أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مديح الصادق - الصِّياغةُ اللُغَويِّةُ للخِطابِ قد تُشعِلُ حرباً، وقد تُخمِدُها














المزيد.....

الصِّياغةُ اللُغَويِّةُ للخِطابِ قد تُشعِلُ حرباً، وقد تُخمِدُها


مديح الصادق

الحوار المتمدن-العدد: 3955 - 2012 / 12 / 28 - 10:21
المحور: المجتمع المدني
    


لا أدري - وأنا أجترُّ همومي مُغازلا رشقات الثلج على نافذتي آخر الليل - ما الذي ذكَّرني بحكاية قد نقلتُها لقرائي من قبل؛ كانت تحت عنوان ( إنَّ في الأمر إنَّ ) وكيف تخلَّصَ من موت مُحقق بطلُها، عالمُ البلاغة ابنُ سنان الخفاجي، المُلقَّب بالأمير؛ بفضل صديقه المخلص، كاتب حاكم حلب، الذي ختم رسالة الحاكم التي حررها له بعبارة ( إنَّ شاء الله ) بدلا من ( إنْ شاء الله ) المُتداوَلة عند الناس؛ لتكون تحذيرا له - وهو أمير إحدى ولايات حلب - من مُخطَّط مرسوم له بقطع الرأس عند القدوم لحاكمها، ما الذي دفع الخلفاء والولاة والسلاطين لاختيار علماء اللغة والبلاغة ليحتلوا مواقع الصدارة فيما يُسمى آنذاك بدواوين الإنشاء؟ حيث منها يخاطبون عُمَّالهم على الأقاليم، والرعيَّة؛ بما يوصلهم للغايات التي إليها يهدفون؛ الصاحب بن عباد، عبد الحميد الكاتب، أبو إسحق الصابي، وغيرهم كثير ممن لم تنصفهم كتب التأريخ؛ ولعل عودة بسيطة لما ترسَّخَ في أذهاننا من مفاهيم لعلوم البلاغة، والأسلوب؛ قد خففت عنا عناء الجهد بالتفكير المُقِضّ.

البلاغة كما وصفها علماؤها: مطابقة الكلام لمُقتضى الحال، مع فصاحته؛ والحال هو الموقف الذي يتطلب نوعا من الكلام الذي يناسبه، فنسمي صيغة هذا الكلام مقتضى الحال، وقد اختصرها بعضهم بعبارة: خير الكلام ماقل ودل، بكل ما تحمله من معانٍ جسام، وقال غيرهم: إن فيها بلوغ الغاية، والغاية - طبعا - هي إيصال المعنى المقصود، بأبسط صورة، وأجملها، وعلى أهميتها فقد قسموها إلى: علم المعاني، علم البيان، علم البديع؛ ولكل علم منها فروع وفنون؛ وكتب فيها علماء كثيرون، منهم ناقلون عن غيرهم، ومنهم مُبدعون؛ وكل تلك الجهود تصب في هدف واحد، أن يصل الكلام للمتلقي بشكل يوصل الأفكار إليه بأيسر صورة، وأوضحها، وأجملها.

لقد استرجعتُ شريطي اليومي مما اختزنته من مشاهدات لما قرأت على ما توفر بحوزتي من ورق مُلوَّن عليه طُبعَت كثير من الأكاذيب، ومواقع النت، أو الفيس بوك، وما شاهدته على شاشات التلفاز التي أمقتُها؛ لا لكثرة الأخطاء اللغوية للمذيعين والمذيعات، ومن يستضيفون من تجار السياسة، ودعاة الدين؛ أو ما يظهر منها على الشريط الإخباري؛ بل لأنها دعارة العصر بعينها؛ على حصرانها يُضاجع الكذابون عذارى النقي من الأفكار؛ أعدتُ الدواليب عكس دورتها وعند ما يستحق الوقوفَ توقفتُ؛ وقفتُ على أن ما يجري من حروب؛ كلامية، أم بالذخيرة الحية كانت؛ على مستوى العالم بأسره، أم على ساحاتنا وعلى كل المستويات؛ مرجعها - غالبا - ابتعاد الذين بالحجارة قد تراشقوا عمَّا يستوجب عليهم أن يجيدوه من أساليب الحوار، الحوار الذي يفرضه حال العالم في هذا العصر؛ وما ابتكره بنو الإنسان - العاقلون طبعا - من صيغ بها يستعين الحاكم، والقائد، والمسؤول،على مَنْ هم بمسؤوليته، من رعية القوم.

