أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - حسن خليل - الثورة المصرية ضد الإخوان















المزيد.....

الثورة المصرية ضد الإخوان


حسن خليل

الحوار المتمدن-العدد: 3921 - 2012 / 11 / 24 - 17:24
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


الثورة المصرية ضد الإخوان

كان من المحتم علي الرئيس مرسي أن ينتهج سياسية استبدادية ديكتاتورية بشكل أو بأخر. فالإعلان الدستوري الذي أصدره مؤخرا هو بالنسبة له و لحكمه ضرورة لا محيص عنها. فالنظام الإخواني يحمل مصائب للشعب المصري . هناك أولا أتفاق هدنة غزة الذي سيستتبعه تواجد أمريكي عسكري في سيناء و ربما أيضا توطين الغزاوية فيها . و هناك أتفاقية القرض مع صندوق النقد الدولي التي ستؤدي لسياسية أنكماشية في عز الأزمة الاقتصادية مما سيرفع الأسعار أكثر و سيكتوي بلهيبها عامة الشعب. هذين المحورين هم في الحقيقة نفس المحور محور الاستقلال السياسي و الاقتصادي في مصر. لذا بالنسبة لهذا النظام لابد من تمرير دستور قمعي رجعي ديني بأي ثمن.

و سوف نبدأ بعرض علاقة النظام الإخواني بالأطراف المختلفة للصراع

نظام الإخوان و القضاء
كان القضاء المصري أيام مبارك لحد ما منحاز للإخوان و هناك العديد من الرموز القضائية التي تعتنق فكرهم -مثلا الجمعية العمومية للقضاء رفضت مشاركة المرأة لاعتبارات إسلامية – رجعية بأغلبية ساحقة- وقد تمتع القضاء حتي أيام مبارك بقدر نسبي من الاستقلال. و قام بمعاندة مبارك مرات عديدة بما فيهم حينما أسقط مجلس الشعب . بل و تمرد القضاء علي مبارك لحد الاعتصام و حدثت مواجهات عديدة بين القضاة و نظام مبارك. فالاستقلال بالنسبة للقضاة ليس حاجة مهنية فحسب بل أيضا مصدر للامتيازات الضخمة التي يتمتعون بها. و مع مجيء النظام الإخواني و مع التفكك المتزايد لجهاز الدولة أصبح للقضاة خاصة المحكمة الدستورية العليا و ضعا مميزا جدا باعتبار أنهم قادرين علي التأثير بفاعلية في أعادة صياغة الواقع الاجتماعي. و قد أسقطت المحكمة الدستورية البرلمان الإخواني و من المنتظر أن تفعل نفس الشيء مع باقي المؤسسات الإخوانية مجلس الشوري و الجمعية التأسيسية. هذا يصطدم بقوة بالمشروع الإخواني الاستبدادي.أن النظام الإخواني لا يحمل للقضاة إلا وضعا أسواء من وضع مبارك و مسودة الدستور الموضوعة تكشف عن هذا بجلاء فمن الطبيعي أن يحدث صدام بين الطرفين . و هذا ينطبق علي كل الفئات الفاعلة الصحفيين و المحامين و غيرهم غير أن القضاء لديه ميزة الاستقلال التي تمترس خلفها.

نظام الإخوان و الجيش
بات من شبه المؤكد أن إطاحة مرسي بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة كان نتاج لتوافق مع الصف الثاني من كبار القادة. كنتيجة لفشل المجلس في أدارة الفترة الانتقالية. و تمت الإطاحة برعاية أمريكية. و الجيش أو بالأحرى قيادته تتمتع بوضع دولة داخل الدولة و قد منحهم مرسي هذا الوضع مجددا بل كرم من تمت الإطاحة به من القادة و وقف بعناد ضد محاسبتهم. لكن تصوير الجيش باعتباره مجرد أمبراطورية مصالح اقتصادية هو تصوير قاصر. فقيادات هذا الجيش جزء رئيسي من الطبقة الحاكمة و يهمها الاستحواذ علي أكبر قدر من السلطة و الثروة معا. و قد كانت أحد دوافع المجلس الأعلى للانقلاب علي مبارك معاداتهم لتوريث الحكم لجمال مبارك رغم أن هذا ليس متصلا مباشرة بمصالحهم الاقتصادية. و الجيش علاوة علي هذا هو أكبر مؤسسة علي صله مباشرة بالراعي الأمريكي. لذا كان من المنطقي أن يتذمر الجيش من الأخونة السريعة و العميقة للدولة فهي تعتدي علي ما يعتبرونه حقوقهم. و قيادات الجيش تدرك جيدا أن الانقلاب العسكري أمرا ليس ميسورا. فلم يحدث أنقلاب عسكري في مصر منذ 60 سنة. و عقيدة الجيش هو أنه يحمي "الأمن القومي المصري" أي أنه من ناحية لا ينحاز سياسيا و من ناحية أخري فوق الانحيازات السياسية و أكبر منها. ثم أن تجربة الحكم الانتقالي تحت حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة و الفشل الزريع لابد أنها حاضرة بقوة. غير أن هذا لا يعني استبعاد كامل للانقلاب العسكري. و الإخوان يدركون ذلك و يدركون أنه يمنحهم حرية حركة لكن ضمن حدود معينة بانتظار أن تتعمق أخونة الدولة بشكل كافي حتي يصبح الجيش أو قسما مهما منه تحت سيطرتهم التامة.

