننا على أشياء كانت غائبة عنا ورحل


حمدى السعيد سالم

الحوار المتمدن-العدد: 3971 - 2013 / 1 / 13 - 00:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سليمان محمد عبد الحميد وشهرته سليمان خاطر ... شاب مصري بسيط ومستقيم .. يخشى الله .. يصلي بانتظام .. يعرف كيف يحتفظ بهمومه في بطنه الى جانب انه يتسم بالوداعة، والقناعة .. ويرتبط – بشدة – بالجذور!!..عمره 25 سنة فلاح "شرقاوي" من قرية غير مشهورة تسمى "أكياد" مركز "فاقوس" .. ولا أحد يعرف سر تسمية القرية بهذا الاسم .. وليس في تاريخها القريب ما يلفت النظر سوى أنها استضافت جنود الجيش المصري بعد حرب يونيو 1967، وفتحت أحضانها وحقولها وبساتينها لتدريباتهم الشاقة استعدادا للعبور وتحرير سيناء .. لكن من المؤكد أن سليمان خاطر – بما فعله وبما جرى له – جعل اسم "أكياد" على ألسنة كثيرة ... وفرض على وكالات الأنباء، ومحطات الراديو والتليفزيون في العالم كله إذاعة وكتابة الاسم بكل اللغات بما في ذلك – طبعا – اللغة العبرية .... نشأ في أسرة متواضعة الحال تتردد معيشتها بين خط الفقر وخط الستر .... الأب مزارع يعمل مع إخواته (أعمام سليمان) ويعيشون هم وأسرهم معا .. إنهم جميعا يملكون عددا من الأفدنة أقل من عدد أصابع اليد الواحدة !!..لم يشعر سليمان بالحزن عند وفاة أبيه عام 1979 لان سليمان لم يكن بينه وبين أبيه علاقة عاطفية قوية !!..على العكس من الأب نجد أن علاقة سليمان بأمه قوية جدا وهو يفكر – دائما – في أحوالها، ويشعر بالقلق عليها .. ورغم أنه أصغر أخواته فإنه يتحمل العبء الأكبر في رعايتها ورعاية أحوال معيشتها وهو كان يفعل ذلك بإحساس صادق جدا... ويبدو أن ارتباط سليمان بأمه كان السبب في رفضه أن تدخل قاعة المحكمة العسكرية (بمقر الجيش الثالث الميداني بمدينة السويس) حتى لا تراه وهو يقف وراء القضبان ويحوطه الجنود والحراس...والغريب أن الأم هي الأخرى – والتي فعلت المستحيل لتحصل على تصريح لرؤية ابنها – قد رفضت من جانبها رؤيته، وهو في هذا الوضع!!!..ومما لا شك فيه أن علاقة سليمان بأمه علاقة طبيعية جدا في الأسر الفقيرة .... حيث يعوض حنان الأم، نقص الطعام .... وحيث تعوض نعومة الأم قسوة الحياة...ومما لا شك فيه أن طفولة سليمان لم تكن طفولة سعيدة كان حساسا بطبعه لا يميل إلى العنف ... سليمان كان منعزلا عن زملائه في المدرسة .. ويقول: إنهم كانوا يسمونه "السرحان" .. ويقول: إنه كان بطبعه لا يميل للرد على "مداعبات أقرانه أو عدوانهم عليه .... بل كان يميل إلى التحمل وكبت مشاعره عن الآخرين"... وقد سئل سليمان عن الشيء الذي يتذكره كلما عاد إلى طفولته!!..فقال:غارة اليهود على مدرسة "بحر البقر" !!..إن مدرسة "بحر البقر" كانت قريبة من مدرسته الابتدائية .... وبعض التلاميذ بها كانوا من أصدقائه .. وكانت الغارة (الإسرائيلية) عليها من أولى غارات العدو القذرة في العمق المصري على الأهداف المدنية .... وكان ذلك عام 1969 ردا على حرب الاستنزاف الناجحة التي أزعجت الجيش "الإسرائيلي" على الجانب "الشرقي" من قناة السويس ... وفي ذلك الوقت كان عمر سليمان ما بين سبع وثماني سنوات .... ولا نعرف ما إذا كان قد شاهد نتيجة الغارة بأم رأسه أم لا؟ .. لكن من المؤكد أنه سمع عن أصدقائه الذين ذبحوا في الغارة .. أو الذين نسفوا بدانات العدو (الإسرائيلي) .. أو الذين اختفت جثثهم تحت الأنقاض .. ومن المؤكد أن هذه القصص البشعة التي سمعها قد فرضت عليه الفرار إلى الغيطان .. وهناك انفرد بنفسه وراح يبكي .. وليس هناك ما يمنع من حفر هذه القصص بكل ما تثيره من خيال وقسوة وفزع في ذاكرته .. وخاصة أن تكوينه النفسي رقيق، مثل ورقة السيجارة .. جاهز للانفعال والتحرك لأقل حادث ....


الجدير بالذكر إنه لا مانع أن يكون عقل سليمان خاطر الباطن قد فرض عليه إحساسا بأن "الإسرائيليين" الذين اغتالوا رفاق الطفولة، جاءوا الآن ليذبحوه بعد أن أفلت من مذبحة "بحر البقر"...على الجانب الاخر كان سليمان يحب عمه ويشعر بالأمان معه !!..سليمان ترك المدرسة و لم يستطع استكمال تعليمه بسبب "ظروف المعيشة الصعبة"، والتي زادت صعوبتها بعد وفاة أبيه .... ترك المدرسة، وخرج منها قبل الحصول على شهادة "الثانوية العامة" ... وراح يزرع الأرض ليطعم أمه وزوجة شقيقه عبد المنعم التي تركها في بيت الأسرة قبل السفر إلى الكويت !!..واستدعى سليمان لتأدية الخدمة العسكرية .. فترك الأرض، ومسئولية رعاية أمه ومن معها ليصبح مجندا في 4 أكتوبر 1982 ... قبل 3 سنوات بالضبط من الحادث ... وانضم إلى قوات الأمن المركزي بجنوب سيناء في أول مايو 1983 ... في دهب ثم نويبع .. وخلال ذلك نجح في الحصول على "الثانوية العامة" وانتسب إلى كلية الحقوق – جامعة الزقازيق !!.. هذا الكلام يؤكد أن سليمان يتمتع بدرجة عالية من الذكاء جعلته يحصل على شهادة "الثانوية العامة" رغم ظروف الخدمة الشاقة في جنوب سيناء من أول مرة ... وجعلته ينجح في دراسة الحقوق الصعبة وهو منتسب، لا يحضر المحاضرات، وبقراءة الكتب المقررة فقط .... كما يوضح أيضا أنه يتمتع بصبر وجلد وقوة تحمل عالية، لأنه كان يجمع ما بين تنفيذ المهام الموكلة إليه، والمذاكرة، وخدمة نفسه، والقيام بتنفيذ مهامه الشخصية ...ومن المؤكد أن علاقته بزملائه وقادته كانت حسنة للغاية .... خاصة الذين خدم معهم مدة طويلة، مثل الرائد أحمد كمال الدين حسن الشيخ "31 سنة" قائد ثاني سرية الأمن المركزي بنويبع، الذي رفض سليمان تسليم نفسه – بعد الحادث – إلا في حضوره ...كل الذين سألتهم النيابة العسكرية عن شخصية وسلوك وتصرفات سليمان، أجمعوا على أنه مؤدب .. محترم .. في حاله .. أخلاق .. طيب .. لا يقبل الهزار دائما .. غير متزمت .. غير متعصب .. ملتزم .. غير مرتبط بحزب، أو جماعة ما، أو تيار أو مذهب سياسي بعينه...أي أنه إنسان مصري، عادي وبسيط، يفهم الأمور السياسية ببساطة وسهولة ويسر ودون لف أو دوران .. يا أبيض يا أسود .. يا صديق يا عدو .. يا طيب يا خبيث .. وهذا الطراز من البشر لا يعرف أصول التبرير، ولا المناورات ولا الحلول الوسط ....