دعوة تلك، لكل من إليها هو مُصغٍ بكل اهتمام، أنْ افهموا أسراراً في العربية لا يستغني عنها غني أو فقير، جاهل أو متخوم بالعلم، عبدٌ تابع على أمره مغلوبٌ أو سيِّد بإيذائه ينشد اللذات، حاكم عادل أو مُستبد؛ ففيها تجنب واحتراز للكثير من الهفوات، ونجاة من أخطر المنزلقات؛ وما أكثرها في العصر هذا تلك المنزلقات! فكم من حرب أشعلها الذين لم يُدركوا الأسرار بسوء استخدامهم لحرف الجر في خطابهم لمن يخاصمون، أو إخفاقهم باختيارهم صيغة الاستعارة أو التشبيه؛ وقد يجهلون أنَّ تحققَ الفعل مع أداة الشرط ( إذا ) غير الجازمة أكثر منه مع أداة الشرط ( إنْ ) الجازمة لفعلين، وأنَّ ليتَ لتمني المستحيل ولعلَّ لطلب المُمكن؛ وأنَّ استخدام لفظ نابٍ أو شتيمة يعكس إخفاق صاحبها في إدارة الأزمات، وقد ينفخ بذلك نارا تحت الرماد فتُشعل الأخضر والهشيم، منهم من لا يعلم أنَّ مخاطبة القائد للرعية، أبنائه - المتخاصمِين - حال من أحوال البلاغة يستوجب التروي في إصدار الأحكام، وعدم التفريط بأي شق من العيال - وإن خالفهم في الرأي - أو رأى أنهم له أو لأتباعه مُسيؤون؛ وتلك - لعمري - خصال القادة الحكماء الشجعان؛ وما أفقرنا إليهم في هذا الزمان الصعب؛ فعلى رقعة الشطرنج ملوك تأسرُهُم كؤوسٌ وغوانٍ، ويُحيطهم مُرشِدون جاهلون؛ فلا هُم بألبابهم يستكفون، ولا بمَن حولهم من ذوي البصائر يسترشدون.



#مديح_الصادق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خيطُ الدِما من بغدادَ إلى الشامِ... قصة قصيرة
- أوَّل شِيخته شَرَّم تراجيها
- عَزفٌ مُنفرِدٌ على الناي.. قصَّة قصيرة
- عركة بَلَشْتِيَّة .. قصة قصيرة
- محروس بحرز السيِّد، شرهان
- الأركان الأساسية في كتابة القصة الفنية
- النار لا تحرق سوى الهشيم .. قصة قصيرة
- في بيتك - يا أكيتو - يلتقي العراقيون، لمناسبة عيد رأس السنة ...
- للعيد 78 لميلاد الحزب الشيوعي العراقي: هُمْ يأفَلُونَ ونجمُك ...
- شرَيْدَه اليوم شيخ العشيرة
- عامِر مضيفَك، حَجِّي مِحْكَان
- كاكه شاهين: عربي نه كه هشتم
- لسْتُ بَحثيِّاً، ولا شُوعيِّاً؛ أنا مُخْراطي
- ( فهد من مات؛ ذب ضيمه على عتيوي )
- مِنْ أخطاءِ الكتابةِ : مَنعُ المَصْروفِ، وصَرفُ المَمْنوعِ
- لكيلا نُخطِئ في الكتابة؛ مواضع همزة الوصل أول الكلمة
- أميثاقُ شرفٍ لِمَنْ ليسوا بشرفاء قط ؟
- أوقفوا مجازركم بحق معسكر أشرف، أيُّها الديمقراطيون
- اليسارُ والشيوعيَّة، وربيعُ الثوراتِ العربيَّة
- من أخطاء الكتابة، إهمال علامات الترقيم


المزيد.....




- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان
- التوتر سيد الموقف في جامعات أمريكية: فض اعتصامات واعتقالات
- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مديح الصادق - الصِّياغةُ اللُغَويِّةُ للخِطابِ قد تُشعِلُ حرباً، وقد تُخمِدُها