صرخة المنفى

جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي
(Bashara Jawad)

الحوار المتمدن-العدد: 3948 - 2012 / 12 / 21 - 21:32
المحور: الادب والفن
    

صرخة المنفى

صمتت الغربة
في غرفة نائية
تسكنها الأوجاع
ضجيج الخطوات اختفى
السماء انسحبت من النافذة
والأرض انطوت تحت الخطى المتكسرة
رفرفات الأجنحة غاصت في الصمت
توقف الزمن عن الجريان
لم يعد هناك سوى اللاشيء
يطبق على رموش الأعين المغمضة
يسكن اليابسة
ويهجر البحر
الليل يتوارى لاهثاً خلف الأفق
تاركاً خلفه ومضات القمر المتعبة
وبعض شظايا حلم مجهض
ذكريات مضببة
تعبر جسراً بين النوم واليقظة
تتأرج لحظات مرهقة في عمق العدم
وتبتلع نفسها
عندما تنهار الطرقات
وتنغمر الأزقة المتربة بالصديد والحمم
يبدأ زمن آخر
زمن خارج الزمن
وفضاء خارج الفضاء
فراغ في اللامكان
تتداخل فيه الأوقات
يمتزج الماضي والحاضر والمستقبل في لحظة واحدة
ساكنة كالدهر
تفترس الطفولة والشيخوخة
الماضي يصمت كمن أصابه الصمم
والمستقبل يغلق الأبواب على نفسه
يغدو أبكماً
كل الأشياء في غرفتي
تتوارى خلف عزلتي
لا أدري إن كنت حياً أم ميتاً
يكفي أن أنطق كلمة واحدة
ولكن سرعان ما يمتصها الهواء
تضيع بين قطرات المطر
أنطوي على نفسي
بعد أن فقدت كينونتي
ونسيت إسمي
ذاب وجهي في دوامة الوجوه الشرهة
وتجمدت نظراتي
استقال صوتي وهرب من نافذتي يستغيث
لم أعد أعرف ماذا يعني الأمس
ماذا يعني الغد
لم أعد أميز حتى أنين أنفاسي
تسري الحرارة في أعماقي كالحمى اللاذعة
تحرق شراييني
أستفيق وحولي فراغ مخيف
مكلل بالضباب والعماء
أتلمس جسدي المتيبس
يتفتت على وقع أنفاسي المكتومة
أصرخ و لا أحد يسمع صراخي فالكل نائمون
وربما أموات
لا أدري

#جواد_بشارة (هاشتاغ)       Bashara_Jawad#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل