أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود جلبوط - سفر التغريبة في ظلال الوجه الذي لم تكتمل ملامحه بعد














المزيد.....

سفر التغريبة في ظلال الوجه الذي لم تكتمل ملامحه بعد


محمود جلبوط

الحوار المتمدن-العدد: 1137 - 2005 / 3 / 14 - 10:07
المحور: الادب والفن
    


أن تحيك الغربة نسيجها حول روحك فتسد الحلق.... شديد هو قهرك........

ما أقسى الوحدك وسط الناس ... كل الناس....و رقيق هو قلبك.......

غربة ووحدة ستبقى طول العمر تلاحقك

تهرب منها إلى سهرك, إلى سكرك , إلى فجورك..........تستعين عليها بأغانيك

بضحكك , بفيروزك...

باللعب تارة وبالشرب تارات....لكنها تحاصرك...

تضيق لك ثغرك وتفسح للقهر...للعهر, مساحات.....أحقا ستأتي قاطرة خلاصك؟؟..

يطل عليك وجه ألفته مذ كنت رضيعا...وجه لم تكتمل ملامحه بعد

ليلملم من متاهات اللجوء والغربة والسجن أشلاءك........

ما أن يضمك يذكرك بالغدر, بنكران الجميل ........

يلمس الوجه جبينك, يداعب الذؤابة من شعرك.....أتعبت يا بني؟؟؟؟

أمك علمتك الدرس الأول في الغدر, والدرس الأول في القهر, والدرس الأول في الغربة

والدرس الأول كيف تكون لاجئا...

.فبدأت غريبا.....

قبل رحيلها أجهشت بالبكاء, وجمعت أشلائك غمر من الاعشاب

وضمتك إلى صدرها فاتكأ النهد رأسك..

غمرت رائحة الفل أنفك الصغير.. دفأك وأزال رطوبتك...

ومن يومها , ما فتيء الفل والدفء يطاردك ولا يلحقك....

يرميك من نهد إلى نهد ...من أسر إلى أسر.......من لجوء إلى لجوء... ...

وأنت المتسع غربة والمزداد لجوءك

يطل الوجه الذي لم تكتمل ملامحه بعد, يوقظك بقبلة في الصباح, بقبلة في المساء....

ويلملم أجزاءك المبعثرة ..

.ويتوه ما بينهما شغفك

وعصرا يطل النهد, يشتلك عشبا في مساحة صغيرة من ترابك...

يمسح عن جبينك رطوبته بعد تعب نهارك....

يلتحف معك لجوءك و غربتك

فتقرأ عليه مطلع الليل شعرك...تهويماتك... خواطرك.....

ثم تلقي على جسده آناء الليل أحمالك وجنونك.....

يلقي الوجه بشعره إليك تتوسده فيعبق الفل أنفك, ويعمك الدفء العام فينامك......

في الصباح يطل عليك, وملء الكف ماءا يسقيك.....

تشرب معه قهوتك.. يدندن صوته فيروزك....

يمسك يدك طفلا صغيرا تخرجان للمسير في الغابة حتى الظهر,

وعلى شاطيء البحيرة غروبا, وفجرا بين تلافيف قلبك ...

قضيت العمر وطويت الارض بحثا عن الوجه...... فابتلعتك الغربة....

وراح تكرر اللجوء يقض مضجعك....

يوم أن رأتك في حرجها تقرض أظافرك, تنبأت أمك أنك ستقرض الشعر يوما وأنك ستهجوها, فحذرتك

حذرتك من وجه يأتيك يشبه وجهها, لعنته ستلاحقك

وسيبقى الوجه يقرع خطاه على بابك في كل رجفة من حياتك....

شعرها الأشقر أحيانا يموج في روحك سنابل...و مرارا ليلا أسود تخبيء خلال خصلاته فجورك....

هناك, حيث أطل الوجه دافئا يؤنس وحشتك في أسرك, في لجتك....

وهنا, حيث انتظرك دافئا فاحتضنك في انفراجك....

أشقر شعرها أحيانا حين يلفك , وأحيانا أسود في مخدعك....

شراعان عيناها تطوفانك , و غالبا أمواجا هائجة تغرقك....

نهداها مرة قبرة , ومرة حمامة , ومرة نجمة....تمد يدك, تمد خصرها...تلقي بأجزائك المبعثرة إليها تعبا

فتمد يديها و تلملمك...