منطقة "رأس بركة" تتبع "نويبع" إداريا .. وأمنيا .. وتطل مباشرة من ناحية الشرق على خليق "العقبة" ... وعلى الخليج مباشرة تقع النقطة "46" – أمن مركزي التي تتبع سرية الأمن في "نويبع" والنقطة عبارة عن مجموعة من الأكشاك أيضا توجد المكاتب وأماكن الشئون الإدارية .. وحول هذه الأكشاك التي تعطي ظهرها إلى مياه الخليج أسلاك شائكة .. أما وجهها فيطل – ناحية الغرب – على الطريق المرصوف الذي يربط نويبع بطابا .. وعدد هذه الأكشاك ثلاثة ... أكبرها وهو المبنى الرئيسي مساحته 7 × 10 متر وهو عنبر للنوم... والذي يقف على شاطئ الخليج عند هذه النقطة، يستطيع أن يرى الساحل السعودي على الناحية الأخرى !!..في هذه النقطة المرتفعة يوجد جهاز إشارة، وتحويلة تليفون تتصل بالنقطة الأصلية، وصندوق سلاح توجد به فقط بندقيتان طراز "آلي" صناعة مصرية (عيار 7.62× 9مم) وخزائن ذخيرة لا يزيد عدد طلقاتها على 600 رصاصة (300 رصاصة لكل بندقية)، وأمتعة شخصية داخل "دواليب" للجنود الذين يخدمون فيها، وهم خمسة جنود، اثنان منهم للاستطلاع هما: الرقيب سليمان خاطر (25 سنة) وهو الحكمدار .. والجندي عطية إبراهيم علي (23 سنة – من الشرقية) .... وهما الوحيدان المسلحان .... وفي النقطة جنديان يعملان على "جهاز خاص" داخل الكشك، هما: حسونة عبد المجيد حمودة (22 سنة – من دمياط) وحسن علي الخولي (24 سنة – من الشرقية) .. أما الخامس ففرد مراقبة، اسمه علي إبراهيم محمد (22 سنة – من الشرقية).... ي هذا الموقع التقليدي وقع حادث سليمان خاطر ... كان ذلك قبل غروب شمس يوم السبت 5 أكتوبر 1985 ....

لقد جاء "تعيين" أفراد النقطة متأخرا بعض الوقت .... وكان "دجاجا" .... فسارعوا بطبخه .... وعندما راحوا يتناولونه اكتشف سليمان بقع دم في قطعة الدجاج التي كانت من نصيبه .... فرفض تناولها .... وقام – دون أن يأكل – ليتولى نوبة خدمته الأخيرة ... لان هذا هو يومه الأخير في تجنيده .. ويومه الأخير في هذا الموقع الذي قضى فيه 120 يوما بالتمام والكمال .... وهذا ما جعله يقوم بتجهيز كل مهماته وعهدته تمهيدا لتسليمها بعد نوبة الحراسة في المقر الرئيسي بشرم الشيخ، ليغادر سيناء بعدها إلى قريته "أكياد" – "شرقية"... وهذا ما جعله يشعر بسعادة غامرة، ويحزم وسطه، ويرقص، وسط غناء بقية المجموعة "سينا رجعت كاملة لينا .... مصر اليوم في عيد"... لقد كان يفكر في أمه التي يحبها ويتحمل مسئوليتها .. ولا بد أنه كان يفكر في مساعدتها بزراعة الفدان الوحيد الذي تملكه الأسرة .... ولا بد أنه كان يفكر في استكمال دراسته الجامعية في حقوق الزقازيق ... لا بد أنه كان غارقا في التفاؤل والأمل، وفي رسم خطة جديدة لمستقبله ... لذلك ترك زملاءه يواصلون تناول طعامهم ومرحهم في انتظار أن "يحبسوا" بسجائر "الكيلوباترا" أو سجائر "السوبر" كما يسمونها، والتي أرسلوا زميلهم حسونة منذ فترة ليشتريها لهم ... تركهم على هذه الحالة وراح يقف خلف الكشك في المنطقة المنخفضة نسبيا ويراقب الطريق والخليج بعين مدربة وواعية .. وكان منهمكا في عمله إلى حد أنه لم يلاحظ – بعد فترة وجيزة – أن زميليه عطية إبراهيم وعلي إبراهيم قد انتقلا للجلوس على البحر، وراحا يدردشان في ظروف المعيشة الصعبة .. وفي تصرفات السياح (الإسرائيليين) الذين لا يستحون، ويتصرفون في سيناء كما لو كانت "عزبة أبوهم" على حد قول أحدهما...في نفس الوقت تقريبا .. في أسفل الهضبة .. عند الخيام التي على الشاطئ .. كانت مجموعة من (الإسرائيليين) تستعد لصعود الهضبة ...

