أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مديح الصادق - أوَّل شِيخته شَرَّم تراجيها














المزيد.....

أوَّل شِيخته شَرَّم تراجيها


مديح الصادق

الحوار المتمدن-العدد: 3898 - 2012 / 11 / 1 - 08:22
المحور: كتابات ساخرة
    


الخيزران عصا طويلة العود، ممشوقة القامة، طولها فارع، كم تغنى بجمال عودها الشعراء! وكم ردَّد المُطربون أشعار الشعراء!؛ فقد استعير لفظها ليعني الرقة والجمال، واستعاره آخرون ممن يهيمون بحب السلطة والجاه والقوة، أو من يكرهونها إذ يرون فيها استلابا لكرامة الإنسان، وغمط حقوقه التي نصت عليها شرائع السماء، وأوجبتها قوانين الأرض، فكم من فلاح فقير لم يقوَ على سداد دينه نبتت على ظهره آثار من تلك الخيزران!، وكم من مناضل سالت دماؤه منها! لا لذنب إلا لأنه عشق الناس والوطن، وما أرهبته عصا الجلاد؛ أما الحصان الأشهب فذلك حلم به يتسلى أبناء العشيرة؛ كي ينسوا ما هم عليه من شقاء؛ شيخهم يمتطيه مُنتصبا وسيفه على اليمين، واليسرى استقر عليها مسدس من صنع الألمان، على الصدر تقاطع صَفَّان من الرصاص؛ والمساكين بطونهم خواء، أكواخهم بها تعصف الريح من كل الجهات، بأطفالهم تفتك الطواعين بلا مواعيد؛ لكنهم سعداء بأن لهم شيخا على موائده يلتف أفراد الحكومة والكبار من الموظفين، إنها لمأساة أن يعبد المصلوبُ جلاَّدَه، ويهيم شوقا بمن يقتطع من فيه لقمة غمَّسها بعرق من جبينه والدم

و( مِحكان ) قضى نصف عمره يحلم، بالخيزران، يقظة وفي المنام، آدمية ما مس جلدها البض سوى الحرير، وما داعب معصميها إلا أساور الاثنين والعشرين، من ذهب عالي العيار، وعلى جيدها منه القلائد والأطواق، بها تحِفُّ الوصيفات، وكل ما تأمر به يُجاب، غنج بمشيتها، وفي حديثها شحة ودلال؛ لا تجود على جلاسها غير بضع من الإشارات، إن مرَّت على مجمع للرجال يُخرَس مُحدِّثُهم، ويعيدون الوضوء لو كانوا عازمين على صلاة، وهي ابنة الشيخ الكبرى، من أولى الزوجات، وأمها هي الأخرى خيزران، أورثتها كل ما توصف بها المرأة من تقاسيم الجمال، حسن التدبير، ورقة الحديث

وخيزران أخرى يحلم بها (مِحكان)، عصا السطوة والسلطان، ومقعد يتوسط الديوان، عبيد يخدمون، ومستشارون بهم يستنير، وجلادون ينزعون الجلود ممن منه يعجزون عن نزع حصة الشيخ من المحصول، ومُفتٍ على أفعاله يُضفي صفة الشرع، وساحتَه يُبرئ من ذنوب تنال الفقراء؛ لكن لاعليك يا (مِحكان) ؛ لستَ بحاجة للوعاظ ساعة تُمسكُ بالخيزران، والحصان، والديوان؛ صبرا جميلا، وحسن تدبير، وشيئا من الحيلة والغش، وكل ذاك منه تمكنتَ بمدرسة عمِّكَ الشيخ، أولاد عمك ما زالوا صغارا في الملاعب يمرحون مدللين، أمهاتهم الناعمات لم يعددنهم لتولي الزعامة؛ فيما لو شاءت الأقدار وفارق عمُّكَ الحياة، ما عادت مؤجلة أحلامك، يا شيخ العشيرة المؤَجَّل؛ مِحكان

قد يفلح الأشرار في نيل أهدافهم الشريرة مثلهم، فلا حدود في قواميسهم تفصل الخير عن الشر، وليس للخير معنى عندهم سوى ما به يُجمِّلون أفعالهم، وعليها يرسمون ملامح المقبول، التدين المُفرَط به تارة، وتارة في ارتداء جبة الحكماء، يعقدون المجالس، والبسطاءَ يُفحمون بما أعدُّوا من خطب جوفاء، وخلف الأسوار تُحاك لهم خطط خبيثة ومشاريع احتيال؛ و(مِحكان) ما كان إلا من نفس ذلك المعدن الرديء، فالإقطاع في زمن الإقطاع لم يكن سلطة متوارثة تقود العشيرة، للسلم تارة، وتارة للحرب؛ بل هي امتلاك لكل ما يسعى على الأرض من دواب، ومن يلوك ترابها كي يمضغه العاطلون، النائمون في الظلال، وعليه أن يُهِّيئ أرضية ممن حوله ليستعد للَّحظة الحاسمة عندما يودِّع عمه الشيخ جنة عاد، وفي مجتمع كهذا ليس صعبا أن تُعِدَّ جيشا من الأتباع الموالين، كفُّك تقطر زيتا، وفي جيبك شيء من الخرخشات، ولك مطبخ لاتخمد من تحت قدوره النار؛ فالناس جياع، والجائع أعمى يستدل بمن يمس عصاه