نظام الإخوان و الداخلية
رغم العداء المتواصل بين الإخوان و الداخلية لعقود طويلة خاصة في حكم مبارك فأن هذا العداء أرتبط بعلاقات "عمل" و أتفاقات سرية و من أبرزها التوافق بين الطرفين الذي سبق الانتخابات التشريعية عام 2005 يدرك الإخوان أن الداخلية هي الركيزة الرئيسية لنظام الحكم. و هي سلاح هذا النظام في مواجهه القوي السياسية و الحركات الشعبية. لذا فأن نظام الرئيس مرسي حافظ علي الهيكل الموروث للداخلية بل و رفع مرتباتها و لم يعزل العناصر المتورطة في قتل الثوار بل أعتبرها عناصر رئيسية ستدين بالولاء للإخوان فلا يمكنها أن تجد حماية شعبية و المتظاهرين يطالبون برؤوسهم. و هكذا يجد نظام مرسي نفسه في تناقض حاد بينما يدعي التحدث باسم الثورة و الثوار يوظف في أعلي المراكز في الداخلية قتله الثورة و الثوار. و قيادات الداخلية تدرك جيدا أن مرسي في أي لحظة يمكن أن يلقيهم للشعب ككبش فداء إذا اضطرته الظروف لذلك. فالنظام الإخواني لم يحكم بعد سيطرته علي الداخلية. علي مستوي أخر فأن الداخلية ما زالت مستمرة وسط حالة الاحتقان الاجتماعي الشديد تقوم بدورها في التعذيب الذي يصل للقتل و الاعتقال العشوائي و الإهدار الواسع لحقوق الإنسان محاولة منها لفرض هيمنها السابقة التي أنهتها الثورة. فالداخلية كما يقول الثوار "بلطجية" و ربما ازدادت بلطجيتها بحكم هزيمتها الساحقة أمام الثورة في مطلع 2011. و لذا فأن هناك ألتقاء موضوعي بين الداخلية و الإخوان لفرض هيمنة الحكم الجديد و لقمع القوي الثورية و لقتل روح التمرد وسط الشعب.

نظام الإخوان و القوي الثورية و الديمقراطية
بدء شهر العسل بين الإخوان و القوي الثورية عقب حالة الانهاك التي وصلت أليها تلك القوي في صراعها البطولي مع الجيش و الشرطة طوال عام 2011 . و علي خلفية هذا الإنهاك و بسبب أخطاء فكرية و سياسية قديمة. أدي هذا العنصر الموضوعي إلي تغاضي بعض القوي الثورية عن "خيانة" الإخوان للثورة. و أضع كلمة خيانة بين مزدوجين لأنها الكلمة التي أطلقت بينما في الحقيقة لم يخون الإخوان الثورة كما يفهمونها. فالثورة بالنسبة لهم هي وصولهم للحكم و ليست أي تغيرات سياسية و اجتماعية اللهم إلا إلي مستوي أدنى من مبارك. و انتفلت قوي ثورية إلي خانة تأييد الإخوان في الانتخابات الرئاسية سواء في صورتهم المعدلة "أبو الفتوح" أو في صورتهم الصريحة "مرسي" و شارك في هذا طيف واسع من القوي الثورية بدء من الاشتراكيين الثوريين مرورا بحركة 6 أبريل وصولا لعديد من الكتاب و الرموز الليبرالية. و كانت الحجة المقدمة دائما هي أن الإخوان هم أفضل الموجود. ليس هذا فحسب بل انطلقت الأصوات عن "الليبرالية" وسط الإخوان. و أفكار من نوع نقل الصراع من المستوي الديني / المدني المتوهم للمستوي الاجتماعي المتوهم غيابه من ناحية أخري.و ساهمت هذه القوي في أنجاح مرسي بعد أن قطع لهم الوعود و العهود في مشاهد كوميدية سوداء.لكن سرعان ما اتضحت الحقيقة لكثير من هذه القوي و أنها غرر بها أو بالأحرى غررت بنفسها. وبدء الانفضاض عن الحكم الإخواني بعدما أتضح أنه ليس إلا نسخة مشوهه من حكم مبارك بل يتفوق عليه في تضليل ديني و شعوذات واسعة النطاق. و بمناسبة مرور 100 يوم علي حكم مرسي انطلقت فاعليات مضادة للإخوان. من ناحيتهم أهمل الإخوان تلك القوي الثورية حال وصولهم للسلطة فقد حققوا لهم المطلوب منهم و أصبحوا عائقا أمام الديكتاتورية الدينية المنتظرة. و بالطبع كان الإخوان أسرع في أدرك حقائق الأمور من تلك القوي الثورية. و من السخرية أن يتهم الإخوان القوي الثورية بمعاداة الثورة. علي مستوي أخر تواصلت الحركة الاحتجاجية الجبارة مع مزيد من رفع الأسعار و مزيد من التهميش الاقتصادي. و بدأت طلائع هذه الحركة تدرك أن نظام الإخوان هو نظام مباركي بذقن لا أكثر. بل أن الحركة الاحتجاجية كانت أسرع في أدراك وقائع الأمور من تلك القوي النخبوية التي أيدت مرسي من منطلق ثوري. و بالتالي أصبح صدام القوي الثورية و الشعبية مع النظام الإخواني قضية وقت. و ما أخذ 30 عاما في حكم مبارك أنضجته الحالة الثورية في مصر في 3 شهور.