لقد جاءت هذه المجموعة من آخرين إلى رأس بركة قبل يومين .. في عصر يوم 3 أكتوبر .. كانوا خمس عائلات، وصلوا المنطقة معا في أربع سيارات .... كانوا 12 شخصا .... منهم ثلاثة كبار هم القاضي "هامان شيلح" وزوجته "إيلانا" وصديقتهم "انيتا جريفل" وكان الآخرون وعددهم تسعة من الفتيان الذين ينتمون للعائلات الخمس !!..صعدوا الجبل من ناحيته المطلة على نقطة المراقبة، عبر المدقات الرملية التي تتخلل صخوره ..... وبينما هؤلاء يصعدون الجبل، كان سليمان خاطر يستطلع المكان بمنظار مكبر، وكان سلاحه – كعادته دائما – معمرا وجاهزا للإطلاق، على عكس زميله عطية إبراهيم .. وبسبب كثرة المرتفعات والمنخفضات فإن سليمان لم ير الصاعدين من أسفل الجبل، ولم يرهم إلا بعد أن أزاح المنظار المكبر من على عينيه، وكانوا قد أصبحوا على بعد 50 مترا من الكشك .. وقد رآهم هو وزملاؤه بالعين المجردة فتحرك ليقابلهم ...كانوا حسب رواية شهود العيان عبارة عن رجل ممتلئ يرتدي جلبابا من ذلك النوع الذي يرتديه السياح عادة ... وامرأة ترتدي مايوه قطعة واحدة .. وأخرى ترتدي مايوه "بكيني" من الطراز المفضوح الذي يكشف البطن وبعضا مما تحتها .. والذي ينافس في صغر حجمه ورقة "التوت" أو ورقة "البوستة" .. وعدد من الفتيان والفتيات .. كانوا جميعا يسيرون في كتلة واحدة .. أو "حزمة" واحدة حسب ما رواه سليمان .. ثم حدث ما حدث ... فقال لهم سليمان خاطر : ستوب .. نو باسينج! ! Stop .. No Passing أي "قفوا .. ممنوع المرور"...قالها سليمان بالإنجليزية التي يجيد التحدث بها في مثل هذه الحالات، والتي اعتبرها أحد زملائه من مميزاته التي يستغلون معرفته بها في منع الأجانب من الموقع....ولكن .. لا حياة فيمن تنادي .. لم يستجب أحد منهم للتحذير .. ولم يقفوا ... وهذه هى اقوال سليمان فى التحقيقات وعلى لسانه هو : (ما وقفوش خالص ... وعدوا الكشك وكانوا حزمة واحدة والكلام ده كان الساعة الخامسة تقريبا والشمس غابت، لأن الشمس بتغيب في المنطقة دي – علشان الجبال مرتفعة – من خمسة إلا ربع .. وأنا كنت موجه السلاح في العالي وهم مش سائلين في وطالعين على يمين التبة .. وأنا راجل واقف في خدمتي وأؤدي واجبي وفيه أجهزة ومعدات ما يصحش أي حد يشوفها، والجبل من أصله ممنوع أي حد يطلع عليه سواء مصري أو أجنبي، وأنا إيدي كانت محملة على التتك، وأنا دايما معمر سلاحي طول ما أنا في النقطة والحكاية دي معروفة عني .. إن دايما فيه طلقة جاهزة في الماسورة ... علشان المنطقة دي دايما فيها وحوش (ذئاب وضباع) وكذلك بنسمع عن البدو إنهم ممكن يعملوا أي حاجة فأنا بابقى عامل حسابي ومحرص ..فإيدي لما جت على التتك طلع عدد من الطلقات ما أعرفوش ولقيت ناس بتجري .. منهم واحد وقع .. جريوا أمام الطلقات وأنا ساعتها ما درتش بنفسي وما عرفتش باعمل إيه، ضربت النار تاني وإلا ضربت عليهم تاني .. وقفت عامل زي المجنون ومش داري بنفسي .. وبقيت مرة أضحك ومرة أعيط )...

تعالوا نتأمل ما حدث : من الواضح أنه فوجئ بهم أمامه على بعد 50 مترا فقط.... الى جانب أنه حذرهم بأكثر من أسلوب: أشار لهم بيده .. طلب منهم عدم الصعود .. قال لهم باللغة الإنجليزية "قفوا ممنوع المرور" .. وبإطلاق رصاصات تحذير....والملاحظة الخطيرة أنه وهو يطلق رصاصات التحذير أصاب أحدهم ففقد السيطرة على نفسه...سليمان خاطر كان يشعر بأن عليه مسئولية كبيرة وهي حراسة أجهزة ومعدات "ما يصحش حد يشوفها" وأنه إزاء هذه المسئولية كان لا بد من إيقافهم بأي طريقة حتى ولو كانت هذه الطريقة إطلاق أعيرة تحذير في الهواء ... لكن رصاصة من رصاصات التحذير أصابت أحدهم، وأفقدته السيطرة على نفسه، وأفقدهم الرعب التحكم في أنفسهم، فراحوا يعدون في مرمى النيران التي أدركت سبعة منهم !!..إن سليمان عندما رأى "بعض الأشخاص يتقدمون نحوه" أحس "بالخوف الشديد يتملكه خصوصا أن هذه أول مرة يتقدم منه أشخاص في غير أوقات النهار .. ولجأ سليمان إلى الكلمات الإنجليزية التي تعود أن يستخدمها لإبعاد هؤلاء الغرباء الذين يقتربون من موقعه، ولكن هذه الكلمات لم تؤد هذه المرة إلى أي نتيجة .. وشعر سليمان بالرعب يتملكه وبدأ يفكر في هؤلاء الأشخاص .. من هم ؟!!.. وما يمكن أن يحدث منهم ؟!.. ومن يكون وراءهم ؟!.. وماذا يمكن أن يحدث للوطن إذا تقدموا أكثر من ذلك؟ ! ولجأ سليمان إلى التظاهر بأنه سيطلق النار على هؤلاء الأشخاص حتى يخافوا وينصرفوا، ولكنه كان هو الخائف والمرتعد وهو يمسك بسلاحه ويتخشب عليه حتى انطلقت طلقة يذكر أنه فوجئ بها، حيث وجد أن شخصا وقع على الأرض والدماء تنزف منه .. ويتذكر سليمان أنه إذ رأى منظر الدم لم يدر ماذا حدث بعد ذلك حتى وجد نفسه بعد فترة قصيرة راقدا في مكان آخر على الجبل"... لذلك في تلك اللحظات النفسية الرهيبة التي مر بها سليمان،وتحت الضغط العصبى والنفسى الرهيب فكر في الانتحار .. وقال للمحقق:(أنا حطيت السلاح في صدري وعايز أضرب نفسي ... وزميلي علي إبراهيم شهد بذلك ... وأنا عمري ما تخيلت أني ممكن أفكر أن أضرب نفسي بالنار ... وأنا كنت حضرب نفسي بالنار ولكن "علي" قال لي: "مش حتضرب نفسك بالنار يا سليمان ... لو أنت ضربت نفسك أنا حضرب نفسي بعدك")...

من المؤكد أن خدمة سليمان في سيناء فتحت عينيه على أشياء كان لا يعلمها .. إنه أصبح يعيش في سيناء التي سمع عنها ويرى (الإسرائيليين) الذين عرف من صغره أنهم العدو الأول لبلاده !!..من الواضح أن سليمان قد استفاد من خدمته في سيناء .... حيث أتيح له أن يذاكر وينجح ويصبح طالبا في كلية الحقوق .. وأتيح له المزيد من الارتباط الاجتماعي، والإحساس بالجماعة وهو ما كان ينقصه أحيانا ... وأتيح له ممارسة القيادة بشكلها الإنساني السليم ... وقد ظهر ذلك بوضوح عندما قال للنيابة العسكرية في تحقيق ما بعد الحادث: (إنه منع الأجانب من الصعود إلى نقطته، لأن في النقطة جنودا آخرين هو مسئول عنهم وعن أمنهم وسلامتهم )... وقال: لقد فعلت ذلك لأن "كل راع مسئول عن رعيته وأنا حتحاسب على ما يجري للناس اللي تبعي" ... وظهر ذلك بوضوح عندما حاسب بعض جنوده على سماحهم "للإسرائيليين" بالتقاط صور لهم في النقطة ... وقد استسلم زملاؤه لهذا الحساب واستجابوا لأوامره ...إن من يرى وجه سليمان خاطر سيتصور على الفور أنه وجه أحد شعراء الريف الذين ينزلون العاصمة وهم يحملون أشعارهم، وهمومهم، وهموم بلادهم على أكتافهم ويسيرون بها !!.. من المؤكد أن الحادث قد كشف الكثير من خصاله الطيبة أو على الأقل أكدها .... ومن المؤكد أن ردود فعل الحادث قد سارعت في صهر شخصيته، وإنضاجها قبل الأوان !!..حيث تحدث في تحقيقات النيابة عن خوفه من ترك الحدود مع إسرائيل "فاضية" على حد تعبيره...كما تحدث في نفس التحقيقات عن فهمه للعلاقة بين الجندي وسلاحه .. وقال عبارته المأثورة (من يحب وطنه يحب سلاحه )... وذلك في زمن قيل فيه إن السلام مع العدو (الإسرائيلي) قد استقر والحواجز النفسية بيننا وبينه قد سقطت !!..كما أشار في نفس التحقيقات إلى (تعاون ضباطنا الكبار في جنوب سيناء بصورة أو بأخرى مع إسرائيل، وأكد أنه يفهم ما يدور حوله، وطلب من النيابة العسكرية أن تمشي المخابرات وراءهم وتعرف ما يفعلون )... ولم يستثن من هذه التهمة سوى ضابطين أكبرهما برتبة رائد في الأمن المركزي...


