أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صالح سليمان عبدالعظيم - مصران














المزيد.....

مصران


صالح سليمان عبدالعظيم

الحوار المتمدن-العدد: 3955 - 2012 / 12 / 28 - 01:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لا يمكن لأى متابع للشأن المصري الحالي ألا يلحظ أن مصر أصبحت مصرين. كنا في السابق نتحدث عن تجانس مصر وسهولة العيش فيها، شعب واحد وأرض واحدة، رغم اختلاف الجغرافيا والطباع ومستوى الانفتاح. كنا في السابق نعيش جنبا إلى جنب نخبة وعوام، مسلمين وأقباط، فقراء وأغنياء، ليبراليين ويساريين وإسلاميين، صعايدة وفلاحين وقاهريين، ولم نكن نشعر بحجم هذا الاختلاف الهائل الذي نستشعره الآن، ومستوى العداء الذي نكنه لبعضنا البعض. ورغم وطأة النظام السابق، وحماقة سياساته، فقد كنا نشعر فعلا بالكلية الجمعية التي تمثل ثراء أى مجتمع وعظمة بقاءه واستمراره. كانت مصر توليفة جميلة بكل ما فيها من بعض القبح وشدة الفقر وهيمنة النظام، كانت مصرنا جميعا، ولم تكن يوما ما لفصيل معين، وإنتماءات سياسية أو دينية محددة. لم نكن نشعر بهؤلاء القادمين من أعماق الكراهية والرغبة الهائلة في التقسيم والتشتيت وتصفية الحسابات، كانوا يعيشون بيننا وهم يمقتوننا ويزدرون أنماط حياتنا، ويصنفوننا أهل كفر مقارنة بهم أهل الإيمان!
نجح الإخوان بامتياز، فيما لم ينجح فيه أحد قبلهم، في تقسيم مصر، من أجل مشروع سياسي أحمق، يحقق لهم الاستفراد والهيمنة والاستعلاء. وعلى جثث المصريين وتجانسهم وعبقرية بقائهم، استطاع الإخوان أن يقسموا مصر قسمين، قسم مع وقسم ضد. وهو أمر ظهر واضحا من خلال الاستفتاء على الدستور، دستور الإخوان، الذي أظهر حجم الإنقسام جليا واضحا لا تخطأه العين، رغم مزاعم الموافقة عليه.
وبعيدا عن دستور الإخوان والسلفيين الذين يتصورون أن كل شيئ سوف يتحقق بعد تمرير هذا الدستور، دستور العار والتدليس، فإن الواضح أن حالة الإنقسام مستشرية بشكل كبير في كافة أرجاء مصر، في الأسرة الواحدة، المدارس، الجامعات، المؤسسات والمصالح الحكومية، الوزارات، سيارات النقل العام، المقاهي، لن تجد حديثا إلا وينتهي بخلافات جمة بين المصريين قسم يؤيد وآخر يعارض، حتى يصل الأمر إلى الاشتباك والتراشق. لن تجد برنامجا تليفزيونيا إلا وينتهي بعراك وسباب، رغم محاولة الضيوف ادعاء الأدب والتزام الحيدة والموضوعية. لن تجد فصيلا واحدا في مصر يمكن الاعتماد عليه كركيزة للإنطلاق لجمع شمل المصريين، ولم بعثرتهم، وعراكهم اليومي المستطير. حتى الشيوخ الذين كنا نظن فيهم التعالي على الصراعات والدعوى بالموعظة الحسنة طالتهم حمى الاختلاف، وأصبحنا لا نسمع منهم إلا السباب بطريقة لم تعهدها مصر في أسوأ عصور الإنحطاط التي مرت بها. نرى شيوخا لا هم لهم سوى تعقب الآخرين والنيل منهم، من كان يصدق أن العالم ضاق بهم وبأفكارهم بحيث لا يجدون فيه سوى مطاردة برنامج كوميدي ومحاولة النيل من مقدمه، واستعداء الآخرين عليه، تعطشا لإراقة الدماء، وإثبات الذات الهمجية المتغطرسة.
كيف انجرت مصر إلى ذلك المستوى؟ وكيف أصابها هذا الإنفلات الجمعي الذي يُنبأ بمستويات غير محمودة من التقسيم الفعلي، وويلات الاحتراب الأهلي؟ وهل تواجه مصر ما آل إليه الوضع في إيران من سيطرة حكم الملالي الإخواني السلفي الجديد؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما هو الحل؟ وما هي إمكانية الخروج من هذا الوضع الخطير؟
لا يرى الإخوان وأتباعهم في مصر إلا مجرد ساحة لمشروعهم الإسلامي غير واضح المعالم على الإطلاق. ويعتقد الإخوان كذبا أن الآخرين يعارضون مشروعهم الإسلامي كراهية في الإسلام وتعاليمه، ولا يرون أنهم لا يمتلكون مشروعا إسلاميا حقيقيا بالأساس. وهنا تكمن الخطورة الحقيقية فيما تواجهه مصر الآن. فالمصريون منقسمون فيما بينهم بخصوص ما يطرحه الإخوان والسلفيون وغيرهم من التيارات الإسلامية الأخرى، حول مشروع إسلامي جديد لمصر وربما في أحلامهم للمنطقة العربية والعالم الإسلامي، والمشكلة هنا أننا لا نجد مشروعا فعليا له ملامح محددة وأسس حقيقية يمكن أن تستند إليه القوى الاجتماعية على اختلاف مشاربها وتوجهاتها الأيديولوجية، بقدر ما نجد شكلا من أشكال الدعوة في أبسط أشكالها البدائية التي لا تليق بمجريات الأمور في القرن الواحد والعشرين.
الإنقسام الحادث في مصر هو انقسام حول مشروع وهمي للإخوان لم تتحدد ملامحه أو أطره الفعلية التي تظهر شذرات منه من خلال دعوات المرشد المتحيزة، وأحاديث العريان الصادمة، وخطب القرضاوي الملتوية. وهي شذرات قد تحدث تأثيرها في قرى مصر الفقيرة، بينما لا تلقى رواجا في عاصمتها المستنيرة أو بين أرجاء المحافظات الأكثر تعليما ودراية مثل المنوفية والغربية والجيزة.
الواقع أن الانقسام الحالي في مصر، رغم جانبه الوهمي الذي جرنا إليه الإخوان، انقسام بين العلم والتخلف، الوعي والاستلاب، الكرامة والخضوع. انقسام تظهر فيه القاهرة واعية بمكانتها وناسها وقدراتها، بحيث تظل شوكة في حلق الإخوان وأتباعهم، شوكة في حلق من يريدون الهمينة علينا بمشروعاتهم الوهمية الضبابية الظلامية!!



