أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - مشروع -الأمّة- الشمولي















المزيد.....

مشروع -الأمّة- الشمولي


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 3666 - 2012 / 3 / 13 - 12:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في مقابل أي مشروع "شمولي"، يجب البحث عن الراعي الأيديولوجي، الذي يرى في المشروع أنه الخلاص، والذي يستند خلاله إلى الرؤى التكاملية النهائية. الأيديولوجيا الشمولية تخلق واقعا نافيا للجزء ومضحيّا فيه في سبيل بقاء الكل، بدءا من الجزء حينما يكون فردا، أو قضية من القضايا، وصولا إلى كونه بلدا بأكمله، مثلما حصل مع "بلع" الكويت عام 1990.
الكثير من المساعى الإصلاحية والحقوقية والوطنية المدعومة من الغرب، وبالذات من قبل الولايات المتحدة، مرفوضة جملة وتفصيلا من قبل الشموليين، لماذا؟ لأنها تصب في إطار تقوية الجزء على حساب الكل، وتدفع بتقدّم المشروع الوطني على حساب تراجع المشروع الأممي. فالأفكار الإصلاحية الوطنية تصبح عدواً للأيديولوجيا الشمولية حينما تمثل تهديدا لمشروع "الأمة" الشمولي الساعي لتهميش قضايا الوطن المصيرية وإضاعتها في بحر الهدف الأيديولوجي الكبير. وحينما ندقق في المواقف المناهضة للعديد من الثورات العربية، ومنها المواقف الواضحة والجلية لنواب في مجلس الأمة الكويتي، نجدها نابعة من تلك الأيديولوجيا.
فرفض الموقف الغربي، والأمريكي، من الثورات العربية لم يأت من موقف عدائي فارغ، بل أتى من أسس يستند إليها الخطاب الشمولي، قائمة على استراتيجية تعتقد بأن المشروع التغييري الوطني، الديموقراطي، العلماني، الليبرالي، من شأنه أن يمثّل تهديدا للغاية العربية والإسلامية الكبرى. وعليه، كلّما ظهر مسعى إصلاحي حقوقي وطني في مجتمعاتنا، ولحقه دعم أمريكي، استشاط الخطاب الشمولي غضبا وسعى بكل ما يملك من قوة لعرقلة هذا المسعى.
يشترك طرفا الخطاب الأممي، الديني والعروبي، في نظرتهما الشمولية للقضايا. فلو تتبعنا مواقفهما من مختلف أحداث الربيع العربي لوجدنا أنهما متفقان على قضايا كثيرة ومختلفان على أخرى قليلة، والأبرز في هذا الاتفاق والاختلاف هو الرفض المطلق لكل المشاريع الإصلاحية التي للأمريكان يد طولى فيها. فرفض الدعم الأمريكي لتلك القضايا ينبع من طبيعة المشروع الغربي بوصفه يهدّد الوجود الفكري والحركي للتيار الشمولي الأممي.
حينما استطاع صدام حسين أن يبرز قضية التحالف الديني العروبي ويستغلها شر استغلال لصالح سياساته ومشاريعه الظلامية، لم يشعر المنضوون في هذا التحالف بأي ذنب تجاه جرائم هذا الطاغية وتاريخه الفاشي الطويل، لقناعتهم بأن الجزء لابد أن يضحى به من أجل الكل، وبأنه لا يمكن الوصول إلى هذا الهدف المقدس إلا من خلال انتهاك واسع لمبادئ حقوق الإنسان الفرد. فبرز هذا التحالف بقوة على السطح دون أن يتفق على أسس فكرية مشتركة، باستثناء الأساس الشمولي وتحقيق الهدف الأسمى المتمثّل في الدفاع عن قضايا الأمة.
برزت صور هذا التحالف مجددا خلال الثورات العربية الراهنة، وسيطرت إحداها على المشهد السوري، وبات العالم يسمع دعوات تعتقد بأن سقوط نظام بشار الأسد هو بمثابة سقوط لآخر قلاع مشروع "الممانعة" الأممي، العروبي والديني، المناهض لإسرائيل، وأن بقاء النظام هو أولوية أممية شمولية حتى لو كانت النتيجة هي تنفيذ "المجازر" وسقوط آلاف الضحايا وتشريد مئات العوائل.
في عام 2005 حينما تحررت لبنان من الاحتلال السوري، كان ذلك بالنسبة للعروبيين والدينيين عملا مناهضا للمصلحة العليا للأمة، إذ مثّل ذلك شرخا في الجبهة العربية والإسلامية "الممانعة" ضد إسرائيل. لذلك، فإن سقوط النظام السوري راهنا سيعتبر ضربة موجعة لهذه المصلحة، وسقوطا مدويا لاحدى قلاع الفكر الشمولي بشكل عام.
فهناك من يعتقد أن مصير القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني والقدس وغيرها من القضايا "المصيرية" العربية والإسلامية، هو أهم من حقوق وحريات ومصالح ومستقبل الفرد العربي والمسلم، الذي يعيش وسط شعوب تعاني معظمها من الظلم السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ومن انتهاك حقوقها وحرياتها، نظرا لسيطرة أنظمة منطلقة في استبدادها وظلمها من أيديولوجيا "الأمة". فـ"قضايا الأمة" وفق هذا الاعتقاد هي الأساس والأصل الذي يجب الاهتمام به قبل أي شيء آخر، وأن مصير الإنسان الفرد وحقوقه ومصالحه هي قضايا ثانوية. هذا الاعتقاد أنتج ما يسمى بمثقفي الأدلجة، الذين يدافعون بشراسة عن المواقف الشمولية، كدفاعهم - مثلا - عن مواقف النظام الإسلامي في إيران تجاه القضية الفلسطينية وتجاه معاداة دولة إسرائيل وتجاه نصرة حزب الله وحماس، في حين يتجاهلون عن عمد ودون أي إحساس بتأنيب الضمير سلوك النظام في طهران تجاه الإنسان الإيراني، الذي يعاني قهر واستبداد السلطة الدينية.
إن الهدف الرئيسي للنظام الديني المؤدلج متشابه إلى حد كبير عند الأنظمة العروبية المؤدلجة، لكن الأخيرة تختلف عن الدينية في منطلقاتها، التي تُعتبر غير دينية ومصلحية، إذ سعيها ينصب على تفعيل الرؤى العروبية الشمولية ولو أدى ذلك إلى نتيجة متشابهة بين الطرفين، وهي سحق الإنسان. لذلك نجد أن موقفي النظام الإسلامي في إيران والبعثي في سورية، متشابهان في المبدأ وفي بعض النتائج، لكنهما مختلفان في بعض تفاصيل القضايا المتبناة من قبل كل طرف. فالإثنان يتبنيان "قضايا الأمة"، ويتجاهلان مصير الإنسان ومصالحه وحقوقه. ومخطئ من يظن ان اهتمام هذا النوع من الأنطمة بالقضية الفلسطينية يعكس اهتماما بالإنسان الفلسطيني، إذ لوكان ذلك صحيحا لكان أولى بهما الاهتمام بالإنسان في إيران أو في سورية.
إن المثال الإيراني والسوري لا يعني أن بقية مجتمعات دول منطقة الشرق الأوسط تعيش في إطار سياسي غير مؤدلج وغير مستبد، أو أنها لا تعاني من استغلال المؤدلجين لأنظمة الحكم لتحقيق مآرب سلطوية، فكثير من تلك الأنظمة تعبّر عن سلوك استبدادي، ساهم من جهة في انتهاك حقوق الإنسان، وأدى من جهة أخرى إلى إبراز الاهتمام بـ"قضايا الأمة"، حيث أصبحت تلك القضايا الشماعة التي علق عليها المؤدلجون والمستبدون تمسكهم بكرسي الحكم.
إن الفكر المؤدلج، الديني والعروبي، يعكس أزمة أخلاقية. بمعنى أن ثقافة الأنظمة السياسية المؤدلجة ومواقف أنصارها لا تعير أي اهتمام بحقوق الإنسان ومصالحه، التي أصبحت العنوان الرئيسي لموضوع الأخلاق في العصر الحديث، بل تهتم بمصيرها وبقائها في السلطة ولو أدى ذلك إلى سحق الإنسان ومحاصرته بالحديد والنار والسيطرة عليه بمختلف صنوف الاستبداد والظلم. لكن، لماذا لم يهتم المؤدلجون بحقوق الإنسان؟ فإن ذلك يعود إلى أسباب عديدة، لعل أهمها هو عدم وجود ثقافة في منظومتها الأخلاقية تعير اهتماما بحقوق الإنسان الفرد، بل همها هو "الأمة وقضاياها" ولو أدى ذلك إلى سحق الإنسان.