لقد قبض على سليمان بعد نزوله من الجبل، واقتيد تحت الحراسة المشددة إلى ديوان قسم شرطة "نويبع"، وهناك لم يتردد في أن يتكلم وأجاب على كل الأسئلة التي وجهت له، دون أن يطلب محاميا يحضر التحقيق، ودون أن ينبهه أحد إلى أن كل كلمة سيقولها، ستحسب عليه .. وقد تلف حبل المشنقة حول عنقه...ثم نقل سليمان من مبنى القسم إلى مبنى القطاع في سيارة شرطة محاطة، بحراسة مشددة .... وقد استغرق المشوار حوالي ست ساعات !!..وبعد أن وصل سليمان إلى مبنى القطاع في شرم الشيخ، اختفت أخباره لمدة ساعات، تم خلالها الكثير .... وفي الساعة الثالثة والنصف من فجر 7 أكتوبر 1985 وصل سليمان إلى سجن "فنارة" العسكري بالسويس مع مندوب من قطاع الأمن المركزي، وسلمه المندوب بموجب "الكتاب رقم 11/ 200/ 85 بتاريخ 7/ 10/ 85" إلى قائد السجن، العقيد "محمد عبد الحميد علي" .... وكان قائد السجن على علم مسبق باحتجازه قبل أن يصل إليه، وذلك بعد أن أصدر له قائد الجيش الثالث الميداني – الذي يخضع لأوامره – قراره بحجز سليمان "حجزا شديدا" لمدة شهر من الساعة الثانية ظهر يوم 6 أكتوبر 1985...وقال سليمان عن مشهد نقله هذا : (لما تقرر أني أنقل من قسم "نويبع" إلى سجن "فنارة" بالسويس، كان مطلوبا أن ذلك يتم في وجود حارس، واختاروا هذا الحارس، وكان لازم الحارس يستلم بندقية وذخيرة، ويشيل البندقية ويمشي خلفي حتى يسلمني للسجن .. لكن هذا الجندي اللي عين لحراستي رفض رفضا قاطعا أن يتسلم البندقية وقال: لا أحمل بندقية خلف سليمان خاطر ولا أرفع سلاحي خلف سليمان خاطر" .. وحين أصروا على أن يتسلم البندقية قال: "أنا مستعد أوقع على استلام السلاح ولكن غير مستعد أني أحمله معي، وحاسيبه على مسئوليتي في مكانه" .. وبالفعل مشى حارسي إلى جواري من غير بندقية وقطع معي أكثر من 200 كيلو، وهو يرفض أن يحمل سلاحه خلفي وقال لي في الطريق: "أنا عارف إنك مخلص لمصر، وكل مصري، مش ممكن إنه يحمل سلاح وراء أخيه وهوه يعرف إنه مخلص لوطنه" .. إن اسم هذا الجندي هو عبد الشافي عبد الرءوف وهو من الإسماعيلية، وممكن يكون موقفه ده أكثر حاجة أسعدتني"..."لكن أكثر حاجة عذبتني هوه إني حين نقلت إلى سجن فنارة دخلت غرفة السجن مع عدد من الأشخاص، عرفت بعد ذلك إنهم جميعا هاربون من الجندية، ومقبوض عليهم لهذا السبب .. كان مؤلما جدا بالنسبة لي .. أنا أعطيت الجندية ثلاث سنوات ويوم واحد بالضبط .. وأنا واقف على تبة عالية أحمي ستين كيلو مترا من حدود مصر الشرقية، أوضع بعد كده في غرفة سجن واحدة مع "الهاربين من الجندية" .. ده يعني إيه؟ )...

إن ما فعله سليمان خاطر لا يقاس بما فعله السفاح (الإسرائيلي) "شارون" الذي لا يزال رمزا (إسرائيل)، رغم ثبوت إدانته في قتل 3 آلاف بريء في صبرا وشاتيلا .. إن الدولة المصرية كانت يجب أن تأخذ ذلك في حسبانها وهي تحاكم سليمان خاطر!!..وهل كان تصرف سليمان خاطر منافيا لتقاليد الحراسة، وأصول نوبات الخدمة بالسلاح؟ أم لا؟!..حيث كان هناك واقعة مشابهة لما فعله سليمان خاطر .. كانت هذه الواقعة في حرب 1948 في فلسطين .. فقد كان أحمد عبد العزيز قائد الفدائيين المصريين في ذلك الوقت راجعا إلى خطوطنا الدفاعية في ليلة من الليالي .. ولم يكن يعرف كلمة "سر الليل" التي بواسطتها يمكن أن يخترق خطوطنا في أمان، فلما اقترب من الحارس، طلب منه الحارس أن يقف، ويقول كلمة سر الليل، ولم يتوقف أحمد عبد العزيز ولم يقل كلمة سر الليل، وهنا أطلق عليه الحارس النيران فقتله .. ومات أحمد عبد العزيز برصاص الحارس المصري وليس برصاص اليهود .. ولم يحاكم الحارس لأنه كان يؤدي واجبه !!..وإذا كانت (إسرائيل) لا تعترف بالقوانين أو الأعراف العسكرية إلا إذا كان الأمر في صالحها فإنه من غير المعقول أن نقدم نحن على محاكمة جندي حراسة بسبب قيامه بأداء واجبه؟ أي عار لحق بنا على مدى التاريخ لاننا حاكمنا هذا الجندي ولماذا لم نتخذ موقفا مماثلا للموقف الذي اتخذته مصر في الأربعينيات؟!..لو أن سليمان خاطر لم يفعل ما فعله لوجب تقديمه إلى مجلس عسكري يحاكمه لأنه قعد عن الواجب المحتوم !!..الصهاينة السفاحون كانوا يطلبون رأس سليمان خاطر بالباطل" ومن واجب أي مواطن أن يعترض .. لقد فرض الصهاينة (ومن خلفهم أمريكا) سحب القوات المسلحة المصرية من المناطق الحدودية، وفي هذا كما نعلم عدوان على سيادتنا وتهديد لأمننا .... وكانت هذه النقطة هي الإشارة الأولى من نوعها في تناول قضية سليمان خاطر ... فهذه القضية ليست قضية جندي مصري أطلق النار على (إسرائيليين)، وإنما هي قضية أمن مصر، وسيادتها على سيناء .. وقضية الحقوق الممنوحة (للإسرائيليين) في سيناء، دون أن يكون لنا الحق في مواجهتهم، أو في أن نقول لهم: قفوا مكانكم!!..