#صالح_سليمان_عبدالعظيم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة عصام العريان!!
- الديمقراطية الليبرالية وإحياء موات الطبقة الوسطى
- تصريحات المشير البلهاء
- المشير لا يجب أن يخرج من بيته بعد اليوم
- يسقط يسقط حكم العسكر قتلة الأهلاوية في بورسعيد
- جيش الاحتياط من البلطجية للحفاظ على الإنفلات الأمني
- عسكر ماركة حسني مبارك بالعامية المصرية!!
- مصر هي التحرير
- هل ينطبق قانون -إفساد الحياة السياسية- على المجلس العسكري؟!!
- العسكر والشرطة والإخوان والبشري وأبوغازي
- جهاد الخازن، آن لك أن تستريح مثل مبارك -المخلوع-!!
- هل الفوضى جديدة في مصر؟!!
- ملاحقة رجال الشرطة المتورطين في قتل المصريين
- السلفيون ومليونية اطلاق اللحى!!
- فهمي هويدي، حينما تكون الكتابة عن التدليس تدليسا
- قراءة متعارضة لمقالة عبد الرحمن الراشد،عنوان المقالة المتعار ...
- شباب الإخوان المسلمين
- بين التحرش بخادمة وبين اغتصاب شعب، حاكموا حسني مبارك وأسرته
- حاكموا مبارك بأسرع ما يمكن
- الثورة المصرية وانكشاف الممثلين


المزيد.....




- بوتين يثير تفاعلا بحركة قام بها قبل مغادرة ألاسكا بعد لقاء ت ...
- أناقة بلا أخطاء.. الأصول الكاملة لاختيار النظارات الشمسية
- مصر.. تدوينة تطلب بمنع الخليجيين من أم الدنيا ونجيب ساويرس ي ...
- -التهديد بحرب أهلية-.. نواف سلام يرد على أمين عام حزب الله
- ترامب نقلها باليد خلال قمة ألاسكا.. رسالة من ميلانيا إلى بوت ...
- قمة ألاسكا بلا اتفاق نهائي… ترامب يمنح اللقاء -10 من 10- وبو ...
- اختتام قمة ترامب ـ بوتين في ألاسكا دون اتفاق بشأن أوكرانيا
- مصرع 18 شخصا بسقوط حافلة في واد بالجزائر وإعلان حداد وطني
- هل تهزّ التحديات المالية عرش كوداك، أسطورة التصوير منذ 133 ع ...
- كييف تقول إن موسكو أطلقت 85 مسيرة هجومية وصاروخا باليستيا خل ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صالح سليمان عبدالعظيم - مصران