أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عبد الغفار غيضان - عندما غضب غيضان الحكيم (من حكايات غيضان الحكيم)














المزيد.....

عندما غضب غيضان الحكيم (من حكايات غيضان الحكيم)


محمود عبد الغفار غيضان

الحوار المتمدن-العدد: 3933 - 2012 / 12 / 6 - 14:52
المحور: الادب والفن
    


عندما غضب غيضان الحكيم (من حكايات غيضان الحكيم)

لم يجرِ عبد الجيد الخفير نحو المقابر مناديًّا مستغيثًا، فغيضان الحكيم لم يبرح مكانه بديوان العمدة منذ ليلة أمس. دخَّن الكثير من الشيشة الخاصة، لم ينطق كلمة واحدة، منع الدواب والناس من المرور في الشارع كي ينعم ببعض الهدوء. أمر شيخ الخفر بإغلاق الراديو الوحيد بالقرية بساحة الديوان. أزعجه صياح عدد من الجنازير (هامش تفسيري: تم شرح معناها في حكاية سابقة) على الشرفة الواسعة بغرفته. وقبل أن يُنادي أحد الخفراء لطردها، كان صوت عبد الجيد يتسلل عبر الباب محاولاً إلقاء تحية الصباح المرتعشة وإبلاغه بما ورد في تلغراف ابن لملوم المرسل من القاهرة من أخبار. بعد السب واللعن الاعتيادي، سُمح له بدخول الغرفة بمسافة قدم واحدة قبالة الباب.

متلعثمًا قال عبد الجيد إنَّ ابن لملوم قد أرسل تلغرافًا الليلة الماضية ذكر فيه إنها كانت ليلة سوداء على مصر كلها، وإنَّ عددًا من الشباب قتلوا في محيط قصر الرئاسة ( هامش تفسيري: كان عبد الجيد مستعدًا لدفع نصف عمره ليعرف معنى كلمة محيط القصر، ولكنه قمع هذه الرغبة خوفًا من بطش غيضان الذي لم يكن عبد الجيد متأكدًا من معرفته إياها!) وإن أنصار الرئيس ومعارضيه يتقاتلون حتى الآن. انتفض غيضان واقفًا بعد أن شبَّه هذا الصباح بسحنة عبد الجيد ناعتًا إياه بوجه البومة. ثم أمره أن يفتح ساحة الديوان ويأمر الجميع بأن تكون العودة من الحقول في القيلولة إلى هناك لا إلى ديارهم.
تناول الفطور وشرب عدة أكواب من الشاي ودخن ما يقرب من علبة سجائر بلومنت عريض يدخرها عادة للأوقات التي لا يتسع فيها المجال لأن يلف ابن مليجي له بعض السجائر بالماكينة الخاصة وأوراق البفرة التي لم يُسمح لأهل القرية باقتناء مثلها. بعد فترة علا صوتُ وقع أقدام الحمير متزامنًا مع تتباع ظلال المارة على شباب غرفته. انتظر حتى أخبره الخفير بحضور الجميع إلى ساحة الديوان التي كان قد أمر أنْ تُغطى ببعض الخيش وبخاصة من زكائب القطن الكبيرة. ألقى تحية مقتضبة وقال: هو يا واد أنت وهوا مش هنفهم بقى؟ هو مش سيدنا عمر قال للناس إنْ غُلطتْ حاسبوني؟ مش ده يا جاموس يا بقر يعني إن يبقى فيه ناس بيقولوا عليهم في الراديو "المعارضة"؟ هو ينفع تبقى عمدة عادل وتقتل اللي يقولك لأ؟ طب الناس تصدقك كِيفْ بعد كده؟ مش حفضونا (هامش تفسيري: حفظونا، حيث تُبدل الظاءُ ضاءً في قريتي) أجداد جدودنا إن " اللي يعمل قنطره يستحمل الدوس"؟؟ (هامش تفسيري: من يجعل من جسده جسرًا ليمر عليه الناس فعليه أن يتحمل مروروهم عليه) طب هو أنا عمري ولحد ما سبتكم وسبت قرفكم ورحت عشت في التُرَب سمعتْ إن فيه جوز انفار بيتعاركوا وما بعتش الخفر ولا رحت بنفسي قبل ما الخراب يضيع البلد كلها؟؟ صمت قليلاً ثم قال لعبد الجيد: هو الواد ابن لملوم ما قالش الرئيس عمل آه يا أبو وش عكر أنت؟ فأجاب عبد الجيد بالنفي. ضرب غيضان كفًا بكف وقال كلمات متتابعة فسرها الجميع بأنها سباب ولعنات لم يُعرف إلى مَن توجه بالضبط.

قبل أن يستقر الصمت لينعم ببعض الظل المنكسر على أريكة الحكيم، قال ابن عزوز الخفير الذي أنهى تعليمه بمدرسة المعلمين ويدعي أنه من المثقفين: - يا سيدي العمدة. يعني هو أنا ينفع أقول لجنابك لأ؟ يعني ينفع أطلب من جنابك ما تمنعش المرور من الشارع زي عشيه عشان الغلابة بيلفوا القرية كلها وهم رايحين عند دكان علي أبو الحاج علي يشتروا الجاز ولا الشاي والسكر، و الواد ابن أبو مليجي شتمنا امبارح عشان.... وقبل أنْ يُكمل كلامه، كانت نظرة واحدة من العمدة قد أعطت الإذن للخفر برميه في غرفة السلاحليك (هامش تفسيري: غرفة الحجز)، بينما انصرف الجميع دون انتظار الإذن على أصوات صراخٍ ممزوج بقرع السياط الشديد على كل ما تصطدم به خلال حركتها شبه الدائرية في الهواء.



#محمود_عبد_الغفار_غيضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جنازير النهضة (من حكايات غيضان الحكيم)
- عودةُ الضَّخَّاخ ( على هامش: ما أشبه العتبة بالسيدة)
- عودةُ الضَّخَّاخ (على هامش: ما أشبه العتبة بالسيدة)
- حلم -أبو الشِّهيبْ-
- طاقية أبي
- شَالُ جَدِّي
- عالمٌ ثالث
- عالمٌ ثالثٌ مختلف
- عم عليّ رضوان والفرَّاز


المزيد.....




- السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين ...
- الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا ...
- تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر ...
- كيف تحمي أعمالك الفنية من الذكاء الاصطناعي
- المخرج الأمريكي كوبولا يطمح إلى الظفر بسعفة ذهبية ثالثة عبر ...
- دور النشر العربية بالمهجر.. حضور ثقافي وحضاري في العالم
- شاومينج بيغشش .. تسريب امتحان اللغة العربية الصف الثالث الاع ...
- مترو موسكو يقيم حفل باليه بمناسبة الذكرى الـ89 لتأسيسه (فيدي ...
- وفاة المخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد عن 70 عاما
- بسررعة.. شاومينج ينشر إجابة امتحان اللغة العربية الشهادة الا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عبد الغفار غيضان - عندما غضب غيضان الحكيم (من حكايات غيضان الحكيم)