مما لا شك فيه أن أحدا لم يزن قضية سليمان خاطر بميزان دقيق فهو إنسان عادي وبسيط ليس "سوبر مان" .... إنسان مصري كادح و طيب لا يفهم في أصول الدبلوماسية .. ولا يعرف قواعد البروتكول .. وهو بالفعل لم يكن يقصد أن يقتل .. أطلق النار من باب التحذير .. ومن باب الخوف على "الجهاز" الذي يحرسه .... وبطولته الحقيقية تكمن في أنه لفت نظرنا لأشياء كانت غائبة عنا .... أو أشياء كنا قد نسيناها ..... منها أن "سيناء لم تعد للسيادة المصرية أو أن سيناء أصبحت داخل حدود مصر فقط ولم تصبح حتى الآن جزءا من سيادتها فليس لنا على نصفها القريب من العدو (الإسرائيلي) أسلحة ولا جيش ولا طائرات ولا مدرعات ليس لنا هناك سوى مجمعات استهلاكية وقرى سياحية وشاليهات استبدلنا فيها ملابس القتال بملابس البحر" .... ومنها أن (للإسرائيليين) حقوقا في سيناء ليست للمصريين وكأنها "عزبتهم" الخاصة وكأننا نحن "الخولي" المشرف لهم عليها! ومنها الخوف من أن تعود (إسرائيل) لاحتلال سيناء دون أن نعرف كيف نواجهها بأسلحة رجال الأمن المركزي الخفيفة التي لا يوجد غيرها على الحدود معها .... وضع حادث سليمان خاطر قضية "سيناء – المنزوعة السلاح تحت الأضواء الساطعة .. وكشفت هذه الأضواء حقيقة: "أن حدودنا بلا جنود"...والحقيقة المرة ماهى الترتيبات الأمنية المصرية التي يمكن أن نصد بها (إسرائيل) إذا ما فكرت أو قررت إعادة "احتلال" سيناء من جديد!!... فقد قال سليمان خاطر في تحقيقات النيابة العسكرية إنه طلب إبلاغ قادته بضرورة إغلاق "الطرق" حتى لا تأتي (إسرائيل) وتحتل المنطقة ..... وكان واضحا أن أشد ما يخشاه هو أن يحدث ذلك .. لم يكن يفكر في مصيره، ولا في العقاب الذي ينتظره .. وإنما كان يفكر في "قطع" الطريق على (إسرائيل) ... حتى لا تأتي قواتها وتحتل الموقع وتعرف ما فيه ....

إن المنطقة التي وقع فيها الحادث تسمى طبقا لخرائط ونصوص وملاحق المعاهدة بالمنطقة "ج" .. وهي المنطقة الملاصقة للحدود الدولية لمصر ولخليج العقبة وهي منطقة "عازلة" و "منزوعة السلاح" .. ليس للجيش المصري ولا لسلاحه أي وجود فيها .... وتتمركز فيها فقط قوات الشرطة المصرية المدنية بأسلحة خفيفة .... أقرب للتسليح الشخصي (طبنجات وبنادق آلية) وهذه القوات ليس لها أي مهمة عسكرية بالمرة ..... وكل دورها ينحصر في الدور العادي للشرطة في أي مدينة مصرية أخرى ..... أي إن دورهم على الحدود في مدن مثل "دهب" و "نويبع" و "شرم الشيخ" لا يختلف عن الدور الذين نرى رجال الشرطة يقوون به في مدن مثل "القاهرة" و "الإسكندرية" و "كفر الشيخ" ..... وداخل هذه المنطقة تتحرك القوات المتعددة الجنسية (النسبة الكبيرة من أفرادها أمريكان) حسب مزاجها، ومن حقها أن تتمركز في المكان الذي يعجبها .... وهذا حق مطلق وصريح أعطته لها الاتفاقية وذلك حتى تستطيع بحرية أن تراقب بكافة الأجهزة والوسائل أي اختراق الترتيبات الأمنية!!... إن هذه القوات شبه الأمريكية لها حق الاستطلاع والتحقق الدوري مرتين في الشهر على الأقل من أن كل شيء تمام ..... ولها حق إجراء تحقيق إضافي خلال 48 ساعة إذا طلبت مصر أو (إسرائيل) ذلك ..... وغالبا ما تطلب (إسرائيل) ذلك .... وذلك حتى تحصل على معلومات طازجة .... أولا بأول عن هذه المنطقة القريبة منها بالذات .... والتي تصل مساحتها إلى ثلث مساحة سيناء تقريبا !!..وليس لمصر أي حق على هذه القوات سوى أن تتدخل في نقطتين أو موقعين فقط أحدهما يقع على بعد 20 كيلو مترا من البحر المتوسط في المنطقة المتاخمة للحدود الدولية والآخر في منطقة شرم الشيخ....ومقابل نزع سلاح ثلث سيناء (المنطقة ج) أجبرت (إسرائيل) على نزع سلاح منطقة بعرض 3 كيلو مترات بطول الحدود الدولية .. وكلمة "نزع" هنا تختلف في معناها عن كلمة "نزع" بالنسبة لمصر .. فالمقصود بهذه الكلمة على الجانب (الإسرائيلي) هو عدم وجود دبابات أو مدافع أو صواريخ (فيما عدا صواريخ فردية أرض – جو) فقط .... وهي لا تمنع من وجود قوة (إسرائيلية) تتكون من 4 كتائب مشاة لها كل الحق في التحصينات الميدانية، ولها الحق في 180 مركبة أفراد مدرعة من كافة الأنواع .... ولها الحق في تواجد 4000 جندي (إسرائيلي) وهو رقم كبير بالنسبة (لإسرائيل) ..... وهو حجم من القوات مناسب جدا (لإسرائيل) في هذا الشريط الضيق...(ولإسرائيل) الحق في الطيران على هذه المنطقة وليس لمصر نفس الحق على المنطقة "ج" و (لإسرائيل) الحق في استخدام خليج العقبة استخداما بحريا عسكريا .. وليس لمصر نفس الحق في هذا الخليج، ولا في أي شاطئ آخر على حدودها الدولية ... باختصار (لإسرائيل) كل الحقوق العسكرية في البر والبحر والجو وليس لمصر حق واحد منها....