تفرش لك حضنها, تمسح بكلتا يديها جبينك , وجهك, ثم تغطيك بصدرها لتفترش صدرك

عشرون سنة عمر الشهوة السجينة...عشرون عاما تنز الزنزانة أحلاما بائدة من جبينك...

خمسون عاما والرغبة تسكنك إلى إحتضان خصرها....وأن تحتضن هي خصرك....

تستلقي وعيناك معلقتان بسمائك تناجي الوجه الذي لم تكتمل ملامحه بعد أن يأتيك....

خمسون عاما, وخمسون فراشة, وخمسون زنزانة, وخمسون حلما, وخمسون رحيل...

.والوجه لم تكتمل بعد ملامحها.....

خمسون عاما يتردد الشبق الأزرق في عينيها إليك, في يديها, في شعرها, في نهديها فتطير القبرة......

تمد يدك فتمد يدها....تتشابك اليدان في متاهة...في رعشة غافلة..فيموت الحلم القديم ويحيا...

بكت فبكيت, وغسلت بدموعها قذارتك...

يعيدك الوجه لطفولة برائتك, ويتوسلك, لو تستطيع أن تتقيأ كل أحزانك

كل وحدتك, كل غربتك, قهرك وكل آلامك....

يحاول رسم أسفارك وتأجيل موتك.....تتابع تلمس تضاريس الوجه أصابعك

وتتلوى مع رقصات الخصر الراعش فينتقل الخدر إلى جسمك

فيرسم الوجه نفسه زنزانتك, فترسمه على جدران أسرك, على عناد قهرك

وتشهره في وجه وحدتك, في وجه غربتك...

يأخذ الوجه وجوه كل النساء كساحرة في ذاكرتك ....تشم رائحة التشابه..تحتضنه وتغفو....

وتهرب به من كل الوجوه التي مرت على حياتك....

تحاول الإمساك به, التشبث بتلابيبه, فينفلت قبيل الرعشة, ويغيب عبر أضغاث أحلامك

ويصبح ضباب النشوة عبر تهويمات اليقظة أثناء النوم , وحلم النوم آناء اليقظة

فيأخذ دمك اللون الزهري أحيانا

وأحيانا بنفسجك...

فيشرق الوجه فيك شمسا حد الإنبهار فتضيق دوائره على وحدتك

على غربتك,على قهرك, على أسرك

تجرحك النهود , ويثلج أطراف أصابع يديك خصرها... فتنتفضك...

تتعلق بتلابيب أشرعة العيون... تلقي بآخر ترانيم قهرك...

تشعل في خصرها قناديل الوادي وتضمخها بعطر الليل فيشتعل القمر

و تضيء عينيها ما يشبه النجوم...

يتبرعم النهد كالحلم, فتختلط رائحة الفل برائحة الزعتر البري

فتصير ساحة الغموض الجميلة بين يديك....

يفوح صدرها رائحة النعنع, ويتلون الملمس تارة أقحواني أبيض بنقاء الثلج

وتارة أحمر أقحواني بلون الدم القاني...

ضميني صديقتي.... ضميني.... ضميني و خذيني إلى صدرك وازرعيني عباد شمس في حديقة عمرك..

لنشتعل نجوما, ونكون شمسا ثم نتوحد شجرة, و نطرح ثمرا تأكل منه كل الناس...

اشتعليني صديقتي ودعي ضوءنا يطارد الظلام الذي يلفنا فيزهق أرواح الكثيرين منا...

و ليذيب دفؤنا الثلج من قلبي ومن كل القلوب, وقلبك.........



#محمود_جلبوط (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة في سورية والإعتقال والقهر السياسي
- رأي حول خطاب الرئيس السوري أمام ما يسمى مجلس الشعب
- رسالة تضامن مع المتحدث الرسمي لحزب الحداثة والديموقراطية لسو ...
- معلمتي الصغيرة ...دعاء الفلسطينية
- كابوس......
- قصة قصيرة جدا.......
- من ذاكرة معتقل سابق20
- يا يا يا سيزيف
- قصة قصيرة جدا..........
- قصيدة نثرية........ حبيبتي الصغيرة
- قصة قصيرة جدا.............عهر
- من ذاكرة معتقل سابق 19
- قسم
- خاطرة .. حزن
- من ذاكرة معتقل سابق 18
- قصيدة نثرية ... حب
- من ذاكرة معتقل سابق 17
- محاولة حب
- خاطرة
- من ذاكرة معتقل سابق 16


المزيد.....




- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...
- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود جلبوط - سفر التغريبة في ظلال الوجه الذي لم تكتمل ملامحه بعد