أننا نشهد لوحة معقدة للصراع الاجتماعي تشتبك فيها الصراع بين أطراف الطبقة الحاكمة علي نصيب كل منهم من الثروة و السلطة و أعادة توزيع الأنصبة. و في نفس الوقت صراعا من جانب هذه الطبقة ككل بكل شرائحها في مواجهه الشعب الثائر. بما لا يمنع من محاولة هذا الفريق أو ذاك من شرائح الطبقة الحاكمة أن تستعين بالقوي الثورية أو تهدد بالاستعانة بها. و علي مستوي أخر نشهد أنتقالا إلي مستوي أعمق من التبعية علي الاقتصادية و السياسية يقتضي مزيدا من أحكام السيطرة علي الطبقات الشعبية و مزيدا من التضليل الإعلامي. و بالتالي نصل للمعادلة التي حكمت النظام السياسي المصري الحديث منذ نشأته. و هي التناقض بين الحاجة لديمقراطية برجوازية تتيح تداول سلمي للسلطة و توزيع الأنصبة بين شرائحها المختلفة و بين ضرورة الاستبداد السياسي لقمع الحركة الشعبية التي يفجرها أحتكار هذه الطبقة نفسها للثروة و للسلطة. و لم تفلح الرأسمالية المصرية أبدا في حل هذا التناقض. فهو تناقض يدور علي خلفية تحجيم هذه الرأسمالية بيد التبعية الثقيلة للإمبريالية و بالتالي عدم قدرتها علي تلبية الحد الأدنى من الاحتياجات الشعبية.

وسط هذا الصراع متعدد الأبعاد تفتح نوافذ لحركة الطبقات الشعبية و ممثليها الثوريين. و كلما أشتد الصراع و تعاظم و سط الطبقة المالكة و الحاكمة علي خلفية الوضع الثوري العام كلما أصبح ممكنا أن يتقدم البديل الثوري. شرط أن يكون هذا البديل متميزا عن مختلف صنوف الرأسمالية الحاكمة و أن يتوجه أساسا للطبقات الشعبية كبديل لهذه الطبقة المتفسخة و حكمها و سياسيتها و تبعيتها.



#حسن_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليسار المصري و الثورة المصرية
- أزدواج سلطة أم أزدواج ضعف؟
- التحالف الديمقراطي الثوري
- سيناء و الإرهاب و النظام
- قضية اليسار الراديكالي
- تعليق مختصر علي برنامج الاشتراكيين الثوريين
- مأزق الثورة المصرية
- ما هي ديكتاتورية البروليتاريا؟
- بل المشاركة في الانتخابات هي الأفضل للثورة
- الديمقراطية الشعبية المصرية
- عن العسكر و الإخوان و البرلمان
- مندوب حزب التحالف يذهب للقاء مينا دانيال
- عرقنة مصر
- عزف علي أوتار الثورة
- الدول المصرية
- ستنتصر ثورتنا رغما عن المجلس العسكري
- دعوة لعقد مؤتمر وطني للقوي الثورية
- معضلات الثورة المصرية في حلقتها الجديدة
- 18 نوفمبر و تكرار خطاء 11 فبراير
- بالصلاة علي النبي


المزيد.....




- حادثة طعن دامية في حي سكني بأمريكا تسفر عن 4 قتلى و7 جرحى
- صواريخ -حزب الله- تضرب صباحا مستوطنتين إسرائيليتن وتسهتدف مس ...
- عباس يمنح الثقة للتشكيلة الجديدة للحكومة
- من شولا كوهين إلى إم كامل، كيف تجمع إسرائيل معلوماتها من لبن ...
- فيديو:البحرية الكولومبية تصادر 3 أطنان من الكوكايين في البحر ...
- شجار جماعي عنيف في مطار باريس إثر ترحيل ناشط كردي إلى تركيا ...
- شاهد: محققون على متن سفينة دالي التي أسقطت جسر بالتيمور
- لافروف: لن يكون من الضروري الاعتراف بشرعية زيلينسكي كرئيس بع ...
- القاهرة.. مائدة إفطار تضم آلاف المصريين
- زيلينسكي: قواتنا ليست جاهزة للدفاع عن نفسها ضد أي هجوم روسي ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - حسن خليل - الثورة المصرية ضد الإخوان