بغض النظر عن بعد المنطقة "ب" عن المنطقة "ج" بمئات الكيلو مترات .. وبغض النظر عن الوقت الطويل الذي تحتاجه قوات المنطقة "ب" للاستعداد والتحرك والوصول إلى الحدود .. بغض النظر عن هذه الاعتبارات وغيرها من اعتبارات التدخل الدولي .... فإن المنطقة "ب" قواتها محدودة وأسلحتها أيضا فالمسموح لمصر في هذه المنطقة الشاسعة التي تقع في قلب سيناء لا يزيد على أربع كتائب مجهزة بأسلحة خفيفة، وبمركبات عجل (لا جنزير) تعاون الشرطة المدنية في المحافظة على النظام ولا يزيد عدد الأفراد العسكريين فيها على 4 آلاف فرد .. ويمكن لمصر فيها إقامة نقاط إنذار ساحلية أرضية "قصيرة المدى" و "ذات قوة منخفضة" لوحدات الحدود على الساحل .... وليس من حق الطائرات العسكرية المصرية أن تقوم بالاستطلاع فوقها .... إنها محرمة على الطيران المصري مثل المنطقة "ج" .. وفي هذه المنطقة لا تستخدم سوى طائرات النقل غير المسلحة فقط .. ولا يحق لمصر أن تحتفظ بأكثر من 8 طائرات منها .... وإن كان من الممكن استخدام الطائرات الهليكوبتر ولكن بشرط نزع سلاحها أيضا .. ويحق لمصر أن تستخدم في سواحل ومياه تلك المنطقة الزوارق الصغيرة .... ولكن بشرط أن لا تستخدم استخداما عسكريا .. وأن يقتصر استخدامها على دوريات الشرطة وأن يكون تسليحها خفيفا جدا... أي إن أي عدوان (إسرائيلي) على الحدود المصرية لن تستطيع قوات الشرطة في المنطقة "ج" صده .... ولن تستطيع قوات الجيش في المنطقة "ب" ردعه ... بمعنى آخر أكثر من نصف مساحة سيناء يمكن أن تضيع في غمضة عين وقبل أن نفكر في الحركة، والرد، والمقاومة!!..

اما المنطقة الثالثة من سيناء (من ناحية إسرائيل) او المنطقة الأولى من ناحيتنا .. المنطقة التي وصفتها المعاهدة بالمنطقة "أ" : هذه المنطقة يحدها من الغرب "قناة السويس" وخليج "السويس"، ويحدها من الشرق خط وهمي يبدأ جنوبا من عند شرم الشيخ ويسير موازيا للخليج حتى بئر العبد في الشمال فبحيرة "البردويل" فشاطئ البحر المتوسط ويمر هذا الخط الوهمي (من الجنوب إلى الشمال) بجبل موسى ووادي فيران فعين سدر فممرى متلا والجدي .... ويصل طول هذا الخط إلى طول سيناء من الجنوب إلى الشمال أما عرضه فيصل إلى 58 كيلو مترا...وفي كل هذه المساحة الشاسعة لا يحق للقوات المسلحة المصرية أن تتواجد فيها بأكثر من "فرقة" من فرق جنود المشاة الميكانيكي .... وهذه الفرقة تتكون من : (3 ألوية مشاة ميكانيكي / لواء مدرع/ 7 كتائب مدفعية ميدان تضم 126 قطعة /7 كتائب مدفعية مضادة للطائرات تضم صواريخ أرض – جو فردية وما يصل إلى 126 مدفعا مضادا للطائرات عيار 37 مم فأكثر/عدد يصل إلى 230 دبابة / عدد يصل إلى 480 عربة مدرعة من جميع الأنواع /عدد يصل – إجماليا – إلى 22 ألف فرد )...ولو أضفنا إلى هذا العدد الخاص بالأفراد في هذه المنطقة العدد الموجود في المنطقة "ب" فإن كل ما لنا من حقوق في سيناء لا يزيد على 26 ألف فرد عسكري .... وهو رقم بسيط للغاية إذا ما قورن بحجم الجيش المصري ككل .... ولا يزيد على نسبة مئوية أقل من أصابع اليد الواحدة .. وهذا يعني أن الجيش المصري لم تعد مهمته مواجهة (إسرائيل) ولم تعد سيناء موقع تمركزه الأساسي .. وتفتح هذه الحقيقة الباب أمام أسئلة مثل الريح عن دوره ومهمته ووظيفته وعدوه الآن؟! إن معاهدة كامب ديفيد لم تسمح بوجود أكثر من بندقيتين من طراز "آلي" في موقع حراسة "سليمان خاطر" كانت إحداهما معه بالإضافة إلى 300 طلقة...أكثر من ذلك لم يكن مسموحا استخدامها ...


إن التعليمات الواضحة والصريحة كما نفهمها من أقوال ضباط الشرطة الكبار في المنطقة تمنع من إطلاق النار تماما .... ونفهم من هذه التعليمات أن أوامر إطلاق النار لا بد أن تكون صريحة ولا بد أن تأتي من القيادة في القاهرة .. ولم توضح التحقيقات ولا التعليمات ماذا يفعل جنود الحدود بهذه الأسلحة الخفيفة إذا ما تعرضوا إلى هجوم عليهم في مواقعهم؟ .. هل ينتظرون التعليمات من القاهرة؟ .. وماذا يفعلون إذا ما قطعت الاتصالات مع القاهرة وتعذر وصول التعليمات إليهم كما حدث في يونيو 1967؟....إن هذه الأسئلة وغيرها لا بد أنها أصبحت تدور في ذهن كل جندي مصري يقف الآن على الحدود، بعد حادث سليمان خاطر وبعد ما جرى له!...الجدير بالذكر أن هذا الوضع الذي تجد مصر نفسها فيه بعد كامب ديفيد من الصعب الفكاك منه ... وخاصة أن هذا الوضع مضمون (لإسرائيل) من جانب الولايات المتحدة الأمريكية الشاهد الوحيد على المعاهدة .. إن الولايات المتحدة الأمريكية رغم "الزنقة" المصرية في سيناء تأخذ (إسرائيل) في أحضانها .... وتتعهد لها "باتخاذ كافة التدابير لحمايتها إذا ما خرقت مصر المعاهدة" .... وتحت عبارة "كافة التدابير" يمكن أن يوضع الكثير .... مد (إسرائيل) بالمعدات الحربية دون الرجوع إلى الكونجرس .... والتدخل العسكري الأمريكي المباشر إذا لزم الأمر الى جانب فرض قيود الأسلحة علينا "وتنطوي هذه القيود على منع تحويل الأسلحة إلينا" من أي دولة أخرى تحصل عليها من الولايات المتحدة .... وأيضا استخدام كافة الوسائل والأساليب الدبلوماسية والاقتصادية والنفسية والإعلامية الأمريكية لصالح (إسرائيل)... وقد بحثت كل هذه الضمانات والإجراءات فيما سمي بمذكرة التفاهم بين الولايات المتحدة الأمريكية و(إسرائيل)، والتي بحثها الجانبان في أواخر مارس 1979 ...والتى تتعارض والروح السائدة بين مصر وأمريكا ولا تساهم في تقوية العلاقات بينهما !!..الى جانب إن مضمون المذكرة المقترحة يقوم على اتهامات لا أساس لها موجهة ضد مصر والتمهيد لإجراءات ضدها في حالة خرق افتراضية يترك تحديدها بدرجة كبيرة (لإسرائيل)... قى حين المفروض أن تكون الولايات المتحدة شريكا في الجهد الثلاثي للوصول إلى سلام لا أن تدعم ادعاءات طرف ضد طرف !!..هذه المذكرة يمكن اعتبارها تحالفا محتملا بين أمريكا و (إسرائيل) ضد مصر... الى جانب إن هذه المذكرة تعطي الولايات المتحدة حقوقا معينة لم يتم ذكرها أو التفاوض بشأنها معا... حيث تعطي الولايات المتحدة قوة فرض إجراءات، أو بكل صراحة اتخاذ إجراءات رادعة، وهو أمر يثير الشكوك حول مستقبل العلاقات ويمكن أن يؤثر في الموقف في المنطقة كلها... كما إنها تعطي الولايات المتحدة الحق في فرض وجودها العسكري في المنطقة لأسباب متفق عليها بين (إسرائيل) وأمريكا وهذا أمر غير مقبول....الى جانب إن المذكرة تضفي الكثير من الشكوك حول النوايا الحقيقية للولايات المتحدة، خصوصا فيما يتعلق بعملية السلام، إذ يمكن اتهامها بالتعاون مع (إسرائيل) في خلق ظروف معينة تؤدي إلى وجود عسكري أمريكي في المنطقة، وهو أمر سيكون له بالتأكيد نتائج خطيرة وبصفة خاصة على الاستقرار في المنطقة كلها !! ..