كاتب كويتي



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعادلة الطائفية في مجلس الأمة الكويتي
- الفردانية.. و-الربيع- العربي
- علمانية التيار الوطني
- التعددية.. وتعديل المادة الثانية
- الحلال والحرام
- -كونا- وما أدراك ما...
- الحقوق.. حينما تتسيّس
- العقلانية والأخلاق
- الأربعاء -الأبيض-
- -الربيع-.. ونقد المثقف
- الله وغرضية العالم
- -الربيع- والحرية.. بين الديني والعلماني
- -الربيع-.. ووردة الحرية
- -الربيع- الكويتي.. والقيم الحديثة
- بين العلم والمعرفة (3-3)
- بين العلم والمعرفة (2 -3)
- بين العلم والمعرفة (1-3)
- التعايش.. والحداثة.. ورجال الدين
- الإقصاء.. أي الهيمنة
- قواعد اللعبة السياسية الجديدة في الكويت


المزيد.....




- وزيرة الداخلية الألمانية تعتزم التصدي للتصريحات الإسلاموية
- مراجعات الخطاب الإسلامي حول اليهود والصهاينة
- مدرس جامعي أميركي يعتدي على فتاة مسلمة ويثير غضب المغردين
- بعد إعادة انتخابه.. زعيم المعارضة الألمانية يحذر من الإسلام ...
- فلاديمير بوتين يحضر قداسا في كاتدرائية البشارة عقب تنصيبه
- اسلامي: نواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة وفق 3 أطر
- اسلامي: قمنا بتسوية بعض القضايا مع الوكالة وبقيت قضايا أخرى ...
- اسلامي: سيتم كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العلقة بين اير ...
- اسلامي: نعمل على كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العالقة بي ...
- اللواء سلامي: اذا تخلى المسلمون عن الجهاد فإنهم سيعيشون أذلا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - مشروع -الأمّة- الشمولي