أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاخر السلطان - -كونا-... أولا














المزيد.....

-كونا-... أولا


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 3951 - 2012 / 12 / 24 - 13:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الشعارات غير الواقعية المنتمية إلى حشو الكلام والبعيدة كل البعد عن صور الحياة المختلفة التي نعيشها والمتأثرة بالتطورات السياسية والاجتماعية والثقافية والتكنولوجية، هي ما تتصف بها كتيّبات وكالة الأنباء الكويتية "كونا" التي تصدر تحت عنوان "حملة تعزيز القيم الأخلاقية في المجتمع"، ومنها كتيّب "الكويت... أولا".
وعلى الرغم من أن الكتيّب يركّز في بدايته على أهمية موضوع الإختلاف لتعزيز دور المواطنة لا تعزيز الفرقة، وأن المواطنة لا تتم إلا عن طريق احترام الدستور واحترام قوانين البلاد، لكنه يغوص في الشعارات ويبتعد مسافات عن الحلول الواقعية. فلا يمكن أن ننكر بأن الاختلاف في مجتمعنا بات يؤدي إلى الفرقة، وأن معالجة الفرقة لا تتم دون إشارة واضحة إلى الخلل المسبب لها. ولا نستطيع تحقيق احترام الدستور والقوانين من غير أن نشير إلى مكامن الخلل التي تجعل الكثيرين يصدّون عن ذلك.
فالممارسة الإيجابية للاختلاف واحترام الدستور والقوانين، يحتاج إلى مقدمات سياسية وثقافية يفتقدها مجتمعنا، ولا يمكن أن يتحقق ذلك عن طريق رفع الشعارات فحسب دون الإشارة إلى العراقيل التي تحول دون تحقيق ذلك، الأمر الذي يساهم في جعل الكتيّب مجرد حشو كلام غير قادر على تشخيص الخلل، ولأنه صادر عن جهة رسمية لا تستطيع أن تشير إلى الخلل بموضوعية، لذلك لا يستطيع الكتيّب أن يقدم أي حلول حقيقية، وجل ما يقدمه هو الحلول التي لا تزعج المسؤولين في الدولة، لذا هو غير قادر على معالجة شيء، بل وضع الإصبع على مكامن الخلل الحقيقية هو الكفيل بطرح المعالجات.
فحينما يشير الكتيّب إلى التعصب الطائفي والقبلي وما يسببه ذلك من خصام وفرقة في المجتمع، فهو يتحدث عن نتيجة التعصب، أي الفرقة والخصام، ولا يشير إلى سبب التعصب. فلا يستطيع أن يقترب من سياسات الدولة ومصالح أطرافها المؤثرين، والتي ساهمت - مع غيرها من الأسباب - في ترسيخ الفرقة وتأجيج الخصام الهادف إلى تحقيق المكاسب الفردية والسلطوية الضيقة. بل لا يستطيع الكتيّب أن يشير إلى هذا السبب، لأنه صوت السلطة ومؤسستها الإعلامية التي يجب أن لا تحيد عن إطار مدح الدولة وعدم الإشارة إلى أي خلل فيها.
وبما أن "كونا" تعتمد الصورة النمطية التقليدية في طرح الخبر والتحليل والتحقيق أثناء متابعة الشؤون الرسمية، فهي أيضا لا تستطيع أن تبتعد عن هذا النهج في كتيباتها الساعية بزعمها إلى تعزيز القيم الأخلاقية. فلا يمكن لعملية التعزيز هذه أن ترتكز - كما قلنا - على طرح "الأسباب الحقيقية" المؤدية إلى تراجع دور القيم في المجتمع. فمسارها المهني يؤكد رغبتها الملحة في الابتعاد عن نشر الأخبار الناقدة أو المثيرة لسخط المسؤولين في البلاد، وبالتالي لا تستطيع الاقتراب من الشأن المحلي غير الرسمي بسبب النتائج المترتبة على ذلك. فمسارها هذا يعكس حذرها من مختلف خطواتها المهنية، ما يجعلنا نتساءل: إذا لم تستطع الوكالة أن تكون موضوعية في طرح رؤيتها للواقع ولمشاكله، فلماذا تدخلت بصورة مليئة بالخوف والتردد وعدم الموضوعية في قضايا لابد من الطرح الجريء والموضوعي تجاهها؟