كلامى هذا يفضح طبيعة "الضمان" الأمريكي (لإسرائيل) في سيناء وفي غيرها .. ويحدد بدقة مدى الورطة التي تحاصر الجنود المصريين على الحدود .... ومنهم بالطبع كان سليمان خاطر !!... ومما لا شك فيه أن (إسرائيل) لم تكتف بكل هذه الضمانات .... ولم تكتف بكل القيود التي كبلت بها مصر حكومة وجيشا .. وإنما راحت من جانبها تحاول فرض امور جديدة في سيناء تجعلها تشعر أن سيناء لم تذهب من يدها ولم تعد لمصر!!..إن (إسرائيل)، تعتبر "سيناء" منذ يونيو 1967 هي صمام أمنها .. وتعتبرها منذ الانسحاب النهائي منها في أبريل 1982، فرصة "ذهبية" ضاعت منها وهي في اليد اليمين، ولا بد أن تحصل عليها باليد الشمال .... وحتى الآن يوجد من يطالب "بعودة" سيناء إلى (إسرائيل) لأنها على حد قول العميد – احتياطي "متيتيا هوبيلد": "لا تمثل منطقة مصرية لا من الناحية الجغرافية ولا من الناحية التاريخية .... وليس لمصر أي شيء بها، تماما مثلما ليس لمصر أي شيء في خليج إيلات" وقد أضاف: "لقد استغلت مصر شبه جزيرة سيناء استغلالا سيئا كقاعدة للهجوم على (إسرائيل) ثلاث مرات خلال عشرين سنة، ولا يمكن أن نسمح لها بمرة رابعة" !!..وقال الكاتب الصهيوني "شيلما جازيت": "إن (إسرائيل) قد قدمت مقابلا ضخما لمصر في مقابل توقيع معاهدة السلام، إذ تنازلت عن 90% من الأراضي التي احتلتها في حرب يونيو 1967، وتنازلت أيضا عن ثروات اقتصادية هامة (حقول بترول خليج السويس)، أضف إلى ذلك التنازل عن أمن (إسرائيل) الذي تعرض للخطر من جراء سحب قواتها المسلحة شرقا إلى ما بعد الحدود الدولية"...وأضاف: "ولكن نحن في مقابل هذه التنازلات سنسعى للحصول على امتيازات اقتصادية وسياحية لنا في سيناء .. لقد تعودنا على التعامل مع سيناء ولا ينبغي أن نقطع هذه العادة"...

(إسرائيل) لم تتخلص من عقدة أن سيناء كانت جزءا منها .... وتتصور أن رجوعها لمصر تنازل منها دفعت في مقابله ثمنا باهظا .... من البترول المصري والثروات المصرية التي استنزفتها طول سنوات الاحتلال وتؤمن أنها لا بد أن تأخذ مقابلا لهذا التنازل!!..والمقابل الذي تتصوره (إسرائيل) أن تصبح علاقتها بمصر بقرارات رسمية مثل "السمن على العسل" .... خاصة في سيناء، حيث رسمت لها (إسرائيل) خططا متناهية الدقة .... مثل : فتحها على البحري وبدون قيود أمام السياح (الإسرائيليين) .. والاستثمار المشترك في مزارع تجريبية وفي التنقيب عن البترول .. وفي المشروعات السياحية .... والقيام بأبحاث مشتركة عن الصحراء وتوطين البدو ... إلخ...لكن من بين كل هذه الأحلام لم تستطع (إسرائيل) أن تحقق سوى حلم التطبيع السياحي وأن تنجح في الحصول على مميزات سياحية في سيناء .... إن هذه المميزات كانت غير معروفة للرأي العام المصري قبل حادث سليمان خاطر ... وقد اضطرت تحقيقات الحادث لكشفها دون أن تقصد بالطبع !!...من هذه المميزات دخول السياح (الإسرائيليين) إلى سيناء بدون جواز سفر وبدون تأشيرة دخول وبدون تحويل عملة ... إن البطاقة الشخصية (الإسرائيلية) تكفي للدخول !!... وتكفي للتجول بحرية في كافة أرجاء سيناء حتى نفق الشهيد "أحمد حمدي"، فإذا ما أراد أي سائح (إسرائيلي) عبور النفق وجب عليه إبراز جواز سفره وتحويل ما يفرضه القانون من عملات صعبة بالسعر الرسمي!!...ومن هذه الميزات تغيير لوحات السيارات (الإسرائيلية) للسياح القادمين بسياراتهم إلى لوحات مصرية ... على أن تستبدل اللوحات المصرية الأصلية عند العودة إلى (إسرائيل) ... ويبدو أن هذا الإجراء لحمايتهم من اعتداء المصريين عليهم، والذين قد يكتشفون هويتهم من لوحات السيارة المكتوبة باللغة العبرية ...ومن هذه المميزات السماح للسياح (الإسرائيليين) بنصب الخيام وإقامة المعسكرات وصعود الجبال واختراق كل الطرق بالدراجات العادية والبخارية ....وهناك بالقطع درجة كبيرة من التساهل في التعامل معهم .. وقد ذكر المحامي (الإسرائيلي) "جيرا كورن" في شهادته أمام النيابة العسكرية بعد الحادث، أن المصريين عند إحدى نقاط الحدود سمحوا له بالدخول دون أن يغير لوحات سيارته على أساس أنه سيعود إلى سيناء مرة أخرى...