على حاله اطمأن، عامر الديوان، لا تخمد له جذوة، ولا تفارق عتبة داره الكلاب، ولم يبق في طريقه سوى عقبة لو عجَّل في دفعها لابتسمت له الدنيا كما أراد؛ بل كما راودته الأحلام طول العمر؛ ولا عليك من ذنوب يحذر منها وعاظ الدين، وما موعود به الظالمون يوم الحساب؛ ألم يقولوا إن الله غفور رحيم
وهاهي ابنة عمه الخيزران تسابق الفراشات، تتوسد ريش النعام، وهو لا شيء بالنسبة إليها، إلا يتيم، وحيد أمه، يتلقى ما يجود به عمه من إعانات، وعمه طبعا لا يزوِّجها إياه؛ فهي درَّة، والدرة ورقة بيد صاحبها؛ يختار المكان الذي به يضعها كي يحقق بها مبتغاه؛ إما أن يصاهر بها عشيرة قوية، بها قوة يستزيد؛ أو يقايض بها، وبالأحمر يُطلي شيباته، فيكمل بالرابعة ما حلله على الرجال الدين؛ هو غاسل يديه - إن ظل عمُّه على قيد الحياة - من خيزرانِهِ حتى المرفقين

الفاسد - في عرف القرية - من يقود من خارجها إلى أهلها السُرَّاقَ والمُفسدين، وهو الأعرف بما فيها من شعاب ووديان؛ وإن تمكن الفاسد هذا من امتطاء ظهور الذين يدينون له بالولاء؛ فإن تلك الصفة الرذيلة تستبدل بما يناسب سلطته الجديدة، وعندها يتفنن الطبالون في نحت الغريب الجديد من الألقاب؛ وإن كان في بعضها شرك بالواحد الذي يعبدون؛ وذاك ما آل إليه الحال مع القرية المنكوبة التي قاد (مِحكان) إليها مَنْ بهم استعان من شذاذ الآفاق، ومَنْ لم يخرجوا منها إلا وهي أطلال، جميلاتها بالسواد توشَّحنَ، وهاجرت نوارسُها صوب المجاهيل، نخيلها مَسَّه العقم، وجفت منابعها، وغرَّد البوم على الأطلال؛ كل ذلك كي يحقق حلمه، (مِحكان) ؛ بأن يسابق الريح من على ظهره، الأشهب الأصيل، وباليمنى يُلوِّح بالخيزران، ويبعث بالحناء والبخور مَهراً للخيزران؛ الخيزران التي فرَّط عِقدها، ألبسها الأساور قيدا في المعصمين، ضفائرها تخضَّبت بالدم؛ في أول يوم حقق حلمه، الشيخ مِحكان



#مديح_الصادق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عَزفٌ مُنفرِدٌ على الناي.. قصَّة قصيرة
- عركة بَلَشْتِيَّة .. قصة قصيرة
- محروس بحرز السيِّد، شرهان
- الأركان الأساسية في كتابة القصة الفنية
- النار لا تحرق سوى الهشيم .. قصة قصيرة
- في بيتك - يا أكيتو - يلتقي العراقيون، لمناسبة عيد رأس السنة ...
- للعيد 78 لميلاد الحزب الشيوعي العراقي: هُمْ يأفَلُونَ ونجمُك ...
- شرَيْدَه اليوم شيخ العشيرة
- عامِر مضيفَك، حَجِّي مِحْكَان
- كاكه شاهين: عربي نه كه هشتم
- لسْتُ بَحثيِّاً، ولا شُوعيِّاً؛ أنا مُخْراطي
- ( فهد من مات؛ ذب ضيمه على عتيوي )
- مِنْ أخطاءِ الكتابةِ : مَنعُ المَصْروفِ، وصَرفُ المَمْنوعِ
- لكيلا نُخطِئ في الكتابة؛ مواضع همزة الوصل أول الكلمة
- أميثاقُ شرفٍ لِمَنْ ليسوا بشرفاء قط ؟
- أوقفوا مجازركم بحق معسكر أشرف، أيُّها الديمقراطيون
- اليسارُ والشيوعيَّة، وربيعُ الثوراتِ العربيَّة
- من أخطاء الكتابة، إهمال علامات الترقيم
- يُلقى القبضُ على هادي المهدي .. لمناسبة أربعينية الشهيد، أقا ...
- صغيرةٌ على الحُبِّ ... شعر


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مديح الصادق - أوَّل شِيخته شَرَّم تراجيها