لقد تعوّد القارئ أن لا يتجه صوب "كونا" لمتابعة الأزمات المحلية، بسبب عجز الوكالة عن التعامل بموضوعية مع أخبار الأزمات، بل هي تتجاهل الإشارة إلى الأزمات المحلية في معظم الأحيان خوفا من "زعل" هذا المسؤول و"عتب" ذاك المسؤول، لذا لم يعد القارئ يثق بها فيلجأ إلى وكالات أنباء عالمية لمعرفة تطورات أي أزمة وتوقعاتها المستقبلية. وهنا نتساءل: إذا كان القارئ لا يثق بـ"كونا" لعجزها التقيد بالمصداقية والموضوعية التي تحتاجها أخبار الأزمات المحلية، كيف له أن يثق بتقاريرها في معالجة موضوع أكبر هو موضوع القيم؟
يشير كتيّب "الكويت... أولا" إلى أربع قيم أساسية يعتقد الكاتب من خلاله بأنها ترتبط بالمواطنة: أولا الديموقراطية، ثانيا طاعة ولي الأمر، ثالثا احترام القانون، رابعا الحرية. وسنشير بالنقد فقط إلى ما يسمى بقيمة طاعة ولي الأمر. فمن أين جاءت هذه القيمة لتشكّل أحد أضلاع قيم المواطنة في ظل علاقة المواطن بالدستور والقانون؟ وكيف يمكن أن تلتقي الطاعة مع الديموقراطية والحرية؟ الإجابة المباشرة على هذين التساؤلين تشير إلى وجود تخبّط كبير في طرح موضوع الكتيّب، فلا احترام القانون يمكن أن يكون له علاقة بالطاعة، بل الطاعة قد تتجاوز القانون متى ما أرادت ذلك، ولا الديموقراطية يمكن أن تنتمي لموضوع الطاعة، لأنها قد تتجاوز الطاعة في النقد وفي حشد الأغلبية لرفض أي قرار. لذلك، لا تستطيع كلمة الطاعة أن تعيش جنبا إلى جنب الديموقراطية، لأنها ستتناقض معها، وستطرد آلياتها. فالكلمة لا تعكس العلاقة بين البشر في ظل آليات الديموقراطية، بل تعكس العلاقة بينهم في إطار الصورة النمطية التي تشرعن للخضوع واللاسؤال، الصورة التي كانت تعيش على أساسها المجتمعات غير الحديثة.
إن أنصار قيمة الطاعة وثقافتها، ومنهم القائمون على وكالة الأنباء الكويتية، يسعون لإعادتنا إلى الماضي الثقافي، إلى حياة "التكليف"، دون وعي بأن تلك الحياة باتت عبئا على الحاضر، ودون إدراك أن تلك القيمة غير متوافقة مع طبيعة الحياة الحديثة الراهنة وثقافتها الحقوقية، وأنها لا يمكن أن تعيش مع الديموقراطيات الحقيقية التي تستند إلى مفهوم الانتخاب لا إلى التكليف والسمع والطاعة. ولأن الطاعة تتعارض مع التطور السياسي والثقافي والاجتماعي الراهن، فإنها لا يمكن إلا أن تشكل حركة معاكسة للتطور ومضادة للتنمية السياسية والاجتماعية، وبالتالي لا يمكن أن تكون علاجا لأزمتنا الراهنة. وبدلا من أن يكون عنوان كتيّب الوكالة هو "الكويت... أولا"، يجب أن يكون "كونا... أولا" فهي تحتاج إلى معالجة واقعية وحقيقية قبل أن تنظّم حملة لتعزيز القيم الأخلاقية في المجتمع.

كاتب كويتي



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد الحراك.. والإسلام -المعتدل-
- التيار الوصولي
- الحراك.. ووقوده
- دور مبهم
- هل مقاطعة الانتخابات في صالح الديمقراطية؟
- العلمانية الإقصائية
- رداً على عبداللطيف الدعيج: من يختطف من؟
- حراك التغيير في الكويت.. فرصة تاريخية
- السقف العالي للإصلاح.. في الكويت
- -الرقيب- السياسي والديني.. في الكويت
- قرار الأغلبية -غير الديموقراطي-
- -تحديات- مرجعية الشاهرودي في النجف
- المساس بالنقد
- أسلمة القوانين
- الصنمية
- النسوية الإسلامية
- مشروع -الأمّة- الشمولي
- المعادلة الطائفية في مجلس الأمة الكويتي
- الفردانية.. و-الربيع- العربي
- علمانية التيار الوطني


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاخر السلطان - -كونا-... أولا