وهذه المعاملة التي يلقاها السائح (الإسرائيلي) في سيناء لا يجدها المواطن المصري الذي يفكر في الذهاب إلى هناك لإنه سيقف في كل نقاط التفتيش تقريبا وستفتش سيارته تفتيشا دقيقا .. وسيصادر منه كل ما يعتبر خطرا، مثل زجاجة "سبرتو" سيستخدمه في إشعال نيران فحم سيشوي عليه قطع اللحم وكأن هذه الزجاجة زجاجة "مولوتوف" حارقة .. وواضح أن مثل هذا الإجراء لحماية (الإسرائيليين) الذين يتواجدون باستمرار وفي كل الفصول فى سيناء ... وممنوع على المصريين الاقتراب من بعض النقاط بحجة أنها نقاط عسكرية !! وممنوع عليهم الاقتراب من الشواطئ بعد الغروب .. وممنوع عليهم الصعود لبعض الجبال في بعض الأوقات ... ممنوع عليهم ما هو مسموح به ( للإسرائيليين) !!!..إن هذه الممنوعات التي تلاحق كل مصري يفكر في زيارة سيناء، جعلت البعض يتساءل عن رد فعل السلطات المصرية لو كان الذين تعرضوا لرصاصات سليمان خاطر من المصريين؟ .. هل كان التحقيق سينال كل هذا الاهتمام؟ .. هل كان نائب مأمور شرطة "نويبع" سيحمل الجثث على ظهره وينزل بها من فوق التل؟ .... أم كان سيقال إنها نقطة عسكرية تقضي التعليمات بإطلاق النار على كل من يقترب منها؟!..ومما لا شك فيه أن (الإسرائيليين) يتجاوزون كل المميزات الممنوحة لهم في سيناء وأشهر هذه التجاوزات، قصة اليخوت والزوارق (الإسرائيلية)، التي تسللت إلى المياه الإقليمية المصرية هناك بدون تصاريح ... وقد أدى ذلك إلى إطلاق النار من جنود شرطة مصريين على أحد هذه الزوارق .. ونشر الخبر في الصحف المصرية قبل فترة ليست قليلة من حادث سليمان خاطر .... ولأن أحدا من راكبي الزورق (الإسرائيلي) لم يصب، فقد مر الحادث دون ضجة ودون أن تقوم القيامة (الإسرائيلية) وبعد أن تفاهمت الحكومتان المصرية و (الإسرائيلية) !!..

الوثائق السرية للمخابرات الأمريكية التي وجدت في إيران بعد ثورة الخميني وخلع الشاه عن (المخابرات الإسرائيلية) لا تمنع أن يقوم السياح (الإسرائيليون) في سيناء بالتجسس لحساب مخابراتهم بل على العكس تشجع ذلك .. ويسمى هؤلاء بالعملاء الذين يتواجدون تحت "غطاء غير قانوني" .. وهؤلاء على عكس العملاء الذين يتواجدون تحت غطاء قانوني، وهؤلاء هم الذين يعملون في السفارات، وبعثات المشتروات (الإسرائيلية)، ومكاتب السياحة وشركة "العال" للطيران وشركات البناء والمجموعات الصناعية .... والعملاء تحت الغطاء غير القانوني عادة ما يكلفون "بالتسلل إلى الأهداف التي يتطلب الاقتراب منها وقتا طويلا ودهاء واسعا أو يقومون بأنواع من النشاط لا يمكن أن تلام عليها الحكومة (الإسرائيلية) رسميا بأي حال" .. ويتبع هذا النشاط "الموساد" أو جهاز المخابرات السرية...وهناك أيضا الــ "شين بيت" أو جهاز مكافحة الجاسوسية والأمن الداخلي .. وهذا الجهاز يضم ثمانية أقسام على رأسها قسم "الشئون العربية" .... وله أقسام "إقليمية فرعية" على رأسها قسم "منطقة غزة وسيناء" ورئاسة هذا القسم في "عسقلان" .... وحسب الوثائق المذكورة "اخترقت" الشين بيت "عددا كبيرا من التنظيمات العربية وذلك باستخدام المخبرين .... وبالتعاون مع بعض السكان المحليين" .... وحسب نفس الوثائق: فإن العاملين بالشين بيت "متخصصون في دخول الأماكن المختلفة، وهم يستخدمون آلة تصوير خاصة يمكن حملها بسهولة" ..... "وقد نجح فنيو "الشين بيت" في إخفاء أجهزة إرسال لاسلكي في حقائب صغيرة، وفي قاع "كنكة" القهوة، وفي قاع بعض أفران الطبخ التي يمكن استخدامها دون المساس بالجهاز الدقيق"...وهناك كذلك المخابرات العسكرية التي تضاعف نشاطها دائما على الحدود!!..إن هذه المعلومات السريعة تقرب الصورة من أذهاننا صورة السائح (الإسرائيلي) الذي يحمل كاميرا صغيرة ... ويمكن أن يضع جهاز الإرسال في "كنكة" القهوة .. ويأتي إلى سيناء للغوص أو للسباحة أو للاستمتاع بحمام شمس .. وهذه الصورة على هذا النحو يمكن أن تنطبق على تصرفات جماعة السياح التي صعدت إلى موقع سليمان خاطر ..... ويمكن أن تحل لغز وصول المعلومات إلى داخل (إسرائيل) قبل أن يصل المحامي "جيرا كورن" إلى نقطة الحدود ويمكن أن تفسر أشياء أخرى كثيرة جاءت مع الحادث!!!..باختصار .. نجحت (إسرائيل) – عن طريق المعاهدة مع النظام المصري – في نزع سلاح أكثر من نصف سيناء ونجحت – بالاتفاق الخاص مع الأمريكان – في وجود ضمانات لا حد لها ونجحت – باتفاقيات التطبيع – في أن تكسب مميزات خاصة لها في سيناء لكنها .. رغم ذلك كله أطلقت السياح القادمين من داخلها إلى سيناء للاستفزاز والتجسس !!.. لقد فتح سليمان خاطر – دون أن يقصد – عيوننا على أشياء كانت غائبة عنا .. فعلها سليمان خاطر وذهب وكان مثل السيد المسيح الذي قال كلمته ومضى !!..

حمدى السعيد سالم



#حمدى_السعيد_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلاح الصحافي قلمه وعدسته... وحمايته تقع على عاتق الدولة
- امريكا تستخدم تفجير مقر جمعية -آميا- اليهودية الأرجنتينية لل ...
- الاخوان والامريكان تاريخ طويل من العمالة !! فلما الانكار؟؟
- جاسوسة عراقية هى السبب الرئيس لاقالة وزير داخلية مصر حسن الا ...
- اعلان ماسونى يهدد مرسى ... كل عميل بالاشارة يفهموا يامرسى
- بانوراما ثورة 25 يناير
- الجنيه ابو شفايف
- حقيقة زويل وكيف تفكر ادارة اوباما
- السرج الذهبي لا يجعل الحمار حصاناً يامرسى
- محارق الهولوكوست الاخوانية القادمة
- نشرة الفراخ الدستورية
- حتى لو ماتت ديانا فسوف يبقى الحب
- امرأة دخلت بالحب حياتى
- اقرؤوا تصحوا
- مرسى ورحلة الصعود من الكهف الى القصر
- قالت لى ... وقلت لها
- هل تصبح مصر فريسة الثيوقراطية
- حلمك ياسى اوردغان بلدكم نهب مصر
- سياسة ساعد عدوِّي، وساقوم بمساعدة عدوَّك
- مرسى العياط غير تاريخ العالم بخيانته لصديقه عالم الصواريخ


المزيد.....




- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - سليمان خاطر القديس الذى فتح أعيننا على أشياء كانت غائبة عنا ورحل